أكد المشاركون في يوم دراسي، نظمته السبت بالجزائر العاصمة، المحكمة العليا والمديرية العامة للجمارك حول "الطعن بالنقض في المادة الجمركية"، على ضرورة تعزيز التنسيق بين الجهازين القضائي والإداري في ظل التحولات الاقتصادية والتجارية الجارية، لافتين إلى أهمية إلمام القضاة بكل النصوص القانونية والتنظيمية في المجال الجمركي وعدم اللجوء إلى قانون الإجراءات الجزائية إلا بشكل استثنائي. وأشرف على هذا اللقاء المدير العام للجمارك، اللواء عبد الحفيظ بخوش وكذا الرئيس الأول للمحكمة العليا الطاهر ماموني، بحضور النائب العام لدى المحكمة العليا، وممثلون عن وزارات العدل، المالية والدفاع، وكذا المحكمة الدستورية. وفي كلمة له، أوضح اللواء بخوش أن التحولات الاقتصادية والتجارية المتسارعة تتقاطع فيها الاعتبارات القانونية مع المعطيات الاقتصادية والمالية، "بما يجعل من الحوار والتكامل سبيلا لتعزيز فعالية الأداء وترسيخ دولة القانون، وخدمة المصلحة العامة بفعالية أكبر". وأبرز في هذا الصدد أن هذا اللقاء بين المحكمة العليا والمديرية العامة للجمارك يعد "محطة نوعية" تعبر عن التزام مشترك لتعزيز الشراكة الإستراتيجية بين الجهاز القضائي والجهاز الإداري، في سبيل ضمان التطبيق السليم للقانون وتحقيق العدالة الناجزة. وأكد المسؤول ذاته أن استيعاب توجيهات المحكمة العليا في المادة الجمركية، يشكل "ركيزة" لتطوير أداء جهاز الجمارك وترقية معالجته القضائية للقضايا المعروضة عليه، بما يعزز الثقة المتبادلة بين الإدارة والمتقاضين، ويكرس الأمن القانوني في المعاملات الاقتصادية. وتمثل آلية الطعن بالنقض في المادة الجمركية، ذروة الرقابة القضائية على الأحكام، وضمانة أساسية لتوحيد الاجتهاد القضائي وصون الحقوق، يضيف اللواء بخوش الذي لفت إلى أن الطعن بالنقض، بما يحمله من طبيعة قانونية دقيقة، يعد أداة أساسية لتوحيد الاجتهاد القضائي، وضمان حسن تطبيق القانون، لا سيما في المجال الجمركي، بالنظر إلى الطبيعة المركبة للقضايا التي تتداخل فيها الأبعاد القانونية والاقتصادية والإدارية. .. دعوة لتكثيف النقاشات العلمية بين إدارة الجمارك والجهات القضائية = وفي المادة الجمركية، يمارس الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا ضد الأحكام الصادرة عن المجالس القضائية في قضايا المخالفات أو الجنح الجمركية أو ضد القرارات المدنية ذات الصلة بالنزاعات الجمركية، ويهدف إلى إلغاء الأحكام أو القرارات القضائية النهائية المخالفة للقانون دون أن يعاد النظر في وقائع القضية، وفق ما تم شرحه. بدوره، أكده السيد ماموني أن خصوصيات المنازعة الجمركية تتطلب من القضاة وقضاة النقض بصفة خاصة الإلمام بجميع النصوص القانونية والتنظيمية الصادرة في المجال الجمركي والتي حددت القواعد الواجب تطبيقها على الدعوة الجمركية دون سواها، وعدم اللجوء إلى قانون الإجراءات الجزائية إلا في الحالات التي لم يرد بشأنها نص خاص في قانون الجمارك. وبما أن المحكمة العليا هي الهيئة القضائية المكلفة دستوريا بتوحيد الاجتهاد القضائي العادي على المستوى الوطني، وكذا تقويم أعمال المجالس القضائية والمحاكم، فهي "ملزمة" وفقا لهذه المهام بالاطلاع على ما يجري على الساحة القضائية بشأن الفصل في النزاعات الجمركية وتحديد الإخلالات القانونية والنقاط التي تراها تثير بعض الإشكالات العملية، من خلال ملفات الطعن المرفوعة إليها ومعالجتها وتوضيح الرؤية بشأنها، يضيف الرئيس الأول للمحكمة العليا. وعليه، أكد ماموني على ضرورة تكثيف النقاشات العلمية حول النزاعات الجمركية، وذلك بإشراك مختلف الجهات القضائية التي تفصل فيها بمشاركة المختصين من إدارة الجمارك فيما يتعلق بالمسائل التقنية، مبرزا أن اليوم الدراسي يهدف إلى تجسيد الإصلاحات الرامية إلى تعزيز وتطوير المنظومة القانونية، الاقتصادية والمالية وإرساء القواعد والآليات التي تفضي إلى المحافظة على مصالح الخزينة العمومية. وسيتم خلال هذا اليوم الدراسي، تقديم مداخلات من طرف إطارات المحكمة العليا والمديرية العامة للجمارك، حول إجراءات الطعن بالنقض، الطعن بالنقض في القضايا الجمركية، الاجتهاد القضائي في المادة الجمركية وكذا "إدارة الجمارك كطرف مدني ممتاز في الدعوى الجمركية".(