المغرب يواصل استغلال ثروات الصحراء الغربية عبر مشاريع غير شرعية    إرتفاع أسعار النفط بأكثر من ثلاثة بالمئة    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني    الخارجية الفلسطينية ترحب ب"إعلان نيويورك" حول تطبيق حل الدولتين    العالم يستذكر مواقف أيقونة النضال والتحرر    البليدة : وضع حد لنشاط عصابة أشرار    وفاة 6 أشخاص وإصابة 225 آخرين    القضية الفلسطينية أخذت حصة الأسد من النّقاش مع الرئيس    قسنطينة تكرم أبناءها المتفوقين    الجزائر ملتزمة بالتّضامن مع لبنان وحريصة على أمنه واستقراره    أسوأ سيناريو للمجاعة يحدث في غزّة    هولندا تسعى لفرض عقوبات أوروبية على الكيان الصهيوني    ممارسة حقّ تقرير المصير الحل العادل والتوافقي    9 مراكز لتجميع الحبوب عبر البلديات    النخبة الوطنية في مهمة الحفاظ على ريادة الترتيب    آيت نوري يعود للتدريبات مع مانشستر سيتي    بن ناصر يغير وكيل أعماله    اتفاقيات بين صندوق الضمان والبنوك لمرافقة الاستثمار قريبا    متابعة الأسعار وظروف التخزين لحماية القدرة الشرائية    5 جرحى في انحراف وانقلاب سيارة    السيطرة على حريق شب بمتوسطة    "نصف دلاعة" لا يزال يغري المستهلك الجزائري    إيقاعات بلا حدود في قلب الجزائر    بين عبق التراث ورهانات المعاصرة    تساؤلات وفرضيات حول خفايا موقعين أثريين    وزارة الداخلية : ورشة حول التخطيط التشغيلي لمشروع "الحوكمة المحلية الرقمية والشاملة"    مؤتمر حل الدولتين: الجزائر ترافع لمنح العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    بطولة العالم للسباحة 2025:جواد صيود ينهي سباق 200 متر متنوع في المركز 24    موجة حر    حملة تحسيسية لتفادي التسمّمات الغذائية    الكرة الطائرة/ مونديال 2025 /أقل من 19 سنة ذكور : انهزام المنتخب الجزائري أمام نظيره الكوبي 3-0    محادثات بين مزيان ومرقص    أمام المؤتمر العالمي السادس لرؤساء البرلمانات بجنيف:ناصري يدعو البرلمانيين إلى التمسك بمطلب إصلاح الأمم المتحدة    بللو يترأس جلسة عمل مع خبراء واطارات قطاعه:دعوة إلى إرساء خارطة طريق لتعزيز البحث الأثري في الجزائر    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    السيد بللو يدعو المتعاملين الخواص إلى الاستثمار في المجمعات السينمائية    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    الطبعة الثامنة للمهرجان الثقافي الدولي "الصيف الموسيقي" من 7 إلى 14 أغسطس بالعاصمة    رئيس المجلس الشعبي الوطني يستقبل سفير جمهورية مصر العربية بالجزائر    الجيدو/مونديال-2025 لصنف الأشبال: الجزائر حاضرة بأربعة مصارعين في موعد بلغاريا    المغرب: الموانئ المغربية من جديد في خدمة آلة الإبادة الصهيونية    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر - 2025) تنس الطاولة: الجزائرية هنا صادي تنال البرونزية في الفردي    توقيع عقود المرحلة الأولى من إنجاز مشروع بلدنا    بوجدرة يفتح النار على مُمجّدي الاستعمار    تيسير المعاني باختيار الألفاظ ليس إهانة لها بل وفاء لجوهرها    استثمارات جازي ترتفع    والي بجاية يتفقد مشاريع ويستعجل استلامها    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    عرقاب.. حشيشي وبختي في اجتماع هام    مجلة "الشرطة" تحتفي بالذكرى ال63 لتأسيس الشرطة الجزائرية    رئيس الجمهورية يجري محادثات ثنائية مع نظيره اللبناني    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    تنصيب نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمّع "صيدال"    تمنراست: سيشرع في الأيام القادمة في الإجراءات المتعلقة بفتح مصالح المستشفى الجديد بسعة 240 سرير    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموروث الشعبي في الرواية الجزائرية الجزء الثاني
نشر في أخبار اليوم يوم 30 - 03 - 2018


بقلم: وليد بوعديلة
*التجلي الثقافي-السياسي للموروث
تندرج رواية الكاتب مصطفى نطور عام الحبل -منشورات وزارة الثقافة الجزائر 2007- في سياق البحث عن البعد الثقافي والسياسي لتوظيف التاريخ وهي من الروايات التي توظف تاريخ الجزائر العثماني و تعتمد الأساليب التراثية الشعبية وتستفيد من الموروث في لحظة فتح القضايا الاجتماعية والسياسية و تنتمي إلى فضاء سردي عربي معاصر يحاور التراث الشعبي ووقائعه وأخباره لكي يأخذ الزاد الفني والفكري.
لقد اختفى الكاتب خلف التجليات الثقافية الشعبية الجزائرية عن بحثه في أسئلة سوسويلوجية وفكرية وتاريخية ويقف القارئ أمام رواية رمزية تقول الكثير من الدلالات عبر تقنية إرباك وعيه و مرجعياته القرائية. لأن الروائي ينطلق من خلال شخصية بوقرة في سفر سردي رمزي ينطلق من قراءة ذاكرة القبائل المستقرة في الجبال ثم نزوحهم إلى المدينة الصخرية الواقعة على مسافة يومين سيرا على الأقدام فأمر مولى البلاد عساكره بتقييدهم في الكهوف الصخرية كي يحافظ على هبة القصر وجمال المدينة. انبجست الحادثة مربكة مفاجئة حتى أفقدته تماسكه المعهود وتتخذ الحكاية مع تطور الأحداث دلالات تنفتح على سياق جزائري و عربي بخاصة ذلك السياق الذي بتحرك فيه المثقف في مواجهة تصادمية مع السياسي المتحالف مع الدين و السياسة.
إذا كان بوقرة هو المثقف المتوحد في هوية المجتمع وذاكرته و المتمتزج مع البسطاء و الشعبيين في الشوارع والحارات فإن الإمام في هذه الرواية هو رمز الفقيه الذي تحالف مع السلطان وعرف الطريق لمطبخه وخزينة المال أكثر مما عرف محراب المسجد وخزانة العلم والشريعة. ونجد في النص مشهد الفقيه أو المفتي وهو ذليل ومستكين بين يدي السلطان ويمثل حاكم بلدة الرجل الجوال بوقرة صورة مصغرة عن الحاكم المستبد في مجتمعات متخلفة وقد يحمل دلالات المجتمع العربي المتخلف عن الركب الحضاري لأنه مجتمع تتحكم فيه المقدسات التاريخية والدينية أي الشرعيات التي تتحكم في القلوب و العقول والأزمنة والأمكنة وتسيطر على كل الأجيال ولا تمنحها الحرية في التعبير والتفكير ولقد مارس الحاكم في رواية مصطفى نطور لذته في الاستبداد و البطش و إقصاء الأصوات المعارضة له والمختلفة مع أفكاره وممارساته ومنها صوت المداح القوال بوقرة المقتول بطريقة أسطورية بضربات عساكر الحاكم.
ولأن الرواية تخفق بتلميحات و إحالات الرمزية السردية و الموضوعاتية فرئيس الصيادين وصاحب المقهى يمثلان-في العمق النصي- سلطة المال وممارساتهما لا تبتعد عن ممارسات الحاكم من حيث الحرص على المصلحة و السعي لإيقاف كل من يشكل خطرا على المكانة والمكسب إلى درجة التمتع باللذات عند الباي وتناسي نقل انشغالات السكان ومعاناتهم المرض و الفقر ويقع في الرواية التحالف بين السياسي و المالي والديني وكأنهم وحوش كاسرة تحاصر المثقف المغلوب على أمره و من يقرا التاريخ العربي يجد مشاهد عديدة لمثل هذا التحالف الخبيث ضد المثقف الرافض فكريا والمقيد ماديا كما هو شأن شخصية بوقره في الرواية.
جاءت نهاية بوقرة/المثقف نهاية فجائعية مأساوية ساقها الروائي في أداء لغوي شاعري ليقول الراهن الفجائعي السائد بلغة مغايرة تخرق السائد الجاهز في السردية الجزائرية والعربية ولعل اللغة الشعرية تمتلك سلطة الاقتراب من الفجيعة أكثر من لغة تقريرية بسيطة وهذا ما عرفه نطور في روايته وعبر لنا عن متاهة الموت الرهيب للإنسان الذي أراد أن يكون نبيا في قومه يمنحهم الحياة ويمنحونه الموت.
و يحضر الفضاء الشعبي -عبر الشعر والأمثال والصناعات التقليدية- ليشكل فضاء خاصا داخل فضاء دلالات الرواية وعندما نتأمل عميقا نربط بين فضاءات النص الروائي لأن كل الرواية تدور حول الحبل ومع القوال في الأسواق وحكايات سيدنا علي والغول و لونجة بنت السلطان.... نجد توظيفا ساخرا للطقوس المطرية في الجبال وتوظيف ممارسات الشعوذة عند النساء لتحيق الأغراض النفسية والاجتماعية والعلاج من الأمراض كما تقدم الرواية عوالم الأولياء الصالحين بطريقة سردية صوفية تكاشف العلاقة القوية بين أفراد المجتمع الجزائري وعام الزوايا والأولياء وقد نجح الروائي في الاستفادة من المخزون الشعبي...
كما صعد السارد في الوصف العجائبي عندما أحال القارئ إلى الروايات الشفوية الشعبية التي تتحدث عن ظهور طفلة رضيعة في الشاطئ. والتي تصف قوة الإمام علي في السير الشعبية كما غير السارد الإيقاع السردي بمواويل شعبية منحت النص الكثير من التفرد والاختلاف.
إن رواية عام الحبل تتحدى القارئ وترغمه للعودة لكتب التاريخ لكي ينفتح على تاريخ الجزائر في العهد العثماني كما تدفعه للبحث في الإحالات للراهن عبر صفحاتها قصد القبض على الدلالات الاجتماعية والفكرية في السياق الجزائر والعربي بخاصة بالنسبة لقضية تاريخية و راهنية مهمة هي موقف المثقف من السلطة.
يتبع..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.