هل سيوقف الكيان الصهيوني قصف قطاع غزة استجابة لدعوات الولاياتالمتحدة المتوالية بوقف الحرب أم أنها وكعادتها ستواصل دكه بأطنان من المتفجرات كما تفعل في كرة مرة تستأنف فيها مفاوضات وقف إطلاق النار ويعود معها التفاؤل بإمكانية انتهاء "الكابوس"؟. مثل هذا السؤال يطرح مجددا باعتبار أن الكيان الصهيوني لم يستمع أول أمس لدعوة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي طالب بنفسه بالوقف الفوري للحرب على غزة من أجل تهيئة الظروف لتطبيق خطته لوقف إطلاق النار التي وافقت عليها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وكررتها إدارته أمس على لسان وزير خارجيته، ماركو روبيو، الذي قال بضرورة وقف القصف الصهيوني لغزة من أجل السماح بالتوصل إلى صفقة تبادل الأسرى. وقال روبيو في تصريحات صحافية إنّه "بمجرد الاتفاق على الترتيبات اللوجستية، أعتقد أن الإسرائيليين وكل شخص آخر سوف يدركون أنه من المستحيل تحرير الرهائن في خضم الضربات، وبالتالي يتعين على الضربات أن تتوقف"، مؤكدا أنه يجب التوصل إلى اتفاق بشأن هذه الترتيبات "بسرعة كبيرة". ولكن هل تكتفي ادارة ترامب بمجرد الكلام أم أنها ستتجه لممارسة الضغط على حكومة اليمني المتطرف، بنيامين نتنياهو، لحمله على وقف عدوانه الهمجي على غزة، خاصة وأن هذا الأخير يواصل تجاهل دعوة حليفه الأكبر بما يثبت وللمرة الألف أنه كيان فوق القانون الدولي، وأن غياب المحاسبة هو ما يمنحه الجرأة لمواصلة الإبادة بحق الفلسطينيين. وهي حقيقة لا تخفى على أحد بدليل أنه حتى "حماس" التي سعت إسرائيل جاهدة لتقديمها للعالم أجمع على أنها منظمة "إرهابية" أثبتت أنها حركة مقاومة يهمها مصلحة شعبها وأخذت قرارها بالموافقة على مقترح ترامب لإنهاء الحرب بعد مشاورات معمقة وموسعة مع قيادتها وباقي الفصائل الفلسطينية. غير أن موقف "حماس" الإيجابي والمسؤول من مقترح ترمب لم يقابل إلا بمزيد من العدوان، بما يؤكد مجددا أن الاحتلال لا يبحث عن تهدئة، بل عن استمرار القتل والتدمير حتى وإن كان ذلك على حساب أسراه الذي يدعي سعيه لتحريرهم وهو الذي عجز على مدار عامين عن تحرير أسير واحد بقوة الرصاص وكل الذين تمّ الافراج عنهم حتى الآن تم بآلية التفاوض وبموافقة "كتائب القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس". لكن الاحتلال يواصل مراوغاته لإطالة أمد الحرب لحسابات سياسية وشخصية ربما تهم نتنياهو بالدرجة الأولى، وإلا كيف يتم تفسير في كل مرة تستأنف فيها المفاوضات تقصف إسرائيل بكل قوتها القطاع كما يحدث حاليا مع احتضان مصر لجولة جديدة من المفاوضات للتوصل إلى اتفاق للشروع في تطبيق خطة ترامب، يواصل الاحتلال الصهيوني قصفه القطاع بشكل مكثف وممنهج مخلفا كعادته سقوط المزيد من الشهداء من المدنيين العزل ويعمّق مآسي وجراح الغزيين. ربع مليون شهيد وجريح ومفقود خلال سنتين من المجازر الاحتلال الصهيوني يواصل إبادة سكان غزة أكد المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة، محمود بصل، أمس، أن الاستهدافات الصهيونية مستمرة في قطاع غزة رغم الإعلان عن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لوقف إطلاق النار ودعوته بالوقف الفوري للحرب. وأشار محمود بصل، في تصريحات إعلامية، أمس، إلى أنه لم تدخل أي شاحنة تحمل مساعدات إلى مدينة غزة منذ بدء الحصار عليها، وقال إنّ "هناك عدد من جثامين الشهداء لا نستطيع انتشالها من مناطق عمليات الاحتلال". فمع استمرار القصف الصهيوني، وصل خلال 24 ساعة الماضية إلى مستشفيات قطاع غزة 65 شهيدا و153 إصابة، لترتفع بذلك حصيلة ضحايا هذا العدوان الجائر إلى 67 ألفا و139 شهيد و169 ألف و583 جريح غالبيتهم أطفال ونساء. وعشية الذكرى الثانية لعملية "طوفان الأقصى"، كشفت وزارة الصحة الفلسطينية بأن الاحتلال الصهيوني ارتكب على مدار عامين جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، أدت إلى استشهاد وإصابة ما لا يقل عن 240 ألف فلسطيني، إلى جانب عديد المفقودين تحت الأنقاض. وأوضحت الوزارة، في تقرير لها أمس، أن دمارا غير مسبوق مس المنازل والمنشآت والبنية التحتية والمستشفيات والمراكز الصحية والجامعات والمدارس، إضافة إلى مجاعة أزهقت أرواح 459 فلسطيني من بينهم 154 طفل، مشيرة إلى أن الفظائع المتصاعدة نتيجة عدوان الاحتلال الصهيوني المتواصل تشكل انتهاكات خطيرة لجميع حقوق الإنسان. وأكد أن عديد الجرحى يعانون من صدمات شديدة وظروفا تهدّد حياتهم، فيما لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات في ظل عجز طواقم الإسعاف والإنقاذ عن الوصول إليهم حتى اللحظة بسبب تهديد آلة القتل الصهيونية، مع العلم أنه منذ 18 مارس الماضي تاريخ استئناف الإبادة الصهيونية وحتى الساعة، بلغت حصيلة الشهداء والإصابات 13 ألفا و486 شهيد و57 ألفا و839 جريح. وأبانت تقارير وزارة الصحة والمؤسسات الدولية والأممية، أن 34 مستشفى من أصل 36 مستشفى كانت تعمل في القطاع قبيل حرب الإبادة، تضررت كليا أو جزئيا، حيث شنّ الاحتلال الصهيوني أكثر من 400 هجوم على المرافق الصحية والعاملين فيها. كما ذكر تصنيف دولي لانعدام الأمن الغذائي، الذي تشارك فيه الأممالمتحدة، أن أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة يواجهون ظروفا كارثية، أي المرحلة الخامسة من التصنيف، ومنها الجوع الشديد والموت والعوز والمستويات الحرجة للغاية من سوء التغذية الحاد. وأوضح التصنيف أن 1.07 مليون شخص آخر، بما يعادل 54 في المئة من السكان، يواجهون المرحلة الرابعة وهي مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد "الطارئ"، بينما يواجه 396 ألف، أي 20 في المئة من السكان، المرحلة الثالثة وهي مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد "الأزمة". وأبرزت وكالات الأممالمتحدة أن التطوّرات الأخيرة، بما فيها العدوان الصهيوني وتكرار النزوح وتشديد الحظر على الوصول الإنساني، فاقمت الوضع الإنساني، وذكرت أن الأثر التراكمي لتلك العوامل دفع غزة إلى كارثة غير مسبوقة حيث يقيد بشدة وصول غالبية السكان إلى الغذاء والمياه النظيفة والخدمات الأساسية. كما شدّد الاحتلال الصهيوني منذ الثاني مارس الماضي، حصاره المفروض على قطاع غزة وأغلق المعابر أمام شاحنات مساعدات مكدسة على الحدود. وأفادت الوكالة الأممية لتشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أن 1.9 مليون شخص نزحوا قسرا في قطاع غزة منذ بدء الإبادة، لافتة إلى أن الغالبية العظمى من سكان القطاع نزحوا مرة واحدة على الأقل، بينما أعلنت الأممالمتحدة نزوح أكثر من مليون و200 ألف شخص جراء العدوان الهمجي والوحشي المتواصل على مدينة غزة منذ منتصف مارس الماضي. من جهته، حذّر برنامج الأممالمتحدة للبيئة من أن التعافي من الأضرار البيئية في غزة قد يستغرق عقودا، مشدّدا على أن الوضع البيئي شهد تدهورا كبيرا في جميع المؤشرات تقريبا منذ التقييم الأخير الذي أجري في شهر يونيو 2024، إضافة إلى أن إمدادات المياه العذبة باتت شحيحة للغاية، وكمية كبيرة مما تبقى منها ملوّث. وحسب إحصائيات وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، فإن الاحتلال الصهيوني دمر أكثر من 179 مدرسة حكومية بالكامل و118 مدرسة حكومية تعرضت إلى قصف وتخريب وأكثر من 100 مدرسة تابعة للأونروا تعرّضت إلى قصف وتخريب، فيما تعرضت 20 مؤسسة تعليم عال لأضرار بالغة، وجرى تدمير أكثر من 63 مبنى تابعا للجامعات بشكل كامل. ورصدت الوزارة استشهاد أكثر من 18 ألفا و69 من طلبة المدارس وجرح أكثر من 26 ألفا و391 آخرين واستشهاد أكثر من 1319 من طلبة الجامعات وجرح أكثر من 2809 آخرين منذ اندلاع الحرب على غزة حتى 30 سبتمبر الماضي، بينما استشهد 1016 من الكوادر التعليمية في المدارس والجامعات وجرح أكثر من 4667 إطار. وأشارت إلى أن 30 مدرسة في غزة، بطلبتها ومعلميها، أزيلت من السجل التعليمي وحرم أكثر من 630 ألف طالب وطالبة من حقهم في التعليم عدا عن عشرات الآلاف الذين بلغوا سن الالتحاق برياض الأطفال. كما تسببت حرب الإبادة الصهيونية في حرمان أكثر من 70 ألف طالب وطالبة من مواليد 2006 و2007 من التقدم للامتحان. "برنامج الأغذية العالمي" يدعو للسماح بالوصول الإنساني لسكان القطاع دعا برنامج الأغذية العالمي، أمس، إلى ضرورة استعادة القدرة على الوصول الإنساني لسكان قطاع غزة والأشخاص الأكثر عرضة للخطر في ظل تواصل الحصار والعدوان والمجازر التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحقهم. وفي منشور عبر حسابه الرسمي على منصات التواصل الاجتماعي، أشار البرنامج الأممي إلى "نزوح أكثر من 450 ألف فلسطيني إلى شمال القطاع منذ شهر أوت الماضي، لكن عديد الأشخاص الأكثر ضعفا غير قادرين الآن على المغادرة". وأوضح أن "العائلات الفلسطينية أصبحت محاصرة في مدينة غزة، حيث قطعت عنهم المساعدات الإنسانية منذ إغلاق معبر زكيم شمال القطاع"، مشدّدا على "الحاجة الماسة لاستعادة القدرة على الوصول حتى تتمكن المساعدات الإنسانية من الوصول إلى الأشخاص الأكثر عرضة للخطر".