الوزير الأول يعاين أشغال الشطر الثاني من مشروع نهائي الحاويات بميناء جن-جن    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 65344 شهيدا و166795 مصابا    مسابقة كبيرة في قطاع التربية    ناصري يؤكد عزم الدولة    بداري يشرف على مراسم افتتاح السنة الجامعية الجديدة 2025-2026    جلاوي يأمر بتشكيل لجنة مركزية    رزّيق يفتح ملف التصدير والاستيراد    افتتاح المعرض الدولي للواجهات والنوافذ والأبواب    الرئيس يأمر باستخلاص الدروس    منظمة التعاون الإسلامي ترحب باعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا بدولة فلسطين    50 سنة من الاحتلال    لا بديل عن احترام إرادة الصحراويين    سجّاتي سعيد    المولودية تتعادل والشبيبة تفوز    هذه قائمة المرشّحين الثلاثين للتتويج..    مولوجي تعطي إشارة انطلاق السنة الدراسية    أمطار مرتقبة بعدة ولايات ابتداء من يوم الإثنين    بلمهدي يستقبل بلقايد    القطاع سينظم مستقبلا مسابقة لتوظيف 45 ألف أستاذ    هلاك 4 أشخاص وإصابة 222 آخرين    حجز حوالي 6 كغ من اللحوم والمرطبات الفاسدة    أسطول الصمود العالمي" يبحر جماعيا نحو قطاع غزة"    البرتغال تعلن الاعتراف رسميا بدولة فلسطين    الجزائر تحصد نجاحات دبلوماسية جديدة    انضمام الجزائر إلى "أيبا" منصة جديدة لإسماع صوت إفريقيا    الأسرة الثورية تشيد برعاية الرئيس تبون للذاكرة الوطنية    التحاق 240741 تلميذ بمقاعد الدراسة    هذه مواقيت سير القطار الليلي الجزائر – وهران – تلمسان    عادل بولبينة يستهدف لقب هداف البطولة القطرية    "الموب" يؤكد صحوته و ينفرد بالريادة    الهلال الأحمر يوزّع 3 آلاف محفظة مدرسية    "السفنج" أو "الخفاف".. فأل خير بسنة موفقة    كاميرات المراقبة والمعاملة الجيدة شروط الأم عند اختيار الروضة    نزيف النقاط ب"بوعقل" يبدأ أمام الأبيار    "حضرة وديوان"... تكريم وتجديد    تحرير للعقل وتفصيل في مشروع الأمير عبد القادر النهضوي    المهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة : محطات طربية ماتعة في السهرة الافتتاحية    عرض شرفي أول بقاعة سينماتيك الجزائر "عشاق الجزائر" .. قصة إنسانية بخلفية تاريخية    جامعة محمد بوضياف بالمسيلة : ملتقى وطني أول للترجمة الأدبية يوم 6 أكتوبر    الكونغو الديمقراطية : تفشي "إيبولا" عبء إضافي يُفاقم أزمة البلاد    تجارة خارجية: رزيق يترأس اجتماعا تقييميا لمراجعة إجراءات تنظيم القطاع    افتتاح الموسم الثقافي الجديد بعنابة تحت شعار "فن يولد وإبداع يتجدد"    ناصري يهنئ جمال سجاتي المتوج بميدالية فضية في سباق 800 متر بطوكيو    قافلة تضامنية مدرسية    94%من الضحايا مدنيون عزل    هذه إجراءات السفر عبر القطار الدولي الجزائر-تونس    العاب القوى مونديال- 2025 /نهائي سباق 800 م/ : "سعيد بإهدائي الجزائر الميدالية الفضية"    تثمين دور الزوايا في المحافظة على المرجعية الدينية الوطنية    الجزائر تستعرض استراتيجيتها لتطوير الطاقة المتجدّدة بأوساكا    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يغفر لكلّ الصّائمين؟
نشر في الخبر يوم 15 - 08 - 2012

قال الحسن البصري رحمه الله: ''المؤمن مَن جَمَعَ إِحْسَانًا وَخَشْيَةً، والمنافق مَن جَمَعَ إِسَاءَةً وَأَمْنًا''. هذه القاعدة يشهد لها حديث عائشة رضي الله عنها لمّا سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ} فقالت: يا رسول الله، أهُم الّذين يُذنبون وهم مشفقون؟ فقال: ''لا، بل هُم الّذين يصلُّون وهُم مشفقون، ويصومون وهم مشفقون، ويتصدّقون وهم مشفقون أن لا يُتقبَّل منهم'' رواه أحمد وغيره.
هكذا يجب أن يكون المؤمن: طاعة لله وخشية من عدم قبولها؛ لعارض عرض لها فأفسدها، أو شائبة من رياء شابتها، أو عجب نتج عنها أو غرور تولّد منها، أو ما الله أعلم به!
وفي ختام شهر البركات والرّحمات والمغفرة والمسرّة، حريٌّ بالمؤمن أن ينتبه لهذا المعنى، إذ أنّ بعض الصّائمين يحسب أنه بمجرد أن يصوم، كيفما كان صومه، فقد استحقّ الثّواب واستوجب الأجر، وليس الأمر كذلك حتّى يعلم ما هنالك! وهكذا كان السّلف الصّالحون، كانوا يهتمون لقبول أعمالهم أكثر من اهتمامهم بالعمل نفسه، لعلمهم أنّ العمل، أيَّ عمل، لا قيمة له ولا وزن إلاّ إذا قبل. ومن ذلك أنّ أَبَا الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه كان يقول: لِأَنْ أَسْتَيْقِنَ أَنَّ اللهَ قَدْ تَقَبَّلَ مِنِّي صَلاَةً وَاحِدَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إِنَّ اللهَ يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}، ودخل سَائلٌ إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال لابنه: أعطه دِينَارًا؛ فأعطاه، فَلَمَّا انْصَرف قال ابنه: تقبَّل الله مِنْك يا أبتاه، فقال ابن عمر: لَو علمت أَنّ الله تقبّل منّي سَجْدَة وَاحِدَة أَو صَدَقَة دِرْهَم لم يكن غَائِب أحبّ إِلَيّ من الْمَوْت، تَدْرِي مِمَّن يتَقَبَّل الله {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ}.
وكان مُطَرّف بن عبد الله بن الشّخّير رضي الله عنه يقول: اللَّهُمَّ تقبَّل منّي صِيَام يَوْم، اللَّهُمَّ اكْتُبْ لي حَسَنَة، ثمَّ يقول {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ}، فهذه الآية الكريمة واضحة صريحة في أَنَّ حُصُولَ التَّقْوَى شَرْطٌ فِي قَبُولِ الأَعْمَالِ. ومثلها قوله تعالى: {لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ} الْحَجِّ: 37، فَأَخْبَرَ أَنَّ الَّذِي يَصِلُ إِلَى حَضْرَةِ الله ليس إِلاَّ التّقوى. يقول الإمام الفخر الرازي رحمه الله: ''وحقيقة التّقوى أمور: أحدها: أَن يكون على خوف ووَجَلٍ من تقصير نفسه في تلك الطّاعة فيَتَّقِي بأقْصَى ما يَقْدِر عليه عن جهات التّقصير، وثانيها: أن يكون في غاية الاتِّقاء من أن يأتي بتلك الطّاعة لغرض سوى طلب مرضاة الله تعالى. وثالثها: أن يَتَّقِي أن يكون لغير الله فيه شَرِكَةٌ، وما أصعب رعاية هذه الشّرائط!''، نعم وما أصعب رعاية هذه الشّرائط!
وإنّي أحسب أنّ من أسباب تهاون بعض النّاس في إتيان الطّاعات بعد رمضان هو غفلتهم عن هذا المعنى وخطورته، فيحسب بأنّه مادام قد صام وقد قام فقد غفر له ما تقدّم من ذنبه؛ فهو يبدأ سنة جديدة بصحيفة بيضاء، فلا بأس أن يتهاون ولا ضير من بعض التّساهل، بل لا ضير حتّى من بعض المعاصي! فسيأتي رمضان ويأتي معه الغفران، زعموا!! وهنا لا بدّ أن ننتبه لأمرين، الأول: أنّ صيام رمضان إنّما يكفّر الذُّنوب الصّغائر فقط؛ للحديث: ''الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ'' رواه مسلم. فعقوق الوالدين والكذب والغيبة والسبّ والرّبا والرشوة وغيرها من الكبائر والموبقات لا يكفّرها صوم رمضان، ولا تغفر إلاّ بتوبة صادقة نصوح تحقّقت فيها شروط التوبة المعروفة. والأمر الثاني: أنّ الصغائر أيضًا لا تكفّر لكلّ الصّائمين، وإنّما تكفّر فقط لمَن صام الصّيام الّذي يُحبّه الله عزّ وجلّ ويريده من عباده، ففي الحديث: ''مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، ومَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ'' رواه البخاري. فهذا الحديث دليل بيّن أنّ الأعمال الصّالحة لا تزكو، ولا تُتَقبل، ولا يَقَعُ بِهَا غُفْرَانُ الذُّنُوبِ وَتَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ إلاّ مع الاحتساب وصدق النّيات، ومعنى قوله: إيمانًا واحتسابًا يعنى: مصدقًا بفرض صيامه ومصدقًا بالثّواب على قيامه وصيامه ومحتسبًا مريدًا بذلك وجه الله، بريئًا من الرِّياء والسُّمعة، راجيًا عليه ثوابه؛ فالّذي يصومه على هذه الصفة يرجو الظّفر بفضله وأجره، ومَن تقاصر صومه عنها فقد تباعد عنه الفضل والأجر بقدر ذلك.
*إمام مسجد الرّحمن عين النعجة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.