بوغالي يشارك بجاكرتا في الدورة ال19 لمؤتمر اتحاد مجالس دول منظمة التعاون الإسلامي    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 52829 والإصابات إلى 119554    تجارة: حجز واتلاف أزيد من 700 كلغ من اللحوم الفاسدة بسيدي بلعباس    الأونروا تحذر من مخاطر إطالة أمد الحصار الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة    تقديم العرض الأولي لفيلم "محطة عين الحجر" للمخرج لطفي بوشوشي بالعاصمة    أمطار رعدية مرتقبة اليوم الأحد بعدة ولايات من الوطن    وصول أول فوج للحجاج الجزائريين إلى المدينة المنورة    الأيام المسرحية الجامعية بوهران وعنابة بدءا من 19 مايو    التجارة الإلكترونية تنتعش في عصر السرعة    دعوة لتنظيم السوق وتشجيع اقتناء السلع المحلية    الموسيقى.. علاج سحري    بداري يثمّن توجه الطلبة نحو الابتكار والمقاولاتية    شنقريحة ينوّه بسلاح المنشآت العسكرية    صادي يؤكّد تبنّي نظرة واقعية    إبراز أهمية المرجعية الدينية للجزائر    صلاح يتصدر غلاف فرانس فوتبول    826 عضواً سيرافقون الحجاج الجزائريين    رئيس الجمهورية يتوجه برسالة الى الحجاج الميامين المقبلين على أداء مناسك الحج    حج1446ه :مغادرة أول فوج للحجاج الجزائريين أرض الوطن باتجاه البقاع المقدسة    بأراضيها الواقعة تحت الاحتلال المغربي..الجمهورية الصحراوية تدعو إلى فتح تحقيق في حالات الاختفاء القسري    حزب صوت الشعب : إبراز أهمية الحفاظ على الذاكرة الوطنية لصون رسالة الشهداء    ندد بمحاولات ضرب مرجعية الشعب الجزائري.. بوطبيق يدعو إلى تشكيل جبهة موحدة لمواجهة التحديات الخارجية    استرجاع مساحات واسعة من الأراضي غير المستغلة    الشعب الصحراوي مجنّد لانتزاع حقّ تقرير مصيره    مقرّرون أمميون يسائلون الرباط حول استهداف "كوديسا"    انطلاق بيع الأضاحي المستوردة بغليزان    عين تموشنت تستلم 3150 رأس ماشية مستوردة    حنون: مجازر 8 ماي منعرج تحوّل في تاريخ الجزائر    تثمين إبداعات 3 مهندسين شباب بعنابة    تقوية الجزائر تستدعي الوقوف صفّا واحدا في مواجهة التحدّيات    إدارة اتحاد العاصمة تفند    "سوسطارة" للتدارك أمام "السياسي" و"الوفاق" للتأكيد    الجزائريون مجنّدون لتحصين البلاد    الوعي الرقمي سلاح مواجهة الجرائم السيبرانية    رحلة الروح عبر ريشة مضيئة    السينما صون للذاكرة    بوقرة: المهم التأهل إلى "الشان" وغامبيا لم تكن سهلة    دعوة لتعزيز ريادة الأعمال لدى الأطفال    استرجاع 6 دراجات نارية مسروقة    ملتقى دولي جزائري للنحت    كأس الجزائر للدراجات (سباق على الطريق): فوز عبد الله بن يوسف عند الأكابر وزياني أمين لدى الأواسط    رواية "أنثى السراب" لعبة الصراع وتحوّلاتُ السرد    يصدر قريبا.. "الوهم الأمريكي" كتاب جديد    مشاركة أكثر من 35 مؤسسة جزائرية في قمة الاستثمار بالولايات المتحدة الأمريكية    سكنات "عدل 3": توقيع اتفاقية بين الوزارة وبنك الإسكان ووكالة "عدل" لتمويل إنجاز الشطر الأول    تلمسان.. برمجة 10 رحلات جوية لنقل الحجاج إلى البقاع المقدسة    بطولة إفريقيا للمحليين: منتخب الجزائر يفوز بثلاثية لصفر على غامبيا ويكسب تأشيرة المشاركة في شان2025    لا تُزاحموا ذوي الدخل المحدود..    إدراج الحليب الطازج المحلّي في نظام الإنتاج والتسويق    فرنسا ستعترف حتماً بجرائمها في الجزائر    التقاعد أولوية عند بن طالب    إجراءات عملية لعصرنة الجامعة الجزائرية    فريق البكالوريا يدخل العزل    بطولة افريقيا للمحليين: الجزائر تطيح بغامبيا (3-0) وتحسم تذكرة الموعد القاري    علامات التوفيق من الله    أخي المسلم…من صلاة الفجر نبدأ    أشهر الله الحُرُمٌ مستهل الخير والبركات    قبس من نور النبوة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصبة العتيقة..ذاكرة مكان بعبق الياسمين
نشر في الشعب يوم 25 - 09 - 2023

بأعالي العاصمة الجزائر وبالتحديد بمنطقة "باب الوادي"، الحيّ الشعبيّ الأكبر في البلاد، تتربّع القصبة العتيقة على كتلة جبلية ليس الوصول إليها صعباً، فكلّ الطرق تؤدي إليها. باردة ممرّاتها، وتمتزج ريحها بنسمات البحر المتوسّط الذي تطلُ عليه، ولعلّ أبرز شيء يشدّكم إلى المكان هو عبق الياسمين وماء الزهر اللذان يعطّران ممراتها الضيقة.
يُخالجكم شعور وأنتم تتجوّلون بممرّاتها الضيقة ومبانيها العتيقة، وكأنّكم في العهد العثماني؛ سلالم كثيرة وأزقّة عديدة، مداخل ومخارج تُصادفكم من كلِّ جهة تمرّ فيها. إنها "القصبة"، أشهر الأحياء العتيقة ومعقل القصور التاريخية.
شغف اكتشاف المكان الذي يعود للحقبة العثمانية قادنا للتوغل بقلبها، وكانت انطلاقتنا من أمام قصر "خداوج العمياء"، فهو قصر مليءٌ بالأسرار التاريخية الجميلة والصّور الفنية القديمة، تبوح لزوّاره بتاريخ قاطنيه أثناء المرحلة العثمانية.
قصدنا القصرَ الذي يقع غير بعيد عن جامع "كتشاوة"، وعن ضريح الولي الصّالح عبد الرحمن الثعالبيّ. وجدناه فارغاً ماعدا الحارسيْن اللذين وجدناهما أمام مدخله، وسكونٌ يغمر المكان.
أول شيء يلفت انتباهكم هنا هو الصّور التقليدية الفنية التي تكشف لزوارها عن تاريخ قاطني القصر أثناء المرحلة العثمانية، ثمّ مرحلة الاحتلال الفرنسي للجزائر. فدار "خداوج العمياء" المشهورة في القصبة، والتي تمّ تحويلها حالياً إلى متحف للفنون الشعبية، تسرد حقائق من الزمن الجميل، وهي معقل ابنة الخزناجي حسن باشا، الذي كان قائد الأسطول البحري في الدولة العثمانية في القرن السادس عشر، اسمها "خديجة" ويطلق عليها اسم "خداوج".
ويتميز القصر بالتصميم المعماري العُثماني فله "سقيفة" كبيرة تُطلُّ على السّماء، يعلوها سقف بيضاويّ يتواجد فيه مخزنان تعرف بمخازن "البرطوس"، وتوجد غرفة "خداوج" في الطابق الثالث من القصر، وكانت تجلس "خداوج" في المشربية الباشوية التي تطلّ على الشّارع لتسمع صخب الشوارع المحاذية للقصر.
النّحاس...تراث يحكي تراث القصبة العتيق
تشتهر القصبة بفنّ الطرق على النحاس المعاصر ممّا جعلها قبلة للسياح الأجانب والمحليين وممثلي السفارات الأجنبية بالجزائر على غرار سفارة الولايات المتحدة وكندا وروسيا وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين.
وهي مهنة لم تكن بالنسبة للأجداد مُجرّد عملٍ يكسبون من خلاله لُقمة عيشهم بل هي جزءٌ لا يتجزأ من حياتهم، وطالما يشكّل مصدر فخر لهم ولنسائهم، فالعروس الجزائرية لا تستغني عن الأواني النحاسية في جهازها.
وتشتهر القصبة أيضاً بحرفة المصنوعات الجلدية، بالأخص "البابوش الجلدي" (الحذاء التقليدي)، وأيضاً الصندوق الخشبي المزركش بألوان ورسومات تجسّد تاريخ هذه المنطقة وأسرارها، ويرافق العروس ليلة دخلتها لتضع فيه جهاز عرسها من ملابس وحلي، حتى أنه كان يُعوض عن الخزانة في غرفتها.
وتُعتبر القصبة من أبرز الأحياء الشعبية التي تروي تاريخ ثورة المليون شهيد ضدّ المستعمر الفرنسي، فبمجرّد ولوجكم شارع "ديزابرام" يصادفكم منزل وُضعت فوق بابه جدارية رُخامية مكتوب عليها: "في هذا المكان وبتاريخ 8 أكتوبر 1957 سقط في ميدان الشرف الشهداء الأبطال"، في إشارة المنزل الذي فجّرته قوات الاستعمار الفرنسي كان يختبئ فيه رموز معركة الجزائر".
واختيرت القصبة لتكون المنطلق لتبدأ معركة مدينة الجزائر لعدّة أسباب أبرزها أنها كانت عصية على السّلطات الفرنسية، بسبب شكل منازلها ومنافذها وضيق ممرّاتها وشوارعها التي منحت المجاهدين فرصة المناورة والهروب.
وتعتمد بيوتها نفس التصميم العمراني، مكوّنة كلُّها من طابقين أو ثلاثة يتخللها سطح كبير، ويتوسط المنزل ساحة كبيرة أيضاً تُعرفُ ب "الحوش" أو "وسط الدار" بها نافورة مياه، وفي جانب منها بئر يمتدّ عمقه إلى أكثر من 40 قدماً تحت الأرض.
ويضمّ الطابق الأول "بيت الضياف" أو "السقيفة"، إضافة إلى المطبخ، وكانت النساء يستعملن "الحوش" أو "وسط الدار" أو "الفناء" لغسل اللباس والفراش. ولعلّه أبرز ركن في البيت والذي لا يمكن الاستغناء عنه من طرف قاطني المنزل، لأنه يُطلّ على الواجهة البحرية.
وكانت القصبة تضمّ ما يقارب عشرة آلاف بناية من العهد العثماني، فتقلّصت إلى ألف مبنى بسبب محاولة الاستعمار الفرنسي تجديد المباني والتي أوجدت أحياء جديدة على أنقاض المباني العثمانية، وقد قامت منظمة اليونيسكو عام 1990 بتصنيف القصبة العتيقة في الجزائر ضمن التراث العالميّ، لتقرّر السلطات الجزائرية إحياء القصبة من جديد وإعادة ترميمها.
ومن أبرز المساجد التي تعرف بها القصبة العتيقة بالجزائر هو "المسجد الكبير"، ومسجد "كتشاوة ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.