انتهاك جديد لحقوق الشعب الصحراوي عبرمشروع كابل بحري مغربي غير شرعي    صناعة صيدلانية: السيد قويدري يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية للصيادلة الخواص    تعيين الدبلوماسي الجزائري العربي لطرش محافظا للطبعة الرابعة للمعرض التجاري الافريقي البيني 2025    كرة اليد/مونديال أقل من 19 سنة /ذكور (كأس الرئيس/المجموعة 3): الجزائر تواجه البرازيل يوم غد الاثنين    هذه ليست مجردَ كارثة إنسانية… بل خيار سياسي    انطلاق دورة تكوينية للمكلفين بالمسح الوطني لنفقات الاستهلاك والمستوى المعيشي للاسر    السيدة مولوجي تترأس اجتماعا تنسيقيا حول تحضيرات الدخول الاجتماعي    مشاركة مميزة للجزائر في معرض اسطنبول الدولي للكتاب العربي بتركيا    فتاوى : شروط صحة البيع عن طريق الإنترنت    زينب بنت جحش .. أم المساكين    الخارجية الفلسطينية تدين سعي الاحتلال لتقويض تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض    الوزير الأول يستقبل وزير الشؤون الخارجية الصومالي    بنك التنمية المحلية: ارتفاع الناتج الصافي ب 31 بالمائة الى نحو 23 مليار دج في سنة 2024    الجيش الوطني الشعبي: القضاء على أربعة إرهابيين بالحدود الجنوبية الشرقية للبلاد    المهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي: معرض للفن التشكيلي تخليدا لأعمال الفنان الراحل احمد زرقي    كرة القدم/"شان-2024" /المؤجلة إلى 2025: مباراة تطبيقية لبدلاء المنتخب الوطني في حصة الاستئناف    مصباح في قائمة استثنائية    ندوة تحضيرية لمخيّم صناع المحتوى    حيداوي يبرز الاهتمام الرئاسي بالكشافة    حرارة شديدة    زرقاني يحذّر..    حدادي تلتقي جنابي    لاناب .. وكتاب الطفل    مُعلّبات الموت تتربّص بأبناء غزّة    ملكية طيران الطاسيلي تنتقل للجوية الجزائرية    صفر ورق    اتفاقية شراكة بين صيدال ومدار    إطلاق حملة لتعزيز الوعي الجماعي بأهمية التدخل السريع    الجيش الوطني الشعبي يحظى بمكانة راسخة في وجدان الأمة    تستهدف تحويل أنظار الرأي العام الفرنسي عن مشاكله الجوهرية    المرأة الماكثة في البيت بالمناطق الحدودية والصحراوية    المعرض الوطني لكتاب الطفل لغاية 16 أوت : أكثر من 14 ألف عنوان موجه للأطفال    شواهد أثرية حاضرة في معرض "أوساكا 2025" باليابان.. الجزائر تؤكد للعالم عراقة تاريخها وثراءها الحضاري    الحماية المدنية تواصل إخماد حرائق الغابات ببعض ولايات الوطن    للرفع من مساهمتها في سلاسل القيمة العالمية.. شايب يؤكد على ضرورة تقديم الدعم للدول النامية غير الساحلية    بقرار من رئيس الجمهورية.. الجزائر تعزز أمنها الصحي في التداوي بالخلايا الجذعية    ورشات تكوينية للناشطين في الجمعيات المحلية    استبعاد الصحراء الغربية من اتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب    معركة "جبل اسطمبول" محطة بارزة في تاريخ الثورة التحريرية    المجلس الشعبي الوطني يشارك في الجمعية العامة للاتحاد الكشفي العربي    الفن التشكيلي يزين مطار عنابة    عنابة تكتب فصلا جديدا في حماية التراث    أربعة جزائريين في القائمة القصيرة    8 مشاريع استراتيجية.. حلم يتحقّق    وتيرة متسارعة لاستقبال التلاميذ في أحسن الظروف    صائفة "دموية" على الطرقات    حملة إعلامية حول تدابير عطلة الأمومة    إنتاج مليوني قنطار من الحبوب وطفرة في قدرات التخزين    سباحة/الطبعة الثالثة لسباق "عبور خليج الجزائر" : مشاركة أكثر من 180 سباح وسباحة تتراوح اعمارهم بين 14 و 68 سنة    التأكيد على تعزيز الإنتاج.. والتوجه نحو التصدير    توجه الخواص لإنتاج المواد الصيدلانية يقلص فاتورة الاستيراد    كتيبة بوقرة تظهر نية الذهاب بعيدا في "الشان"    مدرب أينتراخت فرانكفورت يشيد بشايبي    بيتكوفيتش يراقب نجوم "الخضر" في "الشان"    تكريم خاصّ للرئيس تبّون    فتاوى : تكفير المصائب للسيئات يشمل الطائع والعاصي    هكذا اجتمعت هذه الصفات في شخص النبي الكريم    وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قاعات سينما تحول إلى ملكيات خاصة ومحلات لبيع "الماء "
في غياب مسؤولي البلدية والمكلفين بالثقافة في وهران
نشر في المساء يوم 29 - 03 - 2018

تعيش قاعات السينما بمدينة وهران، وضعية من التهميش واللامبالاة، أدت إلى تحويل عدة قاعات عن نشاطها الحقيقي، لتتحول إلى فنادق أو قاعات أفراح وحتى محلات لبيع "الماء الحلو"، فيما أهملت أخرى وتحولت إلى ركام دون تدخل المسؤولين عن ملف الثقافة بولاية وهران، ومصالح وزارة الثقافة التي وعدت في أكثر من مرة بإعادة الاعتبار للقاعات المغلقة، في إطار احتضان ولاية وهران لفعاليات المهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران.
عاد الحديث منذ أيام بمدينة وهران، على الوضعية المأساوية لقاعات السينما التي كان عددها يتجاوز 40 قاعة سينما، بين قاعة صغيرة وأخرى كبيرة، خلال فترة استقلال الجزائر، حيث كانت مدينة وهران تسمى بمدينة السينما، غير أن هذا الزخم الكبير في القاعات وانتشارها عبر كامل الأحياء القديمة للمدينة جعلها عرضة للتهميش واللامبالاة من طرف مسؤولي البلدية، على اعتبار أن كل القاعات الخاصة بالعروض السينمائية تعود ملكيتها لمصالح بلدية وهران، حسبما يظهره السجل الخاص بالممتلكات البلدية والذي لم يتم اللجوء إليه في الكثير من الحالات، لاسترجاع بعض القاعات التي تحولت إلى أملاك خاصة، لتنجز فوقها فنادق أو قاعات حفلات، لدرجة أن إحدى القاعات تحولت إلى محل لبيع "الماء الحلو"، فيما انهار معظمها وبقي أغلبها مغلقا ونقطة سوداء انتشرت بها النفايات والجرذان دون تحرك أي مسؤول.
حسب أحد المهتمين بشؤون الثقافة في ولاية وهران، السيد "الطاهر.ع"، فإن مدينة وهران وخلال العهد الاستعماري، كانت تتوفر على أكثر من 40 قاعة سينما انتشرت عبر كامل الأحياء القديمة ووسط المدينة، وهي القاعات التي كانت تعمل على عرض أفلام متنوعة وذهبت إلى حد التخصص، وقد بقيت هذه القاعات يضيف السيد الطاهر على وضعها بعد الاستقلال، لتتحول إلى مؤسسات استقطاب للشباب وسكان المدينة.
أضاف السيد الطاهر بأن سكان وهران وقتها كانوا يملكون ثقافة خاصة لزيارة السينما، حيث لا يمكن الذهاب إلى قاعة السينما دون ارتداء طاقم محترم وتصفيف الشعر، كأن يحضر الشخص حفلا رسميا وهو ما كان يعطي للسينما مكانتها بوهران، غير أنه ومع بداية سنوات الثمانينات، تراجع الإقبال على قاعات السينما التي أغلق بعضها بسبب سوء التسيير وعدم قدرة البلدية على متابعتها إلى غاية سنوات التسعينات، حيث بدأت بعض القاعات في الانهيار وحولت أخرى لصالح مسيرين خواص، استفادوا من عقود استغلال خاصة، غير أنهم وبمرور السنوات، حولوا القاعات عن مسارها.
كشف السيد الطاهر عن أن أهم القاعات التي كانت تعرفها مدينة وهران، تخصصت في بعض أنواع الأفلام، كأفلام الحركة والأفلام العربية والأفلام الهندية، وكانت تتوزع على حي سيدي الهواري الذي عرف بقاعة سينما "فاميليا" التي كانت تعرض الأفلام الهندية، وقاعة "الراكس" بحي سانت أنطوان، وقاعة "الروكسي" بحي البلاطو سيدي البشير حاليا ، وقاعة "لوكس" بحي الحمري، قاعة "البلازا" بحي البدر و«ألدوراد" بشارع تلمسان، قاعة "الرويال" بساحة أول نوفمبر، قاعة "ريو" بشارع العربي بن مهيدي، و«البالزاك" و"اللانكس" بشارع محمد خميستي.
قاعات تبكي حالها وتكشف سوء التسيير
للوقوف على وضعية القاعات المذكورة، قامت "المساء" بجولة ميدانية إلى بعض القاعات، كانت بدايتها من قاعة "فاميليال" بحي سيدي الهواري، وهي القاعة التي تحولت اليوم إلى ركام بعد تعرضها للانهيارات، حيث بقيت واجهتها قائمة ودمرت القاعة بالكامل، وقد كشف السكان عن أن القاعة بقيت مغلقة لأكثر من 30 سنة دون استغلال، كما أن انهيارها منذ عامين، كشف عن وجود ترسانة من البنادق التي كان يستخدمها المجاهدون، وقد تم تحويل هذه البنادق من طرف المصالح المختصة وبقيت القاعة مجرد ركام، في انتظار هدمها بالكامل.
كما تنقلنا إلى حي المقري المعروف بحي "سانت أوجان" والذي كان يحتوي على قاعة تعرف بتسمية "النادي"، وهي القاعة التي حولها شخص لمحل يبيع فيه "الماء الحلو" ومواد التنظيف، في مشهد لا يليق بقاعة سينما، ولا زالت القاعة تحافظ على واجهتها كقاعة سينما، في غياب المسؤولين والجمعيات الفاعلة في الحقل الثقافي بولاية وهران.
كما شملت زيارتنا قاعة "الراكس" الموجودة حاليا بشارع تلمسان في منطقة "سانت أنطوان"، وهي القاعة التي بقيت لغزا محيرا لسكان مدينة وهران، حيث تم غلقها منذ أكثر من 30 سنة، وكانت مستغلة من طرف شخص، وبعد وفاته دخل الورثة حسب بعض المواطنين في نزاع أدى إلى غلق القاعة التي هي في الأصل ملك للبلدية، والغريب في الأمر، أن القاعة تحولت إلى مفرغة عشوائية تنتشر بها النفايات والأوساخ، وهو ما يمكن مشاهدته عند الوقوف أمام مدخلها، خاصة و أنها تتواجد بمنطقة تعرف حركة مرورية هامة باتجاه غرب المدينة، حيث لم تتدخل البلدية حتى لتنظيف القاعة أو العمل على استعادتها. كما تقابلها في نفس الشارع، قاعة "ألدوراد" التي تحولت إلى فندق، وسط تساؤلات المواطنين بخصوص تحويل عقار قاعة سينما إلى فندق. وقد علمنا أن صاحب الفندق أبقى على وضعية القاعة بداخل الفندق، لأنه من المهتمين بالسينما...
في قلب مدينة وهران، لا زالت قاعة "إفريقيا" الموجودة أسفل عمارات حي الأوراسي لاباستي سابقا موجودة، لكن تم غلقها بقرار من مصالح ولاية وهران، بعد أن باتت تشكل خطرا على جمهورها، وتعرض الشارع بأكمله للغرق في سيول مياه وادي الروينة الذي تسلل إلى أقبية العمارات على مستوى الشارع، وهي القاعة التي بقيت أيضا مستغلة من طرف مستثمر خاص، كان يقوم بتنظيم حفلات راقصة وغنائية بصفة دورية إلى غاية غلقها.
كما اكتشفنا خلال هذا الربورتاج ملصقة إشهارية خاصة بالعروض السينمائية المبرمجة ببعض القاعات في مدينة وهران، حيث كانت تزخر بعروض خاصة بالأفلام العالمية المتنوعة، التي كشفت عما ذهب إليه السيد الطاهر حول وجود تخصص في العروض السينمائية، حيث كانت قاعتا "البالزاك" و«الأوسكيريال" تعرض الأفلام العربية، بينما كانت باقي القاعات تعرض أفلام المغامرات الغرب الأمريكي المعروفة بأفلام "الكوبوي".
قاعات تمكنت من الصمود وأخرى استفادت من الترميم
في المقابل، تمكنت بعض القاعات التي تعد على أصابع اليد، من مواجهة خطر الزوال أو تحويلها إلى غير نشاطها، على غرار قاعة السينما "المرجاجو" الموجودة بشارع العربي بن مهيدي، في قلب مدينة وهران، والتي قام مسيرها خلال السنتين الماضيتين بإعادة ترميمها بالكامل لتحول إلى تحفة معمارية عصرية تستقبل الأطفال، بعد ما خصصها كفضاء لعرض الرسوم المتحركة وأفلام الكرتون. ولا زالت قاعة "الهوقار" الواقعة خلف ديوان رئيس بلدية وهران، بشارع الصومام، تواجه المشاكل، حيث لم تستفد من أي عملية ترميم، فيما بقيت تعرض الأفلام في غياب تام للجمهور، ولا يزال مسيرها يفضل المواجهة رافضا غلقها.
كما تمكنت مصالح بلدية وهران، في إطار احتضانها للمهرجان الدولي للفيلم العربي، من ترميم قاعتي "السعادة" الكوليزي سابقا وقاعة "المغرب" الريجون سابقا ، بعد استفادتها من غلاف مالي هام، حيث أعيد الاعتبار للقاعتين اللتين تحتضنان كل عروض مهرجان الفيلم العربي، وهما القاعتان الواقعتان بقلب المدينة واللتان تسيران اليوم من طرف الديوان الوطني للثقافة والإعلام، الذي أبرم اتفاقية مع بلدية وهران لإعادة بعث النشاط بالقاعتين اللتين تحتضنان دوريا عروضا لمسرح الطفل، وسلسلة من العروض الموسيقية والحفلات الفنية التي نشطت الحياة الثقافية بالمدينة. كما تبقى قاعة الفتح "البالزاك" تواجه مصير الغلق، حيث لم يتم إلى اليوم إدراجها ضمن مخطط الترميم، لتبقى مجرد قاعة تستقبل نشاطات الأحزاب السياسية لإقامة الندوات الشعبية أو الجمعيات التي تنظم فيها لقاءاتها واحتفالاتها، فيما تبقى قاعة "مرحبا" ضمن برنامج الترميم وقد انطلقت بها أشغال استعجالية منذ سنتين، وقررت مصالح بلدية وهران تحويلها إلى فضاء خاص بالأطفال وسينما لعروض الرسوم المتحركة، إذ ستدعم بمكتبة للأطفال بعد تخصيص غلاف مالي قدره 7 ملايير سنتيم، غير أن الأشغال عادت لتتوقف مع تواصل انهيار واجهة القاعة بصفة شبه كاملة.
بلدية وهران: "المسؤولون السابقون يتحملون المسؤولية"
عن الملف، كشف مصدر مسؤول من بلدية وهران، عن أن تسيير قاعات السينما ببلدية وهران عرف منذ سنوات مشاكل كبيرة، أدت إلى تنازل البلدية عن عدة قاعات خلال فترات زمنية متفرقة، حيث قامت المجالس البلدية المتعاقبة بالتنازل عن بعض القاعات لصالح مستثمرين خواص، في إطار قانون الاستغلال لمدة زمنية تتراوح بين 30 و55 سنة، وهو ما أدى إلى تحويل بعض القاعات عن نشاطها الحقيقي، فيما قامت بعض المجالس ببيع بعض العقارات التي كانت تضم سابقا قاعات سينما وانهارت، وهو ما كان يسمح به القانون وقتها، مما أدى إلى ضياع القاعات واختفائها في غياب برامج ترميم وصيانة.
أضاف المتحدث أن مصالح البلدية ومنذ سنة 1998، سارعت إلى إعادة الاعتبار للقاعات المتبقية التي تم استعادتها وتسييرها محليا، بإنشاء قسم للثقافة تابع لبلدية وهران، كلف بتسيير ما تبقى من قاعات السينما في غياب النشاط وعرض الأفلام إلى غاية انطلاق مهرجان الفيلم العربي، الذي دعم البلدية بإعادة الاعتبار لقاعتي "المغرب" و"السعادة" اللتين استفادتا من مشروعي ترميم، وبقيت قاعة "الفتح" تنتظر دعما ماليا، غير أنها همشت، إلى جانب قاعة "مرحبا" التي كانت مهددة بالانهيار إلى غاية تدخل المجلس البلدي السابق الذي خصص غلافا ماليا لإعادة الاعتبار للقاعة التي ستسلم خلال السنة الجارية.
أضاف المتحدث بأن المجلس البلدي السابق، قام في إطار إنشاء ديوان للثقافة، بتحويل تسيير القاعات للديوان البلدي للثقافة والفنون الذي سير القاعات لمدة زمنية، ليتم منذ سنتين فقط تحويل التسيير لصالح الديوان الوطني للثقافة والإعلام، وفق اتفاقية خاصة تم بموجبها إعادة النشاط لقاعتي "السعادة" و«المغرب".
كما كشف المتحدث عن أن بلدية وهران بقيت تملك عقارا خاصا بموقع سينما "ريجينا" المتواجدة بمنطقة "سانت أوجان"، وقد حاول أحد المرقين العقاريين الاستحواذ عليه، لتتدخل البلدية وتقرر تحويله لمكتبة بلدية، حيث انطلقت الأشغال على مستواه وسيسلم في نهاية السنة الجارية، وقاعة "ريجينا" من بين القاعات التي واجهت التهميش واللامبالاة إلى غاية انهيارها بالكامل.
❊رضوان قلوش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.