استقبال على شرف الأسرة الإعلامية بورقلة    مستغانم : خدمة للوطن..حطينا يدنا فوق يد رئيس الجمهورية    مشاركة 183 عارضا لمختلف القطاعات الاقتصادية الجزائرية    المركز العربي الإفريقي للاستثمار تكريم رئيس الجمهورية نظير جهوده    وقفة تضامنية مع إعلاميين صحراويين    الجزائر تطلب بجلسة مشاورات مغلقة بمجلس الأمن    رؤساء الأندية يطالبون بتعديل متوازن    حقيقةX دقيقة: بعد سنوات الظل..    وسام مالي لمصطفى براف    تجنُّد لحماية الغابات    الإطاحة بعصابات تتاجر بالمخدرات والمؤثّرات العقلية    انتشال جثة طفلة بالمغيّر    السيد تاقجوت يبرز الانجازات الاقتصادية والاجتماعية المحققة خلال السنوات الأخيرة    رئيس الجمهورية يدعو إلى إصلاح منظمة التعاون الإسلامي    اقترح عليه زيارة فجائية: برلماني يعري فضائح الصحة بقسنطينة أمام وزير القطاع    وزارة البريد والمواصلات: إطلاق حملة وطنية للتوعية بمخاطر استعمال الوسائط الاجتماعية    رخروخ: الجزائر مؤهلة أكثر من أي وقت مضى لتعزيز حضورها الاقتصادي اقليميا وقاريا    وزارة التربية تحدد تواريخ سحب استدعاءات المترشحين لامتحاني التعليم المتوسط والبكالوريا    جيدو/الجائزة الكبرى لدوشانبي : ميدالية برونزية للمصارعة الجزائرية امينة بلقاضي    الدرك الوطني يحذر من ظاهرة النصب والاحتيال عبر الانترنت    بمشاركة 18 بطلا من مجموع 60 مشاركا : فريق "الهناء" ينظم الطبعة الثانية للسروبان بسدراتة في سوق أهراس    الأمين العام لحركة النهضة من برج بوعريريج: لا بديل عن الانتخابات الشفافة والنزيهة في اختبار من يقود البلاد    استفادت من عدة مشاريع مصغرة في قطاع الفلاحة : المرأة الريفية تساهم في تدعيم السوق المحلية بعنابة    أم البواقي : افتتاح التصفيات الجهوية لمسرح الطفل بمشاركة 11 ولاية    قسنطينة : نحو تعليق إضراب المحامين اليوم والعودة للعمل    اليوم العالمي لحرية الصحافة: تكريم صحفيين مبدعين في الدراما الاذاعية    جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تنظم لقاء بمناسبة الذكرى ال93 لتأسيسها    منشآت رياضية : بلعريبي يتفقد أشغال مشروع ملعب الدويرة    المنظمة الوطنية للصحفيين الجزائريين تدعو إلى الاستمرار في النضال في وجه التحديات    مشاركة قرابة 20 ولاية في المعرض الوطني للفنون والثقافات الشعبية بعين الدفلى    نفط: تراجع العقود الآجلة لخام برنت 71 سنتا لتبلغ 82.96 دولار    تفاعل واسع مع رحيل جوهرة الساورة حسنة البشارية: عميدة موسيقى الديوان توارى الثرى    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    الجزائر تستقبل دفعة ثانية من الأطفال الفلسطينيين    رحيل سفيرة موسيقى الديوان حسنة البشارية    حان الوقت لرفع الظلم التاريخي عن الشعب الفلسطيني    تجسيد مشروع ملموس للتنقيب وتحويل خامات الليثيوم    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    اقتناء 4 شاحنات ضاغطة لجمع النفايات    والي سكيكدة تُمهل رؤساء الدوائر إلى 15 ماي    أكثر لاعب أنانيٍّ رأيته في حياتي!    فوز الدراج نهاري محمد الأمين من مجمع "مادار"    برباري رئيسا للوفد الجزائري في أولمبياد باريس    توقيع 3 اتفاقيات بالصالون الدولي "لوجيستيكال"    سكيكدة ولاية نموذجية في برنامج تعاون دوليّ    الموافقة على اعتماد سفيرتي الجزائر بسلوفينيا وإثيوبيا    إطلاق مسابقة أحسن صورة فوتوغرافية    دعوة لصيانة الذاكرة من التزييف والتشويه    دبلوماسيون ومتعاملون أجانب: رغبة في تطوير المبادلات    صحفيو غزة.. مئات الشهداء والجرحى والمعتقلين في سبيل القضية    وضع شاطئ "الكثبان" على طول 7 كلم تحت تصرف المصطافين    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقات التركية الإسرائيلية وانعكاساتها على الأمن القومي العربي
نشر في الحوار يوم 29 - 11 - 2009

الأمر المؤكد والثابت هو أن العلاقة التركية الإسرائيلية قد عرفت اهتزازا ملحوظا. ويظهر أن ذلك كان نتيجة لبعض ''التجاوزات'' التي قامت بها الدولة الصهيونية تجاه سيادة الدولة التركية وأمنها القومي، لم يكن بإمكان حكومة العدالة والتنمية ولا الجيش التركي السكوت عنها. ومن بين أهم تلك التجاوزات أو ''الخروقات'' التي تم رصدها من قبل بعض المختصين:
- انتهاك الطيران الحربي الإسرائيلي للمجال الجوي التركي وقصف موقع ''الكبر'' السوري قرب دير الزور على الحدود السورية التركية ''أيلول/سبتمبر ''2007 ثم رجوع تلك الطائرات المغيرة إلى الأراضي الإسرائيلية عبر الأراضي التركية.. - تواتر معلومات أكدتها بعض المصادر الإسرائيلية مفادها أن إسرائيل ستستغل مناورات ''نسر الأناضول'' لجمع معلومات عسكرية عن سورية وإيران الأمر الذي دفع تركيا، فيما بعد، إلى رفض مشاركة إسرائيل فيها وصولا إلى إلغائها بعد أن رفضت قوات الناتو ''حلف الأطلسي'' القرار التركي.
- خشية تركيا أن تُكرّر إسرائيل ما فعلته مع دمشق وتهاجم إيران باستخدام المجال الجوي التركي.. ويظهر أن المؤسسة التركية الحاكمة أصبحت على قناعة أن لا شيء يقف أمام الإرادة الإسرائيلية لتنفيذ ما ترغب فيه، كما بينت التجربة، الأمر الذي قد يضع تركيا في حرج وربما طرفا في الصراع الإسرائيلي الإيراني، ويبدو أن كل ذلك قد أكد للقيادات التركية السياسية والعسكرية استهتار إسرائيل بعهودها، بل وبحلفائها عندما يتعلق الأمر بأمنها القومي ومصلحتها الوطنية.
- شعور أردوغان بالإهانة الشخصية ''من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، أثناء زيارته لاسطنبول، إذ لم يبلغه بنية بلده القيام بالعملية العسكرية الإسرائيلية الواسعة ''الرصاص المصبوب'' ضد قطاع غزة، وهي الإهانة الثانية التي تلقاها، رئيس الوزراء، بعد تلك التي تعرّض إليها موكبه من عرقلة على أحد الحواجز العسكرية الإسرائيلية بين رام الله والقدس خلال زيارته للمناطق الفلسطينية وإسرائيل.
- إحساس تركيا بإحباط كبير تجاه موقف تل أبيب السلبي من دورها في المفاوضات السورية الإسرائيلية غير المباشرة التي تواصلت عدة شهور دون نتيجة.. مما سيؤدي إلى انعكاسات سلبية على علاقات تركيا السياسية بجيرانها وتوقف بعض مشاريعها الاقتصادية الاستراتيجية ومنها خاصة مشروع ''أنابيب السلام'' الذي يتمثل في إقامة محطة بمنطقة شلالات ''مناوجات'' التركية لتزويد إسرائيل بكمية 50 مليون طن سنوياً من المياه لمدة 20 عاماً، وذلك من خلال ضخّ المياه عبر أنابيب برية عبر الأراضي السورية، ثم دخولها إلى شمال لبنان أو شمال شرق الأردن، وبعدها إلى الأراضي الفلسطينية..
كما يشير بعض الخبراء في مجال العلاقات التركية الإسرائيلية إلى الدور المتعاظم الذي تقوم به إسرائيل في مساندة الحركات الكردية في كل من سوريا والعراق بعد الاحتلال، وكثافة نشاطها السياسي والاستخباراتي ضد سوريا وإيران بالإضافة إلى محاولة إثارة الأكراد ودفعهم للمطالبة بدولة مستقلة على حساب الدول الثلاث، إيران وتركيا وسوريا، ويظهر أن تركيا قد أصبحت على قناعة بأن إسرائيل تقدم مساعدات مختلفة لحزب العمال الكردستاني التركي الأمر الذي عملت أنقرة على إحباطه وذلك من خلال اتخاذ بعض المبادرات الإدارية والثقافية والاقتصادية لصالح أكرادها. وكان من آخر تلك المبادرات إنهاء الحبس الانفرادي لزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان بالإضافة إلى تحول أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي إلى أربيل في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول تركي لكردستان العراق.
تأكيد بعض الأوساط التركية بأن الحكومة تملك بعض ما يؤكد دورا إسرائيليا سريا باتجاه صدّ محاولات تركيا الانضمام للاتحاد الأوروبي بحجة أنها دولة يقودها حزب إسلامي وهي على علاقة جيدة بكثير من الأطراف المعادية لوجود الدولة الصهيونية أصلا.. لذلك فإن انضمامها إلى الاتحاد يشكل خطرا على مستقبله وعلى مستقبل إسرائيل!
ولا شكّ أن اتفاق التعاون الاستراتيجي بين الدولتين الذي أبرم في شباط/فيفري 1996 قد أصبح أقل أهمية بالنسبة إلى المصلحة الوطنية التركية، بعد التحولات الاستراتيجية التي عرفها العالم منذ انتهاء الحرب الباردة وانتفاء حاجة تركيا للسلاح الإسرائيلي بعد أن تمكنت من تنويع مصادر السلاح وطورت صناعاتها العسكرية المحلية. كما أن التبادل التجاري بين الدولتين يبدو محدودا ولا يتجاوز 3 مليارات من الدولارات ''جزء كبير من هذا الرقم على علاقة بصفقات الأسلحة'' مقارنة بحجم التبادل مع إيران مثلا ''9 مليارات دولار'' دون الحديث عن حجم التبادل مع دول مجلس التعاون الخليجي بعد الاتفاقيات التي وقعت قبل سنة من الآن.
ولكن هل يعني ذلك أن العلاقات التركية الإسرائيلية آيلة إلى الانحدار الحاد وصولا إلى القطيعة؟ لا يبدو الأمر كذلك، فالسياسة التركية الجديدة التي تعمل على كسب المزيد من الأصدقاء لا ترغب أن يكون لها أعداء جدد أو أن تبني علاقاتها الجديدة على أنقاض بعض أصدقاء الآخرين وخاصة إسرائيل، لأن ثمن ذلك قد يكون باهظا على عدة مستويات ومجالات. لذلك فرغم ردود الفعل التركية المتعددة إزاء الممارسات والمواقف الإسرائيلية المختلفة ومواقف الرأي العام المتشنجة في كلا البلدين فما زالت الحكومتان تحافظان على علاقتهما الاقتصادية والعسكرية في جميع المجالات، إذ لم تقم تركيا مثلا بإلغاء أو تجميد عقود التسليح أو الدفاع أو التجارة مع إسرائيل، بل إن العديد من المعطيات تؤكد استمرار العلاقة، من ذلك إعلان أردوغان خلال زيارته إلى الهند في السنة الماضية، عن مشروع تركي- إسرائيلي مشترك لمد أنابيب نفط وغاز إلى الهند من بحر قزوين مرورا بمرفأي جيهان التركي وإيلات الإسرائيلي.
كما شاركت تركيا في المناورات المشتركة لحلف شمال الأطلسي مع الجيش الإسرائيلي في ميناء ايلات في الوقت الذي كان أردوغان يزور طهران. كما اعتبر الرئيس التركي غول أن تركيا تنتقد ''بشجاعة'' سياسة إسرائيل إزاء الفلسطينيين، لكن ''ذلك ليس من شأنه أن يَهُزّ دعائم'' العلاقات الثنائية. وكان كل من نائب رئيس الحكومة التركية، بولانت أرتيج، والسفير الإسرائيلي في أنقرة غابي ليفي، قد اجتمعا يوم 24/01/ 2009 وعبّرت مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية على إثر الاجتماع أن الأزمة التي انفجرت بين البلدين، باتت في طريقها إلى الحل. وقالت نفس المصادر إن أرتيج قد قال للسفير الإسرائيلي، إن حكومته معنية بأن تنهي هذه الأزمة، وعودة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها، كعلاقات ودية مبنية على التعاون في شتى المجالات وعلى خدمة مصالح البلدين، كما أكد أن الحكومة التركية لا تتنازل أبدا عن هذه العلاقات.
وبالتوازي مع ذلك بعث رئيس البرلمان التركي محمد علي شاهين رسالة ودية إلى رئيس الكنيست الإسرائيلي روفين ريفلين ردا على رسالة التهنئة التي أرسلها هذا الأخير بعد انتخابه رئيساً للبرلمان التركي أكد فيها على التزام بلاده بمواصلة تعزيز العلاقات الودية والتعاون بين البلدين، بالرغم من أنه أورد عنوان البرلمان ''الكنيست'' في ''تل أبيب'' عوضا عن القدس.
لذلك لا يبدو أن لكلا الطرفين مصلحة في تعميق الخلافات القائمة بينهما أو تطوير مداها ومضمونها بغض النظر عن حجم الضرر أو استفادة هذا الطرف أو ذاك من ذلك، بل إن أمر العلاقات التركية الإسرائيلية ومستقبلها أصبح، على ما يبدو، يتجاوز مصلحة البلدين.
إذ يرى بعض المحلّلين أن توتر العلاقة أو القطيعة بين الطرفين سوف يُلحق الضرر بكثير من الأطراف الدولية والإقليمية ومنها العربية وبالتحديد سوريا. فان انزعجت إسرائيل كثيرا من العلاقات الاستراتيجية الجديدة بين تركيا وسوريا من ناحية وعلاقاتها المتميزة مع إيران والعراق من جهة أخرى، فإن تلك البلدان لم تحتج على طبيعة العلاقة بين تركيا وإسرائيل ولم تضع علاقة تركيا وإسرائيل في الميزان؛ إذ بدا الأمر طبيعيا خاصة وأن الكثير من الدول العربية ترتبط باتفاقيات وبعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل بشكل علني كمصر والأردن، أو بشكل خفيّ أحيانا كبعض دول الخليج العربي.
فهل من حق العرب أن يحاسبوا تركيا على علاقتها الاستراتيجية بإسرائيل؟ وعلى العكس من ذلك يتساءل بعض المحلّلين عن جدوى المواقف التركية الأخيرة تجاه إسرائيل وأهميتها بالنسبة للعرب خاصة بعد أن طالب الرئيس السوري بشار الأسد تركيا بتحسين علاقاتها مع حليفها الإسرائيلي، وذلك حتى ''تضمن مجدداً القيام بدور الوساطة بينه وبين سوريا''. كما أكد ذلك إلى صحيفة ''حريت'' التركية، مضيفا ''إذا رغبت تركيا في مساعدتنا في موضوع ''إسرائيل''، فينبغي أن تكون لديها علاقات جيدة مع هذه الدولة''.
كما تساءل الرئيس السوري ''كيف يمكنها ''أي تركيا'' عكس ذلك، أن تلعب دورا في عملية السلام'' ''راجع جريدة الخليج عدد يوم 9/11/ 2009 ''. فهل أصبح حفاظ تركيا على علاقتها المتميزة بإسرائيل ضرورة للأمن القومي العربي؟ وإلى أي مدى يمكن أن يشجع هذا الموقف الجديد للقيادة السورية الدول المناهضة لإسرائيل لتطبيع العلاقة مع هذه الأخيرة حتى تخدم القضايا العربية المصيرية؟!
ولكن متى استفاد العرب عامة والفلسطينيون خاصة من مواقف الدول المعترفة بإسرائيل، سواء العربية منها أو الإسلامية أو غيرها سواء تلك التي طبّعت علاقتها قبل اتفاقيات أوسلو أو بعدها؟ وهل تمكنت تلك الدول من الحدّ من بطش إسرائيل وعدوانيتها المتواصلة ضد الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين؟ وهل تمكنت من الوقوف أمام حركة الاستيطان والنهم المتواصل في قضم الأرض الفلسطينية؟!..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.