كتب "كوبي ميدان" الصحفي والمذيع الإسرائيلي تعقيبا على قيام الجيش الصهيوني بقتل وإصابة مئات الفلسطينيين العزل على الحدود مع غزة: "أنا أشعر بالخجل من أن أكون إسرائيليا".. لم يكن هذا الصحفي اول من جلله الخزي والعار من فعل المؤسسة الصهيونية العنصرية.. فهناك المئات إن لم يكن الألوف صدمتهم المقاومة الفلسطينية وجعلت منهم غزة رعاديد لا يحسنون بياتا ولا نهوضا وعزرائيل الخوف يحيط بهم فلم يجدوا سوى الملاجئ يفرون اليها او الاحتماء بكلمات الخزي والعار. المشهد تكرر مع شخصيات عديدة وهذا يعني طرح السؤال مجددا على الوجدان الصهيوني المشوَّه: ماذا جنيتم من مشروعكم سوى القتل والموت والقلق والاضطراب والسير في المجهول؟ اين ستقودون شذاذ الآفاق المخبولين الذين صدقوا بوعد بلفور وبهلوسات هيرتسل بأن فلسطين أرض بلا شعب تبحث عن شعب بلا أرض؟ أي بديل جنوني هذا، وأي قدر قاد اليهود الذين آمنوا بالمشروع الصهيوني إلى المهلكة؟ من جديد تعيد غزة الأسئلة الوجودية على أفراد التجمع الصهيوني وتكشف لهم أي جريمة ارتكبوها وتضع أمام أعينهم سيناريوهات الخروج الحتمي.. ورغم كل ما يحاوله الغرب من طمأنة للكيان الصهيوني ليظل نشطا في أداء وظيفته الاستعمارية، ورغم انهيار النظام العربي وسقوط كل الأقنعة عن مواقفه الرديئة تجاه فلسطين، ورغم ان القيادات الفلسطينية منهمكة في تصفية حساباتها مع بعضها ويتراجع خطابها عن الحق الفلسطيني إلى درجات الحد الأدنى.. ورغم كل تمددات المشروع الصهيوني في عالمنا العربي والإسلامي، إلا ان أفراد الكيان الصهيوني يقفون امام أسئلة قاسية لم يستطيعوا بعد الفكاك منها. في قلب الكيان الصهيوني تكبر الأسئلة وتنتشر مفاعيلها في أدوية المهدئات النفسية لمئات الآلاف من أفراد الكيان الذين عادوا يدركون ان لا مستقبلَ آمناً لهم في هذه الديار.. ويعلو الصوت هنا وهناك في جامعة او مؤسسة او صحافة او ثقافة وفكر لشخصيات لها وزنها في الكيان الصهيوني تطرح الأسئلة من جديد.. وعندما يتوجهون بأحد هذه الأسئلة القاسية لأنفسهم لا يرجع إليهم إلا صدى السراب واليأس.. فمثلا: ماذا يستطيعون ان يفعلوا بالفلسطينيين بعد ان هجَّروا 90 بالمائة منهم من بلداتهم وقراهم وبيوتهم خارج العمق الفلسطيني؟ وبعد ان رحلوا خارج فلسطين 7 ملايين فلسطيني؟ ماذا يفعلون أكثر من ذلك؟ فلقد ارتكبوا المجازر والكوارث وقتلوا الآلاف وحرقوا ودمروا بلا تردد وعبر عشرات السنين وتوفرت لهم كل الأدوات والفرص ولم يكن مع الفلسطينيين أحد، بل كانت المؤامرات تتوالى عليهم من الأخ والعدو.. وها هم يواجَهون بحقيقة ان تعداد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية يزيد عن تعداد اليهود الذين جُلبوا إليها من أصقاع الأرض، الأمر الذي يعني سقوط الكيان الصهيوني والفكرة الصهيونية، ما سيسرّع بسقوط المشروع الصهيوني. لقد خجل كثيرٌ من الصهاينة، كونهم إسرائيليين، فهل يخجل من شارك الصهاينةَ المؤامرة على الشعب الفلسطيني وعناصر الصمود والمقاومة فيه؟ ومتى يخجل من أعان العدو على الأمة تدميرا وتفجيرا، وتهيئة الظروف لتمدد المشروع الصهيوني؟ يخجلون أو لا يخجلون، لا يهم كثيرا، فإن قدر الله بالمقاومين المرابطين سيتحقق نصرا عزيزا بوحدة الأمة ونهضتها وتحرير فلسطين.