محروقات : سوناطراك توقع مذكرة تعاون مع الشركة العمانية أوكيو للاستكشاف والانتاج    دورة اتحاد شمال إفريقيا (أقل من 17سنة) الجولة 5 والأخيرة/ الجزائر- مصر: "الخضر" على بعد 90 دقيقة من اللقب    انطلاق الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فيلم "بنك الأهداف" يفتتح العروض السينمائية لبرنامج "تحيا فلسطين"    ورقلة /شهر التراث : إبراز أهمية تثمين التراث المعماري لكل من القصر العتيق ومدينة سدراتة الأثرية    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد دربال يتباحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون والشراكة    الشمول المالي: الجزائر حققت "نتائج مشجعة" في مجال الخدمات المالية والتغطية البنكية    وزير النقل يؤكد على وجود برنامج شامل لعصرنة وتطوير شبكات السكك الحديدية    "الأمير عبد القادر...العالم العارف" موضوع ملتقى وطني    رئيس الجمهورية يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    رابطة قسنطينة: «لوناب» و «الصاص» بنفس الريتم    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    تجديد 209 كلم من شبكة المياه بالأحياء    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    قراءة حداثية للقرآن وتكييف زماني للتفاسير: هكذا وظفت جمعية العلماء التعليم المسجدي لتهذيب المجتمع    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    سوريا: اجتماع لمجلس الأمن حول الوضع في سوريا    بطولة وطنية لنصف الماراطون    معالجة 40 ألف شكوى من طرف هيئة وسيط الجمهورية    اجتماع الحكومة تبحث إصلاح قطاع التأمينات    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفا و305 شهيدا    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية.. احترافية ودقة عالية    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    إجراءات استباقية لإنجاح موسم اصطياف 2024    عائلة زروال بسدراتة تطالب بالتحقيق ومحاسبة المتسبب    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    إنجاز ملجأ لخياطة وتركيب شباك الصيادين    ارتفاع رأسمال بورصة الجزائر إلى حدود 4 مليار دولار    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نفائس المخطوطات ببسكرة في خطر
الباحث فوزي مصمودي ل "الأمة العربية":
نشر في الأمة العربية يوم 28 - 09 - 2009

يعتبر فوزي مصمودي من بين الإعلاميين والباحثين في التاريخ والتراث، والمهتمين بالمخطوطات والوثائق، يترأس حاليا الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات التاريخية لولاية بسكرة، يعد ويقدم برامج تاريخية بإذاعة بسكرة الجهوية، له عدة مؤلفات منشورة، منها: تاريخ الصحافة ببسكرة، رحلتي إلى أمريكا، الشيخ زهير الزاهري، العلامة عبد الرحمن الأخضري، كما يرأس تحرير المجلة الخلدونية، اقتربت "الأمة العربية" من اهتماماته التراثية، ورصدت أهم أفكاره بشأن راهن المخطوطات بعروس الزيبان "بسكرة".
** فوزي مصمودي: تعد منطقة الزيبان من أهم المعاقل التي تضم بين جنباتها مخزونا ثريا من المخطوطات الهامة والنادرة، وتأتي في مقدمتها مكتبة الزاوية العثمانية بطولڤة التي أسسها الشيخ علي بن عمر عام 1780 خلال العهد العثماني بالجزائر، وتحتوي هذه المكتبة على مئات المخطوطات، وقد تمكن الدكتور يوسف حسين من وضع فهرسة علمية لأهم 500 مخطوط منها، وتم طبع الفهرسة في 281 صفحة عام 2005.
ويعود الفضل للشيخ علي بن عثمان بن علي بن عمر في جمع هذه النفائس، والذي كان يقطع المسافات الطوال في سبيل شراء مخطوط. ويذكر أنه باع بستانا له من النخيل في سبيل اقتناء مجموعة من المخطوطات، إلى جانب مخطوطات مسجد سيدي موسى الخدري ببسكرة، وقد عاينت خزانتها فوجدتها تفوق 50 مخطوطا يشرف عليها الشيخ محمد شيخاوي، ومخطوطات المركز الثقافي الإسلامي ببسكرة الذي كان خلال حقبة الاحتلال عبارة عن كنيسة شيدت عام 1878 بحديقة جنان البايلك (5 جويلية 1962)، وقد تبرعت بهذه المخطوطات بعض العائلات البسكرية، إلى جانب مخطوطات مسجد سيدي لمبارك بخنقة سيدي ناجي، وبلدة ليانة التي عمل الخطاط يوسف بولعراس على وضع فهرسة لحوالي 100 مخطوط منها، ومخطوطات الزاوية المختارية بأولاد جلال. أما مخطوطات العائلات، فهناك ذخائر عائلة تبرمسين، ومكتبة العلامة عبد المجيد حبة، والعالم الشهيد عبد الحفيظ جلاب، وعبد القادر بوربش، والشيخ محمد خير الدين التي أهداها في حياته إلى الجامعة الإسلامية بقسنطينة، وتضم حوالي 16 مخطوطا نادرا وأزيد من 1000كتاب مطبوع.
** في ظل غياب إحصاء دقيق وفهرسة علمية، وأمام إصرار جل مالكي المخطوطات على إخفاء ما عندهم من نفائس واكتنازهم لها، لا يمكن الوصول إلى رقم محدد، باستثناء مخطوطات الزاوية العثمانية بطولڤة التي يرعاها الشيخ عبد القادر عثماني عضو المجلس الإسلامي الأعلى، التي تضم أزيد من 1800 مخطوط، ومخطوطات مسجد سيدي لمبارك وليانة التي تقارب 200 مخطوط، لكن يمكن في مجموعها أن تقترب من 5000 مخطوط تتوزع على الزوايا، المساجد، خزائن العلماء والعائلات، وحتى بعض الهواة الذين يتوزعون عبر تراب ولاية بسكرة.
** للأسف، أن هذه النفائس التي كتبت في فترات متباعدة وتم الاحتفاظ بها أبا عن جد، تتعرّض اليوم للاتلاف والاندثار جراء قدمها واهتراء أوراقها وتآكل أطرافها وأغلفتها وتأثر مدادها. ومع غياب الوسائل العلمية لحفظها، ضاع جزء كبير منها خلال الفترة الاستعمارية، حيث نشط الكثير من المستشرقين والعسكريين والمنصرين الفرنسيين للحصول على أكبر عدد ممكن من هذه المخطوطات، حيث كانوا ينهبونها، لاسيما بعد فشل المقاومات الشعبية المسلحة التي شهدتها المنطقة، كثورة الزعاطشة (1849) وثورة سيدي عبد الحفيظ الخنقي وسيدي الصادق بلحاج، والعامري (1876). كما كانوا يقتنون البعض الآخر بأبخس الأثمان نتيجة لانتشار الفقر والجهل بقيمة هذه المخطوطات، علما أن الكثير معروض اليوم بمتاحف فرنسا وبمكتباتها الوطنية، وبتركيا، تونس، المغرب الأقصى، مصر وبلاد الشام.
** تتوزع على مختلف العلوم والفنون، من المنقول والمعقول والتي كانت سائدة عبر التاريخ الإسلامي، لاسيما كتب التفسير،الحديث، العقيدة، الأدب، النحو، التصوف، الرياضيات، الحساب والفلك... لمؤلفين ونساخ من مختلف الأقطار الإسلامية، وخاصة الجزائر، وتختلف في أحجامها وعدد صفحاتها وأنواع خطوطها وألوان أحبارها، وطريقة تجليدها الذي كان يتم عادة بجلود الحيوانات والحرير.
** في مجال التفسير، يمكن ذكر "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" لأبي سعيد عبد الله بن عمر البيضاوي (ت 685ه) وتفسير أبي الحسن الواحدي (ت 468ه).. وفي الحديث، هناك "عقال الشوارد في نقل الفوائد" لعبد الله بن عبد الواحد العمرالي، وشرح إبن قنغد القسنطيني على ظم بن أبي الرحال. وفي العقيدة، "شرح القدسية للأخضري" للحسين الورتلاني، وفي الفقه "شرح الوغليسية" للشيخ الصباغ (القرن 10ه)، وفي الأدب شرح الفاكهي على قطر الندى، وتسهيل الفوائد وتكميل المقاصد في الحو لجمال الدين الجياني (ت672ه)، وكتاب سر البداية في غاية حكم النهاية للشيخ عبد الحفيظ الخنقي، وكتب أثار الأول في ترتب الدول، والأنوار المضيئة في الجامع بين الحقيقة والشريعة للشيخ عبد الرحمن الثعالبي (ت 876)... وأخرى.
** نحن في الخلدونية لا نمثل سوى جمعية تعنى بالتاريخ والتراث، وليس لدينا سلطة الفعل والتنفيذ ولا المال، ولذلك قمنا بتنظيم عدة ملتقيات وندوات ومحاضرات تعنى بتحسيس السلطات المحلية والهيئات المعنية بالثقافة، وتنظيم معارض ودق ناقوس الخطر الذي يتهدد مخطوطاتنا، ومن ذلك "أسبوع المخطوطات" الذي قمنا بتنظيمه بمناسبة شهر التراث خلال 2004، ورفعنا جملة من الاقتراحات والتوصيات إلى وزارة الثقافة، الولاية ومديرية الثقافة، أهمها ضرورة إنجاز مركز للمخطوطات يضطلع إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه. كما أن أعضاء الخلدونية من أساتذة وباحثين، يقومون بين الفينة والأخرى بكتابة بعض المقالات، وتقديم حصص بإذاعة بسكرة الجهوية في هذا المضمار.
وقد أثمرت هذه الجهود بوضع أسس لإنجاز مركز للمخطوطات ببسكرة، بإشراف السيد ساعد أقوجيل والي الولاية الذي تبنى الفكرة لحماية ذاكرتنا الجماعية.
** لاشك أن إنجاز هذا المركز وتزويده في المستقبل بالوسائل العلمية الحديثة وربطه بأهم مراكز المخطوطات في العالم الإسلامي والغربي، وافتتاحه سيكون له الدور الأكبر في جمع واقتناء هذه المخطوطات والتنقيب عنها، خاصة إذا اعتمدت إدارته طريقة الشراء المباشر من مالكي المخطوطات. وأذكر في هذا السياق، أنني اقتنيت مخطوطا نادرا في التصوف ب (20 دج) فقط! وهذا الذي تنتهجه المكتبة الوطنية بتونس، مع ضرورة وضع إستراتيجية تمكن الباحثين والأكاديميين من هذه النفائس حتى تتم غربلتها وتحقيق وطبع الأهم منها، وأن لا يصبح هذا المركز ذا طابع متحفي سكوني، فيفقد قيمته الحضارية التي أنشئ من أجلها، دون إغفال دور جامعة بسكرة في هذا المجال، خاصة قسمي الأدب والتاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.