من خلال الدراسات المتعددة التي تهتم بالأتمتة والذكاء الاصطناعي تم التوضيح بأن التطور بالتقنيات الرقمية يؤثر في إعادة تشكيل تجربتنا بالفضاء المسرحي ويعيد صياغة مفهوم المادية متجاوزا استخدام المواد الملموسة باتجاه الأسلوب الذي يختبر به المتلقي المسرحي لإنشاء تجربته الإدراكية . ولا يقتصر التأثير هنا على الكيفية التي يعمل بها التقنيين في عملية الإنتاج للعرض المسرحي وحسب وإنما التأثير على المفهوم وتغييره فضلا عن اللغة التعبيرية الرقمية الجديدة التي ظهرت, لذلك فان تطور توظيف التقانة الرقمية في الإنتاج المسرحي يغير أهم أبعادها الجوهرية وهي سمتها المادية ليتحقق بذلك (الانتقال من الحضور المادي إلى اللامادي الأكثر مرونة، وهو كل ما متعلق بالتقانة الرقمية/الكمبيوتر ، وكل هذا يتحقق بفضل أما إبداع لبيئات افتراضية هي تمثيل للواقع القائم أو إبداع لبيئات وفقا للمفهوم الجديد المتأثر بالرقمنة ، ويتم تحقيق الانتقال من المادي إلى اللامادي بواسطة تعزيز الواقع من خلال دمجه مع الصورة المتخيلة إذا اتسمت الحدود بين الواقع واللاواقع بالغموض ، حيث غدت الصورة هي الواقع لذلك ، فالمصطلح يتضمن الإشارة إلى الواقع الافتراضي بوصفه نتاجا لهندسة الخيال والتصور بفعل مُدخل التقانة الرقمية وحيث إن الخيال والقوة المحركة في إنتاج المفهوم وجوهر الفعل المعرفي فهو بالتالي الجوهر العميقأمام معطى التحقق التجريبي وبالتالي استحصال المعرفة لذا يأتي مدخل التقانة الرقمية مدخلا تاريخيا حاسما في هندسة هذا النشاط الجوهري ووضعه على أعتاب حالة ديناميكية للمعرفة مُحدثة وعصرية بوعيها وإدراكها لا بد للذات الفاعلة أن تعيد تصميم الذهن البشري ليستوعب انسياب البيانات الحاسوبية مابين فعل التحفيز وفعل تحفيز الذهن للافتراض وفعل إدراك الذهن للتحقق، وهو ذلك الفضاء اللامادي الذي يمكن تصوره تبسيطا في العلاقة بين فضاء البيانات بالكمبيوتر والفضاء المسرحي الحقيقي(1), وهذا يعني بان مفهوم الافتراضية هو افتراض عالم الواقع بوصفه عالم مسرحي وتجربة بطور التحقق الإجرائي. أما التقنية الرقمية المعاصرة فتعود قدرتها على توليد الفضاء المسرحي الافتراضي بوساطة قدرتها على التفاعل الديناميكي مع الواقع من خلال الكمبيوتر والبرمجيات المتعددة لتكوين فضاء لا مادي مسرحي يتجه نحو التخلص من السمات المادية ومحدداتها وهذا يعني إيجاد فضاء مسرحي افتراضي متجاوز هيمنة المادية الملموسة بإمكانه التأثير على طبيعة التصميم بما يتيحه الكمبيوتر للمصمم من حرية التلاعب بالشكل واللون وتحقيق السيولة الرقمية الهندسية الواسعة ضمن تشكيلات حجومية وسطوحية غير ممكنة التحقق لوسائل الإظهار التقليدي إذ يتم توليدها وتتبعها في زمن حقيقي على شاشة الكمبيوتر إضافة إلى قدرتها على إنتاج جماليات مدهشة ومرغوبة من قبل المتلقي المسرحي .