يترقب الشعب الجزائري برمته، وكل المراقبين والمهتمين بالشأن السياسي الجزائري، داخل وخارج الوطن، باهتمام كبير المناظرة المرتقبة يوم الجمعة المقبل، والتي ستبث على المباشر عبر القنوات التلفزيونية الوطنية ، و كذا القنوات الفضائية المعتمدة ببلادنا، في سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر، سيقف فيها المترشحون الخمسة لرئاسيات 12 ديسمبر المقبل ، وجها لوجه، في امتحان جد صعب، ينتظر أن تحدد من خلاله الرؤية التي ظل يكتنفها الغموض، وتتضح أكثر معالم هذا الاستحقاق الرئاسي، للخروج من الأزمة السياسية، التي طال عمرها أكثر من اللزوم، وتسببت في شغور منصب رئيس الجمهورية إلى حد الآن. إذن ، و كما هو متعارف عليه ، في مثل هذه المناظرات المهمة ، فإن المرشحين لدخول قصر المرادية ، سيكشفون عن آخر أوراقهم خلال هذا الموعد ، الذي سيكون فرصة لإثبات أنفسهم وإبراز مدى قدراتهم على الاقناع و إدارة النقاش والجدال، والتأثير على الرأي العام، بأفكارهم ومعالجتهم للملفات المهمة والثقيلة والحساسة المطروحة، لحشد أكبر قدر من الأصوات في صناديق الإقتراع ... إن مناظرات الانتخابات الرئاسية في جميع الحالات، تسفر لا محالة عن الفائز والمتصدر للمناظرة، وتحدد بذلك مصير كل مرشح لكرسي الجمهورية، كما حدث في الانتخابات الرئاسية التونسية خلال هذه السنة، في المناظرة التي جمعت بين قيس سعيد و نبيل القروي، التي ظهر فيه قيس سعيد الأقوى والأوفر حظا، وحسمت الفوز في نهاية المطاف إليه، وقبلها الانتخابات الرئاسية الفرنسية في 2017، التي تشبه مناظرة يوم الجمعة المقبل من ناحية الشكل ، باعتبار أنها جمعت خمسة مرشحين خلال الدور الأول، وحسمت الفوز لصالح إيمانويل ماكرون لدخول قصر الإليزي، بعد تصدره المناظرة التي جلس فيها وجها لوجه مع مارين لوبان. ستكون مناظرة الجمعة بمثابة معركة الحسم بين المرشحين ، لكن الغاية الأساسية منها هي محاولة تكريس الممارسة الديمقراطية بكل أبعادها ، و إرساء مبادئها و قيمها في بلادنا ، ها نحن نعتمد هذا التقليد السياسي ، المكرس في العديد من الدول الغربية ، الذي يلعب فيه الإعلام دورا أساسيا ، باعتباره الأكثر إثارة و تأثيرا في الانتخابات الرئاسية ، و حسم نتائجها مسبقا ، و يبقى الإقدام على هذه الخطوة الإيجابية ، لبنة أولى نحو الانفتاح و الحوار الديموقراطي ، بغض النظر عن الظروف الاستثنائية القائمة.