بعد أن ضاقت بي الدنيا وانسدت كل الأبواب في وجهي، لم أجد أمامي إلا باب الله طرقته وأمعنت في طرقه، فأجابني وأسكن الطمأنينة قلبي وأرشدني إليك، فها أنا أمد لك يدي، فأرجوك ساعديني ولا تتخلي عني. أنا شابة في ال 31 من عمري، أقسم لك بالله بأني إنسانة شريفة، فلم يسبق لي وأن أقمت أية علاقة مع أي شاب، فقد أمضيت سنوات عمري وأنا في كنف الاستقامة والاتزان، أؤدي عباداتي على أكمل وجه وأقوم بأشغال البيت بمتعة وتفان. هذه هي حياتي بسيطة ومنضبطة ليس فيها مكان للهو واللعب والتلاعب، إلا أن من يعرف مشكلتي قد يراني بنظرة أخرى لا تعكس مظهري ومضموني. فمن يعرف بأني امرأة فاقدة لعفتها قد تأخذه الشكوك إلى بعيد، ليظن بي ظن السوء ويذهب إلى حد إلباسي ثوب الفاسقات والماجنات، غير أن هذا الواقع الذي سينقلني إليه هو واقع بعيد كل البعد عني وعن تركيبتي، فأنا امرأة جادة ومتميزة ومتخلقة ومتدنية، غير أني في صغري تعرضت لحادث رهيب فقدت على إثره أعز ما تملكه المرأة، خاصة إذا كانت مثلي. في ذاك الوقت لم أعر لهذا الأمر اهتماما، لأني لم أكن أعرف عن والشرف والعفة وهذه المعاني شيئا، ولكن عندما كبرت أدركت هذه الحقيقة المرة، فانطويت على ذاتي واستسلمت لحزني، ولم أقدر على مواجهة أهلي وخطّابي بهذه الكارثة. لم أجد أمامي إلا الله ألجأ إليه طالبة العون والمعونة. سيدتي نور، لا يوجد امرأة على وجه الأرض لا تحب أن تكون زوجة وأما ومربية، غير أني أنا لسوء حظي محرومة من هذه الحقوق، وهذا الأمر يعذبني ويقهرني، وكثيرا ما يلقي بي في بحر اليأس والكآبة، إلا أني بعد أن بدأت أتابع تدخلاتك شعرت بالأمل من جديد، فأرجوك ساعديني كيف أجد الإنسان المناسب الذي يقبل بي كما أنا ، لأني لم أفعل شيئا وإنما هذا هو قدري، ولا بد أن أرضى به مهما كان . أنا أعتمد عليك بعد الله سبحانه وتعالى، فأرجوك ساعديني ولا تلقي برسالتي في سلة المهملات . الرد : عزيزتي، أنا لا أملك سلة للمهملات، أقولها وأعيدها وأنا واثقة جدا مما أقول، فكل رسائل قرائي أرعاها وأعتني بها أكثر من رعايتي واعتنائي بنفسي . عزيزتي، يظهر جليا بأنك إنسانة طيبة، وما حدث لك قد يكون مجرد امتحان صعب أخضعك الله له ليختبر قدراتك الإيمانية. ويبدو لي من خلال ما قرأته في رسالتك بأنك تجاوزت هذا الامتحان بسلام، واستطعت لحد الآن أن تثبتي وتتشبثي بحبل الله، وهذا في واقع الأمر امتياز لا يعطيه الله لأي كان، بل لا يمنحه إلا لعباده الصالحين والذين لهم مكانة خاصة عنده، فاثبتي وواظبي على نفس الوتيرة. وهنا أنصحك بالإكثار من الاستغفار في وقت الأسحار ومناجاة الله والصلاة له في الثلث الأخير من الليل. وأنا من جهتي، ثقي بأني سأبذل قُصارى جهدي لأجد لك الإنسان الذي يستحقك ويحافظ عليك ويرعاك حق الرعاية، فقط توكلي على الله وجدّدي إيمانك به، واتركي الباقي عليّ. ردت نور