العالم في فوهة السلاح النووي    مقاصد سورة البقرة..سنام القرآن وذروته    فضل حفظ أسماء الله الحسنى    ما أهمية الدعاء؟    سوناطراك انجزت 142 بئر مقابل 121 بئر بنهاية أوت 2024    ابن الجزائر دردابو .. أفضل مبتكر عربي    مشاريع لتطوير النظام المعلوماتي لقطاع الفلاحة    الجزائر بادرت بإصلاحات في السنوات الأخيرة    حرصا منا على إضفاء طابع مؤسساتي راق على ثقافة العرفان الوطني    هيستيريا صهيونية في موسم قطف الزيتون الفلسطيني    تأهيل الشوارع وتعبيد الطرق واستعادة الحياة    ضرورة تعزيز الحوار حول الاستخدام الجيّد للفضاء الرقمي    الجزائر تظل وفية لدورها في خدمة الإسلام الوسطي المعتدل"    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني    والي تيزي وزو يأمر بإحصاء وتطهير العمليات المسجلة في مختلف القطاعات    بزنسة معلنة للانقضاض على جيوب المسافرين    الجزائر.. خضراء    إصابة شخصان خلال انحراف وانقلاب سيارة    انتشال جثة خمسيني من بركة مائية    الجزائر مُحصّنة بوحدة شعبها وصلابة مؤسّساتها    الوالي يعرض حصيلة الإنجازات التنموية ويكرم صحافيي المنطقة    تنويه بالعلاقات التاريخية القوية التي تجمع الجزائر بالسودان    معيار الصلاة المقبولة    الجزائر توقّع المعاهدة الأممية لمكافحة الجريمة السيبرانية    لحظة فخر لإفريقيا    استذكار لنضال وكفاح الراحل "سي حسان"    استقطاب الشباب والمرأة والكفاءات في الخارج لخدمة الأمة    الجزائر ملتزمة بدعم السودانيين بكل الطرق المتاحة    متابعة مدخلات الإنتاج الفلاحي    مهرجان الجونة السينمائي : الفيلم التونسي"وين ياخذنا الريح" يفوز بجائزة أفضل فيلم عربي روائي    الموسيقى : "أوندا "تشارك في أشغال الجمعية العامة    مؤسسة ناشئة متخصصة في تثمين التراث الثقافي : المنظمة العالمية للملكية الفكرية تسلط الضوء على "آرتفاي" الجزائرية    قمة إفريقيا للابتكار والاستثمار في العقار في 18 نوفمبر    إصلاح مجلس الأمن الدولي ورفع الظلم عن إفريقيا    الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار لا غبار عليها    مشروع استراتيجي ومفخرة لسكان الجنوب    باتنة..أول براءة اختراع للمركز الجامعي سي الحواس ببريكة    إعادة اعتبار لقامة فنية غابت عن الذاكرة لعقود    تكريمات وعروض وفرص للتكوين السينمائي    ماسينيسا تيبلالي ضمن لجنة التحكيم    توزيع سكنات"الصوصيال"    مدرب "باريس أف سي" ينتقد إيلان قبال    رامز زروقي يتحدى "أجاكس"    حجز 2068 مشروب كحولي    بوغالي يشدّد على أهمية سيادة القانون    الرئيس تبّون يُهنّئ كيليا نمور    ناديان جزائريان في قائمة الأفضل    تحسين الصحة الجوارية من أولويات القطاع    تصفيات الطبعة ال21 لجائزة الجزائر لحفظ القرآن الكريم    الكاف يكشف: "الخضر" مرشحون لجائزة أفضل منتخب في إفريقيا    بطولة العالم للجمباز الفني:الجزائرية كيليا نمور تنافس على ثلاث ميداليات في مونديال جاكرتا    كأس إفريقيا للسيدات 2026 / الدور التصفوي والأخير ذهاب : سيدات الخضر يطمحن لتحقيق نتيجة إيجابية أمام الكاميرون    البوهالي: الجزائر منارة علم    لا داعي للهلع.. والوعي الصحي هو الحل    اهتمام روسي بالشراكة مع الجزائر في الصناعة الصيدلانية    انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الإنفلونزا    التلقيح المبكر يمنح مناعة أقوى ضدّ الأنفلونزا    حبل النجاة من الخسران ووصايا الحق والصبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استقالة القرية
نشر في المستقبل يوم 08 - 04 - 2009

قلت له: بلميلود.. ألم تخبرني قبل مدة، أنك منتش نفسيا، بعد زيارة قمت بها إلى القرية؟، قال: نعم، قلت: كيف وجدت القرية؟، أريد أن أعرف نموذجا من القرية الجزائرية، فنحن الجزائريون، أصبحنا نسأل عن المدينة، ولا نسأل عن القرية، كأنها غير موجودة.
قال: عدت منها، وأنا أحمل إحساسين متناقضين، في الوقت نفسه، إحساسا بالانتشاء، وقد وجدت روحي في اتساع الخلاء، ونقاء الهواء، وحلاوة الماء، وإحساسا بالحزن، لأنني وجدت الذات الحضارية لقريتي، توشك على الانطفاء، قلت له: كيف؟، قال: القرية ليست جدرانا فقط، بل ذاكرة تلك الجدران أيضا، وهذه الذاكرة هي التي تشكّل النسيج الحضاري للقرية، من عادات وتقاليد وطقوس ومحكيات وأمثال وحكم وأساطير، ما يعطي لأفرادها الشعور بالانتماء، فيبقوا فيها، وكل هذه الأمور بدأت تزول يا بوكبة، بفعل التحولات التي طرأت على الريف الجزائري بعد الاستقلال، وبفعل رحيل شطر من حاملات وحاملي هذه الذاكرة، وتهميش الشطر الذي بقي على قيد الحياة، إذ لم تعد للجدة القروية سلطة في البيت، وقد أصبح أحفادها الذين ولدوا في ظل التحولات المعروفة، يعاملونها على أساس أنها تحفة، يودّون لو أنها لا تتكلم، حتى لا تزعجهم وهم يتابعون برامجهم في التلفزيون، الذي بات جدتهم الجديدة التي لا تنام، لقد حضرت أعراسا في القرية، فلم أجد فيها ما كان يميز العرس القروي، لقد ميّعه الشباب، أو لنقل إنهم كيّفوه وفق أمزجتهم الجديدة، فأصبح مجرد فرصة للرقص والفوضى، على موسيقى ليس لها ذاكرة في المكان، ما جعل جيل الشيوخ يقاطع هذه المناسبات، مكتفيا بالتحسّر على طقوس زمان، دون أن تكون له قدرة على إعادتها، أو إعادة بعضها على الأقل، وعليه فإنه بات ممكنا أن تلاحظ بيسر اختفاء طقوس كانت تتعلق بالحرث والحصاد والدرس وجمع الزيتون وبناء بيت جديد والختان واستقبال العام الجديد والصوم والعيد والدفن، وبعض ما يقال في التواصل مع الناس، أما الفلاحة، فيا وعدي على الفلاحة، هل تصدق أنني رأيت قرويين يملكون أراضٍ خصبة، يسيل عليها الماء من غير أن يضطروا لأن يحفروا بئرا، لكنهم يشترون البصل والفلفل والطماطم والبطاطا والجزر واللفت... من سوق المدينة، حتى شاة العيد الكبير باتوا يشترونها من المدينة، فما هذا الوضع المقلوب الذي بات الجزائريون يعيشونه، المدينة التي كانت تستورد من القرية، باتت تصدر لها حتى توابل البرمة؟، إنها الاستقالة يا صديقي، ما يجعلنا أمام قرية معطلة السواعد والذاكرة، آه... نسيت أن أقول لك، إنني سألت كثيرا من البيوت هناك، إن كانوا يملكون أدوات النسيج، فقيل لي إنهم لا يملكونها، لأنهم باتوا لا ينسجون، من هذه التي بقيت تنسج في القرية، يا حسراه.. لقد ماتت الحرائر، حتى أنني وجدت منسوجات من الريف الصيني، تستعمل هناك فتساءلت، بيني وبين نفسي: كيف استطاعت منسوجات من الريف الصيني، أن تهدد منسوجات من الريف الجزائري، رغم أن المسافة بينهما لا يمكن أن تخطر على بال العجائز، بل حتى على بال بعض مثقفينا، الذين استقالوا هم أيضا من رصد التحولات في مجتمعهم، والمضاعفات التي تنتج عنها، قلت له مشاكسا: والفتاة القروية؟،‮ أما‮ تزال‮ جميلة‮ بكحلها‮ وحنائها‮ ووشمها؟،‮ قال‮ ثم‮ تركني‮ وانصرف‮: تكاد‮ المرأة‮ أن‮ تكون‮ مدار‮ كل‮ التحولات‮ في‮ التاريخ،‮ استقالة‮ الرجل‮ من‮ استقالة‮ المرأة‮.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.