بعد سحب المنتجات الأجنبية غير المطابقة فريدة حدادي أدت تعليمة تشديد الرقابة على المنتجات الاستهلاكية، وسحب عدد منها لعدم مطابقتها المعايير المنصوص عليها، إلى بروز تباين في الآراء بين المستهلكين، الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض، كما برز بين التجار معارضون خاصة الذين يعتمدون على ما يسمى ب"الكابة"، من خلال اقتنائهم بضاعة أجنبية يقولون إنها "ذات جودة وفعالية"، في حين يرى مؤيدو قرار السحب أنها فرصة لتشجيع الإقبال على السلع المحلية، وبين هذا وذاك حاولنا التقرب من المواطن الجزائري ولمس مدى ثقته بالمنتج الجزائري . وفي إطار تنفيذ برنامج العمل المسطر من طرف وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية، في شقه المتعلق بحماية المستهلك، قام أعوان مديرية التجارة بمختلف الولايات خلال الأسابيع القليلة الأخيرة، بحملة رقابية واسعة استهدفت محاربة تسويق مختلف المنتجات غير المطابقة، ومجهولة المصدر، والمستوردة والمسوقة بطرق غير شرعية، عبر مختلف محلات بيع المواد والمنتجات واسعة الاستهلاك، من منتجات تجميل وعناية، إلى مواد غذائية وحلويات وشوكولاطة، تحدد في القانون التجاري على انها منتجات تم عرضها في السوق، دون مرورها بسلسلة استيراد قانونية، ولم تخضع لأي نوع من الرقابة، ما يجعلها مصنفة على أنها تشكل خطرا على صحة المستهلك. ولقد تم سحب وإتلاف العديد من المنتجات، وتم استدعاء المخالفين واتخاذ إجراءات قانونية ضد هؤلاء، الذين كانت سلعهم أكثر السلع المطلوبة من الزبائن، باعتبارها سلعا أوروبية، البعض منها صنع "الحدث" او ما يعرف ب"الترند"، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بفضل الدعاية والترويج على أنها سلع ذات جودة ونوعية وخاصة ذات فعالية ممتازة. تجار يتحايلون ودفعت تلك التعليمة إلى تشديد الرقابة على الكثير من التجار وسحب ما لديهم من سلع ومنتجات لا تتطابق وتلك المعايير، حسبما وقفنا عليها خلال تجوالنا بين عدد من محلات بيع مواد التجميل ومحلات بيع المواد الغذائية الشهيرة بعرض منتجات "الكابة"، حيث لجأ التجار خوفا من بلوغ أعوان الرقابة محلاتهم إلى سحب ما لديهم من بضاعة مستوردة بطريقة غير شرعية، حتى لا يتكبدوا خسارة مالية عالية، لارتفاع أسعار تلك السلع الأجنبية. ولقد خلقت تلك الصرامة في تطبيق القانون الأساسي المتعلق بحماية المستهلك، وتشديد الرقابة على مصدر المنتج المعروض في السوق، نوعا من التباين في الآراء، وخلق ضجة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليس بين التجار فقط وإنما بين المستهلكين أيضا، إذ أن جزءا منهم أعربوا عن رفضهم لاستعمال منتجات محلية الصنع، بل اعتادوا على اقتناء الأجنبي، والذي هو في نظرهم أكثر فعالية بفضل الخبرة المسبقة لبعض البلدان، وحتى بعض المخابر في إنتاج سلع معينة، ولاسيما في إتباع احدث التقنيات لإنتاج وابتكار في كل مرة أنواعا جديدة من المنتجات لاسيما ما يتعلق بالتجميل والعناية بالشعر والبشرة، والتي أثبتت، حسبهم، فعاليتها في حل بعض المشاكل "الجمالية". تعليمة لمحاربة الغش والاحتيال في هذا الصدد قالت سارة، التي كانت رفقة صديقاتها التقينابها داخل محل بيع منتجات التجميل، أنها تأسف لسحب المنتجات الأجنبية من السوق، مشيرة إلى أنها اعتادت في روتين عنايتها على بعض المنتجات، خصوصا وأنها تعاني كثيرا من مشاكل البشرة، وأصبح من الصعب عليها إيجاد تلك المنتجات بعد أن تم سحب الكثير منها من السوق. هذا القرار جاء لتأطير السوق وتقنينه وتنظيمه، وخاصة لحماية المستهلك، و رغم ذلك فإن المستهلك سوف يتضرر، خاصة بالنسبة للفئة التي ربما اعتادت على تنويع استهلاكها واعتمادها على المنتج الأجنبي، ، من حق المستهلك اختيار منتجه، ولا يجب أبدا أن يفرض عليه اقتناء سلعة محددة، وهذا يتضارب مع حقه في الاختيار، واقتناء ما يريده. وليد تاجر مختص ببيع مواد التجميل قال: "إن تلك التعليمة جاءت لمحاربة الغش والاحتيال الذي يمارسه بعض التجار، الذين يمكن أن يعرضوا منتجات ظاهرا أصلية إلا أنها مقلدة ومغشوشة، وبأسعار مرتفعة"، وأوضح أن ليس كل منتج يزعم صاحبه أنه منتج "كابة" هو منتج أصلي، فالتقليد قد يمس أيضاالسلع التي يتم اقتنائها من دول أجنبية، ولا يكفي اليوم الرقم التسلسلي للتأكد من ذلك إذ أن بعض المصانع تتفنن في التقليد الدقيق ما خلق ما يعرف بمصطلح "النسخ الأصلي" وهو تقليد لكن قريب من الأصلي، وبالتالي هي منتجات مقلدة قد تكون مجهولة المصدر. تشجيع المنتوج المحلي حول هذا الموضوع تحدث ياسين أوعابدي، استاذ الاقتصاد، مؤكدا أن كل هذه الثرثرة المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حول قرار سحب منتجات غير مطابقة من السوق ليس لها أي مبرر، مؤكدا أن المنتج المحلي شهد خلال السنوات الأخيرة قفزة نوعية، وأصبح ينافس المنتج الأجنبي، واعتبر غياب الثقة في المنتج المحلي راجع أساسا الى "الثقة الزائدة" في المنتج الأجنبي، وليس غير ذلك. وقال المتحدث إن تغيير التفكير لا يكون من خلال فرض المنتج المحلي على المستهلك، إذ دائما ما يندفع الى البحث عن بدائل، وإنما التغيير يكون من خلال تعديل نوعية المنتج المحلي، سواء منتجات تجميل، أو عناية، أو حتى تحسين مذاق المنتجات الاستهلاكية والمواد الغذائية خاصة الكمالية منها كالحلويات والشوكولاطة، وغير ذلك، موضحا أن المنتج الجزائري نجح ويمكنه أن ينجح في ذلك حسبما أثبته إحدى العلامات التجارية التي بلغ صداها مختلف دول العالم، إلى درجة تكالب بعض الدول الأجنبية علينا بسبب تضييق السوق عليها حسب قوله، إذ كان منافسا شرسا في السوق الدولية، كبديل أحسن بكثير من منتجات أخرى مماثلة في العالم. وأكد الخبير أن التعليمة ما هي إلا تطبيق لقوانين موجودة أساسا، ولم تأت لحصار التاجر، أو تغريمه، أو فرض قوانين تعسفية عليه كما يعتقده البعض، وإنما لتنظيم السوق وحماية المستهلك، ومنع دخول منتجات قد تكون مجهولة المصدر والهوية، وتباع بأسعار خيالية في السوق.