قال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس إن الإدارة الأمريكية بصدد تغيير استراتيجيتها لمحاربة تنظيم «داعش» ودحره في معاقله وعدم السماح للمقاتلين الأجانب في سورياوالعراق، بالعودة إلى بلدانهم الأصلية، خاصة إلى شمال إفريقيا كتونس وليبيا والجزائر. وشدد على أن «الإدارة الأمريكية ستبذل جهودا أكثر شمولا عندما تتم هزيمة «داعش»، من أجل منع خلق عدو جديد في نفس المنطقة». ماتيس أوضح في لقاء مع تلفزيون «سي بي أس» الأمريكي، أن تنفيذ تدخل أسرع وأقوى ضد تنظيم داعش للقضاء عليه بشكل كامل، يشكل جوهر الاستراتيجية الجديدة للإدارة الأمريكية، مشيرا إلى أن واشنطن بصدد تغيير استراتيجيتها القائمة على استنزاف التنظيم في سورياوالعراق، واعتماد تكتيكات تهدف إلى حصر أفراد التنظيم في مناطق معيّنة وتدميرهم تماما. وأوضح ماتيس أن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تهدف إلى منع المقاتلين الأجانب من الهروب، ومن ثم العودة إلى شمال إفريقيا وأوروبا وأمريكا وآسيا، ليستطرد في هذا الصدد: «كما ترون، فمن خلال الاستراتيجية الجديدة تمكنت القوات العراقية من محاصرة التنظيم غربي الموصل، وعازمة على تدمير عناصره بالكامل». وزير الدفاع الأمريكي واصل في هذا السياق يقول: «تلعفر محافظة نينوى شمالي العراق، محاصرة بالكامل، والرقة شمالي سوريا محاصرة أيضا. وبنفس الطريقة سوف يتم تنظيف هذه المدن من المسلحين بالكامل»، قبل أن يضيف أن «الإدارة الأمريكية ستبذل جهودا أكثر شمولا عندما تتم هزيمة «داعش» من أجل منع خلق عدو جديد في نفس المنطقة». الحديث عن استراتيجية أمريكية جديدة في مجابهة التنظيم الإرهابي «داعش»، يبرز التوجه الجديد لواشنطن في تقويض شوكته ومنع أي مساع للتغلغل في المناطق الأخرى، لا سيما أنه معروف عنه سرعة الانتشار والتموقع في ظل توفره على تقنيات تكنولوجية رائدة، مثلما ظهر ذلك جليا في عودة المئات من عناصر التنظيم إلى بلدانهم من اليمن والصومال وبلاد الشام بعد الضربات التي لقيها هناك، مما يشكل خطرا كبيرا على منطقة شمال إفريقيا التي عانت لسنوات من تهديدات القاعدة في منطقة الساحل وبلدان المغرب العربي، لتزيد الأوضاع في ليبيا إثر سقوط نظام القذافي، في تعقيد الأمور بسبب استشراء الأسلحة غير الشرعية وتعشش فرع «داعش» الذي جر أذيال الهزيمة في مدينة سيرت. رغم أن تعداد الجزائريين يظل قليلا في صفوف «داعش» مقارنة بالجنسيات الأخرى مثلما تشير إلى ذلك التقارير الدولية، إلا أن الإجراءات الاستباقية التي تعتمدها الجزائر في مكافحة الإرهاب نجحت في صد محاولات الاختراق ورصد التحركات اليائسة لفلول الإرهابيين، الذين يقومون بعمليات متفرقة هنا وهناك. كما أن الاعتداء الإرهابي بتيقنتورين في جانفي 2013 الذي تصدت له قوات الأمن باحترافية، كان بمثابة درس قدمته الجزائر، لكن أيضا أدى إلى اعتماد رؤية استشرافية فعالة لسد المنافذ أمام أي محاولة اختراق من قبل الجماعات الإجرامية عبر حدودها. قدرة الجزائر على إفشال توسع التنظيم في منطقة شمال إفريقيا، سبق أن أكده الموقع الإعلامي الأمريكي «سيفر بريف» المختص في المسائل الأمنية، مشيرا إلى أن الجيش الجزائري قضى على كل جيوب الإرهاب في شمال البلاد وفي المناطق الجبلية بالقبائل، من خلال دحر جماعة جند الخلافة بكل من البويرة وبومرداس وتيزي وزو، علاوة على القضاء على العديد من زعماء الإرهاب وتفكيك الهياكل العملية لتلك التنظيمات. غياب البيئة الحاضنة لخلايا أو أفكار التنظيم في الجزائر رغم محاولات لفت الأنظار مع الانفجار الذي وقع في فيفري الماضي قرب الأمن الحضري بقسنطينة أو الاعتداء على دورية للدرك الوطني بالبليدة منذ يومين وما تلاهما من تصد حازم لأسلاك الأمن، يعكس الخبرة العالية للمؤسسة الأمنية الجزائرية في اجتثاث بؤر التنظيمات المتطرفة في الجزائر، لاسيما أنها تمرست على ذلك خلال المواجهات الدامية مع الجماعات الإرهابية في فترة التسعينيات. المؤكد أن ذلك ساعدها كثيرا على صد ما سمي بموجات الربيع العربي، مثلما أقر بذلك الخبير الأمني الفرنسي الكولونيل دانيال أوماندا، عندما أشار إلى أن الجزائر استبقت الأحداث في المنطقة العربية، ووضعت خطة تأمين شاملة ومتكاملة داخليا وخارجيا، ورصدت بحذر وبضربات استباقية أحيانا لعناصر تنتمي للفكر الإسلامي التكفيري، وقرأت جيدا خارطة الأوضاع في مصر والعراقوسوريا، وتحسبت جيدا للساحة المفتوحة أمنيا على امتداد حدودها مع دول الجوار الإفريقية، مما أغلق المنافذ أمام الجماعات الإجرامية النشطة.