دعت نوال عليوي أستاذة في علم النفس بجامعة الجزائر “2” تخصص علم النفس المدرسي، خلال مشاركتها مؤخرا في ملتقى حول دور الإرشاد في تسيير الصراعات النفسية، إلى ضرورة إعادة تفعيل دور مستشار التربية والتوجيه بالمؤسسات التربوية للحد من السلوك العدواني الذي يعيشه المراهق في مرحلة عمرية معينة. جاءت مداخلة الأستاذة نوال تحت عنوان “الصراع النفسي الاجتماعي وعلاقته بظهور السلوك العدواني لدى المراهقين”، حيث سلطت الضوء على الصراع الذي يعيشه المراهق ويحوله من شخص هادئ الى منفعل وعدواني. في حديثها ل “المساء” قالت في تعريفها لمرحلة المراهقة “ سن المراهقة كما هو معروف هي المرحلة الحرجة التي تضطرب فيها فزيولوجية المراهق بالنظر الى التغيرات التي تصيبه، وما يزيد من سوء حالته عدم تجاوب الأسرة معه علاوة على رفض المجتمع لبعض السلوكات التي تصدر عنه، ما يجعله يعيش صراعا نفسيا يحاول التخلص منه بممارسته لبعض التصرفات العدوانية التي تظهر عادة بالمدرسة أين يلجأ الى الاعتداء على الزملاء أو تحطيم الطاولات أو الاعتداء على بعض المعلمين، ويكون انفعاله مصحوبا بالصراخ كما يقل لديه احترام الآخر. تعتقد الأستاذة نوال ان من بين العوامل التي تزيد من عدوانية المراهق وتصعب من حدة التوتر لديه، رفض الأسرة، وكذا المجتمع، تلبية بعض المتطلبات التي يحتاجها خلال هذه المرحلة، وتتمثل في بعض الممارسات العاطفية بحكم العادات والتقاليد التي تحكم المجتمع، وكذا مبادئ الدين الإسلامي الذي يرفض هذه الممارسات، ومن ثمة عوض فهم المراهق ومساعدته على تخطي هذه المرحلة بفتح نافذة للتعبير عما يعتريه من تغيرات، يجد صعوبة في فهمها من طرف الآخرين ويقابل تصرفه بالتزمت. تظهر أهمية الإرشاد في حماية المراهق من السلوك العدواني في الأسرة أولا، التي يقع على عاتقها احتواء ابنها، تقول الأستاذة نوال، وتضيف “من بين الأشخاص المؤهلين أيضا لمساعدة المراهق على تخطي هذه الصراعات النفسية، مستشار التوجيه على مستوى المؤسسات التربوية، غير انه وللأسف الشديد نلاحظ غياب دور المستشار الفعلي في الميدان رغم أهميته كونه الشخص المختص والمؤهل، ولكن نلاحظ ان دور المستشار التوجيهي يرتبط عادة ببعض الأطوار التعليمية الخاصة باجتياز بعض الامتحانات المصيرية على غرار طلبة البكالوريا، في هذه الفترة فقط يظهر دور المستشار من الناحية الميدانية، ما يجعله محصورا في عمل معين ليبقى المراهق يصارع نفسه ويبحث عمن يمكنه فهمه. من بين الاقتراحات التي جاءت بها المختصة نوال لحماية المراهق من سلوكه النهج العدواني، المطالبة بإعادة تفعيل دور المستشار التربوي على مستوى كل المؤسسات التعليمية بالنظر الى أهمية دوره، إلى جانب دعم تكوين المستشار التربوي ميدانيا من خلال التركيز على تكوينه النوعي... ولجعل دوره فعالا، تؤكد محدثتنا على أهمية ان يخرج المستشار التربوي من مكتبه وان يحتك بالمراهقين من خلال برمجة بعض اللقاءات التي تسمح للمراهق بالتعبير عما يعانيه، ناهيك عن تنظيم بعض المحاضرات العلمية والتوجيهية التي تمكن المراهق من فهم التغيرات التي تصيبه. وفي ردها على سؤال “المساء” حول ما إذا كان عدد المستشارين التربويين على مستوى المؤسسات التعليمية كافيا، قالت “ للأسف الشديد عددهم قليل رغم أهمية دورهم وهو مربط الفرس، فالنظام المعمول به في الجزائر يلقي بمسؤولية الإشراف على المقاطعة الإدارية على عاتق مستشار واحد، ما يجعله غير قادر على تغطية كل المؤسسات التعليمة، وبالتالي تضيف “ المطلوب هو العمل على فتح المجال واسعا لتوظيف اكبر عدد من المختصين النفسانيين والتربويين في جميع الأطوار التعليمية، وأن لا يقتصر الأمر على الأطوار الثانوية فقط لأن تمكين الطفل منذ المراحل الأولى من آلية التعبير عما يعانيه من متاعب يجعله مؤهلا لان يتجاوز مرحلة المراهقة من دون مشاكل تذكر . تختم الأستاذة نوال حديثها بالقول، ان ظاهرة العنف في سلوك المراهق بالمجتمع الجزائري موجودة ولكنها لا تدعوا إلى القلق ما دام في الإمكان التحكم في سلوكه واحتوائه بتوسيع نطاق توظيف المستشارين التربويين والمختصين النفسانيين، الى جانب توعية الأسرة بدورها الهام في فهم المراهق واحتوائه.