كرة القدم: غلق مؤقت لملعب 5 جويلية للقيام بأشغال الترميم    مولوجي تكشف: بروتوكول جديد لتسهيل عملية نقل وحفظ الممتلكات الثقافية    بورصة: بحث سبل التعاون بين "كوسوب" وهيئة قطر لأسواق المال    رئيس الجمهورية يبرز الدور الريادي للجزائر في إرساء نظام اقتصادي جديد عادل    فلاحة: السيد شرفة يستقبل المدير التنفيذي للمجلس الدولي للحبوب    موعد عائلي وشباني بألوان الربيع    الوريدة".. تاريخ عريق يفوح بعبق الأصالة "    عرقاب يتباحث بتورينو مع الرئيس المدير العام لبيكر هيوز حول فرص الاستثمار في الجزائر    مسؤول فلسطيني : الاحتلال فشل في تشويه "الأونروا" التي ستواصل عملها رغم أزمتها المالية    أمطار مرتقبة على عدة ولايات ابتداء من مساء اليوم الاثنين    مجلس الأمة يشارك بأذربيجان في المنتدى العالمي السادس لحوار الثقافات من 1 الى 3 مايو    الشلف – الصيد البحري : مشاركة أزيد من 70 مرشحا في امتحان مكتسبات الخبرة المهنية    بوزيدي : المنتجات المقترحة من طرف البنوك في الجزائر تتطابق مع مبادئ الشريعة الإسلامية    هنية يُعبّر عن إكباره للجزائر حكومةً وشعباً    العالم بعد 200 يوم من العدوان على غزة    صورة قاتمة حول المغرب    5 شهداء وعشرات الجرحى في قصف صهيوني على غزة    العدوان على غزة: الرئيس عباس يدعو الولايات المتحدة لمنع الكيان الصهيوني من اجتياح مدينة رفح    تقدير فلسطيني للجزائر    مولودية الجزائر تقترب من التتويج    تيارت/ انطلاق إعادة تأهيل مركز الفروسية الأمير عبد القادر قريبا    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    رقمنة تسجيلات السنة الأولى ابتدائي    رفع سرعة تدفق الأنترنت إلى 1 جيغا    تسخير كل الإمكانيات لإنجاح الإحصاء العام للفلاحة    الجزائر وفرت الآليات الكفيلة بحماية المسنّين    أمّهات يتخلّين عن فلذات أكبادهن بعد الطلاق!    إجراء اختبارات أول بكالوريا في شعبة الفنون    سنتصدّى لكلّ من يسيء للمرجعية الدينية    برمجة ملتقيات علمية وندوات في عدّة ولايات    المدية.. معالم أثرية عريقة    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فرصة مثلى لجعل الجمهور وفيا للسينما    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    الجزائر تُصدّر أقلام الأنسولين إلى السعودية    دورة تدريبية خاصة بالحج في العاصمة    استئناف حجز تذاكر الحجاج لمطار أدرار    لموقفها الداعم لحق الفلسطينيين قولا وفعلا: هنية يعبر عن إجلاله وإكباره للجزائر    بعد مسيرة تحكيمية دامت 20 سنة: بوكواسة يودع الملاعب بطريقة خاصة    عون أشرف على العملية من مصنع "نوفونورديسك" ببوفاريك: الجزائر تشرع في تصدير الأنسولين إلى السعودية    القضاء على إرهابي بالشلف    مبادرة ذكية لتعزيز اللحمة الوطنية والانسجام الاجتماعي    موجبات قوة وجاهزية الجيش تقتضي تضافر جهود الجميع    تخوّف من ظهور مرض الصدأ الأصفر    إبراز دور وسائل الإعلام في إنهاء الاستعمار    عائد الاستثمار في السينما بأوروبا مثير للاهتمام    "الحراك" يفتح ملفات الفساد ويتتبع فاعليه    مدرب ليون الفرنسي يدعم بقاء بن رحمة    راتب بن ناصر أحد أسباب ميلان للتخلص منه    العثور على الشاب المفقود بشاطئ الناظور في المغرب    أرسنال يتقدم في مفاوضات ضمّ آيت نوري    "العايلة" ليس فيلما تاريخيا    5 مصابين في حادث دهس    15 جريحا في حوادث الدرجات النارية    تعزيز القدرات والمهارات لفائدة منظومة الحج والعمرة    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضان في أسخن مكان فوق سطح الأرض ... أهل عين صالح صائمون رغم المعاناة
نشر في النهار الجديد يوم 12 - 09 - 2008

يصل بك العطش وأنت صائم في مدينة عين صالح الواقعة جنوب الجزائر العاصمة على مسافة 1300كلم حدا لايمكن وصفه ذلك أن الهواء الذي تستنشقه يأتي شديد الحرارة ويساهم في تحويل فمك وحلقك إلى مكان جاف يخيل إليك وأنت تتجول نهارا في عين صالح أنك بصدد الدخول إلى مدينة مهجورة ومنظر الشوارع التي غزتها الرمال الشمس التي تلفح الجحدرات كئيب جدا دخل الجنوب الجزائري مع بداية شهر أوت حالة من السبات العميق لا شيء يتحرك في عدة ولايات، الوزراء امتنعوا عن الذهاب إلى الجنوب إلا في أضيق نطاق لكن منذ بداية شهر رمضان صار السبات العميق حالة قريبة من الموت، كل شي مغلق تقريبا والأمور كلها مؤجلة إلى ما بعد رمضان.
فرغم الحرارة الشديدة والعطش والتعب وحالات الإغماء التي تتوافد على مستشفى المدينة فإن ناس عين صالح يصومون رمضان صابرين محتسبين ويقول بعض المواطنين الذين التقيناهم هنا بأن بعض الأسر لا تملك مكيف هواء ورغم هذا فإنها تصوم وتصبر على العطش الشديد، لا حديث للناس هنا سوى عن الحرارة والعطش وعن ما تبقى من أيام شهر رمضان، رغم أننا كنا في بدايته أثناء تواجدنا هنالك.
لا سلطة تعلوعلى سلطة الشمس في عين صالح إنه الانطباع الذي ينتاب المتجول في شوارع المدينة الخالية من الحركة.. الجميع يلتزم البيوت والمكاتب ويترك للشمس حق ممارسة سلطتها المطلقة على كل شيء .
عشرات الألوف من الأسر الجزائرية تصوم هذه الأيام تحت حرارة تفوق 46 درجة في الكثير من المناطق ولا يتعلق الأمر هنا فقط بعين صالح فهنالك رڤان وآولف وأغلب مناطق ولاية أدرار ولكن ما هومثير هنا في عين صالح هوأنه حتى الماء الذي تحتاجه لإطفاء العطش يأتي محملا ببعض الملوحة..
وتواجه العائلات الفقيرة والمعوزة رمضان "الجهنمي" بشيء واحد فقط هوالصبر في وقت تعجز فيه عن اقتناء جهاز تكييف للهواء وحتى في بعض الأحيان الثلاجة وعن تسديد فاتورة الكهرباء وفي ظل أوضاع اقتصادية شديدة السوء تعيش الأسر يوميات رمضان وهي تعد الأيام في انتظار إنخفاض درجة الحرارة ويوم العيد.
هذا ويتداول الشارع في الجنوب شائعات عن تجنب كل المسؤولين المركزيين والوزراء زيارة ولايات الجنوب في شهري جويلية وأوت واليوم أضيف رمضان الذي انتقل إلى الصيف وعندما يأتي الوزراء إلى الجنوب في الصيف فإن الزيارة تقتصر على الاجتماع بالمسؤولين في قاعات مكيفة بل أكثر من هذا فإن أغلب المسؤولين المحليين يختفون عن الأنظار طيلة فصل الحرارة ويتجه بعضهم إلى ولايات الشمال لقضاء شهر على الأقل بعيدا عن الجنوب الملتهب الذي يُترك أبناءه لمواجهة مصيرهم لوحدهم
في صباح اليوم الثالث من سبتمبر تحولت شوارع مدينة عين صالح المنطقة الأكثر سخونة في الجزائر إلى طرق أشباح منذ الساعة الحادية عشر صباحا.. الحرارة الآن تفوق 46 درجة، الريح الساخنة المحملة بالتراب تزيد في معاناة الناس زحف الرمال يفوق كل تصور، في بعض الأزقة بلغ مستوى ارتفاع التراب المترين أي بذات مستوى أسقف البيوت تقريبا
يعني الخروج الآن من السيارة المكيفة أننا سنفطر لن نتمكن من إكمال اليوم إذا تعرضنا للحرارة الموجودة في الخارج وداخل السيارة يوحي هيكلها الحار بمقدار الجحيم الموجود في الخارج بدا منظر جنود الجيش الوطني الشعبي الموجودين في حاجز أمني عند المخرج الجنوبي لبلدة عين صالح مأساويا، إنهم مضطرون للعمل على مراقبة الطريق في هذا الجو الحار وهم صائمون تحت شمس لا ترحم
وفي داخل مدينة عين صالح فإن يوميات الصوم في هذه الحرارة القياسية تتواصل، الناس هنا يتميزون بالصبر الشديد، يقول شاب التقيناه بعد الافطار قلوبنا واسعة مثل هذه الصحراء ويبدو أن الأمركذلك وإلا كيف يمكن لهؤلاء تحمل هذا الوضع الذي لايطاق رغم هذا التقينا أشخاصا يعملون في عين صالح وقد قدموا من ولايات شمالية وتعجبنا لمدى تأقلمهم مع هذه الحرارة.
نحن في الأيام الأولى من من شهر رمضان المبارك في أسخن مكان فوق سطح الأرض تقريبا، إنها عين صالح الحرارة تتراوح بين 42 و48 في الظل. أما تحت أشعة الشمس فإن درجة الحرارة قد تتعدى الستين مئوية ولا يمكن بالمطلق البقاء تحت أشعة الشمس لمدة تزيد عن الخمسة دقائق وفي بعض الأماكن فإن الحرارة تصل إلى درجات لا يمكن بالمطلق وصفها، الرمال التي تقع تحت أشعة الشمس تتعدى درجة سخونتها 100 درجة وهي قادرة على إذابة البلاستيك
ساعتان قبل أذان الافطار يصبح من العسير على أي كان تحمل المزيد من العطش، أفواهنا إلتهبت بالحرارة وحتى حلوقنا باتت يابسة جدا، منظر الماء فوق المائدة بدا شهيا للغاية ولكن الدقائق تثاقلت إلى حد تصورنا معه أن الساعة السابعة وعشرة دقائق موعد الأذان لن تحل أبدا
في عين صالح لا يمكن استعمال مكيفات الهواء ذات القدرة الضعيفة والمستخدمة على نطاق واسع في الشمال لأنها تعجز عن العمل هنا بسبب الحرارة الشديدة
ورغم تخفيض الحكومة لتكاليف الكهرباء في الجنوب، فإن فواتير سونلغاز مازالت تقصم الظهر وتضطر العائلات الفقيرة للاكتفاء بتشغيل مكيفات الهواء ل5 ساعات على الأكثر في كل يوم وهي ساعات القيلولة.
48 درجة في الظل تبدو درجة مقبولة في بعض المناطق مثل أدرار وعين صالح وبعض الجهات في ولاية ورڤلة وتتعدى الحرارة في مناسبات عدة 52 درجة ويعني هذا أن الإقامة بدون مكيف للهواء تصبح مستحيلة ولكن بالمقابل فإن هذه الحرارة الشديدة تساهم في إنضاج المنتوج من التمور وبصفة خاصة تمور الغرس وهي النوع الأكثر طلبا والأكثر انتشارا في الجنوب الجزائري.
يتحدث الناس هنا عن رمضان المقبل الذي سيبدأ في شهر أوت بخوف شديد من الحرارة والعطش ويبقى الانطباع الوحيد الذي خرجنا به من عين صالح هو طيبة أهلها الشديدة وكرمهم وأخلاقهم العالية وطبق الحريرة اللذيذ وكأس الشاي الألذ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.