ليست هناك في الجزائر أزمة سكن، لا في الطارف ولا في مغنية ولا في تيزي وزو أو تمنراست ولا فيما بينهما، وليست هناك أزمة بطالة أو أزمة شغل لا على طول الجزائر ولا على عرضها، كما ليست هناك رشوة أو فساد أو اختلاسات أو تبديدات للمال العام، وليس هناك سوء تسيير.. وكل من يقول بوجود هذه المشاكل فهو كذاب سواء كان من المواطنين الذين يقطعون الطرق يوميا في مختلف أنحاء الجزائر من أجل الحصول على سكن أو عمل أو كان من النواب القلائل الذين يحاولون الدفاع عن الذين انتخبوهم في الجزائر العميقة. * هذا ما سيخلص من إجابات وردود السيد أحمد أويحيى على التساؤلات التي طرحها بعض النواب على هامش تقديم بيان السياسة العامة للحكومة أمام البرلمان، والتي أراد أن يستوي فيها الحق بالباطل والمشاكل بالحلول والنسبي بالمطلق، فالقول ما تقول الحكومة حتى ولو كان مخالفا للواقع المزري للبلاد والعباد وليس القول ما يقول المواطنون أو النواب عن الأوضاع القائمة حتى ولو كانت حقيقة معاشة، مادامت الحكومة تملك البرلمان وتحتكر الكلام وخزينة الدولة والأرقام والتلاعب بالأرقام. * السيد أويحيى قال أيضا بنفس المناسبة إن النظام الجزائري نظام موحد في كتلة واحدة، وهذه الحقيقة المطلقة والوحيدة في الجزائر والتي لا يمكن أن يناقشه فيها أحد. فالبنيان على هذا المستوى مرصوص والصفوف متراصة منذ زمن بعيد ولا يمكن أن تتصدع أو تتزعزع حتى ولو تصدعت البلاد بكاملها وتزعزعت ودفعت ثمن تماسك النظام مثلما حدث في مناسبات عدة ومثلما سيحدث في المستقبل في حال استمرار دار لقمان على حالها. وهذا ما يعطي كذلك فكرة واضحة عن الوضع الحالي والمستقبلي المظلم للديمقراطية والممارسة السياسية وحالة الحريات في الجزائر كثمن لاستمرار هذا النظام في صفوف متراصة وبعقلية الدفاع عن المصالح الخاصة. * وعندما يقول أويحيى ذلك وبكل هذا التحدي فإنه يكشف أيضا، بطريقة التسريب المعروفة عن النظام إياه، عن حدوث إجماع ما في القمة على أن يكون هو الواجهة المقبلة للنظام الجزائري، الموحد في كتلة واحدة، لفترة ما بعد الرئيس بوتفليقة، والدليل الأولي على ذلك هو مثابرة السيد أويحيى منذ مدة على تكرار المواقف النمطية للنظام حيال القضايا الوطنية الحساسة ومنها تركيزه هذه المرة في وقفته أمام البرلمان على الوضع في بلاد القبائل ومحاولة اللعب على حبل الشغب الذي أثاره نواب الارسيدي، ليثير الوزير الأول قضية يعرف أنها ليست أكثر أهمية وخطورة من القضايا الوطنية الأخرى. * ولكن ليس أفيد من الظهور كخير خلف لخير سلف لتحقيق الخلافة وليس أنجع من اللعب على أرقام المخطط الخماسي الأخير للعهدة الرئاسية الأخيرة على الرغم من أن 40 بالمائة من اعتمادات هذا المخطط مخصصة لتدارك العجز والإفلاس وتداعيات سوء التسيير والفساد في المخطط الذي سبقه.. * كل شيء جائز ومباح ما دام ثمة ذاكرة قصيرة لدى الراي العام الجزائري والناخبين الجزائريين الذين ينسون كل شيء مع بدء الحملات الانتخابية ومادام حبل الكذب طويلا.
