لجنة الدفاع الوطني بالبرلمان تناقش مقترح قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر    الملتقى السابع للجامعات الحدودية الجزائرية والتونسية: تعزيز الابتكار والتكامل الأكاديمي في المناطق الحدودية    وهران : استلام الشطر الأول للطريق الإزدواجي بسيدي البشير نهاية الشهر    وزيرة البترول والمناجم التشادية في زيارة عمل إلى الجزائر لبحث تعزيز التعاون في قطاعي المحروقات والمناجم    103 وفيات بسبب التسمم بأحادي أكسيد الكربون منذ مطلع 2025 وحصيلة ثقيلة لحوادث المرور في الجزائر    الجزائر تفوز بمنصب مدير المركز العربي لتبادل الأخبار والبرامج لاتحاد إذاعات الدول العربية    اتفاقية شراكة بين قناة "AL24News" واتحاد إذاعات الدول العربية لتعزيز التعاون الإعلامي    الإذاعة الجزائرية تحيي الذكرى ال69 لتأسيسها : الإذاعة السرية.. صوت الثورة الذي هزم الدعاية الاستعمارية    الجزائر وضعت مكافحة الفساد ضمن أولويات سياساتها الوطنية    ضرورة تعزيز حضور خطاب ديني وطني معتدل و ملتزم    الجزائر تؤكد التزامها بتعزيز جهود مكافحة الارهاب    نساء المغرب في مواجهة آلة القمع المخزني    القدس في خطر مستمر..    اتحاد العاصمة يتأهّل    حفل ذا بيست .. اليوم    ناصري يستقبل سفير بلجيكا لدى الجزائر    سعيود يعرض مشروع قانون المرور    ضبط أكثر من قنطار من الكيف مصدره المغرب    أمن المسيلة يوقف 51 شخصا    نحو رفع سرعة الأنترنت بالجزائر    توقيع اتفاقية تعاون مع وزارة الشباب    الشرطة تشرح..    بن طالب يتألق    بوغالي يترأس دورة القاهرة    وزيرا السكن والمالية يوقعان القرار الخاص بالسعر النهائي    التلفزيون الجزائري سينقل 17 مبارة لنهائيات للكان    خنشلة : الشرطة تنظم عملية مداهمة بششار    هل هناك جريدة كبيرة عندنا..؟!    الرئيس تبون يتسلم رسالة من العاهل الأردني    تأطير التجارة الإلكترونية حماية للبيانات والمستهلك    قرار استراتيجي لدعم الاستقرار الاجتماعي    رئيس الجمهورية يصدر عفوا عن محمد الأمين بلغيث    تمكين الطلبة للاستفادة من العلوم والتكنولوجيات الحديثة    حين تتكلّم الذاكرة..    "المحاربون" يشرعون في التحضير ل"كان 2025"    غرس شجرتي "الأرقان" و"السيكويا" بجبل الوحش    نحو إنهاء كل مظاهر التشوه العمراني بالعاصمة    القبض على محترفي سرقة الهواتف    الجزائر تؤكد الريادة قاريا    لسعد الدريدي يخلف روسمير سفيكو المستقيل    منصة رقمية للمشاريع الاستثمارية قيد الإنجاز    حقّ تقرير مصير الصحراويين يتطلّب دعما دوليا عاجلا    بدء عمليات البحث عن جثامين الشهداء المفقودين    تتويج صرخة صمت    الجزائر بذلت جهودا جبارة لترقية قيم العيش معا في سلام    وفاة الفنان الموسيقار والملحن نوبلي فاضل    دعم السيادة الصحية بتبادل المعطيات الوبائية والاقتصادية    مغامرة انسانية عمادها البساطة والإبداع    هل إقالة المدير هي الحل؟    فتاوى : سجل في موقع مراهنات وأعطوه هدية    من أسماء الله الحسنى .. الحليم    اللعبان بركان وبولبينة ضمن قائمة"الخضر"في ال"كان"    أبو يوسف القاضي.. العالم الفقيه    الجزائر تُنسّق مع السلطات السعودية    40 فائزًا في قرعة الحج بغليزان    الاستغفار.. كنز من السماء    الاستماع لمدير وكالة المواد الصيدلانية    صهيب الرومي .. البائع نفسه ابتغاء مرضاة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية المضاربة غير الشّرعية.. وقمع الاحتكار
نشر في الشعب يوم 08 - 05 - 2023


ضبط السّوق وفق قواعد علميّة محكمة
قرّر رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، تصويب أجهزة دعم الدولة الموجهة لضبط السوق، بحيث أمر بإصلاح نظام الضبط "سيربلاك" عن طريق إنشاء ديوان جديد، يتولّى شراء كل منتجات الفلاحين ذات الاستهلاك الواسع، ويوفّر بذلك مخزونا دائما طوال السنة، ما يضع حدّا نهائيا للمضاربة واحتكار المواد الاستهلاكية، ويعيد الاستقرار إلى السوق، حماية للفلاح والمستهلك في نفس الوقت.
تدخل الدولة لتصويب جهاز ضبط السوق، المتمثل في الديوان الوطني المهني المشترك للخضر واللحوم، كان لابد منه، بعدما أثبت الجهاز المنشأ منذ 2009، محدوديته وعجزه، في كثير من الأحيان، عن تحقيق الأهداف المرجوة منه، إذ لم يصمد أمام أزمات ندرة المنتجات الفلاحية الواسعة الاستهلاك، والتي كانت مفتعلة في معظمها، بقصد ضرب استقرار السوق، كما أنّه لم يتمكن من احتواء فائض إنتاج بعض المواد التي تركت للكساد، مسببة خسائر فادحة للفلاح المنتج، جعلته يعزف عن الإنتاج مرة أخرى، أو يتحول إلى إنتاج مواد ليست مطلوبة بكثرة، ما كبد المواطن والاقتصاد الوطني خسائر كان يمكن تفاديها من خلال تصحيح الاختلالات المسجلة في هذا الجهاز.
ورغم أن المهام الموكلة لديوان الخضر واللحوم، كانت ضبط وتكوين مخزون مواد إستراتيجية، وتسييره وفق دفتر شروط يتضمن تبعات الخدمة العمومية، وتحديد قائمة الخضر واللحوم المعنية بعملية الضبط، مع إمكانية توسيع القائمة لتشمل بعض الفواكه ذات الأثر الاقتصادي الحقيقي، بقرار من وزيرا الفلاحة والتجارة، إلا أنه لم ينجح، في العديد من المرات، في تكوين هذا المخزون وطرحه في الأسواق وقت الحاجة بأسعار تراعي القدرة الشرائية للجزائريين، وتحمي هامش ربح الفلاح، وظهرت ندرة في الأسواق عبر عدة فترات، شملت مواد واسعة الاستهلاك، ك "البطاطا"، و«البصل" الذي وصل سعره في الأشهر الاخيرة إلى 300 دج للكيلوغرام، في سابقة أولى لم تشهدها الأسواق الجزائرية، و«الثوم" الذي لم ينزل سعره تحت عتبة 500 دج في غيره موسمه، أما الفواكه، فسواء كانت موسمية أو غير موسمية، فإن أسعارها ظلت فوق عتبة 200 دج، لتصل أحيانا إلى 700 دج، بالنسبة للتفاح المحلي، والموز المستورد.
هذا الارتفاع الكبير لأسعار مواد منتجة محليا، يستفيد الفلاح من دعم مدخلاتها، دفع السلطات العمومية إلى فتح تحقيقات عديدة، ثبت من خلالها تورّط أطراف بينهم تجار وأصحاب غرف تبريد، عمدوا إلى احتكار أطنان من المنتجات عن طريق تخزينها بطريقة غير شرعية، والمضاربة بها في الأسواق، وهو ما دفع السلطات إلى سن قانون لمحاربة المضاربة غير الشرعية، وتشديد العقوبات ضد السماسرة والمتاجرين بأقوات الجزائريين بالسجن لمدة تصل 20 سنة.
هذا الإجراء لم يكن كافيا وحده لإعادة التوازن إلى السوق، إذ اقتضى الأمر التعجيل بإطلاق إصلاحات هيكلية على الديوان المكلف بضبط السوق، أو إنشاء ديوان جديد يتولى عملية شراء كل منتجات الفلاحين، من خضر وفواكه قابلة التخزين، مثلما أمر رئيس الجمهورية مسؤولي قطاع الفلاحة في آخر مجلس وزراء.
ومن أجل ذلك، شرعت مصالح وزارة الفلاحة، عن طريق الديوان المهني للخضر والفواكه "أونيلاف"، في اعتماد طريقة جديدة لنظام الضبط، تعتمد - مثلما كشف عنه المدير العام للديوان كمال بن ضيف في حوار سابق مع "الشعب" - على نظام معلوماتي دقيق، يحدّد حجم الاستهلاك، كميات الإنتاج، والعوامل المتدخلة فيه، من أجل اتخاذ القرارات بشكل سليم، قبل حدوث ندرة المنتجات الفلاحية الواسعة الاستهلاك، بتشكيل مخزون دائم وليس ظرفيا، مثلما كان معمولا به سابقا، وهذا حتى لا يتضرر الفلاح ولا المنتج ولا المستهلك.
نظام الضبط - حسب بن ضيف - لا يستهدف خفض الأسعار فقط، وإنما يرمي إلى حماية الفلاح والمنتج والمتعامل الاقتصادي، وفي نفس الوقت، يعمل على حماية القدرة الشرائية للمواطن، وهذا لا يتحقق إلا بوضع نظام معلوماتي دقيق، تدخل فيه كل العوامل التي تسمح باتخاذ القرارات بشكل سليم.
من بين العوامل التي أخذتها السلطات العمومية بعين الاعتبار، النمو الديمغرافي، فكل سنة تسجّل الجزائر زيادة سنوية تقدر بمليون شخص، ومع هذا النمو المتزايد، ترتفع الاحتياجات؛ لهذا، على الإنتاج أن يتضاعف هو الآخر، والضبط يجب أن يكون متوفرا حسب معطيات كل مرحلة.
ومن أجل توسيع مهام الديوان المكلف بضبط السوق، تمّ إجراء تغيير في هيكله التنظيمي، وإضافة مديريات تجارية وأقسام تسمح له بالقيام بكافة العمليات التجارية والصناعية المرتبطة بموضوعه، وهذا ما لم يكن معمولا به سابقا، حيث سيصبح مسموحا له استيراد البذور والمواد الزراعية، وكذا البيع والتصدير؛ ذلك أنّ مهمة الديوان الانتاج ووفرة المنتوج، ومع الهيكل التنظيمي الجديد، يصبح مسموحا له بالتدخل في عمليات بيع وشراء المنتجات، خاصة وأنه مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، وعند تسجيل ارتفاع سعر منتج ما، يتدخل لخفضه بضخ المنتوج المخزّن، فالدولة - كما قال بن ضيف - "قادرة على الشراء والبيع لضبط السوق، والديوان سيكون أداة لمنع المضاربة واحتكار المواد الاستهلاكية" عن طريق توفير مخزون حيوي، طوال السنة، وليس وقت الندرة فحسب، حيث يتم شراء المنتوج وقت الوفرة من الفلاح بثمن السوق حتى لا يخسر، ويبقي في سلسلة الإنتاج، وهذه الطريقة تسمح بتوفير مخزون ديناميكي دائم، عن طريق عقود مع المنتجين والدواوين العمومية الأخرى، التي تقوم بشراء المنتجات بسعر معقول لتفادي تكبد الخسائر وقت وفرة المنتوج.
ووفق النّظرة الاستراتيجية للديوان، فإنّه سيتولى ضبط السوق وتنظيم وتطوير المواد الفلاحية ذات الاستهلاك الواسع، من خلال ضبط الأسعار والأسواق وبالتحديد ضبط المنتجات الفلاحية الموجهة للاستهلاك، دعم وتطوير الشعب المتمثلة في البطاطا الموجهة للاستهلاك، بذور البطاطا، البصل الجاف، الطماطم الصناعية واللحوم البيضاء، إضافة إلى تقديم الخدمات للفلاحين والمخزنين والمتعاملين الاقتصاديين العموميين والخواص، والسهر على ضمان وتوفير المواد الواسعة الاستهلاك في فترات الفراغ، وهذا هو الأهم، فالجزائر اليوم، البلد الوحيد الذي يوفّر مادة البطاطا في ثلاثة مواسم، المبكّرة، الموسمية، وبعد الموسمية، وذلك من أجل ضمان الأمن الغذائي، وهذا لا يتحقّق إلا بالتنسيق بين مختلف المجالس المهنية للشعب الفلاحية، وتسهيل عمليات الربط بين مختلف المهنيين.
وسيتولى الديوان كذلك الخدمة العمومية، لاسيما في مجال ضبط وتكوين مخزون مواد استراتيجية وتسييرها، بالمشاركة في تصوّر وتحديد وتسيير المخزون الأمني، إقامة كل وسائل الملاحظة والتحليل واليقظة الاقتصادية والمراقبة، ضمان ضبط سوق المنتجات ذات الاستهلاك الواسع عبر تكوين منتوج استراتيجي دائم وديناميكي، لضبط وتحقيق الأمن، وضمان المهام التي قد تسندها السلطات العمومية إليه في إطار ترقية الفرع والتحكم في السوق.
أمّا المخزون الدائم فسيكون طوال السنة وليس وقت الندرة، بمشاركة جميع المؤسسات العمومية في نقاط البيع، لتوفير المنتوج وبيعه بثمن معقول للمواطن، في حال سجّل ارتفاعا للأسعار بإخراج المخزون لإعادة الاستقرار للسوق، ونجاح هذه العملية يعتمد بشكل كبير على نظام الرقمنة الذي يمنح معلومات الدقيقة بخصوص الانتاج والاستهلاك، ومساحات التخزين، والأسعار، وأوقات التدخل لشراء المنتوج من الفلاح حتى لا يتعرض لخسائر عند وفرة الإنتاج.
وعلى هذا الأساس، سيرتكز نظام الضبط الجديد للسوق الجزائرية، على رؤية علمية، تمنحها الدراسة الاستهلاكية الجاري إعدادها من قبل ديوان الخضر واللحوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.