في الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية، تجد اليابان نفسها أمام معادلة صعبة بين تحديات الحاضر والماضي السلمي. فاليابان التي عُرفت بالتزامها النهج السلمي منذ هزيمتها عام 1945، تسعى اليوم إلى توسيع صفوف قواتها الدفاعية، لكنها تصطدم بعقبة مزدوجة تتمثل في التراجع الديمغرافي وعزوف الشباب عن الانخراط في الخدمة العسكرية. وترى طوكيو أن احتمال لجوء بكين إلى القوة للسيطرة على تايوان قد يجرها تلقائيًا إلى النزاع إلى جانب واشنطن. ومنذ عام 2023، رفعت اليابان ميزانيتها الدفاعية تدريجيًا، مستهدفة بلوغ 2% من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2027-2028، استجابةً أيضًا لضغوط الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب. ..أزمة تجنيد وتحديات ميدانية رغم خططها الطموحة، لم تنجح وزارة الدفاع اليابانية في تحقيق هدفها بتجنيد 20 ألف عنصر عام 2023، إذ لم يتجاوز العدد نصف المطلوب. هذا النقص يعني أن الجيش يعاني عجزًا يقارب 10٪ من قوامه الأساسي البالغ 250 ألف جندي. ويرى خبراء أن طبيعة العمل الخطرة، الرواتب المتواضعة، والتقاعد المبكر عند سن 56 عامًا، إضافة إلى انخفاض معدل الولادات، عوامل تُضعف جاذبية الخدمة العسكرية لدى الشباب الياباني. ..جنود يابانيون في أوكيناوا، خط الدفاع الأول ضد أي تهديد صيني محتمل، يخضع المجندون لتدريبات شاقة تشمل اللياقة البدنية، استخدام السلاح، ومهام محاكاة في ظروف قاسية. ويأمل الجنود أن تؤدي زيادة النفقات العسكرية إلى تحسين ظروف الخدمة عبر تجهيزات أفضل، مزايا اجتماعية، ومساحات معيشية أكثر خصوصية. ..بين الذاكرة والواقع غير أن التوسع العسكري يظل ملفًا حساسًا داخل المجتمع الياباني. فالدستور الذي وضعته الولاياتالمتحدة بعد الحرب العالمية الثانية يحظر اللجوء إلى القوة ولا يعترف رسميًا بقوات الدفاع الذاتي كجيش. كما يكشف استطلاع «غالوب إنترناشونال» أن 9٪ فقط من اليابانيين مستعدون للقتال دفاعًا عن بلدهم، مقابل 46٪ من الكوريين الجنوبيين و41٪ من الأمريكيين. ويشير خبراء عسكريون، مثل ريويشي أوريكي، الرئيس السابق لأركان القوات اليابانية، إلى أن الرأي العام المحلي ركز طويلاً على الحلول الدبلوماسية، مضيفين: «آمل أن يصبح لدى اليابانيين وعي أعمق بواقع الدفاع القومي في ظل التحديات الراهنة».