العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 64756 شهيدا و164059 مصابا    الأمم المتحدة: الجمعية العامة تصوت لصالح قانون يؤيد حل الدولتين    المجلس الشعبي الوطني : وفد مجموعة الصداقة البرلمانية الجزائر- بيلاروس يبحث مع نظرائه سبل تعزيز التعاون المشترك    مناجم : اجتماع عمل لمتابعة مشروع استغلال منجم الزنك و الرصاص تالة حمزة-واد اميزور ببجاية    المنتدى العالمي للبرلمانيين الشباب : المجلس الشعبي الوطني يبرز بليما حرص الجزائر على تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية    عميد جامع الجزائر يترأس جلسة تقييمية لتعزيز التعليم القرآني بالفضاء المسجدي    المجلس الأعلى للشباب : انطلاق فعاليات مخيم الشباب لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة بالجزائر العاصمة    قسنطينة : المركز الجهوي لقيادة شبكات توزيع الكهرباء, أداة استراتيجية لتحسين الخدمة    الفنان التشكيلي فريد إزمور يعرض بالجزائر العاصمة "آثار وحوار: التسلسل الزمني"    الديوان الوطني للحج و العمرة : تحذير من صفحات إلكترونية تروج لأخبار مضللة و خدمات وهمية    باتنة: أطلال سجن النساء بتفلفال تذكر بهمجية الاستعمار الفرنسي    القضاء على إرهابيَيْن وآخر يسلّم نفسه    هذا مُخطّط تجديد حظيرة الحافلات..    الجزائر تدعو إلى عملية تشاور شاملة    فرنسا تشتعل..    المارد الصيني يطلّ من الشرق    ميسي ورونالدو.. هل اقتربت النهاية؟    إبرام عقود بقيمة 48 مليار دولار في الجزائر    طبعة الجزائر تجاوزت كل التوقعات    المكمّلات الغذائية خطر يهدّد صحة الأطفال    الجزائر تشارك بالمعرض الدولي لتجارة الخدمات بالصين    نحو توفير عوامل التغيير الاجتماعي والحضاري    أجندات مسمومة تستهدف الجزائر    صندوق تمويل المؤسسات الناشئة والشباب المبتكر إفريقيا    يدين بشدة, العدوان الصهيوني الغاشم,على دولة قطر    المخزن يقمع الصحافة ويمنع المراقبين الدوليين    اهتمامات القارة تتصدر أولاويات الدبلوماسية الجزائرية    الحدث الإقتصادي الإفريقي بالجزائر تخطى كل الأهداف    معرض التجارة البينية الإفريقية 2025: طبعة حطمت كل الأرقام القياسية    الرابطة الأولى "موبيليس": فريق مستقبل الرويسات يعود بنقطة ثمينة من مستغانم    مسابقة لندن الدولية للعسل 2025: مؤسسة جزائرية تحصد ميداليتين ذهبيتين    :المهرجان الثقافي الدولي للسينما امدغاسن: ورشات تكوينية لفائدة 50 شابا من هواة الفن السابع    بيئة: السيدة جيلالي تؤكد على تنفيذ برامج لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الحرائق    ملكية فكرية: الويبو تطلق برنامج تدريبي عن بعد مفتوح للجزائريين    حج 2026: برايك يشرف على افتتاح أشغال لجنة مراجعة دفاتر الشروط لموسم الحج المقبل    هالاند يسجّل خماسية    بللو يزور أوقروت    ثعالبي يلتقي ماتسوزو    استلام دار الصناعة التقليدية بقسنطينة قريبا    حملة لتنظيف المؤسّسات التربوية السبت المقبل    عزوز عقيل يواصل إشعال الشموع    تكريم مرتقب للفنّانة الرّاحلة حسنة البشارية    القضاء على إرهابيين اثنين وآخر يسلّم نفسه بأدرار    تعاون جزائري-صيني في البحوث الزراعية    "الحلاقة الشعبية".. خبيرة نفسانية بدون شهادة    "أغانٍ خالدة" لشويتن ضمن الأنطولوجيا الإفريقية    كرة اليد (البطولة الأفريقية لأقل من 17 سنة إناث) : الكشف عن البرنامج الكامل للمباريات    فتاوى : زكاة المال المحجوز لدى البنك    عثمان بن عفان .. ذو النورين    حملة تنظيف واسعة للمؤسسات التربوية بالعاصمة السبت المقبل استعدادا للدخول المدرسي    سجود الشُكْر في السيرة النبوية الشريفة    شراكة جزائرية- نيجيرية في مجال الأدوية ب100 مليون دولار    درّاج جزائري يتألق في تونس    التأهل إلى المونديال يتأجل وبيتكوفيتش يثير الحيرة    قطاع الصيدلة سيشهد توقيع عقود بقيمة 400 مليون دولار    عقود ب400 مليون دولار في الصناعات الصيدلانية    "الخضر" على بعد خطوة من مونديال 2026    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضائل إخفاء الأعمال وبركاتها
نشر في الخبر يوم 08 - 03 - 2019

أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”إنّ الله يُحبّ العبد التقيّ الغنيّ الخفيّ”.
إنّ القارئ لهذا الحديث يتساءل: ترى ما المراد بالعبد الخفيّ الّذي أحبّه الله؟ فقد يكون شخصًا عرف ربّه فأحبّه، وحرص أن يكون بينه وبين الله أسرار! وربّما هو عبد تقيّ اجتهد في إخفاء أعماله خوفًا من فسادها بالعُجب والرّياء، وطلب الثّناء من النّاس، تأسيًا بقول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: ”مَن استطاع منكم أن تكون له خبيئة من عمل صالح فليَفعل”، وربّما هو جندي مجهول ناصح عامل، فكم من ناصح ومن داع للحقّ لا يُعرَف، وربّما أنّه أيضًا هو السّاجد الرّاكع في الخلوات، فكم من دعوة في ظلمة اللّيل شقّت عنان السّماء، وكم من دمعة بلّلت الأرض، فبتلك الدمعات وبتلك السّجدات نحن محفوظون آمنون.
لكن ما المانع أن يكونوا أولئك جميعًا، وأن تكون هذه الصّفات كلّها صفات لأولئك الأخفياء! فكم سمعنا من قصصهم، ورأينا من آثارهم، فهم أحياء بذكرهم وبعلمهم، وإن كانوا في باطن الأرض أمواتًا، فما السّرّ في حياة أولئك الرّجال؟ إنّه توجّه القلب لله، فقلوب أولئك الرّجال توجّهت لربّها، فالعلم لله، والعمل لله، والحبّ لله، والبغض لله، والحركات والسّكنات لله: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لله رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
إنّ الخفاء منهج شرعي، ولنستمع لقول الحقّ سبحانه في موضوع الصّدقة: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}، وفيما يخصّ الدّعاء: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}، ويقول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم في حديث السّبعة الّذين يُظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه: ”ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه”، فانظر لدقّة الخفاء في هذه الصّدقة، يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: وهو من أقوى الأدلة على أفضلية إخفاء الصّدقة، وفي الحديث نفسه صورة أخرى وردت في فضل الإخفاء: ”ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه”.
ولنتأمّل حديث أبي هريرة عند الشّيخين عن الرّجل الّذي تصدّق ليلًا على سارق، وعلى زانية، وعلى غنيّ، وهو لا يعلم بحالهم، فالصّدقة وقعت باللّيل لقوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث: ”فأصبحوا يتحدّثون”، فدلّ ذلك على أنّ صدقته كانت سرًّا في اللّيل، إذ لو كانت هذه الصّدقة بالجهر نهارًا لما خفي عنه حال الغنيّ، بخلاف حال الزّانية والسّارق، فالغنيّ ظاهر حاله، فلذلك كانت الصّدقة سرًّا في اللّيل.
وأيضًا حديث صلاة النّافلة في البيوت، فعن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ”صلُّوا أيّها النّاس في بيوتكم، فإنّ أفضل صلاة المرء في بيته إلّا المكتوبة”، وحديث صهيب بن النعمان رضي الله عنه: ”فضل صلاة الرّجل في بيته على صلاته حيث يراه النّاس كفضل الفريضة على التطوّع”، وانظر الشّاهد: ”حيث يراه النّاس”، إذا فالاختفاء عن أعين النّاس في صلاة النّافلة لا شكّ أنّه أفضل. ومن حديث جندب بن عبد الله رضي الله تعالى عنه، عند الشّيخين: ”مَن سمَّع سمَّع الله به، ومَن يرائي يرائي الله به”، ومن حديث عبد الله بن عمرو: ”مَن سمَّع النّاسَ بعمله سمَّع الله به سامع خلقه وصغَّره وحقَّره”.
قد يقول قائل: وهل نخفي أعمالنا دائمًا فلا نظهر منها شيئًا أبدًا؟ للإجابة على هذا السؤال نستمع للحافظ ابن حجر في الفتح، لمّا تحدّث عن صدقة الفرض وصدقة النّفل، وهل الأفضل إعلانهما أو إخفاؤهما، قال رحمه الله: لو قيل: إنّ ذلك يختلف باختلاف الأحوال لما كان بعيدًا، فإذا كان الإمام مثلًا جائرًا ومال من وجبت عليه الزّكاة مخفيًا، فالإسرار أولى، وإن كان المتطوّع ممّن يقتدى به ويتّبع وتنبعث الهمم على التطوّع بالإنفاق وسلم قصده، فالإظهار أولى. فمن هنا نعلم أنّه ليس دائمًا تخفى الأعمال، بل قد يظهر الإنسان أعماله لمصلحة راجحة.
أمّا في هذا الزّمن فهناك أخفياء، ولكنّهم أخفياء من نوع آخر، أخفياء يختفون عن أعين النّاس، ويحرصون كلّ الحرص ألّا يطّلع عليهم أحد، فهؤلاء الأخفياء هم الّذين أخبر عنهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقوله: ”لأعلمن أقوامًا من أمّتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تُهامة بيضًا، فيجعلها الله عزّ وجلّ هباء منثورًا”، قالوا: يا رسول الله صفهم لنا، فقال: ”أما إنّهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من اللّيل كما تأخذون، ولكنّهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها”.
ومن خواطر ابن الجوزي في صيده: نظرتُ في الأدلة على الحقّ سبحانه، فوجدتها أكثر من الرمل، ورأيتُ من أعجبها أنّ الإنسان قد يخفي ما لا يرضاه الله عزّ وجلّ، فيظهره الله سبحانه عليه ولو بعد حين، ويُنطقُ الألسنة به وإن لم يشاهده النّاس، وربّما أوقع صاحبه في آفة يفضحه بها بين الخلق، فيكون جوابًا لكلّ ما أخفى من الذّنوب، وذلك ليعلم النّاس أنّ هنالك مَن يُجازي على الزّلل، ولا ينفع من قدَره وقدرته حجاب ولا استتار، ولا يضاع لديه عمل.
إمام مسجد عمر بن الخطاب
بن غازي براقي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.