وزارة التربية تعلن عن تعديل تاريخ الدخول المدرسي    المجلس الشعبي الوطني يشارك في جلسة افتراضية بعنوان "منصات ومبادرات لتمكين الشباب سياسيا"    ابتسام حملاوي : إبراز دور فواعل المجتمع المدني في مكافحة الآفات الاجتماعية    مجلس أوروبا يحذر من مبيعات الأسلحة للكيان الصهيوني بسبب عدوانه على غزة    مركز التحليل للصحراء الغربية يحث فرنسا على احترام القانون الدولي "بصرامة"    ولايات الوسط:الأسواق التضامنية للمستلزمات المدرسية تفتح يوم 20 أوت    وهران على موعد مع المهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي بداء من 18 أغسطس الجاري    يوسف بلمهدي:"المفتي الرشيد" ضرورة شرعية في زمن العولمة الرقمية    مجلس الأمن الدولي: الجزائر ترافع لإنشاء آلية أممية مخصصة للأمن البحري    سيدي بلعباس : تجميع أكثر من 70 ألف قنطار من الحبوب    وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية : بحث سبل تعزيز تموين السوق وضبط أسعار المواد الأساسية    وزارة الدفاع تفتح باب التجنيد في صفوف القوات الخاصة    بلمهدي في مصر للمشاركة في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء    بطولة العالم للكرة الطائرة 2025 (تحضيرات) : منتخبا الجزائر و تونس في ثلاث مواجهات ودية    دعوة لترشيح أفلام من أجل انتقاء فيلم روائي طويل يمثل الجزائر في الدورة ال98 للأوسكار    السيد حيداوي يستقبل الوفود المشاركة في أشغال المؤتمر الكشفي العربي ال24    حوادث الطرقات: وفاة 50 شخصا واصابة 2180 آخرين بجروح في ظرف أسبوع    اليوم الدولي للشباب: البرلمان العربي يدعو إلى استثمار طاقات الشباب بما يسهم في مواجهة التحديات الراهنة    بلمهدي: الذكاء الاصطناعي في مجالات الإرشاد الديني والفتوى "يستوجب الحذر والضبط"    كرة القدم/ "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025: المنتخب الوطني يستأنف التحضيرات لمواجهة غينيا    كرة القدم: المديرية الوطنية للتحكيم تنظم ملتقى ما قبل انطلاق الموسم لحكام النخبة بوهران    سعداوي يكرم المتوجين في المسابقة الدولية (IYRC 2025)    مزيان يوقع على سجل التعازي اثر وفاة مسؤولين سامين    مقر جديد لسفارة الصومال بالجزائر    أمطار رعدية مرتقبة لمدة يومين    نحو ارتفاع نسبة تغطية الاحتياجات من الماء    ضرورة حماية المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة    آن الأوان لمعاقبة الكيان    ما هي معاهدة الدفاع العربي المشترك؟    القانون المنظم للنشاطات المنجمية يعزز سيادتنا الاقتصادية    الجزائر تكتب صفحة جديدة في تاريخ الرياضة المدرسية    وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات تدعو المستثمرين الصناعيين لإيداع البرامج التقديرية للاستيراد قبل 20 أغسطس    مسرحية على واجهة وهران البحرية    مبولحي في الدوري الجزائري    قويدري يستقبل وفداً نقابياً    مساع لتحصيل 5 ملايير مستحقات لدى الزبائن    انعقاد الندوة السادسة للمجلس الاستشاري لمعرض التجارة البينية الإفريقي    أعالي الشريعة وجهة الباحثين عن هدوء الطبيعة    عين "الشفا" بسكيكدة.. هنا تجتمع الحقيقة بالأسطورة    النّسخة النّهائية لمشروع قانون تجريم الاستعمار جاهزة قريبا    دعوى قضائية ضد روتايو بتهمة التحريض على الكراهية    بنفيكا البرتغالي يستهدف عمورة    مدرب نيس السابق يشيد ببوعناني ويتوقع تألقه في "الليغ 1"    المحافظة على كل المواقع الأثرية التي تكتنزها تيبازة    فخور بنجاح الجزائر تنظيميّاً وممثلاتنا فوق البساط    دبلوماسية الجزائر تفضح ماكرون وتفجر الطبقة السياسية في باريس    "محرقة صبيح" جريمة ضد الإنسانية في سجل الاحتلال الفرنسي    تحديات الميدان في قلب التحول الرقمي    شبكة استعجالات طبية جديدة بقسنطينة    تطهير قائمة موزّعي الأدوية لضبط السوق    محطة للثقافة وللمرح في صيف عنابة    تجار مهلوسات في قبضة الشرطة    بحث تحديات صناعة الفتوى في ظل التحولات الرقمية.. بلمهدي يشارك في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء بمصر    المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية : فرصة لاكتشاف المواهب والتقاء التجارب    تنسيق القطاعات أثمر نجاح عمليات نقل الحجاج    فرقة "ميلواست" تخطف الأضواء في الطبعة 14    مناقشة الانشغالات المهنية الخاصة بنشاط الصيدلي    فتاوى : شروط صحة البيع عن طريق الإنترنت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقائق ووثائق تحبس الأنفاس في قطاع عبد العزيز زياري.. وزارة الصحة متورطة مع عيادة خاصة وطبيب فرنسي لإخفاء خطأ قتل جزائريا
نشر في الجزائر نيوز يوم 11 - 06 - 2013


- دفاع الضحية: "ترخيص وزارة الصحة مزوّر"
- الطبيبة عمي موسى سالمة: "عيادة الأزهر تنشط بشكل غير قانوني"
- شقيق الضحية: "أنا طبيب وأركان الخطأ الطبي القاتل قائمة"
- القاضي: "لو كان الطبيب الأجنبي بالجزائر لكنا حجزنا عليه حتى معرفة الحقيقة"
- مالك عيادة الأزهر: "لن أصرح للصحافة إلا بعد الحكم"
بين يدي مجلس قضاء العاصمة، حاليا، ملف شائك للغاية، يتعلق بعيادة خاصة اسمها "الأزهر"، خضع فيها أحد المواطنين لعملية جراحية على القلب، لكنه مات بعد تعرضه لنزيف شرياني مفاجئ في غياب طبيبه الجراح الأجنبي والطبيب المستخلف، وتلقى المريض إسعافا مثيرا للجدل من طرف الفريق الطبي المناوب.. الملف شائك، لأن شقيق المريض المتوفى طبيب بدوره، ويعرف تماما أن الإسعافات التي قُدمت لأخيه لم تكن صحيحة، خاصة وأن الجراح الفرنسي الذي أجرى العملية له ترخيص وصفه دفاع الضحية أمام العدالة بالمزوّر، بالإضافة إلى ذلك هناك طبيبة كانت قد عملت سابقا بهذه العيادة الخاصة، ستقف أمام العدالة لتشهد بأن عيادة جمال الدين خوجا باش، المسماة "الأزهر"، تنشط في ظروف غير قانونية، ويتزامن ذلك مع تردد كلام قوي حول صاحب العيادة ونفوذه القوي لقربه من محيط رئاسة الجمهورية، إذ يستند أصحاب هذا الكلام إلى الظروف التي جاءت بحكم البراءة لفائدة عيادته في المواجهة القضائية الأولى بين أهل الضحية والعيادة، رغم وجود أدلة قاطعة على قيام أركان "الخطأ الطبي المؤدي إلى القتل غير العمدي".. "الجزائر نيوز" حققت في القضية وحصلت على وثائق تنبئ بحقيقة تحبس الأنفاس.
دخل المرحوم خميس بلمقنعي، عيادة الأزهر لإجراء عملية جراحية على القلب بتاريخ 19 جانفي 2011. وقد أجرى له العملية الجراحية طبيب فرنسي يسمى "ماتيو دوبوشي". ومنذ اليوم الأول بعد العملية الجراحية بدأت تظهر أعراض غير عادية على المزاج الفيزيولوجي للمريض. يقول شقيقه رشيد وهو طبيب بولاية قسنطينة، أن تلك الأعراض سريرية وبيولوجية "كانت تظهر جليا على أنها نزيف عندما خضع أخي للتصوير بالأشعة والتصوير بالصدى". حسب تقرير الخبرة الطبية وشقيق المريض، فإن النزيف الذي تعرض له خميس، كان يحتاج إعادة العملية الجراحية فورا لإيقافه، "إلا أن الطاقم الطبي المناوب كان يكتفي بحقن المريض بكميات الدم التي كان يفقدها. وقد استمر حقن خميس إلى غاية وفاته في اليوم الثالث. لكن العجيب أثناء هذه الفترة، أن أي مريض خضع لعملية جراحية حساسة وبالغة الخطورة كهذه، يجب أن يكون تحت رقابة طبية شديدة يتصدرها طبيبه الجراح شخصيا أو على الأقل طبيب جراح مستخلف يقول رشيد شقيق الضحية وهو الأمر الذي لم يحدث إذ لم يكن ضمن الطاقم الطبي أي طبيب جراح يمكن له أن يقرر إعادة فتح قلب المرحوم خميس.. أخطر من ذلك، فإن العيادة لاحقا دوّنت اسم طبيبة جراحة اسمها عمي موسى سالمة، على أنها كانت الجراحة المستخلفة بينما هذه الأخيرة لم تكن حتى على التراب الجزائري؟ هل أرادت العيادة الخاصة أن تلفق تهمة الخطأ الطبي للطبيبة؟ هل أرادت العيادة أن تخفي خطأها وتدرأ التهمة عن نفسها هروبا من المحاسبة؟ أم أن نشاطها أصلا، غير قانوني؟
يقول شقيق المرحوم.. "في اليوم الموالي لوفاة شقيقي عقدنا اجتماعا بطلب من العائلة مع ماتيو دوبوشي الطبيب الفرنسي الذي عاد إلى أرض الوطن والطاقم الطبي المناوب وجمال الدين خوجا باش مدير العيادة الخاصة".. الاجتماع كان مسجلا وقد تحصلت "الجزائر نيوز" على نسخة منه وكشف فيه الطبيب الأجنبي عن حقائق في غاية الخطورة.
بالنسبة لماتيو دوبوشي، الذي غادر العيادة فور إجرائه للعلية الجراحية، فإن الطاقم الطبي المناوب ارتكب خطأ في تشخيص النزيف وأساء اختيار طريقة توقيفه إذ بدلا من إعادة إجراء عملية جراحية مستعجلة لوقف النزيف اكتفى الطاقم الطبي المناوب بحقنه بكميات الدم التي يفقدها، وهي الصورة التي قد تتمثل كالآتي.. لقد واصل القلب في النزيف وجعل الدم ينتشر في أرجاء الجسم، بالموازاة مع الكمية التي يتلقاها عن طريق الحقن، فتراكمت الكميات التي نزفت وحقنت حول الأعضاء النبيلة للجسم وعلى رأسها القلب فتوقف ومات خميس في ظرف ثلاثة أيام من النزيف.. هل كان الطاقم الطبي المناوب مؤهلا لمراقبة مريض خضع لعملية جراحية بمثل هذه الحساسية والخطورة؟؟ لماذا لم يمكث الطبيب الجراح بالجزائر إلى غاية تجاوز مريضه مرحلة الخطر؟ ولماذا لم توفر العيادة جراحا مستخلفا؟؟
لقد أكد الخبير القضائي في تقريره على حدوث نزيف دموي على مستوى القلب بعد العملية الجراحية وكان قد أكد بأن عملية جراحية مستعجلة بعد النزيف، كانت أكثر من ضرورة، ما يتبين أنه بالإضافة إلى اعترافات الطبيب الجراح ذاته في الاجتماع مع عائلة المرحوم فإن أركان الخطأ الطبي بسبب الإهمال المفضي إلى القتل غير العمدي قائم.
لقد كانت عائلة الفقيد خميس بلمقنعي، متيقنة بأنها كسبت القضية مسبقا أمام العدالة، ولم يبق لها سوى أن ترفعها لإحقاق الحق وجعل العيادة الخاصة نموذجا تحتذي به كل النماذج من العيادات الخاصة بالجزائر كي تعرف بأن أرواح الناس ليست لعبة بأيديهم، وأن الأموال الطائلة التي يجمعونها من المرضى هربا من المستشفيات العمومية ليست هي الغاية بل ترقية أداء الخدمة الاستشفائية وتقديم خدمات أعلى مستوى كمكملة لتحسين القطاع الصحي بالجزائر، هو الهدف الأسمى للترخيص للعيادات الخاصة.. إلا أنه وبعد رفع القضية بكل تلك المعطيات جاء الحكم مخالفا للتوقعات.. فقد تم تبرئة العيادة من الخطأ الطبي المفضي إلى القتل الخطأ وغير العمدي. كانت الصدمة كبيرة والخيبة أكبر وسط العائلة التي تعرضت بهذا الحكم إلى شبه نزيف لا يقل أهمية عن النزيف الذي تعرض له فقيدها خميس.. لتبدأ حلقات مسلسل كشف الحقائق الخطيرة ضمن معركة قضائية جديدة، سيتبيّن أن العدالة لم تخطئ في حكمها وأن ظروف رفع القضية وطريقة رفعها كان لها هي الأخرى أسرارها الخطيرة..
إن صدور الحكم الصادم، كان في نهاية جانفي 2013. وقد نطقت به المحكمة بناء على رفع قضية من طرف عائلة المرحوم بتهمة الخطأ الطبي المؤدي إلى القتل الخطأ ضد العيادة الخاصة الأزهر. حسب الوقائع المسجلة في الحكم الصادر (نسخة منه بحوزة الجريدة)، فإن عائلة الضحية تقدمت بشكوى في ال 15 ماي 2011، موجهة بإحكام لأشخاص بأعينهم كي يتم ضمان ربح القضية، فكانت الشكوى مصحوبة بادعاء مدني ضد كل من الطبيب الجراح ماتيو دوبوشي وهو من جنسية فرنسية وهنودة مولاي طبيبة، والسيدة باراش طبيبة أيضا بحضور العيادة الخاصة الأزهر. وقد أكدت فيها عائلة المرحوم كل ما سبق وذكرناه وأضافت عليه أنها وجدت فقيدها في اليوم الموالي للعملية الجراحية أي بتاريخ 20 جانفي 2011، شاحب الوجه وفي غاية التعب وهو يعود على الأقدام من مصلحة الأشعة، بدلا من أن يكون على كرسي متحرك، في مثل هذه الأحوال. لقد سجلت العائلة بذلك مظهرا من مظاهر الإهمال الجديدة داخل العيادة الخاصة.
وفي خضم المعركة القضائية، حدث ما لم يكن بالحسبان وكان عنصرا قلب المعادلة رأسا على عقب لصالح العيادة. فبدل اكتفاء محامي العائلة بالشكوى ضد الأشخاص، راح محامي الإدعاء المدني (العائلة) يرفع شكوى جديدة دون علم أسرة الفقيد يطلب فيها توجيه الاتهام ضد الشركة ذات المسؤولية المحدودة "أليونس ميديكو شيريرجوال عيادة الأزهر" مما يجعل الخصم الأول في هذه القضية، شخصية معنوية وليست مادية مثلما أرادتها العائلة، حيث يتضح من خلال القوانين الجزائرية خاصة المادة 239 من قانون الصحة رقم 13 / 85 والتي استندت إليها المحكمة، فإن الخطأ الطبي المؤدي للقتل الخطأ الناجم عن التقصير، يخص حالات الخطأ الذي ارتكبه الأطباء، أو جراحو الأسنان أو الصيدلي أو المساعد الطبي، ولم تنص المادة على الخطأ الطبي الذي ارتكبه الشخص المعنوي الذي هو في قضية الحال عيادة الأزهر، ما تعيّن على العدالة تبرئة المؤسسة والنطق بعدم الاختصاص في الدعوى المدنية ضد الأشخاص.. بهذه المعطيات تفطنت العائلة أن المحامي الذي عيّنته للدفاع عنها، أعطى للمحكمة مبررا صريحا للنطق بالحكم على الشكل الذي ذكرناه، وقد قام بذلك خلسة عندما قام بتسجيل دعوى أخرى ضد الشركة كشخص معنوي لتُصبح الأخيرة هي رأس الدعوى بالرغم من إطلاع المحامي على القوانين في هذا الباب، إذ لا يُعقل أن يقبل أو يدخل محامٍ ما للدفاع عن قضية ما دون أن يكون ملما بالقوانين المتعلقة بها؟؟ هل فعل المحامي ذلك عمدا أم خطأ لتخسر العائلة قضيتها وتربح العيادة الخاصة؟.. لا يوجد أي دليل على أن العيادة قامت برشوة المحامي لكي يجعل عائلة الضحية تخسر، إلا أن تقنية رشوة محامي دفاع أطراف ما في قضايا معينة من طرف الخصوم ثابتة، وهي تقنية عالمية وليست جزائرية، خاصة إذا الخصوم من الشركات أو رجال المال وكان أصحاب الدعوى من محدودي الدخل أو الطبقة الاجتماعية الضعيفة أو المغلوب على أمرها.
في قضية الحال تردد من خلال تحقيق "الجزائر نيوز"، أن جمال الدين خوجا باش، مالك العيادة رجل نافذ وقريب من محيط رئاسة الجمهورية. اقتربت منه "الجزائر نيوز" قبل يومين لكي نعرض عليه هذه الحقائق ويدلي برأيه، إلا أنه رفض الحديث إلينا جملة وتفصيلا وقد امتنع أيضا محاموه عن الرد على هذه المعطيات.
أبعد من ذلك، راحت "الجزائر نيوز" تبحث عن أي دليل أو شهادة قبيل وبعد الجلسة العلنية للاستئناف بمجلس قضاء العاصمة، حيث تعتزم العائلة مواصلة معركتها ضد من تعتقد جازمة أنهم قتلوا خميس بسبب الإهمال والتشخيص الطبي الخاطئ، فكانت المفاجأة.. لقد التقينا بطبيبة شابة اسمها عمي موسى سالمة، تعرف عيادة الأزهر جيدا لأنها عملت بها لمدة، وقد جاءت بمحض إرادتها لتشهد على الظروف التي تنشط فيها عيادة الأزهر. الطبيبة تتميز بجرأة كبيرة، وشجاعة خارقة، تعرضت لضغوطات كبيرة كي لا تشهد أمام العدالة، حتى لا يخسر جمال الدين خوجا باش قضيته، إلا أنها أبت وتحدت كل الضغوطات.. إن شهادتها تزن ذهبا في قضية الحال كونها صرّحت لنا بعبارة تنبئ أنها ستزلزل القضية أمام القاضي وتقلبها رأسا على عقب واكتفت بالقول لنا إنها وقفت شخصيا على الظروف والنشاط غير القانوني الذي تعمل فيه عيادة الأزهر. الطبيبة سالمة جراحة مختصة في القلب والأوعية، غادرت عيادة الأزهر بعد أن وقفت "على أشياء خطيرة لا يقبل أي طبيب له ضمير أن يعمل وفقها" مثلما صرحت ل "الجزائر نيوز".
خيوط وعلاقات عيادة الأزهر بدأت تظهر شيئا فشيئا.. فكيف لعيادة تقول عنها طبيبة مارست بها عملها بأنها تنشط في ظروف غير قانونية؟؟ هل يُعقل هذا ووزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات وضعت دفتر شروط صارم لمراقبة العيادات الخاصة والحد من الأخطاء الطبية التي تجد المستشفيات العمومية نفسها في النهاية تواجهها بحتمية.
وهو ما يظهر جليا على تدخل القاضي الأحد الماضي، حينما قال في جلسة الاستئناف إن الأطباء الأجانب لا يعرفون سوى جني المال من العيادات الخاصة ثم العودة سريعا إلى أوطانهم "فلولا أنه غير موجود بالجزائر وأنكم رفعتم الانشغال متأخرين لكانت المحكمة أحضرته وحجزته إلى غاية معرفة إذا كان مخطئا أم لا". لقد التزم القاضي في جلسة سمتها عائلة الضحية "جلسة الأمل"، بإحضار كافة الأطراف للاستماع إلى شهاداتهم، وهي الأطراف التي لم تكن حاضرة جميعها في جلسة الأحد الفارط، وهم الخبير القضائي ورئيس عمادة الأطباء محمد بركاني بقاط، الذي رُفعت أمامه القضية هو الآخر، والحكيم حيطاش.
لقد وضع بين أيدينا مصدر من المصادر، وثائق في غاية الخطورة. لقد تبين من خلالها أن وزارة الصحة تصدر ترخيصا خاصا للأطباء الأجانب الذين يرغبون في إجراء عمليات جراحية على التراب الجزائري، إلا أن الطبيب الفرنسي الذي شق صدر المرحوم خميس لجراحة قلبه لم يكن لديه ترخيصا بكل بساطة، ولهذا قال محامي الدفاع (محامي العائلة) أمام القاضي "الترخيص مزوّر سيدي القاضي".. وباطلاعنا على الترخيص من طرف مصدر من وزارة الصحة، تبيّن أن هذه الأخيرة أصدرت الترخيص في الرابع من ماي 2011، ولفترة ممتدة بين 18 و21 جانفي 2011 في حين العملية الجراحية أجريت للمرحوم خميس بلمقنعي في 19 جانفي من السنة ذاتها، ما يعني أن العيادة والطبيب الفرنسي استنجدا بوزارة الصحة وقدما طلبا للترخيص بعد أن توفي المرحوم، بينما كان حرا بالعيادة والطبيب الفرنسي أن يحصلا على الترخيص قبل الرابع ماي من 2011 أي بعد قرابة ستة أشهر من الوفاة وبعد أن تبينت العيادة بأن العائلة مصرة على المتابعة القضائية. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو كيف أصدرت وزارة الصحة ترخيصا لعملية جراحية جرت قبل ستة أشهر وليس ترخيصا قبل إجراء العملية كما تنص عليه القوانين؟ وإذا كان كذلك، هل كانت عيادة الأزهر أصلا تطلب ترخيصا من وزارة الصحة للأطباء الأجانب الذين كانوا يجرون العمليات للجزائريين، أم أنها طلبت ذلك فقط لأن بلمقنعي توفي عندها وتريد التغطية على ما اقترفته؟؟ وهل تورط المدير الفرعي للمستشفيات شعبان عز الدين، في هذا الترخيص بغرض التغطية والطمس على ملف الخطأ الطبي؟
إن الشكوك والكلام الذي يحوم حول نفوذ صاحب العيادة وعلاقاته المتينة مع محيط الرئاسة، وكذا تخييط محامي العائلة إجراءات رفع القضية التي خسرت وفقها أسرة المرحوم الجولة الأولى من القضية وإصدار وزارة الصحة لترخيص بعد العملية وليس قبلها، كلها معطيات توحي بأن هناك تخييطا للقضية بشكل يجعل صاحب العيادة الخاصة والطبيب الفرنسي يفلتون من العدالة بمساعدة وزارة الصحة، إلا إذا أثبتت العدالة أن التخييط غير صحيح في 14 جويلية القادم. ويبقى عنصر المفاجأة قائما إذا علمنا بأن سالمة عمي موسى طبيبة الأوعية والقلب، ستشهد أمام العدالة وهي التي أراد جمال الدين خوجا باش صاحب العيادة، أن يمسح فيها دم السكين بتدوين اسمها على محضر المناوبة على أنها كانت الطبيبة التي استخلفت الجراح ماتيو دوبوشي، إلا أنها في الواقع لم تكن أصلا بالجزائر.
بعد عرض كل ما سبق على مسؤول الاعلام والاتصال بوزارة الصحة سليم بلقسام، أكد هذا الأخير أنه مهما يكن من أمر، لا يمكن لمصالحنا أن ترخص لطبيب أجنبي بإجراء عملية جراحية وتستغرق لإصدار الترخيص ستة أشهر بأكملها، معترفا أن هناك مصالح بوزارة الصحة لا تزال تعاني من البيروقراطية مقابل مصالح تطورت من حيث قصر مدة المعاملات الإدارية.
أكثر من ذلك لم يجد بلقسام سليم بماذا يصف به منح ترخيص من المديرية الفرعية للمؤسسات الاستشفائية بأثر رجعي، وقال إن وزارة الصحة تكون قد استلمت ملف الطبيب المعني وسمحت له بالنشاط، على أساس أن الملف الذي قدمه ليس مزورا.
وبناء على هذه المعطيات الأخيرة، فإن وزارة الصحة تكون متورطة بشكل كبير في التغطية على ملف خطأ طبي مفضي إلى القتل، فقد منحت ترخيصا بأثر رجعي كان صاحبه قد أجرى العملية أربعة أشهر قبل أن تتقدم المصلحة التقنية لعيادة الأزهر بطلبها الترخيص، أي بعد أن كان المريض قد قضى نحبه، وبالتالي لا يمكن أن يكون الطلب يهدف إلى شيء، غير التغطية على الخطأ الطبي، إذ كانت مراسلة الأزهر بالتحديد حسب وثيقتنا بتاريخ 19 أفريل 2011.
من جهة أخرى، فإن الوزارة تكون قد فتحت مجالا أوسع أمام الأخطاء الطبية بما أنها تمنع الطبيب من مباشرة نشاطه في العيادات بمجرد استلامها الملف ريثما تتحقق منه، وحتى وإن لم يحصل على ترخيص، الأمر الذي قد يفاجئ الوزارة في يوم ما أنها استلمت ملف طبيب محتال قد يكون قتل العشرات في عيادات خاصة.
يبقى الآن معرفة ما إذا كان لدى شعبان عز الدين النية في توريط وزارة الصحة والتغطية على الطبيب الأجنبي بمعية عيادة الأزهر.. الأكيد أن التورط موجود أسود على أبيض ويتقاسم إهدار روح خميس بلمقنعي كل من الوزارة والعيادة والطبيب الفرنسي، أما العقاب تقول عائلة الفقيد: "للعدالة واسع النظر والله المستعان"...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.