حذر ممثل مكتب حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الجزائر، يوسف حمدان، أمس، من أن الاحتلال الصهيوني لا يزال يسعى إلى تحقيق أهدافه بتهجير أبناء الشعب الفلسطيني من قطاع غزة من خلال الالتفاف على بنود اتفاق وقف إطلاق النار الواضحة وربط بعض النقاط غير المتفق عليها بأخرى واضحة وملزمة له. وقال حمدان في تصريح للصحافة الوطنية، بأن الاحتلال الصهيوني حاول إعادة تفكيك وتركيب اتفاق وقف إطلاق النار بما يخدم مصالحه ويتهرب من الالتزامات التي تمليها عليه المرحلة الأولى، والتي تتضمن فتح المعابر في الاتجاهين للأفراد وإدخال البضائع والمساعدات ومعدات إزالة الأنقاض، وكذلك الانسحاب من المناطق المنصوص عليها في الاتفاق. ولفت إلى مواصلته خروقاته عبر القتل اليومي وتحريك حدود ونقاط ما يعرف ب«الخط الأصفر" والتحكم في حجم ونوع المساعدات والبضائع التي تدخل إلى القطاع، مشيرا إلى أنه لم يدخل القطاع خلال اليومين الماضيين سوى نصف الكمية من المساعدات المقررة في الاتفاق. ولذلك عبرت حركة "حماس" عن رفضها الواضح لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني وطالبت الوسطاء والإدارة الأمريكية بإلزام الاحتلال بفتح المعابر في الاتجاهين والإيفاء بكامل بنود الاتفاق، كما نصت عليه المرحلة الأولى منه، مع ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية. وفي هذا الإطار، أكد حمدان بأن التواصل مع الوسطاء لم يتوقف، معبرا عن اعتقاد الحركة بأن "المصريين مدركون لمرامي الاحتلال من إعلانه فتح المعبر باتجاه واحد، بما يعنيه ذلك من فرض واقع ميداني وسياق اتفاق يخدم الاحتلال ولا يلبّي حقوق شعبنا ولا يحترم ما تم الاتفاق عليه". وبناء عليه، أكد أن أهداف الاحتلال أصبحت واضحة للجميع، وهو ما يوجب الضغط عليه وعلى الإدارة الأمريكية لإلزامه بكامل استحقاقات الاتفاق، خاصة وأن المقاومة أدت التزاماتها كاملة، رغم مماطلة الاحتلال وتهربه ومحاولاته فرض وقائع جديدة على الأرض عبر المخاتلة السياسية والضغط الميداني على احتياجات الشعب الفلسطيني وحقوقه الإنسانية. ولا يزال اتفاق وقف إطلاق النار متوقف في مرحلته الأولى، التي دخلت حيز التنفيذ منذ قرابة الشهرين من دون الانطلاق حتى الآن في مفاوضات المرحلة الموالية التي تنص على انسحاب القوات الإسرائيلية من مواقعها الحالية في قطاع غزة، وتولي سلطة انتقالية الحكم مع انتشار قوة استقرار دولية من المفروض أن تتولى حماية وتثبيت وقف إطلاق النار. ورغم ضغط الوسطاء مصر وقطر وإلى جانبهما الولاياتالمتحدة من أجل الانتقال الى المرحلة الثانية، لا يزال الكيان الصهيوني يخترق الذرائع لتعطيل عملية الانتقال بحجج وأهمية مفادها أن المقاومة لم تسلم جثامين أسرى إسرائيليين مدفونين تحت أطنان من ركام المباني التي دمرتها آلة الحرب الصهيونية على رؤوس قاطنيها. ورغم صعوبة مهمة انتشال الجثامين، إلا أن المقاومة أوفت بجميع التزاماتها المنصوص عليها في اتفاق شرم الشيخ وسلمت كل الأسرى الإسرائيليين الأحياء، كما واصلت تسليم كل جثامين المتوفين منهم دون انتظار ولا تزال فقط جثة أسير واحد اتخذتها إسرائيل ذريعة لتعطيل الانتقال للمرحلة الثانية. وتؤكد تقارير إعلامية وخاصة عبرية، أن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، تمارس ضغوطا كبيرة للإسراع بالانتقال إلى المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، حتى قبل استعادة جثة هذا الأسير الإسرائيلي. وكاند مجلس الأمن الدولي، اعتمد قرارا أمريكيا بشأن إنهاء العدوان الصهيوني الذي دام عامين كاملين على قطاع غزة وخلف حصيلة ضحايا جد دامية تجاوزت 70 ألف شهيد، يقضي أيضا بإنشاء قوة دولية مؤقتة حتى نهاية عام 2027. وتم رسم "خط أصفر" وهمي يفصل بين المناطق التي يحتلها وينتشر فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة وتلك التي لا ينتشر فيها. وهذا الخط تنص عليه المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة "حماس" وإسرائيل، وفقا لخطة ترامب، الذي بدأ سريانه في 10 أكتوبر الماضي. ويوميا يخرق الاحتلال الصهيوني الاتفاق بمواصلة قصفه لمناطق متفرقة من القطاع تسببت حتى الآن في استشهاد 367 فلسطيني واصابة 953 آخرين. كما يمنع إدخال قدر كاف من المواد الغذائية والمستلزمات الطبية إلى غزة، ليترك ما لا يقل عن 2.4 مليون فلسطيني يواجهون ظروف معيشية قاسية وأوضاع مأساوية غير مسبوقة. المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في فلسطين تحذّر خطة الاحتلال الصهيوني للتطهير العرقي مستمرة أكدت المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في فلسطين، فرانشيسكا ألبانيزي، أمس، أن خطة الكيان الصهيوني للتطهير العرقي في فلسطين مستمرة بموافقة عدة دول. وأشارت المسؤولة الأممية، في تصريحات صحافية، إلى أن الوضع في غزة أنتج خللا عميقا في النظام الدولي يصعب إصلاحه، مشددة على ضرورة أن تقوم دول العالم بحظر الأسلحة وقطع العلاقات مع هذا الكيان المحتل الذي يواصل ارتكاب أبشع الانتهاكات في حق العزل من أبناء الشعب الفلسطيني. وبينما حذرت من أن الاحتلال قد يحقق عبر وقف إطلاق النار ما لم يستطع تحقيقه عبر الإبادة، أبدت ألبانيزي استياءها من التأخر في إقامة الدولة الفلسطينية، حيث قالت إنه "من المعيب تأخر الاعتراف بدولة فلسطين وعدم اعتراف بعض الدول بها". ومع استمرار جرائم الاحتلال الصهيوني ليس فقط في قطاع غزة، بل في كل شبر من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، تتوسع دائرة الأصوات خاصة الغربية المطالبة بضرورة فتح المجال أمام الصحافيين الأجانب لدخول فلسطين وخاصة القطاع الخارج لتوّه من حرب إبادة صهيونية مروعة جاءت على الأخضر واليابس فيه.ومن بين هذه الأصوات محرر وكالة "أسوشيتد برس" في أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط سابقا، دان فيري، الذي قال في تصريحات، لن تعجب إسرائيل، إنه "في حال السماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة سنكون حينها على أبواب معركة تاريخية". وأضاف "نحن في ذروة الموجة الثانية من استخدام مصطلح حرب الإبادة في غزة، فلم يعد الحديث عن مجرد اتهام بل حقيقة قائمة تستخدمها عديد المؤسسات والوكالات الإعلامية الدولية". وأشار هذا الصحفي إلى أن "مصطلح حرب الإبادة بات ينتشر أكثر وأكثر في أنحاء العالم ولم يعد يحتاج إلى دليل لإثبات حدوثه، فهو المصطلح الأخطر في السياق التاريخي والقانون الدولي". وتؤكد كل التقارير الإعلامية والحقوقية الصادرة عن مؤسسات أممية ومنظمات غير حكومة ارتكاب الكيان الصهيوني لواحدة من أبشع حروب الإبادة الجماعية في حق فلسطينيي قطاع غزة في التاريخ المعاصر. ولا يوجد مجال للشك بأن هذا الكيان الغاصب متورط في هذه الإبادة ويواجه دعاوى قضائية على مستوى القضاء دولي تضعه ومسؤوليه في قفص الاتهام. وستبقى تطارده إلى غاية تحقيق العدالة التي لا طالما تهرب منها عبر عقود من الزمن عاث فيها فسادا في كل ما هو فلسطيني مستفيدا من سياسة الإفلات من العقاب التي دعمه فيها الغرب. ولكن هذا الغرب خاصة المستوى الرسمي منه وجد نفسه، اليوم، في مأزق حقيقي في ظل استفاقة رأيه العام الذي شاهد وتابع على المباشر فصول الإبادة الجماعية الصهيونية في قطاع غزة على مدار عامين كاملين. وتكشفت أمامه حقيقة كيان دموي لا يرحم حتى الأطفال الذين يقتلهم بكل برودة دم بما. وأصبح شارعه ومؤسساته المدنية وحتى بعض الأصوات الرسمية فيه من سياسيين وبرلمانيين يطالبون بضرورة معاقبة الاحتلال على جرائمه في فلسطين ومحاسبة الدول الغربية الداعمة له والمتورط في هذه الإبادة التي تبقى عارا على جبين الإنسانية جمعاء.