رئيس الجمهورية يتسلم أوراق اعتماد خمسة سفراء جدد لدى الجزائر    الجوية الجزائرية: إطلاق خطوط مباشرة جديدة إلى وجهات إفريقية وآسيوية خلال الشتاء المقبل    قوجيل يهنئ البطلة الأولمبية كيليا نمور لتألقها في كأس العالم للجمباز بالقاهرة    صناعة صيدلانية: وضع حجر الأساس لمشروع وحدة للعلاج بالخلايا قريبا    حج 2025: تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    تنصيب المجلس الوطني للوقاية الصحية والأمن وطب العمل واللجنة الوطنية للأمراض المهنية خلال السنة الجارية    المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية ينوه بدور الجزائر في دعم العمل العربي المشترك    البنك الوطني الجزائري يرفع رأسماله الاجتماعي ب100 بالمائة    الجمباز الفني/كأس العالم: الجزائرية كايليا نمور تحرز فضية الحركات الارضية    اللقاء الجهوي الرابع للصحفيين والإعلاميين: ضرورة كسب رهان التحول الرقمي في مجال الإعلام    منظمة حقوقية تدين جريمة هدم الاحتلال المغربي لمساكن المدنيين الصحراويين وتطالب بتحقيق دولي    ربيقة: على جيل اليوم التحلي بإرادة رجال نوفمبر    تطبيع الجريمة الإسرائيلية في غزة    بوغالي: تاريخ الجزائر مصدر فخر    يوم دراسي للتعريف بمعهد الأدلة الجنائية وعلم الإجرام    سونلغاز تؤكّد تقديم كل التسهيلات    ترحيل 182 عائلة متضررة من انزلاق التربة بوهران إلى سكنات جديدة بمسرغين    الجزائر قطعت أشواطا هامّة    رخروخ يؤكد ضرورة العناية بصيانة الطرقات    درك الوادي يحجز 72 ألف قرص مهلوس    تكريم أفضل المنصات الرقمية في الجزائر    مزيان يدعو الإعلام العربي إلى ترقية المضامين    ندوة علمية بالعاصمة حول مخطوط "كتاب القانون في الطب" لابن سينا    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    ورشة تشاورية حول إعداد مدونة المهن البيئية في الجزائر    الخميس عطلة مدفوعة الأجر    بطولة افريقيا للمحليين/غامبيا-الجزائر: المنتخب الوطني يجري حصة تدريبية بسيدي موسى    محكمة العدل الدولية: انطلاق جلسات لمساءلة الكيان الصهيوني بشأن التزاماته تجاه المنظمات الأممية في فلسطين    وزارة الصحة: لقاء تنسيقي لتقييم أداء القطاع    "الأونروا" تعلن عن نفاد إمداداتها من الطحين في قطاع غزة    متحدث باسم حماس: لا بديل لغزة إلا المسجد الأقصى والتحرير الكامل لفلسطين    لضمان التموين المنتظم للسوق الوطنية.. تسليم وثائق التوطين البنكي لعدد من المستوردين    عن مسيرة الفنان محمد زينات : العرض الشرفي للوثائقي زينات.. الجزائر والسعادة    جناح الجزائر بالمعرض العالمي أوساكا باليابان : أسبوع الابتكار المشترك للثقافات من أجل المستقبل    الجنوب.. مشاريع استراتيجية ببعد إقليمي    الجزائر فاعل رئيسي في دعم التعاون الإفريقي    بداية العد التنازلي لامتحاني "البيام" و"لباك"    رئيس الجمهورية يعزّي عائلات ضحايا حادثة وهران    وفد من اليتيمات المتفوّقات بمقر المجلس الشعبي الوطني    بحث التعاون بين الجزائر والهند في الصناعة الصيدلانية    ملف مفصل يُرفع إلى الجهات الوصية    الذكاء الاصطناعي والتراث موضوع أيام تكوينية    وصول باخرتين من الأضاحي المستوردة إلى ميناءي سكيكدة وجن جن    مولودية وهران تتنفس    رئيس تونس يُقدّر الجزائر    انطلاق أشغال الاجتماعات الدورية للمنسقين الإذاعيين والتلفزيونيين ومهندسي الاتصال العرب بالجزائر العاصمة    تطرقنا إلى السيناريوهات العملية لإنتاج النظائر المشعة محليا    ابنة الأسير عبد الله البرغوتي تكشف تفاصيل مروعة    لا حديث للاعبي "السياسي" إلا الفوز    دينو توبمولر يدافع عن شايبي    منتخب المصارعة بخطى التتويج في البطولة الإفريقية    انطلاق الحجز الإلكتروني لغرف فنادق مكة المكرمة    جاهزية تامة لتنظيم موسم حج 2025    الجزائر حاضرة في موعد القاهرة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التهميش‮.. باللغة
نيشان
نشر في الشروق اليومي يوم 11 - 06 - 2010

"التهميش باللغة.. أو اللغة كأداة للفرز والانتقاء والارتقاء" تلكم هي الإشكالية التي ظلت تشغل الصديق مصطفى ماضي على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، والتي أثار الخميس الماضي في رحاب كلية الاجتماع لنيل إجازة التأهيل لإدارة الأبحاث الجامعية.
* كان الأستاذ الباحث قد صدم في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، خلال بحث كان يجريه بشركة الإنشاءات الميكانيكية" (سوناكوم)، بظاهرة تهميش الإطارات المتعربة من خريجي الاقتصاد وعلم الاجتماع في هذه الشركة. فقد لاحظ أن هذه الإطارات كانت مبعدة عن "المناصب (*) السلطانية‮" (‬القرار‮ والتنفيذ‮)‬،‮ مركونة‮ في‮ هياكل‮ ثانوية‮ مثل‮ خلية‮ الحزب‮ ولجنة‮ التأديب‮ والنقابة،‮ أو‮ مصلحة‮ الترجمة‮ في‮ أحسن‮ الأحوال‮!‬
* وتتضمن‮ هذه‮ الملاحظة‮ إشارة‮ خطيرة‮: التناقض‮ بين‮ لغة‮ العلوم‮ الإنسانية‮ التي‮ هي‮ العربية‮ ولغة‮ "‬المناصب‮ السلطانية‮" في‮ الإدارة‮ والاقتصاد‮ والتي‮ هي‮ الفرنسية‮. وبعبارة‮ أعم‮: التناقض‮ بين‮ لغة‮ التدريس‮ وسوق‮ العمل‮.‬
* ورغم وضوح هذه الإشكالية - ومعرفة ضحايا الممارسات المترتبة عليها - فقد سمعت من أحد أعضاء لجنة الإشراف ما يشبه التبرير لهذه الوضعية النابية المجحفة، من خلال تذكير الحضور الكريم بما لقنه إياه والده - إبان الاحتلال الفرنسي- وهو أن "الفرنسية لغة الخبر والعربية لغة‮ العبادة‮"‬ ‮!‬
* مثل هذا الطرح كان موضوعيا ومقبولا في الوضعية الاستعمارية التي كانت تحارب العربية وتعتبرها لغة أجنبية في وطنها وكان من الطبيعي أن يعبر الآباء - المحتكين بإدارة الاحتلال - عن حرصهم على تأهيل أبنائهم بلغة المستعمر، طمعا في تعزيز حظوظهم لنيل لقمة العيش في وطنهم‮.‬
* نفس‮ العبارة‮ كانت‮ استوقفتني‮ قبل‮ سنوات‮. وأنا‮ أطالع‮ مذكرات‮ الجنرال‮ خالد‮ نزار‮. طبعا‮ شعرت‮ وقتها‮ بمرارة،‮ لكن‮ مرارة‮ الخميس‮ الماضي‮ كانت‮ أشد‮ وقعا‮. لأنها‮ صادرة‮ عن‮ أستاذ‮ جامعي‮ في‮ كلية‮ علم‮ الاجتماع‮.‬
* لم أستغرب كثيرا أن يقول ذلك والد خالد نزار الذي قضى 15 سنة في جيش الاحتلال متطوعا، واستطاع بفضل ذلك أن يلحق ابنه بمدرسة الفرنسيين، بعد أن كان في مدرسة "الأندجين" (الأهالي) بمسقط رأسه. كما أنني لم أستغرب أن يكرر ذلك عنه ابنه الجنرال في ظل الاستقلال، لما للمؤسستين التربوية والعسكرية الفرنستين من قوة التأثير والقولبة الذهنية، علما أن نزار التحق بأشبال جيش الاحتلال مراهقا ليواصل تكوينه جنديا في مدرسة القليعة، قبل أن يستفيد من "ترقيات لاكوست" بالالتحاق بمدرسة صف الضباط "بسان ميكسان" بفرنسا. وكنت لاحظت وقتها أن الجنرال‮ المتقاعد‮ كتب‮ العبارة‮ المذكورة‮ بنوع‮ من‮ العنجهية‮ - المعهودة‮ عنه‮ - ما‮ يؤكد‮ في‮ نظري‮ أمرين‮ خطيرين‮:‬
*
* * أن الرجل مر بتجربة جيش التحرير - ابتداء من منتصف 1958 - مر الكرام أي أن نشأته وتربيته وتكوينه في جيش الاحتلال كان تأثيرها أرسخ وأبقى، من تأثير مشاركته في الثورة الجزائرية التي تحمل بعدا ثقافيا لا غبار عليه.
* * أن الرجل بات مطمئنا لثمار الأمر الواقع اللغوي الذي صنعته النخب الحاكمة منذ فجر الاستقلال لصالح استمرار اللغة الفرنسية وهيمنتها، لا سيما بعد أن أصبح هو وأمثاله سادة "المناصب السلطانية"، يحتكرونها للغرف - بلا حسيب ولا رقيب - من ريوع النفط والعقار والاستيراد‮ والخدمات‮.. وحتى الريوع‮ الرملية‮ والمائية،‮ والحجرية‮! أن‮ التمكين‮ لهذا‮ الأمر‮ الواقع‮ اللغوي‮ خطير‮ لأكثر‮ من‮ سبب‮ منها‮:‬
* ‮- هذا‮ الاحتكار‮ بالذات،‮ وما‮ ينجر‮ عنه‮ من‮ تبديد‮ فرص‮ الجزائر‮ في‮ التنمية‮ الاقتصادية‮ والاجتماعية‮ المشروع‮.‬
* - أنه يشكل خيانة للبعد الثقافي للثورة التي كانت من الشعب الجزائري وإليه، حسب شعار الحركة الوطنية الذي أفرغته دولة الاستقلال من محتواه تماما. للتذكير فإن فرحات عباس أكد غداة بعث الدولة الجزائرية في 19 سبتمبر 1958، أنها امتداد لدولة الدايات، والأمير عبد القادر،‮ ولم‮ يقل‮ أنها‮ امتداد‮ للاحتلال‮ الفرنسي‮!‬
* - أن لجنة الأشرف - المكونة من خمسة أساتذة مرموقين رغم اختلافنا معهم - أجمعت على خطورة هذا الأمر الواقع الذي صنعته النخب الحاكمة منذ الاستقلال، لما يحمله في طياته من مظالم ومناكر في حق أجيال من خريجي الجانب المقرب من المنظومة التربوية.
* هذا الوضع الخطير ما كنا لنزج ببلادنا وشعبنا فيه، لو كانت سلطة فجر الاستقلال ثورية بأتم معنى الكلمة، لك أن توجهات الثورة كانت واضحة تماما في هذا الباب ويمكن أن ننقلها - باختصار- على لسان المناضل عبد الحميد مهري وزير الشؤون الثقافية والاجتماعية - في الحكومة المؤقتة الثانية- الذي عالج الإشكال اللغوي والثقافي وهو يحث المشاركين في المؤتمر الرابع لاتحاد الطلبة من طلبة اللغات الأجنبية على تعلم اللغة العربية وإعطائها الأهمية التي تستحق، لأن هذا هو السبيل الوحيد لحل المشكلة الثقافية في الجزائر وجمع في نفس المناسبة بين طرفي المشكلة قائلا: "إن رفع مستوى المثقف التقليدي إلى مستوى الثقافة العصرية، وتمكين المثقف ثقافة أجنبية من الاتصال بالثقافة (الوطنية) والاغتراف من منابعها الأصلية، هو السبيل الوحيد لتمكين المثقف الجزائري من الارتباط بروح الأمة وروح العصر معا" (1)
*
* ‮(‬*‬‮) حسب‮ تعبير‮ ابن‮ خلدون‮
*
* ‮(‬1‮) المؤتمر‮ الرابع‮ من‮ 26‮ يوليو‮ إلى فاتح‮ أوت‮ 1960


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.