دخلت أمس محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجزائر في مداولات مغلقة تستمر إلى الثلاثاء القادم تاريخ النطق بالحكم في حق 19 متهما طبيعيا ومعنويا في قضية سوناطراك 1 ،بعدما تجيب المحكمة بهيئة محلفيها على ما يقارب 100 سؤال رئيسي واحتياطي يتعلق بطبيعة التهم الواردة في قرار الإحالة . وأسدل الستار على جلسات المحاكمة المراطونية بعد 24 يوما إستمع خلالها القاضي محمد رقاد إلى تصريحات المتهمين بشأن الإتهامات الموجهة إليهم من قبل النيابة العامة، كما استمع لمرافعة الأطراف المدنية المتأسسّة في القضية وطلبات ممثل النيابة العامة الذي التمس توقيع عقوبات بين سنة و15 سنة سجنا نافذا،كما خصّصت المحكمة ما يقارب أسبوعين لمرافعة هيئة الدفاع التي يقارب 50 محامي عمل أغلبهم على توضيح الخلفيات السياسية للقضية. أختتم جلسات مرافعة المحامين بمرافعة المحامي مدني عبد الحق في حق موكّله بلقاسم بومدين نائب المدير المكلف بنشاط المنبع الذي قال أنه تحوّل إلى "مجرم" بناءا على تقرير الضبطية القضائية المحررة في سنة 2009 والتي جاء فيها أن المتهم الرئيسي محمد مزيان استفاد من صفقات غير مشروعة بتواطئ من بلقاسم بومدين. خليل أمر بتطبيق إجراءات تأديبية في حق إطارات سوناطراك وذكر المحامي أن التحقيق سلّط العقوبة في سنة 2010 عندما قُرّر الزّج به في السجن ،كما ذكّر بالمناقشات التي طرحت في الجلسات السابقة بخصوص تمويل سوناطراك للخزينة العمومية أو العكس ومتى إلتزام المسؤولين بتنفيذ الأوامر العليا، وعاد في ذلك للقانون الذي خوّل للرئيس المدير العام أوسع السلطات لتسيير المجمّع النفطي بمساعدة اللجنة التنفيذية كهيئة ،حسب ما جاء في المرسوم الرئاسيالمتعلق بالقانون الأساسي لسوناطراك ،مضيفا أن نائب المدير العام لا يملك صلاحيات كشخص طبيعي. ومن وجهة نظر المحامي فإن المدير العام لسوناطراك لا يمكن متابعته على أساس مخالفة التعليمة "أ 408 - آر 15" التي تعتبر تعليمة تنظيمية داخلية "غير معني بها" بل تخّص علاقة العارضين في الصفقات بأرباب العمل . وفصّل مدني في نقاط مطروحة في قرار الإحالة ،مركّزا على ثلاث تعليمات وزارية من شكيب خليل الوزير الأسبق واردة في مار س2004 ،جانفي وسبتمر 2005 ، مشيرا أن خليل وقبل أن يكون وزيرا للطاقة والمناجم كان عضو مجلس الإدارة رئيس الجمعية العامة في سوناطراك ،وهي التعليمة التي جاءت بعد حادثة انفجار مركّب الغاز بسكيكدة وعاد المحامي إلى الضغط الذي تولّد لدى إطارات سوناطراك بسبب إلحاح الوزير آنذاك على ضرورة تأمين المنشآت وطلب قائمة الإطارات التي لم تنفذ بعد التعليمات،وفي ديسمبر من سنة 2005 أمر الوزير الأسبق باتخاذ إجراءات تأديبية ضد الإطارات، لتنشأ ضرورة تأمين المنشآت ضمن ثلاث ملفات تتعلق بالمركب الصناعي الجنوبي، 123 منشاة لنشاط المنبع ،وتأمين قاعدة الحياة 24 فيفري، وتمت متابعة بومدين - حسب محاميه- في صفقات تخّص تامين 123 منشأة عن طريق الاستشارة المحدودة في 2006 على أساس أنها جاءت مخالفة للتعليمة" أ 408 / آر15". بومدين أشرف على 550 عملية تسيير بموافقة المدير وجاء في قرار الإحالة أن بلقاسم بومدين هو من إقترح ذلك النوع من المناقصات ،وهو ما نفاه مدني في مرافعته ،مستدلا في ذلك إلى شهادة غزلي سليمان،رئيس لجنة متابعة المشاريع، الذي صرّح أمام قاضي التحقيق أنه تم اقتراح تقسيم 123 منشأة على أربع حصص ،وهو ما أكّده شهود في الجلسة على أساس اعتبارات ومقاييس قاموا بها ،مضيفا أن موكّله أشرف على 550 عمل تسيير في هذه المشاريع تمت على يد بلقاسم بومدين بموافقة المدير العام وهيئته. واستغرب دفاع بلقاسم بومدين المقارنة التي قامت بها الضبطية القضائية بين صفقات نشاط المنبع مع صفقات بالإستشارة المحدودة بنشاط المصب بإشراف فغولي الذي مثل شاهدا في القضية. وأوضح المحامي أن الواقعين مختلفين من حيث الظرف الزمني والقانوني بالنسبة للنشاطين التابعين لسوناطراك ، كون الإستشارة المحدودة لنشاط المصب تمت في 2008 وهي مقررة في التعلمية "آر 15" المعدل في جويلية 2007 والتي تنصت على إجراءات المناقصة بالإستشارة المحدودة، أما في 2006 تاريخ إبرام صفقات نشاط المنبع لم تنّص التعليمة على الإستشارة المحدودة بل جاءت في 2007 ، وهو ما أكدة زيتوني الأمين العام لسوناطراك الذي جاء في شهادته أن التعليمة "آر 15 " كانت في 2006 مطبقة رغم أنها غير مكتوبة . وشرح ذات المحامي أن الواقعة السائدة في 2006 تختلف عنها في 2008 من حيث أهمية المركّبين ونسبة المخاطر على مستوى النشاطين والتي قدّرت في المنبع ب 10 درجات لأنه منشأتها مبعثرة في الصحراء والمصب بدرجة واحدة لأن منشأتها محمية في المناطق الصناعية ،وهو ما لا يسمح – حسب دفاع بومدين - بإجراء مقارنة بين نشاط المنبع في المصب وهي المقارنة التي اعتبرها ذات المحامي "معيار" اتخذته مصالح الضبطية القضائية لتوريط المتهمين في القضية ،مضيفا أن قرار تقسيم الصفقات تم اتخاذه بموجب لجنة تنفيذية في 2006 . وانتقد المحامي متابعة موكّله بموجب تفويضين بالإمضاء قام بمنحهما لإطارين في سوناطراك من أجل تنفيذ مشروع المراقبة البصرية والحماية الإلكترونية، مشيرا أن قاضي التحقيق لم يثبت" نظرية التواطئ" الذي على أساسها توبع بلقاسم بومدين أمام محكمة الجنايات. وعرّج المحامي على تهمة عدم نشر الصفقات بنشرية الصفقات الخاصة بسوناطراك باسوم والمتعلقة بالصفقات الثلاث ،أين أكّد أن موكّله "أمر بالنشر ولكن مسؤولية عدم النشر لا تقع عليه". وسبق للشاهد غزلي سليمان رئيس لجنة متابعة مشروع تهيئة 123 منشأة بنظام مراقبة الدخول ومنع التوغل ،أن صرّح أن بلقاسم بومدين أمر بعدم النشر الإعلان لكونه يتعلق بالجانب الأمني ،ولكن الشاهد و-حسب دفاع بومدين- أخذ على نفسه حتى عدم نشر النتائج على حدّ ما أكده ذات الشاهد عند قاضي التحقيق ،وعمّم الأخير نفس الإجراء بالنسبة لمشروع المركب الصناعي الجنوبي ومشروع قاعدة الحياة 24 فيفري اللّذان تم ابراهما عن طريق التعاقد البسيط. ، رغم أن غولي لم يتم تعيينه في مشروع المركب الصناعي بل في مشروع تهيئة 123 منشأة وهو اعتبره المحامي "ظلما من قاضي التحقيق "، مستندا في إثبات ذلك على تعليمة كتابية من موكّله تأمر بنشر نتائج الصفقات. وإنتقد المحامي وهو يذرف الدموع في مرافعة حركت مشاعر الحضور عدم إجراء خبرة لتقييم المعدّات المستعملة في مشروع المراقبة البصرية والحماية الإلكترونية، سائلا المحكمة كيف يمكنها الفصل في تهمة تبديد الأموال العمومية الموجهة لموكّله،وضحك مدني وهو يناقش تهمة استغلال الوظيفة الموجّهة لموكّله ،مؤكدا أن الأخير حصل على شهادة من أعلى سلطات في بلاد أنه "إنسان شريف"أهله لتقلّد منصب نائب الرئيس المدير العام لسوناطراك . و في ختام مرافعته قدّم المحامي إعتذارا للمحكمة بسبب ما حصل من تجاوزات من بعض المحامين خلال سيرورة المحاكمة بخصوص التدخّل في صلاحيات هيئة المحكمة ، من جهته شهد القاضي أن المحامين المتأسّسين في القضية "دافعوا بكل قوة وشرف على موكليهم "واعتبر ذلك "شرف للعدالة الجزائرية". دفاع نائب المدير العام يؤكد" جنوح " الوقائع شركات فرنسية خارج دائرة الإتهام في ملف سوناطراك إنتقد المحامي عبد العزيز ايزرون دفاع بلقاسم بومدين نائب المدير العام تجريم التسيير في قضية سوناطراك ،مؤكدا أن المتهمين في ملف سوناطراك "قاموا بعملهم فقط"،معلّقا "موكّلي بلقاسم بومدين لو هاجر قبل 10 سنوات خلت لكان تفادى كل هذه المتاعب ". وتأسّف المحامي على مرافعة الطرف المدني الذي وجّه إتهامات خطيرة لمتهمين ، مضيفا "أغلبهم لا يوجد 10 منهم في إفريقيا"،كما عاد إلى تصريحات موكّله خلال جلسة سماعه ووصفها ب"الإنسابية"ّ، مؤكدا أنه لم يتم تقديم دليل يثبت أنه كان على علم بعمل ابني المدير العام مع الشركات المتعاقد معها . وسعى المحامي خلال مرافعته إلى إقناع هيئة المحكمة أن وقائع قضية سوناطراك تشكل جنح يتم الإعتماد فيها على أدلة لبناء قناعة المحكمة قبل إصدار الحكم . و أكّد دفاع نائب المدير العام المكلف بنشاط المنبع أن هناك شركات فرنسية إستفادت بنفس الطرق من الصفقات إلا أنها لم تتابع في القضية على غرار شركة فيسات . وإعتبر ما جاء في القضية "سلسلة من الخروقات" على رأسها مسألة الحبس المؤقت الذي كان يجب أن يكون استثنائيا . ...هذا ما قاله المتهمون في آخر كلمة لهم : أل اسماعيل رضا جعفر: حسبي الله ونعم الوكيل ،أنا برئ و أثق في بلادي وعدالتها ،أنا خدمت الجزائر ومستعد لخدمتها وأطلب منكم البراءة وضميري مرتاح ،وأطلب رفع الحجز على مسكن وحسابات بباريس ،إضافة إلى بيت ببئر خادم ،مكاتب شركة كونتال وحسابات في بنك "سي.بي. يا "والقرض الشعبي الوطني. حساني مصطفى: نفذت ما عليّ بنية صافية وأنا برئ وصافي أمام ربي وأطلب رفع الحجز على جواز سفري. شيخ مصطفى: تضرّرت كثيرا من الملف أنا وعائلتي بلقاسم بومدين: أرجو أن تكون المحكمة رحيمة بنا وأعتذر لمحامّيا الذين أرهقتهما بطلباتي طيلة ستة سنوات، لم أكن انتظر محكمة كالتي عشتها . مزيان محمد رضا: أطلب البراءة ،كنت صريحا فيما قلت بدليل أن الإنابات القضائية في فرنسا أكدت أنني مجهول، و أطلب رفع اليد عن بيت بدالي ابراهيم ،بيت بن عكنون،سيارة باسم زوجتي وجواز سفري. مزيان بشير فوزي : ليست لي علاقة بهذا الملف وطلب رفع اليد عن مسكن ببوزريعة وسيارة من نوع "بي .أم. دوبلوفي " وجواز سفري. مغاوي الهامشي: عملت بكل نية حسنة وأطلب رفع اليد على عدّة حسابات منها حسابات بفرنسا ،وأخرى بالجزائر في بنك "بي .أن بي. باريباس" مغاوي يزيد إلياس: أنا مظلوم أطلب البراءة وإعادة الإعتبار ورفع اليد على حسابين في فرنسا وآخر في بنك "بي.أن .بي .باريباس" وكالة حيدرة إضافة إلى جواز سفري . زناسني بن اعمر:أنا بريء وبعيد كل البعد عن القضية وليست لدي محجوزات. عبد الوهاب عبد العزيز: خدمت بلدي بكل إخلاص وأنا واثق في العدالة الجزائرية ،وأطلب رفع اليد على جوزا سفري. صنهاجي محمد:عملت عملي وفقا لصلاحياتي وأطلب رفع اليد على جواز سفري أيت الحسين مولود: أشكركم وأطلب البراءة رحال محمد شوقي :أمثل أمام المحكمة لأول مرة في حياتي ،كل ما عملته كان لصالح سوناطراك والجزائر و في إطار القانون وأنا برئ وأطلب رفع الحجز على جواز السفر وبعض الوثائق الشخصية. ملياني نورية: لا علاقة لي بسوناطرك هي مجرّد زبونة فقط ،القضية مستني في شرفي وهذا لا يعوض بثمن ،وأطلبت رفع اليد على جواز سفري. مزيان محمد رضا : عملت 43 سنة في قطاع النفط منها 33 سنة في قطاع الطاقة كإطار سامي، في كل هذه السنوات لم أقم بأي مخالفة في التسيير ولم أخن وطني أو المؤسسة التي عملت بها، لذا ألتمس البراءة وإعادة المحجوزات ،كما أطلب رفع اليد على مسكن بئر خادم وجواز سفري. ممثل شركة سيابام كونتراكتينغ : بإسم الشركة التي أمثلها أرفض الاتهامات الموجهة إلينا ،ولنا ثقة كبيرة في العدالة الجزائرية ،كما أطلب رفع اليد على حساب واحد في "سي. تي بنك" وهو حساب يتعلق بمشروع "جي .كا. 3 " وأخر في بنك " بي .أن بي. باريباس" خاص مشروع أخر ممثل مجمّع كونتال فونكوارك : بصفتي ممثل مجمّع كونتال فونكوارك أطلب رفع اليد على حسابات ببنك لاتكسيس وأخرى ببنك " بي.أن .بي .باريباس" ممثل كونتال الجزائر : أطلب البراءة للشركة ،كما أطلب رفع اليد على حسابات محجوزة في بنكي لاتكسيس بباريس و"بي .أن .بي.باريباس" في الجزائر ،إضافة إلى مقرين للشركة ببن عكنون وبوزريعة وسيارة محجوزة من نوع بيجو 407 شركة فونكوارك الألمانية على لسان محاميها: نشكر العدالة الجزائرية ونلتمس براءة الشركة ،كما نطلب رفع اليد على حساب المجمع المحجوز . الخبرة العقلية والبحث الاجتماعي لصالح المتهمين
تلى القاضي محمد رقاد في نهاية الجلسة تقارير الأبحاث الاجتماعية والخبرة العقلية المنجزة على المتهمين والتي كانت لصالح المتهمين كما أكدت أنهم يتمتعون بالسلامة العقلية التي تؤهلهم لتحمل المسؤولية الجزائية،فيما تبيّن من خلال السوابق العدلية أن المتهم آل اسماعيل محمد رضا جعفر مسبوق من قبل محكمة حاسي مسعود بغرامات بتهمة تشغيل رعية أجنبي بدون رخصة،أما شيخ شيخ مصطفى فحرت له غرامة عن جنحة عدم سريان محضر أثناء المراقبة التقنية فيما خلت شهادات السوابق العدلية لباقي المتهمين من أي متابعات.