تبدي وزارة التربية الوطنية اهتماما متزايدا بقطاع تكنولوجيات الإعلام والإتصال، لما تعتبره عاملا مرافقا في مسار الإصلاحات التربوية ومساعدا للمعلم والمتعلم لاستيعاب المنهاج التربوي الجديد وتلقينه بطرق حديثة وجذابة خاصة في المواد التي تعد إلى حد ما صعبة. والاستعانة بالتكنولوجية الحديثة في التعليم تعني تزويد كل المؤسسات التربوية بجميع أدوارها بأجهزة الإعلام الآلي وربطها بشبكة الأنترنت، بدءا من التعليم الثانوي ونزولا إلى المستويات الأخرى، ولعل الشيء الجديد في استغلال الحاسوب في التعليم هو تلك المبادرات التي أطلقتها مجموعة من الأساتذة في إعادة شرح المقررات والمناهج التربوية الرسمية بطريقة سلسة ومبسطة ومرفوقة بتجارب وتطبيقات مصورة وبالصوت، تساعد التلاميذ على استيعاب الدروس بطريقة أفضل، وتسد الثغرات في بعض المفاهيم والدروس أو عدم الفهم الجيد في أقسام الدراسة، فضلا عن اقتراح تمارين بحلولها وتوضيح الغرض من هذه التمارين وتطبيقاتها. هي طريقة حديثة معمول بها في العديد من الدول، لكنها ظلت لسنوات طويلة غائبة في بلادنا نظرا لقلة انتشار استعمال الإعلام الآلي لدى الأسرة التربوية على وجه التحديد، وعدم تشجيع مبادرات القلة القليلة من الأساتذة المهتمين بهذه التكنولوجية الحديثة، وكان يفترض أن يساهم المركز الوطني لإدماج الابتكارات البيداغوجية وتنمية تكنولوجيات الإعلام والاتصال في التربية في تحقيق هدف وزارة التربية الرامي إلى تقليص الفجوة في تكنولوجيات الإعلام والاتصال في التربية، لكن الهدف لم يتحقق رغم التمويل المعتبر الذي تحصل عليه المركز، مما استوجب تغيير الإدارة منذ ثمانية أشهر فقط، وعين على رأسها المدير الحالي السيد محمد موايسي، الذي يعول عليه لتدارك النقص المسجل في هذا القطاع، وخاصة تشجيع استعمال التكنولوجيا الحديثة وتعميمها في المؤسسات التربوية. وعلى الرغم من الإصرار الذي تبديه الوزارة في التكيف مع التكنولجيا الحديثة، إلا أن عملية التطبيق في الميدان تواجه العديد من الصعوبات والتي لا تكمن فقط في الذهنيات كما سجل وزير القطاع وإنما في تهيئة الموارد البشرية لمواجهة تحدي التكنولوجيا، حيث يظل التكوين يمثل أحد أهم المشاكل العويصة التي لا يبدو أن حلها سيكون في الغد القريب، وبذلك قد يظل استيعاب التكنولوجيات الحديثة مجرد شعار أكثر منه واقعا يعرض نفسه بإلحاح. أما التحدي الآخر الذي واجه ولا يزال يواجه قطاع التربية فيكمن في إشكالية ما يعرف بالكتب شبه المدرسية التي تحولت إلى تجارة مربحة لأصحابها في غياب رقابة صارمة، وعلى الرغم من أن هذه الكتب الموجهة لتلاميذ الأطوار الثلاثة يكتب على غلافها أنها أعدت وفق المقرر الجديد لوزارة التربية، إلا أن مضمونها يبقى في أغلب هذه الكتب بعيدا عن المقرر الرسمي، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول تجاهل الجهات المسؤولة لمثل هذا النوع من الغش والتلاعب بعقول التلاميذ. وفي سؤال لجريدة »الشعب« لوزير التربية السيد أبو بكر بن بوزيد حول تحول الدروس المقدمة عبر الإنترنيت إلى نفس نمط الكتب شبه المدرسية دون أدنى رقابة عليها. أوضح الوزير أن الأغلبية الساحقة للكتب شبه المدرسية التي تباع حاليا في المكتبات غير صالحة وغير شرعية ملقيا مسؤولية ترويجها إلى قطاع الثقافة ومؤكدا على أنها طالما لا تروج في المدارس الوطنية، فالمسؤولية على وزارة التربية. أما عن تلك الدروس التي تقدم لحلول تمارينها عبر الإنترنيت فإنها تراقب بيداغوجيا من قبل لجنة مختصة على مستوى المركز، ويمكن الاستفادة منها بكل ثقة عكس الكتب شبه المدرسية التي راجت على نحو سريع خلال السنوات الماضية بعد أن تيقن أصحابها أن لا رقابة عليها من قبل المختصين ولا سيما على مستوى وزارة التربية، فهل تفكر هذه الأخيرة في صيغة قانونية يمنع من خلالها طبع كتب مدرسية من هذا النوع دون ترخيص منها. سلوى روابحية