خبير سياسي: الجزائر قبلة الأحرار وداعمة قوية لحركات التحرر في العالم    مراجعة القانون الأساسي للقضاء... خطوة لتعزيز استقلالية السلطة القضائية في الجزائر    رئيس المجلس الشعبي الوطني يشارك في افتتاح منتدى الدوحة 2025    اليوم الثاني للمؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة يشهد جلسات نقاشية وورش تطبيقية متخصصة    الوزراء الأفارقة يعتمدون "إعلان الجزائر" حول المنصات الرقمية العادلة والآمنة والمسؤولة    وزير الشؤون الدينية يتابع مسار الرقمنة لتحديث القطاع وتحسين الخدمات    أقرها رئيس الجمهورية.. إجراء عملية القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حج إضافية    بوقرة يحقق من الهداف ما لم يكن منتظرا (5-1)    أزمة ماء"الشرب" تشتد في باتنة ولا حلول في الأفق    سوق شعبي مقصد كل الناس لكن ينقصه التنظيم والرقابة    مافيا"الإطعام المدرسي تفرض منطقها    مشروع القطب المالي ببلدية سيدي موسى في العاصمة    المعروض على العرب: انتحروا... أو نقتلكم    مرحلة الانتظار الثقيل    مسابقة دكتوراه ب دار القرآن    بيتكوفيتش: بإمكاننا بلوغ الدور الثاني    صحافة الأرجنتين تُحذّر من الجزائر    الجزائر تصطدم ببطل العالم    حالة طوارئ عبر الأسر    صالون للتمور ببسكرة    تطور ملحوظ في إنتاج شعبة البطاطا بولاية تبسة    الشرطة تحيي يوم ذوي الاحتياجات    ماراثون إيكولوجي للشباب    حضور جزائري في مهرجان القاهرة    صور من الحب والإيثار بين المهاجرين والأنصار    أفضل ما تدعو به لإزالة الألم والوجع وطلب الشفاء    جوع قاتل في السودان    انطلاق المسابقة التصفوية لجائزة الجزائر للقرآن الكريم    رغم التعادل السلبي مع الفريق السوداني حصدنا نقطة ثمينة    حساني شريف : الوحدة الوطنية صمام أمان لصون الجزائر من جميع المناورات    منطقة القبائل القلب النابض للجزائر وستبقى كذلك    رئيس الجمهورية يعزّي عائلات ضحايا الحادث الأليم ببني عباس    مقديشو تجدّد دعمها الكامل لجهود الأمم المتحدة    إجراء القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حجّ إضافية    محاكاة حريق بكل من الغزوات والعزايل    تنافس لبناء اقتصاد وطني متجدد    تشجيع أبناء الجالية على الانخراط في جهود التنمية    "في ملاقاة أناييس".. رحلة البحث عن الأصول    فيض من النور وآخر من الألوان في لوحات مزهرة    البحث الجاد هو الذي ينقذ الصورة وليس الذكاء الاصطناعي    مدرب النمسا يعترف بقوة "الخضر" ويشيد بمحرز    فرص الاستثمار في الجزائر محور منتدى بجنوب إفريقيا    مساعٍ لاستقطاب الشباب خدمةً للبيئة    ديناميكية متواصلة وعام استثماري قياسي    منظمات وجمعيات إسبانية تطالب مدريد بتحمّل المسؤولية    المواطنون الحائزون على طائرات "الدرون" ملزمون بالتصريح بها    قرعة الحجّ الثانية اليوم    حامل اللقب و "العميد" و "الكناري" يواصلون المغامرة    الانتقادات لا تقلقني وسنقدم أفضل ما لدينا أمام البحرين    "وول ستريت جورنال" الأمريكية تضع الاحتلال في قفص الاتهام    وزارة الشؤون الدينية تشدّد الرقابة على الفتوى وتحمي المرجعية الدينية الوطنية    معسكر تحتضن الطبعة الأولى من ملتقى "الأمير عبد القادر" لعمداء ورواد الكشافة الإسلامية الجزائرية    استجابة كبيرة لحملة تلقيح الأطفال ضد الشلل بقسنطينة    جلسة حوارية : الفن الإفريقي المعاصر بين الاعتراف الدولي والتحديات المحلية    أقلام واعدة : تظاهرة ثقافية أدبية موجهة للأطفال والشباب    فتاوى    ما أهمية تربية الأطفال على القرآن؟    فضائل قول سبحان الله والحمد لله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدّيانة الإبراهيميّة خرافة!!
نشر في الخبر يوم 23 - 09 - 2020

((استغلال الدّين)) تهمة من أكثر التّهم شيوعًا واستغلالًا من أطراف عدّة!، وقد يكون الإسلاميون هم أكثر من وُجّهت إليهم هذه التُّهمة، لكن من المؤكّد أنّ الأنظمة الحاكمة في مختلف الدّول هي أكثر مَن استغل هذه التّهمة واستعملها ضدّ معارضيها وخصومها!
والحقّ أنّ مجرّد استعمال هذه التّهمة الطّنّانة يُعدّ استغلالًا للدّين بطريقة ما! إلّا أنّ من المؤكّد أيضًا أنّ مَن يَتّهِم غيره بهذه التّهمة الفضفاضة لا ينال بذلك البراءة من ((استغلال الدّين)) بل غالبًا ما نجده يجمع ((استغلال الدّين)) إلى محاربته وعداوته! وهكذا هي الحياة -خاصة في جانبها السّياسيّ- تجمع المتناقضات، وتستعمل المتضادات، وتسير في الوقت ذاته في الاتجاهات المتعاكسات!
ثمّ إنّ من المعلوم أنّ التاريخ يكتبه المنتصر! وكذلك الواقع يكتبه المتغلّب المهيمن! غير أنّ المستقبل ينتصر للحقيقة، وينتصر فيه الحقّ! فمهما شاعت التّدليسات وانتشرت التّلبيسات فإنّ مآلها أن تنكشف وتنهزم أمام الحقّ وأنواره السّاطعة مستقبلًا، وأن يُفتضح (مفبركوها) ومروّجها على رؤوس الأشهاد لا محالة. ومن نافلة الكلام أن نذكّر بأنّ من يلبّسون ويدلّسون على النّاس قصدًا وعمدًا معاداةً للحقّ وأهله هم دائمًا أصحاب نفوذ وسلطات وهيمنة، وهم دائمًا يبذلون في سبيل ذلك أموالا مقنطرة بسخاء غريب! ولكن سنّة الله الغالبة قاضية بخسرانهم في سعيهم، وطبعًا خسرانهم أموالهم، قال الله تبارك وتعالى في الكافرين، وأولياؤهم من الأذناب ملحقون بهم في الحكم: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُون}.
لقد قيل قديمًا: عشْ رجبًا ترى عجبًا! أمّا الآن: فعش فقط ترى العجب والعجائب! ومن أعجب العجائب المتكاثرات في زمننا هذا أن ((يُستغلّ الدّين)) لحرب الدّين، ولتزيين المنكر، ولتمكين الفساد، ولتبييض الخيانة، ولخيانة المقدّسات! وآخر صيحات هذا النّكد ما يسوّق له ويروّج له من تطبيع غادر، وخيانة عاهرة، وخذلان صفيق لقضية فلسطين أمِّ القضايا العادلة في العالم، تحت عنوان (الدّيانة الإبراهيمية)، هذه الدّيانة المتوهّمة الّتي لم يكن لها وجود في الماضي، ولا وجود لها في الحاضر، ولن يكون لها وجود في المستقبل! لسبب (بسيط) هو أنّها خرافة ليس إلّا! خرافة أبعد ما تكون عن الواقع والمنطق والحقّ! خرافة لن تجد أحمق ولا أغبى منها!، اللّهمّ إلّا أولئك (الڤارڤوز) من أدعياء العلم والفكر الّذين تحرّكهم خيوط المؤسسات الأمنية للدولة المُهرولة للتّطبيع مع مجرمي الحروب وأعداء الإنسانية والسّلام!
إنّ من يضع الماء والزيت في قنينة محاولًا أن يمزجهما مزجًا كاملًا حتّى يصيران سائلًا واحدًا جديدًا، لا يمكنه ذلك ولو رجّ القنينة الحاوية لهما لسنين طويلة؛ ذلك أنّه بمجرّد ما يتوقّف عن الرّج يبدأ الزيت في التمايز عن الماء بارتفاعه إلى أعلى، حتّى يستقرّ الأمر على طبقتين متلامستين لكنّهما متباينتان كليّا: الماء والزّيت! إنّ مَن يحاول هذا الأمر هو أحمق بلا شكّ! وأحمق منه من يحاول المزج بين الإسلام واليهودية والنّصرانية! ووضعهما تحت تسمية واحدة: الدّيانة الإبراهيمية أو الدّيانات التّوحيدية! وليس ثمّة دين توحيد إلّا الإسلام، ولا دين لإبراهيم عليه السّلام إلّا الإسلام! ومهما دلّس المدلّسون ولبّسوا (ورجّوا) أفكار النّاس فإنّ حقّ الإسلام سيتميّز وسيعلو على كفر اليهود والنّصارى وباطلهم كعلوّ الزيت على الماء، بل علوا أظهر وأقهر!
إنّ من المعلوم المشهور أنّ الكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد قد حُرّف على مدار قرون من الزّمن، وهذا أمرٌ يقرّ به حتّى أكبر علماء اللاهوت! بل يُقرّ به كلّ حاخامات اليهود وقساوسة النّصارى! لا يجادل في ذلك أحد منهم! بل هذا التّحريف الّذي لا يزال متواصلًا في صورة التنقيحات الّتي تدخل على نسخة الكتاب المقدس كلّما جدّدوا طبعه! وهذا التّحريف قد حوّل اليهودية والنّصرانية إلى ديانتين شِرْكِيَتَين أسوأ في كفرها من كثير من الدّيانات الوثنية الّتي اخترعها البشر ابتداءً! ويكفي المرء أن يقرأ صفحات من الكتاب المقدّس ليتأكّد أنّ من كَتَبَهُ وادّعى أنّه من عند الله تعالى قلبُه خالٍ تمامًا من تعظيم الله تعالى وتقديسه! وماذا ننتظر ممّن تجرّأ على كتاب الله تعالى فحرّفه إنقاصًا وزيادة اتّباعًا لهواه؟ {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ}، فلا جرم أن وجدنا فولتير الفيلسوف الفرنسي يقول: ”إنَّ لديَّ 200 مجلد في اللاهوت المسيحي، والأدهى من ذلك أَنِّي قرأتُها وكَأَنِّي أقوم بجولة في مستشفى للأمراض العقلية”! وصدق فإنّ كفر اليهود والنّصارى وتصوّراتهم الشِّركية عن ربّ العالمين سبحانه لا ينسبها عاقل إلى ربّ العزّة تبارك وتعالى! بل لا ينسبها إليه إلّا مَن فقد عقله وجنّ جنونًا عظيمًا! وأهبل منه وأجنّ مَن يدّعي كذبًا ويحاول يائسًا الجمع بين الإسلام الحقّ وباطل اليهود والنّصارى وكفرهم!
إنّ الإسلام هو الدّين الحقّ، وكلّ ما يُسمّيه البشر دينًا سواء كان دينَ حقّ صار باطلًا بالتّحريف أو دينَ باطل أصلًا نشأ من التّخريف فهو كفر مبين! قال الله عزّ شأنه: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَام}، فكلّ ما عدَا الإسلام فهو كفر وصاحبه في خسران مبين، قال الله جلّت صفاته: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين}. والإسلام دين كلّ الأنبياء من لدن أبينا آدم إلى سيّدنا محمّد عليهم صلوات الله وسلامه، قال صلّى الله عليه وسلّم: «الأنبياء إخوة من عَلاَّت وأمّهاتهم شتّى ودينهم واحد..» رواه البخاري ومسلم. وفي خصوص سيّدنا إبراهيم عليه السّلام قال تبارك وتعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}، {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين}، فانظر كيف أنّ القرآن ينفي نفيًّا جازمًا قاطعًا العلاقة بين إبراهيم عليه السّلام واليهود والنّصارى، ثمّ يأتي من علماء السلطان مَن يكذب على الله علانية ويكذّب نصّ القرآن صراحة، ويزعم كذبًا أنّ ثمّة ديانة إبراهيمية؟! وما زعمهم هذا إلّا كذب وبهتان وحديث خرافة! فويلٌ لهم ممّا يدّعون! وويْل لهم ممّا يزعمون! {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون}.
*إمام وأستاذ الشّريعة بالمدرسة العليا للأساتذة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.