أكد الأستاذ والباحث في العلاقات الدولية السيد فؤاد عمور، أن الجزائر تلعب دورا نشيطا في حوار ال5+5. وقال إنها من الدول الأكثر نشاطا لاسيما في بعض الاجتماعات، ومنها الأخير الذي عُقد في 2013، والذي لعبت فيه دورا فاعلا خاصة من الجانب الفكري، باقتراحها إنشاء مرصد للأمن الغذائي، لكنه شدّد على ضرورة متابعة توصيات هذا الفضاء التشاوري بإقامة هيئة إدارية تتكفل بذلك، وكذا رصد "أدنى حد من الموارد" لترجمة الاقتراحات إلى عمليات ميدانية ملموسة. ودعا الباحث المغربي في محاضرة ألقاها أمس بالجزائر العاصمة تحت عنوان "5+5: إطار مناسب لإحياء الشراكة الأورومتوسطية"، دول الجنوب التي تنتمي إلى هذا الفضاء التشاوري للعمل على الاندماج فيما بينها بمقاربة جديدة، تشبه تلك التي بُني عليها الاتحاد الأوروبي. وعبّر عن اقتناعه بأن الاعتماد على العوامل المشتركة الأساسية كوحدة اللغة والدين والتاريخ، لا يمكنها أن تؤدي إلى التقدم نحو الأمام في مسار الوحدة المغاربية، وإنما الحل يكمن في مقاربة جديدة "عملية"، تأخذ بعين الاعتبار عناصر أخرى. وألحّ ضيف المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة، على أهمية وضع أسس تشاور دائم بين دول الجنوب المنتمية إلى هذا الحوار، حول المسائل المطروحة للنقاش، متأسفا لغياب تام لتنسيق المواقف بينها والدراسة المسبقة للملفات، وهو ما أثر في قوّتها التفاوضية لدرجة قوله بأن الحوار في حقيقة الأمر، يتم بين 5 دول موحدة من الشمال، وكل دولة على حدة بالنسبة للضفة الجنوبية. في السياق، تساءل "كيف يمكن أن نطالب بحرية التنقل بين ضفتي المتوسط، في حين أن هذا العامل غير متوفر بين دولنا؟". هذا الوضع أضعف دول الجنوب، وهو ما أدى حسب المحاضر - إلى فرض أجندة من دول الشمال، تركز خصيصا على مواضيع الأمن والهجرة وتبادل المعلومات، في حين تغيب مواضيع تهم دول الجنوب، مثل التنمية المستدامة والتشغيل. وانطلاقا من ذلك اعتبر أن الرهان حاليا يتمثل في جعل حوار ال5+5 "يتماشى مع تطلعاتنا وظروفنا"، وهو ما لن يتم دون تضافر جهود بلدان الضفة الجنوبية، التي عليها - كما قال - رفع التنسيق والتشاور فيما بينها والاستفادة مما حققه الآخرون، من أجل بناء منطقة قوية وجعل هذا الفضاء دافعا لبناء المستقبل. هو طموح يمكن تحقيقه بالنظر إلى مسيرة 24 سنة من هذا الحوار التي لا تُختصر في نقاط سلبية فقط، كما أشار إليه، إذ لم يتردد في القول بأنه "حوار إيجابي في حد ذاته؛ لأنه يجمع مسؤولين من الضفتين، ولأنه غير رسمي، فإنه يتم بدون بروتوكولات، كما أنه مفتوح على كل المواضيع". وربما هي العوامل التي أمدت في عمر الحوار رغم تجميده لعشر سنوات بين 1991 و2001 - وهو ما اعتقده البعض "قبرا" لهذا المنتدى، لاسيما بعد إطلاق مسار برشلونة للشراكة الأورومتوسطية سنة 1995. لكن المفارقة المسجلة اليوم هي كون هذا الحوار الفضاء الوحيد للحوار بين دول المتوسط بعد فشل مسار برشلونة. للتذكير، فإن الحوار بين دول غرب المتوسط المعروف اختصارا ب5+5، يجمع 10 دول متوسطية من الشمال والجنوب، هي: الجزائر وتونس والمغرب وليبيا وموريتانيا جنوبا، فرنسا، وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال ومالطا شمالا. وتم الشروع فيه سنة 1990 - رغم أن الفكرة ترجع إلى الثمانينيات، حسب المحاضر - بعقد أول اجتماع في إيطاليا، لتحتضن الجزائر الاجتماع الثاني سنة 1991. وتم تجميده لعشر سنوات لعدة عوامل، منها حادثة لوكربي، لتشهد سنة 2001 عودته بعد أن سوّت ليبيا مشاكلها مع الغرب، وكذا لعامل آخر مهم، كما أشار إليه السيد عمور، وهو أحداث سبتمبر بالولايات المتحدةالأمريكية، والتي حوّلت الإرهاب إلى "قضية عالمية"، مما قد يفسر النجاح الذي تعرفه اجتماعات الحوار 5+5 ذات العلاقة بالأمن والدفاع، والتي تتوَّج عادة بالتوافق بين هذه الدول على التنسيق فيما بينها.