وسط ترقب الدوري السعودي.. ميلان يضع بن ناصر على لائحة البيع    حنكة دبلوماسية..دور حكيم ثابت وقناعة راسخة للجزائر    أكنّ للجزائر وتاريخها العريق تقديرا خاصا..وكل الاحترام لجاليتها    مهرجان عنابة..عودة الفن السابع إلى مدينة الأدب والفنون    إبراز البعد الفني والتاريخي والوطني للشيخ عبد الكريم دالي    التراث الثقافي الجزائري واجهة الأمة ومستقبلها    مطالبات بتحقيقات مستقلّة في المقابر الجماعية بغزّة    تقرير دولي أسود ضد الاحتلال المغربي للصّحراء الغربية    استقالة متحدّثة باسم الخارجية الأمريكية من منصبها    تكوين 50 أستاذا وطالب دكتوراه في التّعليم المُتكامل    ثقافة مجتمعية أساسها احترام متبادل وتنافسية شريفة    العاصمة.. ديناميكية كبيرة في ترقية الفضاءات الرياضية    حريصون على تعزيز فرص الشباب وإبراز مواهبهم    وكالة الأمن الصحي..ثمرة اهتمام الرّئيس بصحّة المواطن    تحضيرات مُكثفة لإنجاح موسم الحصاد..عام خير    تسهيلات بالجملة للمستثمرين في النسيج والملابس الجاهزة    المسيلة..تسهيلات ومرافقة تامّة للفلاّحين    استفادة جميع ولايات الوطن من هياكل صحية جديدة    قال بفضل أدائها في مجال الإبداع وإنشاء المؤسسات،كمال بداري: جامعة بجاية أنشأت 200 مشروع اقتصادي وحققت 20 براءة اختراع    الشباب يبلغ نهائي الكأس    بونجاح يتوّج وبراهيمي وبن يطو يتألقان    خلافان يؤخّران إعلان انتقال مبابي    بعد إتمام إنجاز المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية: سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية وتحقيق الاستقلال التكنولوجي    سوناطراك تتعاون مع أوكيو    الأقصى في مرمى التدنيس    حكومة الاحتلال فوق القانون الدولي    غزّة ستعلّم جيلا جديدا    جراء الاحتلال الصهيوني المتواصل على قطاع غزة: ارتفاع عدد ضحايا العدوان إلى 34 ألفا و356 شهيدا    الأمير عبد القادر موضوع ملتقى وطني    باحثون يؤكدون ضرورة الإسراع في تسجيل التراث اللامادي الجزائري    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    بن طالب: تيسمسيلت أصبحت ولاية نموذجية    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    المدرب أرني سلوت مرشح بقوّة لخلافة كلوب    جامعة "عباس لغرور" بخنشلة: ملتقى وطني للمخطوطات في طبعته "الثالثة"    "العميد" يواجه بارادو وعينه على الاقتراب من اللّقب    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    أمن دائرة عين الطويلة توقيف شخص متورط القذف عبر الفايسبوك    سيدي بلعباس : المصلحة الولائية للأمن العمومي إحصاء 1515 مخالفة مرورية خلال مارس    أحزاب نفتقدها حتى خارج السرب..!؟    مشروع "بلدنا" لإنتاج الحليب المجفف: المرحلة الأولى للإنتاج ستبدأ خلال 2026    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    حوالي 42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    هلاك 44 شخصا وإصابة 197 آخرين بجروح    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    الجزائر العاصمة.. انفجار للغاز بمسكن بحي المالحة يخلف 22 جريحا    من 15 ماي إلى 31 ديسمبر المقبل : الإعلان عن رزنامة المعارض الوطنية للكتاب    المهرجان الوطني "سيرتا شو" تكريما للفنان عنتر هلال    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة اجتماعية أم آفة سياسية، أم مؤشر ديمقراطي؟
التدافع على الترشح للرئاسيات

حسب حصيلة أولية لوزارة الداخلية يكون زهاء خمسة وثمانين شخصا قد سحبوا استمارات الترشح للرئاسيات، وإذا استثنينا بعض الأسماء المعروفة التي لا يتعدى عددها عدد أصابع اليد الواحدة، فإن السواد الأعظم من "الراغبين" هم من الدهماء والعامة اللاهثين وراء الشهرة والطامعين في المال وهذه ظاهرة كانت ملفتة للانتباه شغلت الرأي العام وأثارت دهشته واستغرابه.. فمن مستهجن إلى منتقد يتساءل الجزائريون هل تحولت الانتخابات الرئاسية إلى مسرحية هزلية..
الظاهرة – المهزلة - لم يجد لها علماء الاجتماع توصيفا أو تشخيصا لكنهم فسروها بالانهيار الحر والشامل لمنظومة القيم، الذي أدى بالسياسي إلى أن يلامس الحضيض.. أما السياسيون فيتهمون السلطة بتمييع الاستحقاقات لتقنع الناس أن بقاءها هو الحل الأفضل..
حقيقة أنه لم يعد من بين الجزائريين من يثق بنزاهة الانتخابات أو حرية الاختيار والترشح، والقناعة تكاد تكون راسخة بأن اختيار رئيس الجمهورية يتم خارج صناديق الاقتراع.. إلا أن هذا لم يمنع القانونيين من المطالبة بضرورة ضبط الأشياء ولو شكليا حفاظا على الجدية التي يجب أن يتسم بها استحقاق وطني هام مثل انتخاب القاضي الأول للبلاد، بإدراج مواد في الدستور لضبط شروط الترشح.. لأن السخرية والطرافة التي تطبع المشهد السياسي تنذر بأن التسفيه طال كل شيء..

الرئاسيات تتحول إلى ظاهرة تستهوي متسابقين من مختلف الشرائح
سجلت وزارة الداخلية منذ الإنطلاق الرسمي لسباق الرئاسيات في 17 جانفي الماضي عشرات الراغبين في خوض هذا الاقتراع إلى حد جعل هذا الموعد يتحول من سباق سياسي على منصب القاضي الأول في البلاد إلى ظاهرة تستهوي أشخاصا من كافة الشرائح الاجتماعية لأسباب مختلفة .
عرف الإقبال على الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 17 أفريل القادم إقبالا غير مسبوق حيث سجل تقدم 85 راغبا في الترشح لسحب استمارات اكتتاب التوقيعات لدى مصالح وزارة الداخلية إلى غاية نهاية جانفي الماضي أي بعد قرابة عشرة أيام فقط من الانطلاق الرسمي للسباق باستدعاء الهيئة الناخبة من قبل رئيس الجمهورية.
وتنوعت هوية المقبلين على الترشح بين شخصيات سياسية معروفة تصنف على أنها قادرة على التنافس على منصب رئيس الجمهورية وأخرى اعتادت دخول كل موعد انتخابي رئاسي أما الشريحة الثالثة فتتكون من راغبين في الترشح أثاروا جدلا كبيرا في الساحة كونهم لا علاقة لهم بالحقل السياسي ولم يسمع المواطن عنهم وعن نضالهم من قبل مما يجعل عبورهم محطة جمع 60 ألف توقيع أقرب إلى المعجزة منه إلى الواقع.
وفي آخر انتخابات رئاسية – أفريل 2009 - سجل إيداع 13 ملف ترشح لدى المجلس الدستوري لكن هيئة بوعلام بسايح آنذاك زكت ستة منها فقط تخص الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، موسى تواتي، لويزة حنون، فوزي رباعين ، محمد السعيد وجهيد يونسي
وأكدت وزارة الداخلية عقب استدعاء الهيئة الناخبة من قبل رئيس الجمهورية في 17 جانفي الماضي أن الراغب في الترشح للإنتخابات الرئاسية مطالب فقط بتقديم تصريح شرفي موجه لوزير الداخلية يعلن من خلاله رغبته في خوض سباق الرئاسيات ويتم بموجبه تسليمه استمارات اكتتاب التوقيعات.
وينص قانون الانتخابات في مادته 39 على أنه "يتعين على المترشح تقديم قائمة تتضمن على الأقل 600 توقيع فردي لأعضاء منتخبين في مجالس بلدية أو محلية أو برلمانية موزعة عبر 25 ولاية على الأقل".
و"في حالة استحالة جمع توقيعات المنتخبين المحليين أو الوطنيين، بإمكان المترشحين جمع 60 ألف توقيع فردي للناخبين تجمع هذه التوقيعات عبر 25 ولاية على الأقل كما ينبغي أن لا يقل العدد الأدنى للتوقيعات المطلوبة في الولايات المقصودة عن 1500 توقيع"، بحسب بيان وزارة الداخلية.
وطبقا للمادة 137 من قانون الانتخابات، فإن "التصريح بالترشح يقدم في ظرف ال 45 يوما الموالية لنشر المرسوم الرئاسي المتضمن استدعاء الهيئة الانتخابية، ويفصل المجلس الدستوري في صحة الترشيحات في أجل أقصاه 10 أيام من تاريخ إيداع التصريحات بالترشح ويبلغ لصاحبه القرار".
وأعلن المجلس الدستوري في بيان له الأسبوع الماضي أن ".. آخر أجل لإيداع ملفات الترشح لانتخاب رئيس الجمهورية سيكون يوم 04 مارس 2014 في منتصف الليل".
وأعلنت عدة شخصيات سياسية، ورؤساء أحزاب، نيتهم الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة، يتقدمهم رئيسا الحكومة الأسبقان علي بن فليس، وأحمد بن بيتور والأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون .
ومقابل ذلك توالت إعلانات الترشح من عدد كبير من الراغبين في خوض السباق، حيث تضمنت القائمة أسماء أشخاص لا علاقة لهم بالنشاط السياسي مثل تاجر خضر، صاحب شركة لسيارات الإسعاف، مسير شركة بناء واستيراد الأثاث المنزلي وآخر موظف بسيط في شركة الإتصالات السلكية واللاسلكية .
ولم يكتف هؤلاء بإعلان الترشح لمنصب القاضي الأول في البلاد بل إن بعضهم أبدى ثقة كبيرة بالفوز، كما أن هناك من روج لنظريات سياسية لا يمكن تطبيقها إلا في خياله الشخصي.
وأمام هذه "الظاهرة السياسية والإجتماعية" في الساحة الوطنية طفت على السطح تساؤلات حول أسباب هذا التهافت على الترشح لمنصب القاضي الأول في البلاد، هل الأمر له خلفيات سياسية أم إجتماعية أم أن الظاهرة عادية ويمكن أن تحدث في أي بلد آخر يعتمد التعددية السياسية؟.
وتعالت أصوات في الساحة السياسية تندد بفتح باب الترشح للانتخابات لمن "هب ودب" معتبرة ذلك محاولة من النظام لتمييع السباق بدافع الترويج لطرح "الرئاسيات المفتوحة" للجميع عكس ما تؤكده المعارضة على أنها انتخابات مغلقة.
ووفق هؤلاء المراقبين وحتى الأحزاب هناك حاجة ملحة حاليا لوضع إجراءات جديدة في القانون العضوي للإنتخابات تجعل من التقدم للسباق محصورا في "منافسين جديين" على أرقى منصب في الدولة.
ظاهرة اجتماعية أم آفة سياسية؟ !
تحولت ظاهرة "الترشح العبثي" إلى "موضة" يتصاعد أعداد أصحابها من رئاسيات إلى أخرى، ما جعلها تستحق الالتفات إليها من المختصين لفهم أسبابها وأهدافها. وفيما يرى سياسيون أنها ظاهرة افتعلتها السلطة لتمييع المشهد السياسي، يذهب محللون اجتماعيون إلى الحديث عن غياب القيم وتسبُّبه، حسبهم، في فسح المجال أمام "كل من هب ودب" للترشح إلى المنصب الأول في البلاد.
الباحث والناشط السياسي محمد أرزقي فراد
"السلطة فرضت الترشح العبثي لتمييع الرئاسيات"
يرى الكاتب والباحث والناشط السياسي، محمد أرقي فراد، أن التهافت على الترشح إلى منصب الرئاسة "نتيجة طبيعية لنظام شمولي فُرض على الشعب الجزائري عنوة منذ سنة 1962، ميزته أنه صادر الحريات والحقوق السياسية".
وقال فراد في اتصال ب"الشروق أونلاين" إن الجزائريين "لم يبنوا - طيلة نصف قرن- دولة المؤسسات ذات التسيير الديمقراطي، كفصل السلطات والتداول على السلطة، بل أسّسنا نظاما مستبدا صادر السيادة الشعبية، ودأب على تجديد نفسه بالتزوير والمخادعة على قاعدة موسى الحاج / الحاج موسى".
وحمّل المتحدث مسؤولية ما سماه "الانحدار السياسي" للسلطة، حيث قال "لا شك أن حصة الأسد من المسؤولية في هذا الانحدار السياسي يتحملها حكامنا الذين أداروا ظهورهم لبيان أول نوفمبر 1954، الذي نصّ على إقامة دولة ديمقراطية عادلة، تستمد أخلاقها من عقيدتنا الإسلامية"، وأضاف "لكن للمجتمع- بنخبه وعوامه- حصته من المسؤولية، لأن أفراده استكانوا ولبسوا للمستبد ثوبا من الرضا، ونسوا أن المطالب تؤخذ بالمغالبة، وأن من رام الديمقراطية بغير كدّ، أضاع العمر في طلب المحال".
وردّا على سؤال يتعلق بالهدف من السماح ب"الترشح العبثي" قال "الهدف من هذا الترشح العبثي هو تمييع الانتخابات الرئاسية والعمل على تسفيهها، لإيهام الرأي العام أن الحل يكمن في استمرار هذا النظام الفاسد وليس في تغييره".
وأعطى الدكتور فرّاد حلا رآه في الالتفاف حول شخصية سياسية توافقية، تعرف النظام من الداخل، وتتمتع بإرادة سياسية لإحداث التغيير بالسلاسة، وقال إنه وبغير ذلك "سيكون حالنا كحال من يطلب النجاة دون أن يسلك مسالكها".
أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر الدكتور يوسف حنطابلي
"انهيار القيم أدى إلى انحدار سياسي"
قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر، الدكتور يوسف حنطابلي، إنه لا يعلم ما إذا كان "الترشح العبثي" لمنصب الرئاسة ظاهرة اجتماعية أم لا.
وبرر كلامه بالقول "في التحليل نعتمد على المعطيات التي توصلنا إلى فهم ما يجري، وفي موضوع الترشح العبثي لا نملك أية معطيات، فمثلا نحن لا نعرف ما إذا كان هؤلاء المترشحون ترشحوا بمحض إرادتهم أم أن هناك جماعات ضغط دفعتهم إلى ذلك بهدف تعويم وتمييع المشهد السياسي في البلاد، لذلك لا بد من بحث عميق هنا".
ويخوض المتحدث في جوانب من الموضوع، يراها تؤدي إلى إزالة شيء من الضبابية التي تحيط به، فقال إن "استقالة المواطن من الشأن السياسي فتح الباب أمام سلوكات لم تكن موجودة من قبل، ومنها ترشح كل من هب ودب إلى منصب الرجل الأول في البلاد".
ويعود حنطابلي إلى تشريعيات 2012 ليستنتج أن "نية" فتح الباب أمام العبثية في الترشح بدأت من تلكم التشريعيات "ففيها فتحت وزارة الداخلية الباب أمام عشرات الأحزاب الجديدة وأعطتها الرخصة للنشاط، وهذا تعويم وتمييع للسياسة، ومن وقتِها بات أي شخص يرى نفسه صاحب حق في الترشح للرئاسة، بما أنه بات من حق أي شخص أن يؤسس حزبا ويحصل على رخصة للنشاط".
ويشير الدكتور حنطابلي إلى أنه "بغضّ النظر عن الجوانب المحيطة بالموضوع، فإن أسباب ما يجري ترجع إلى غياب منظومة القيم الصحيحة"، وحسبه، فإنه لم تعد توجد قيم حقيقة تحكم عملا ما "لما تغيب القيم الصحيحة التي تحدد النجاح والتفوق في أي مجال يحدث اختراق داخل المجتمع ونصل إلى ما نسميه كمختصين اجتماعيين نظرية الخواء الاجتماعي، إذ تنتشر الفوضى في القيم والأفكار وتغيب المعايير الحقيقية، فيرتفع سقف المغامرة سواء في السياسة أو في غيرها من المجالات، عندها تصبح السياسة متاحة للجميع ومنصب رئيس الجمهورية من حق أي إنسان، وأسقِط هذا على كل المجالات.. وللأسف، هذه هي مرحلة الخواء الاجتماعي التي وصلنا إليها في الجزائر، حيث يصبح كل شيء تافها وبلا معنى مهما كانت قيمته وحساسيته".
ودون أن يسمّي الجهة التي قصدها بالتسبب فيما يحدث، قال حنطابلي "أشعرُ أن هناك من يفتعل هذا الإغراق للمشهد السياسي بمترشحين عبثيين" وأضاف "من مصلحة هذا الطرف حالة العزوف الشعبي والشبابي عن الخوض في السياسة.. إنها تخدمه حتى يبقى في السلطة".
وطلبت "الشروق أونلاين" من المتحدث اقتراح حلول للظاهرة فقال "كل القوانين سواء العقابية أو التنظيمية لن تُجدي في الحد مما يجري، ووحدها منظومة القيم الصحيحة هي التي تعطينا الفرد المسؤول الذي يعرف قدره وقدر المسؤوليات في كل المجالات، حينها لن يجرؤ أحد على الترشح لأي منصب أو الخوض في أي مجال إلا إذا رأى نفسه مؤهلا لذلك، لأن عين المجتمع تراقبه، وهذا المستوى تصنعه منظومة القيم غير المعلنة، وهي قيم حقيقية تقود إلى النجاح، أما السائد حاليا فهو صورة مبتذلة ومميعة لكل شيء، بما فيها السياسة".
قانونيون: الترشيحات لا تخضع للقانون وبعض مسابقات التوظيف أصعب من الترشح للرئاسة
حدد المشرع الجزائري في الدستور شروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، في التمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية، والديانة بإسلام وبلوغ سن الأربعين والتمتع بكامل حقوقه المدنية والسياسية، وإثبات الجنسية الجزائرية لزوجه وكذا إثبات مشاركته في ثورة أول نوفمبر 1954 إذا كان مولودا قبل جويلية 1942، وعدم تورّط أبويه في أعمال ضدّ ثورة أول نوفمبر 1954 إذا كان مولودا بعد هذا التاريخ، إضافة إلى تقديم التصريح العلني بممتلكاته العقارية والمنقولة داخل الوطن وخارجه.
الأستاذ عمار خبابة:
أغلب الراغبين لن يتمكنوا من جمع التوقيعات
يرى أستاذ القانون عمار خبابة، أن شروط ترشح الجزائريين لمنصب رئاسة الجمهورية محددة في الدستور لكنها أغفلت مسائل أخرى على غرار المستوى العلمي والسياسي للمترشح.
وقال الأستاذ خبابة في تصريح لموقع "الشروق أون لاين"، إن موضوع الترشيحات للرئاسيات في الجزائر مسيس ولا يخضع للقانون، مشيرا إلى أن سحب الاستمارات لا يعني الترشح رسميا للانتخابات الرئاسية، وأن أغلب المترشحين لن يتمكنوا من جمع التوقيعات القانونية لإيداع ملف الترشح نتيجة فقدانهم للمؤهلات السياسية والعلمية وغياب القاعدة الشعبية لهؤلاء المترشحين.
وأوضح أن المجلس الدستوري هو الهيئة المخولة قانونا لإعلان قائمة المترشحين رسميا بعد غربلتها ودراسة الملفات المقدمة.
وأفاد المحامي عمار خبابة، أن الأحزاب المقاطعة تركت النظام يسوق إعلاميا بقوة للترشيحات، مضيفا أن السلطة قامت في وقت سابق بمساعدة بعض المترشحين على جمع التوقيعات لإيهام الرأي العام بوجود تعددية سياسية وتداول على السلطة.
وأضاف خبابة أن الدستور بحاجة إلى مراجعة شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى مطالب بذلك سيتم رفعها مستقبلا.
المحامي سمير بن موفق:
يجب إدراج مواد في الدستور لضبط شروط الترشح
من جهته قال المحامي لدى مجلس قضاء الجزائر، سمير بن موفق، إن الدستور الجزائري أبقى على اللعبة السياسية مفتوحة ولم يغلقها وبما أن الشروط متوفرة ومحددة قانونا فمن حق أي شخص الترشح لمنصب الرئيس.
وأضاف الأستاذ بن موفق، في اتصال ب"الشروق أونلاين"، أنه على خلاف قانون الإنتخابات الجزائري يشترط القانون الفرنسي جمع المترشحين لتوقيعات المنتخبين والمواطنين معا وهو ما يجعل الأمر أكثر صعوبة بينما يبقى ذلك اختياريا في الجزائر بجمع توقيعات إما 600 منتخب أو 60 ألف مواطن.
وانتقد المتحدث تقدم هذا العدد الهائل للترشح لمنصب الرئاسة بالنظر إلى الشروط البسيطة التي يحتويها الدستور، مشيرا إلى أن بعض مسابقات التوظيف تحتوي شروطا أكثر وأصعب من الترشح للانتخابات الرئاسية.
وقال الأستاذ سمير بن موفق إنه يجب إدراج مواد جديدة في الدستور المقبل تضبط أكثر شروط الترشح لأعلى منصب في الدولة.
ورغم أن المشرع الجزائري حاول ضمان حرية أكبر لجميع المواطنين للتقدم للانتخابات الرئاسية إلا أن الإقبال المنقطع النظر على سحب استمارات الإكتتاب لجمع التوقيعات من طرف العشرات من المترشحين جعل الأمر يبدو أكثر سخرية بعد حالة الاستقطاب والغموض السياسي التي تعيشها البلاد قبيل الانتخابات بأسابيع قليلة.
ويبقى المعيار الأساسي لقياس حجم ونوع المترشحين للرئاسيات وهو الشارع غير آبه ولا يكترث بموعد الرئاسيات، بل ينظر بسخرية إلى موعد 17 أفريل المقبل في غياب مترشحين بأوزان ثقيلة في الساحة السياسية.
ولم يعر الشارع الجزائري اهتماما يذكر لهؤلاء المترشحين بسبب الغموض السياسي، وكذلك بسبب فقدان الثقة في السلطة.
وفي ظل هذا الغموض، أقبلت فئة من الجزائريين من قوى سياسية حزبية وأخرى مستقلة على سحب طلبات الترشح للمنافسة على منصب الرئيس، بينما ترفض وجوه بارزة دخول هذا المعترك.
الطرافة والسخرية تطغى على خطاب الراغبين في الترشح
إلى وقت قريب من تاريخ الانتخابات بالجزائر، كان الانتقاد يوجه للبرامج الانتخابية، على أنها خيالية وغير قابلة للتجسيد، ليتدنى الوضع لمستوى وعود وخطب أقرب ما تكون ل"للطرافة" وأحيانا "السخرية"، كالتي تصدر هذه الأيام عن الراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة وتبوء منصب الرجل الأول في الدولة.
مواقع التواصل الاجتماعي فضاء ل "الضحك" على المترشحين الافتراضيين
تشهد الجزائر أول انتخابات رئاسية، تحت منظار "فيسبوك" ومختلف مواقع التواصل الاجتماعي، التي ترصد على صفحات الناشطين كل هفوة أو زلة لسان، تقع فيها أية شخصية، فتحولت هذه المواقع إلى فضاء ل"الضحك" والانتقاد والسخرية من الظروف المحيطة بتنظيم هذا الاستحقاق.
"سيليا" تلهب ال "فيسبوك"
تحول إعلان نشطاء ترشيح الفتاة "سيليا سعدي" للانتخابات الرئاسية، إلى "فتيل" ألهب"فيسبوك"، وتحولت صفحتها إلى قبلة للمعجبين من داخل الجزائر وخارجها، وكان المصريون أبرز المتواصلين معها والتعليق على إعلان ترشيحها، وبرزت هذه الجزائرية ليس بثقلها السياسي، وإنما بجاذبية جمالها، حتى أن هناك من قال لها في التواصل معها "مستعد لأن أجمع لك 100 ألف توقيع".
وقال فيها الفكاهي المصري باسم يوسف بلهجته المصرية على صفحته بأ"فيسبوك"، "أنا بلم الشنط ورايح الجزائر حد حيروح معايا"، وحظي تعليقه بأكثر من 900 معجب وتمت مشاركته قرابة 200 مرة.
وقالت فيها ناشطة مصرية أخرى "لو أن سيليا ترشحت في مصر، السيسي نفسه هيديها صوته ! ".
والطريف في الأمر أن الحسناء الجزائرية "سيليا سعدي"أصيلة منطقة القبائل وتقيم بفرنسا، لا تزال في العشرينيات من العمر، لكن نشطاء "فيسبوك" رشحوها لخلافة بوتفليقة، بينما السن القانونية المطلوبة للترشح للانتخابات الرئاسية هي 40 سنة.
"شاوشي" يملأ أجندة "نكاز"
للدلالة على سطحية برامج "المرشحين للترشح"، يركز "الفيسبوكيين" على قول المترشح المحتمل للانتخابات الرئاسية رجل الأعمال الجزائري المقيم بفرنسا، رشيد نكاز، إنه "سيدافع عن الحارس الدولي الجزائري السابق فوزي شاوشي، المعاقب بالحرمان من اللعب لمدة سنتين وإدراج اسمه ضمن قائمة الناخب الوطني حاليلوزيتش التي ستلعب المونديال الصائفة القادمة".
وزاد كلام نكاز "طرافة" قوله إنه سيدافع عن شاوشي، شريطة أن يغير سلوكه في الملعب !
المعلقون، لم ينتقدوا تصريحات رشيد نكاز من زاوية سياسية، ولكنهم فضلوا تداول أقواله للضحك، والاكتفاء بالدلالة على سطحية التفكير، والبعد عن جوهر قضية بحجم الترشح للانتخابات الرئاسية.
"مترشحون" ليس لهم الرصيد الكافي للاتصال بالهاتف
من غرائب الذين تقدموا للتنافس على منصب رئيس الجمهورية، أن بعضهم لا يملك الرصيد الكافي لإجراء مكالمات هاتفية، والاتصال بالأصدقاء قصد جمع نصاب التوقيعات، هكذا قال أحد الذين سحبوا الاستمارات، حسب ما تسرب من مقربين منه، فهذا المترشح المحتمل يفضل التعامل بالفيسبوك والإيميل. ويراهن على الأنترنت لجمع 60 ألف توقيع !.
وفي هذا السياق صادف صحفي بالشروق تاجرا أعلن رغبته في الترشح للرئاسيات، يستنجد به على موقع ال"فيسبوك" للمساعدة على توقيع استماراته بإحدى الولايات، وما إن تعرف على الصحفي حتى سارع إلى قطع الدردشة.
رشاوى باستمارة الترشح
تلقت "الشروق أون لاين" تصريحات مواطنين أكدوا أن مستخدمين إداريين طلبوا منهم التوقيع على استمارات الترشح، مقابل خدمات إدارية، أو المساعدة على ذلك، وقالت مصادرنا أن استمارات الترشح دخلت شبابيك مختلف المصالح الإدارية التي تشهد إقبالا للمواطنين، ويقوم أعوان الإدارة بعرض توقيع الاستمارة على المواطنين بلباقة، ونفس الشيئ يحصل في الجمعيات والمنظمات الجماهيرية، التي تتلقى مئات الاستمارات، وتقوم باستدعاء المنخرطين والمترددين على مقراتها لإقناعهم بالتوقيع لمرشح أو لآخر، بعيدا عن القناعة السياسية، بل لدوافع، لا تنفصل عن تأدية مهمة بمقابل.
الزوايا محجا للمترشحين
تحولت الزوايا إلى محج للراغبين في دخول سباق الرئاسيات، واجتياز غربال المجلس الدستوري، بالاستنجاد بشيوخ الزوايا في جمع التوقيعات، والغريب، هو تفاعل بعض المقدمين والشيوخ ومرتادي الزوايا مع عملية جمع التوقيعات، لكن على أسس العرش والجهة والولاء للقبيلة، فقد تناهى إلى علم "الشروق" أن مأدبة عشاء حضرها أكثر من 400 مريد من أتباع إحدى الطرق الصوفية بمنطقة الجنوب ، أقيمت بهدف اختيار ابن شيخ الطريقة كمرشح للرئاسيات المقبلة، في حين لا يتعدى عمره 25 سنة، ومستواه الدراسي سنة أولى متوسط.
أحزاب الشباب تعجز عن تقديم مرشح للشباب
لم تتمكن مجموعة الأحزاب التي تدعي تمثيل الشريحة الشبانية، ومنها حزب الشباب الذي أسسه حمانة بوشرمة، عن النطق بكلمة واحدة بشأن تقديم مرشح للشباب، وفضلت التخندق خلف مرشحين يسبحون في فلك السلطة وتجاذباتها.
"برنامج الشعب" سلاح انتخابي جديد
فاجأ مرشح تحدث على قناة "الشروق تي في "، متابعيه بالقول أن برنامجه الانتخابي هو "برنامج الشعب"، وأنه يهدف إلى تنظيم الشرطة في الشوارع، منتقدا طريقة تسيير الشأن العام بالقول"عيب على المواطن والشرطة والخطة وتخطيط المخططين"، الجملة التي استعصى استيعابها وأثارت تعليق المشاهدين.
ياسمينة خضرة يواجه متاعب اسمه
استهجن مواطنون ترشح "ياسمينة خضرة" للرئاسيات، على خلفية اسمه، ما سبب للرجل متاعب التوضيح بأنه رجل وليس إمرأة، وتلقى يسمينة خضرة حسب مصادرنا هذه الملاحظات من معاونيه الذين أبلغوه بعدم تقبل الكثير من المواطنين لفكرة انتخاب إمرأة لمنصب رئيس الجمهورية، وعليه أن يعمل كل ما بوسعه للتوضيح لعامة الناس بأنه رجل وليس إمرأة".
مرشح يراهن على أصوات الأطفال الفقراء.
وعد المرشح طارق ميهوبي، بالقضاء على الفقر في أوساط الأطفال والمراهقين خلال 5 سنوات، كما شدد على أهمية إنشاء وزارة دفاع لن تكون عسكرية بالتأكيد، بل لحماية الأطفال والمراهقين، وعلق البعض بالقول أن هذا المترشح حكم على نفسه بعدم الفوز مسبقا، لرهانه على فئة الأطفال الفقراء التي لا تشارك أصلا في عملية الانتخاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.