''مخّ الهدرة'' في ''الهوشة'' التي حدثت ما بين الجزائر ومصر في موضوع ''ماتش كورة'' أن الفاعل في كلا البلدين هو الصحفي وهو المتهم الأول والأخير. فالإعلام التلفزي والمكتوب والمسموع هو الذي حضّر أجواء الحرب وأدارها، وبالتالي فهو يتحمّل المسؤولية الكاملة، حتى فيما يتعلق بنتائجها، بما فيها قطع الأرزاق وتشتت العائلات بواسطة الطلاق! الحرب اللبنانية التي أظهرت لأول مرة أن اللبنانيين عرب قولا وفعلا، بمن فيهم المسيحيون الذين يتشبهون بالفرنسيين في نمط حياتهم. بدأت على صفحات الجرائد قبل أن تنتقل إلى الشوارع مع لغة ''هز اسلاحك يا بوزيد''!! ومع ذلك، فإن الاعلام اللبناني شبه بكلب الدار الذي يتلقى الأوامر من صاحبه وهو لا يعصي له قرارا! وعندما يحمّل الإعلام نفسه في كل من الجزائر ومصر المسؤولية الكاملة في كل ماحدث، فإن ذلك لا يمكن فهمه خارج السياق العام الذي حدث مع الإعلام اللبناني. فهذا يفترض أن دكاكين الجرائد وغرف الإذاعات المرئية والمسموعة حرة فيما تكتب أو تقول والحرية هنا بمعنى المسؤولية. وهذا بالطبع كلام ''فاضي'' بلهجة المصريين. فلو كان الإعلام المصري مثلا حرا، لكان تحدث عن ثروة آل مبارك المقدرة بأكثر من 40 مليار دولار.. وعشرات الشركات التي استحوذوا عليها ''دومة'' ودومة.. من حاشيتهم بالاسم فقط دون أن يدفعوا جنيها واحدا. لأن الاسم حتى هو استثمار وله أسهم! ولو أن الإعلام الجزائري حر لكان الأول الذي كشف فضيحة الخليفة، والخلفاء من بعده من المستفيدين من رشاوى في مشاريع كبرى والذين فتحوا مؤخرا حسابات في إسبانيا.. وقبلهم جميعا أصحاب ''كنز الثورة'' الذي أودع في سويسرا قبل نصف قرن ولم يعرف إلى اليوم مصيره! ومادام أن ذلك لم يتم في كلا البلدين، فإن جماعة الكرة، وهؤلاء في العادة رؤوسهم فارغة على شاكلة الجلدة المنفوخة نفسها، ومعهم أولاد السياسة ممن لايزالون يمصون أصابعهم ويطمعون لكي يكونوا من الكبار يتحمّلون الجزء الأكبر فيما وصلت إليه مقابلة كروية كان يفترض أن تنتهي دون ثورة ولا ''شوشرة'' ! ولكن هؤلاء يوجدون في العادة فوق القانون أو منه يضحكون، يبقى الصحفيون أسهل هدف يمكن أن يصطادوه والإشارة إليه بالبنان وإن لم يكن المستهدف الحقيقي باعتباره ''فنطرة'' على رأي بن بلة، وبإمكان أي صياد منكود الحظ أن يحقق على ظهره الهدف ثم يحكم الصف على عادة المسؤولين الذين يبرئون أنفسهم من السيئات ويفاخرون بالظهور عند ''الحسنات''.