الأحد 04 سبتمبر 2011 الساعة 17:40 المكان حي عين الشيح قدمت للتو من مدينة مسعد و اتجهت إلى وسط المدينة فقال لنا صاحب سيارة النقل الحضري بأنه سيأخذنا إلى وسط المدينة عبر مفترق الطرق المؤدي إلى الجامعة المركزية لأن الطريق المؤدي إلى وسط المدينة عبر باب الشارف مقطوع من طرف مجموعة من المواطنين الغاضبين على السكن. و حتى لا تفوتني الأحداث طلبت من السائق التوقف بنا عند مفترق الطرق و السير راجلا إلى هناك من أجل الإطلاع عن كثب على تطورات الحدث. للوهلة الأولى نلاحظ الحضور الأمني المكثف لعناصر الأمن خاصة في زي قوات التدخل السريع المدججين بالهراوات و القنابل المسيلة للدموع و الذين ينتشرون عبر أركان الشارع و في الوسط حوالي ستين أو سبعين مواطنا أغلبهم "مراهقون" متحلقون حول مجموعة من ضباط الشرطة الذين دخلوا معهم في مفاوضات ماراطونية من أجل فتح الطريق و إفساحه أمام حركة المرور، كما أن بعض المراهقين يحملون يافطات مكتوب على احداها بالخط الفارسي "حي الزريعة ... الشعب يريد الرحيل"، و غير بعيد عن هاته الجموع جلس بعض المراسلين الصحفيين يدردشون حول ما يحدث أمامهم. هذه الصورة التي حاولت أن أنقلها بأمانة باعتباري شاهدا من قلب الحدث لما قد سيصطلح عليه ربما بمسيرات تكسر رتابة الجلفة و هدوءها في أسبوع عيد الفطر المبارك. غير أنني وجدتني في مواجهة نفسي بتهمة مراودة نفسي عن نفسي بأسئلة حول ماهية ما أنا أمامه بحي عين الشيح: إذا كان هؤلاء المتظاهرون حقا من حي الزريعة الفوضاوي المتكون من آلاف السكنات الفوضوية،إذا كانوا كذلك لماذا لم يتجاوز عددهم بضعا و ستين فردا جلهم مراهقون؟ لنفترض أنهم حقا من أبناء ذلك الحي و أنهم حقا يعانون مما يعانون في ظل السكنات القصديرية، فهل هذا يعني أن من يستحقون الترحيل فعلا هم بضع و ستون عائلة؟ و لنقلب الأمر على الجهة الأخرى و لنبن نظرتنا على أن طالب السكن إنما يفعل ذلك بطريقة حضارية، ألا تدل هاته الجموع الغاضبة - أو المستغضبة - على أن هناك فعلا انتهازيين بين المرشحين للترحيل في قائمة السكن الفوضاوي المنتظرة؟ شيء مهم لا أدري لماذا يتغافل عنه المعنيون به في الجلفة ... في تجزئة الإطارات بحي المستقبل يوجد هناك مواطنون نازحون و يقومون بصفة يومية ببناء السكنات القصديرية و منهم مختصون في ذلك و يقومون ببيعها كسكنات قصديرية جاهزة تعطي لصاحبها الحق في دخول قوائم الإحصاء ... رجاء الموضوع خطير جدا جدا و هناك لوبيات و تداخلات و أشياء أخرى خطيرة ستكشفها التحقيقات المعمقة حسبما أخبرني به أحد صاحب قطعة أرض استولى عليها بارونات الفوضاوي. أخيرا إلى الخطاط الذي كتب يافطة الشعب يريد التغيير ... أنصحك باستعمال خط الرقعة في المرة القادمة لأنه الأنسب في مثل هذه الأمور و اسأل ثوار مصر يعطوك الخبر اليقين ... و لأن انسيابية حروف الخط الفارسي لا تناسب إلا صهاريج المياه "نقل مياه صالحة للشرب".