لقد حققت الإنسانية الكثير من الانجازات الحضارية غير المسبوقة منذ ظهور الثورة الصناعية في القرن 17الميلادي رغم المجازر والحروب التي ارتكبتها الدول الكبرى ومازالت ترتكبها وقد اضطرت الدول الرأسمالية لتقديم تنازلات للطبقة العاملة تحت ضغط الشيوعة التي كانت تحاول الإطاحة بأنظمتها لكن بعد تفكك الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي في أوربا الشرقية بدأ التراجع عن تلك المكاسب الاجتماعية بإعلان انتصار الرأسمالية في كتاب (نهاية التاريخ لفوكوياما )وتوجهت الأنظار كلها نحو القطاع الخاص والشركات الكبرى واستولت أقلية من الأغنياء وأصحاب المال والأعمال على ثروات الشعوب وتقلص الإنفاق على الصحة العمومية والتعليم والتربية والغذاء الصحي وازداد الاستثمار في الصناعات الحربية بمختلف أنواعها وزيادة التسلح والتهديد بحرب عالمية ثالثة كما جرى التركيز على الصناعات الالكترونية من أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية أو ما سمي باقتصاد المعرفة وامتلأ الفضاء بالأقمار الصناعية وأهمل الإنسان وصار الإنفاق على زيادة ذكاء الآلات والأجهزة الالكترونية محل فخر وأصبح منافسا للإنسان في عمله وتصرفت الدول الكبرى كأنها حاكم وحيد لكوكب الأرض تسيره وتشرع له ما تشاء وتعاقب من يخرج ولا ينفذ أوامرها وفجأة أطل عليها فيروس كورونا ليعيدها إلى رشدها ويرغمها على مراجعة مواقفها المتصلبة والمتطرفة فهل تأخذ العبرة من هذه الجائحة فتركز على خدمة الناس وتوفير الحاجيات الضرورية لهم لأن سلاحها وأجهزتها الالكترونية الذكية لم تنفعها أمام كورنا الذي لم يجد في مواجهته إلا الأطباء والممرضين الذين يتصدون له بشجاعة .