في هذا الحوار يؤكد الكاتب الجزائري المقيم بالخارج، سعيد خطيبي، أن روايته الأولى "كتاب الخطايا"، الصادرة حديثا عن منشورات anep، ليس محض خيال، وإنما "انصهار عدد من التجارب الحياتية الشخصية"، مضيفا أن شخصيته الأساسية كهينة "مزاجية ومتسلطة" وهي حسبه "صفة جزائرية نسائية خالصة".. "كتاب الخطايا" هو أول تجربة لك في عالم الرواية، كيف كانت؟ في الحقيقة، جاءت من تلقاء نفسها. ولدت الرواية من انصهار عدد من التجارب الحياتية الشخصية، كتبتها عام 2011. لما شرعت في كتابتها أتذكر أنني انعزلت في البيت بشكل شبه كلي. كانت تجربة ممتعة. عشت أسابيع طويلة مع شخصيات الرواية، حلمت معهم وركضت معهم أيضا بحثا عن سعادة العيش المفقودة بالجزائر. هذه السعادة المفقودة، هل وجدتها في الخارج، علما أنك عشت في أماكن مختلفة؟ كلا. مع تكرار التجارب والمحاولات ندرك أن السعادة هي حقيقة نسبية. ولست أقصد سعادة عيش بالمفهوم السطحي للكلمة. فداخل كل شقاء توجد سعادة. وخلف الألم سنجد هامشا من الفرح، إنما الكلمة من منطلق قدرة الفرد على تحقيق جزء مما يطمح إليه، قد تكون سعادة أحد ما في مشاهدة فيلم أو ربما في قراءة كتاب معين، بالتالي فالسعادة هي مجرد لحظات عابرة. قصيرة. مع أنها مهمة جدا في حياة الإنسان. في عملك نلاحظ تمكنك ككاتب -رجل- من شخصية الأنثى، ما سر ذلك؟ ما جاء في الرواية ليس الحقيقة بعينها، لكنها وقائع وشخصيات حقيقية. هي رواية أقرب إلى الحقيقة منها إلى الخيال. المرأة عموما هي الوجه الحسن للمجتمع، هي نبضه وروحه، وكل رجل لابد أنه تعلق بامرأة ما. من الأم إلى البنت وما بينهما من نساء، وداخل كل رجل توجد حتما امرأة يفكر فيها أو يحلم بلقائها أو لقاء مشابه لها. في الغالب يخفي الرجل تعلقه بالمرأة من منطلق أن التعبير عن الإحساس العاطفي يمثل نقطة ضعف أمام الآخر، وهو أمر خاطئ، فكلما اقترب الرجل من امرأة - بغض النظر عن طبيعة العلاقة - سيجد انعكاسا لصورته ومفاتيح مهمة لفهم ما يريد من حياته. لكن رجال بطلتك "كهينة" كلهم هربوا منها، حتى اسماعيل تقبلها ليس حبا لها وإنما عطفا عليها؟ هو أحبها بعدما قرأ مخطوط حكايتها. أحبها بعدما اكتشف الجانب الآخر في حياتها. ولكنها في الأخير هجرته ورحلت. علاقة كهينة، بطلة الرواية، بالرجال كانت علاقة مضطربة، هي تريد رجلا ولكنها تفرض شروطا قاسية على من تريد. مزاجية ومتسلطة في آن واحد. وهي صفة جزائرية نسائية خالصة. كانت تعيش تجاربها وتعدد علاقاتها العاطفية والجنسية لتنفس عن كبت من جهة ولتنتقم من فشل بعض علاقاتها مع رجال آخرين من جهة أخرى. كما لو أنها كانت تعالج نفسها بتعديد العلاقات مع الرجال. شخصية "كهينة" تعكس مجموعة من العقد، وتركيبتها قد تجعل القارئ يتقبلها وربما يرفضها، ألم تتخوف من هذا الأمر؟ كما قلت سلفا، شخصيات الرواية هي شخصيات حقيقية، ويمكن إسقاطها على شخصيات من الحياة اليومية. هي تبدو معقدة في ظاهرها ولكنها تمارس حياتها بشكل بسيط، كما يحق لها وكما ترى فيه مصلحة لها. ترفض تقبل قوانين المجتمع المتعارف عليها وتصنع لنفسها حياة موازية تختلف عن حياة النساء الأخريات من مثل سنها ووسطها الاجتماعي. هي شخصية اختارت طريق التمرد على طريق الطاعة والخضوع، بقدر ما تبدو معقدة فهي تعكس ميولا وأفكارا لحياة شريحة واسعة من النساء الجزائريات اليوم. هل تعكف على تحضير أعمال جديدة؟ هناك كتاب جديد احتفاء بالراحل الشاب حسني. اشتغلت عليه طوال العام 2013، وسيصدر السنة المقبلة في الذكرى العشرين لاغتياله.