مكافحة الفساد من أجل بيئة استثمارية تنافسية يعمل المشرع الجزائري على خلق تناسق بين مختلف القوانين، لاسيما المرتبطة ارتباطا وثيقا بالاقتصاد الوطني، بهدف تكيّفها مع الإصلاحات الجديدة ومواكبة التغيرات الحاصلة في العالم لضمان حصتها في الأسواق الخارجية، والبداية عبر خلق مناخ استثماري جذّاب عبر قانون الاستثمار، ومن ثم التزام الدولة بمرافقة المسيرين والمستثمرين وحمايتهم، من خلال رفع التجريم عن فعل التسيير، وتجريم فعل عرقلة الاستثمار قصد الإضرار بالاقتصاد الوطني وهو ما تم تكريسه في مشروع قانون العقوبات الجديد في المادة 119 منه. التوافق بين مختلف القوانين الوطنية هو هدف تسعى إليه الجزائر في كل مرة، من خلال جملة التعديلات والإصلاحات التي تدخلها. فالبداية كانت بقانون الاستثمار وجملة من الآليات لتسهيل الاستثمار، كالشباك الوحيد، تبسيط الإجراءات للمستثمر عن طريق تجميع كل الإدارات التي لها علاقة بالنشاط الاستثماري، على غرار ممثلي الضرائب والجمارك والمركز الوطني للسجل التجاري، والامتيازات التي من شأنها استقطاب المستثمرين. وفي إطار ضمان حق المستثمر، تم استحداث اللجنة العليا الوطنية للطعون المختصة في مجال الاستثمار، المنصبة على مستوى رئاسة الجمهورية والمتكونة من قضاة وخبراء مختصين في الاقتصاد والمالية، مع تحديد آجال للمعالجة تكون ملزمة للإدارات المعنية، إضافة إلى حقه في اللجوء إلى الجهات القضائية. ناهيك عن إنشاء الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار تحت سلطة الوزير الأول، مع النص على تسليط أقصى العقوبات ضد كل من يعرقل، بأي شكل من الأشكال عمليات الاستثمار، مهما كان مركزه وطبيعة مسؤوليته. ولتفعيل خطة رئيس الجمهورية لتحقيق إنعاش اقتصادي، كان لابد أن يتبع قانون الاستثمار بقوانين تحفيزية أخرى أو بالأحرى إصلاحات تشريعية مهمة، من خلال إصلاحات تشريعية مهمة، مثل قوانين النقد والصرف والمقاول الذاتي والوظيف العمومي والعمل، إلى جانب سن قوانين ردعية تهدف لمحاربة الفساد وتحسين مناخ الأعمال، تتعلق بمحاربة المضاربة ومراجعة نصوص أخرى ذات صلة بتسيير الأموال العمومية، على غرار القانون التجاري وقوانين البلدية والولاية والصفقات العمومية والشراكة بين القطاعين العام والخاص لاستقطاب الاستثمار. في المقابل، ينتظر أن تساهم التعديلات التي تضمنها المحور الرابع لمشروع قانون العقوبات، قطع الطريق أمام من تسول له نفسه تكرار الممارسات السابقة التي منها عرقلة الاستثمار وبالتالي الإضرار بالاقتصاد الوطني، خاصة في الشق المخصص لتعزيز حماية المسيرين والمستثمرين، والذي يأتي في إطار تحرير روح المبادرة، لاسيما في القطاع الاقتصادي العمومي وخلق أحسن الظروف لتنشيط الاقتصاد الوطني. ويقترح المشروع مراجعة الأحكام المتعلقة بالجريمة المنصوص عليها في المادة 119 مكرر من قانون العقوبات، من خلال إدراج عناصر موضوعية وعقلانية تسمح للقاضي بتقدير المسؤولية الجزائية للمسير، اعتمادا على عناصر موضوعية تتمثل في خرق القوانين والتنظيمات وقواعد الأمن. من جهة أخرى، يقترح المشروع تجريم عرقلة الاستثمار بسوء نية، من خلال إقرار عقوبات صارمة، قد تصل إلى الحبس ل12 سنة، إذا ارتكبت الجريمة بغرض المساس بالاقتصاد الوطني وسهلت وظيفة الفاعل ارتكابها. وتندرج هذه الترسانة القانونية، في إطار التدابير والضمانات الرامية إلى تعزيز الثقة في الإطار التشريعي للاستثمار وتعزيز جاذبية ورفع تنافسية الجزائر كوجهة استثمارية، من خلال تكريس مبدإ حرية الاستثمار والشفافية والمساواة في التعامل مع الاستثمارات، وتكريس الحقوق الموجهة للمستثمرين.