بقلم: إسماعيل الشريف لا خسارة مدنية مهما كانت ستجعلني أشكك في هدف إسرائيل بالقضاء على حماس.. ليندسي غراهام عضو مجلس الشيوخ الأمريكي. لا يُنسى مشهد نيكي هايلي التي هُزمت أمام ترامب في السباق لتمثيل الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وهي تكتب على قذيفة مدفعية صهيونية عبارة: Finish Them أي أجهزوا عليهم خلال زيارتها للكيان الصهيوني. تلك اللقطة تُجسِّد بوضوح مواقف معظم الساسة الأمريكيين تجاه ما يجري في فلسطين. يفرض الكيان الصهيوني حصارًا خانقًا وغير مسبوق على قطاع غزة حيث يُستشهد الناس جوعًا وعطشًا بينما يمعن نتن ياهو في عربدته العسكرية في سوريا خلافا لرغبة الرئيس الامريكي ويواصل جيش الاحتلال قصف الكنائس في غزة على نحو لا يختلف كثيرًا عن اعتداءات المستوطنين على الكنائس في الضفة الغربية في تحد واضح للغرب. وكردة فعل يُطلق الساسة الأمريكيون تصريحات من ان حظ نتن ياهو وصبر ترامب قد شارفا على النفاد أو أن نتن ياهو يتصرّف كمن فقد صوابه. وفي الاجتماعات المغلقة لم يتردد ترامب في وصفه بأنه طفل متهور خفيف اليد على الزناد متمرّد على التعليمات لا ينصاع للأوامر. * أين سمعنا مثل هذه التصريحات من قبل؟ سمعناها قبل عام خلال لقاء جمع الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بنتن ياهو في البيت الأبيض حين تسربت تقارير تفيد بتخوّف بايدن من تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة وانتقاده الحازم لاستمرار العمليات العسكرية مع مطالبته الصريحة بوقف إطلاق النار. ومنطقيًا كان يُفترض أن يُصغي نتن ياهو لرئيس الدولة الأقوى في العالم تلك التي ترعاه وتدعمه بلا حدود إلا أنه مضى في غيّه ضاربًا بكل التحذيرات عرض الحائط وارتكب جريمة اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في قلب طهران. حينها حاولت حصر الأخبار التي روّجتها ماكينة الدعاية الغربية تلك التي اعتقدنا ولو لبرهة أنها ستكبح آلة القتل. عناوين على شاكلة: بلينكن يحذّر الرئيس محبط نفاد الصبر و الدعم مشروط بعدم تجاوز الحرب عامًا . عشرات التحذيرات والتوبيخات نُسبت إلى الرئيس الأمريكي وُجّهت لنتن ياهو لكن المجزرة لم تتوقف... بل استمرت بلا هوادة. لذلك عزيزي القارئ لا تنخدع بهذه المسرحيات الإعلامية فما نراه ليس خلافًا بل تواطؤًا صارخًا بين الإدارة الأمريكية ونتن ياهو. فكلاهما يسعى إلى تحقيق الأهداف ذاتها حتى لو كان الثمن حياة الأبرياء ومعاناة الشعوب. هذه التصريحات ليست سوى أدوات دعاية لتلميع صورة الإمبراطورية البيضاء ومحاولة لغسل أيديها من دماء غزة. ولو أراد ترامب كما بايدن من قبله وقف الحرب... لأوقفها في لحظة. وكما أبدى بايدن حزنه على أرواح المدنيين الذين يُقصفون بقنابله فعل ترامب الأمر ذاته وفقًا للمتحدثة باسمه حين قال إنه لا يحب رؤية هذا العدد من المدنيين يُقتلون في غزة وإنه لا يقبل أن يتضوّر الغزيون جوعًا ووعد بأنه سيحلّ هذه الأزمة. وبالفعل... حلّها بمصائد الموت التي نُصبت عند نقاط توزيع المساعدات. هذه الأسطوانة المشروخة التي سمعناها مرارًا ها هي تتكرر من جديد وهدفها واحد: منح الكيان مزيدًا من الوقت لارتكاب الإبادة الجماعية وصولًا إلى غايته الكبرى وهي تهجير الشعب الفلسطيني. تمامًا كما هي متاهة المفاوضات: مفاوضات من أجل المفاوضات لا يُراد لها أن تفضي إلى شيء بل فقط لإبقاء الأمل الزائف حيًا في نفوس الناس بأن وقف إطلاق النار قريب... بينما الموت يواصل حصاده. كما تهدف هذه التقارير الكاذبة إلى منح الإدارة الأمريكية بُعدًا إنسانيًا زائفًا وتصويرها وكأنها حريصة على القيم الأخلاقية التي تتغنّى بها في محاولة للنأي بنفسها عن جرائم الحرب التي تُرتكب في غزة. وفي الحقيقة يملك رئيس الولاياتالمتحدة إن أراد القدرة على إيقاف المجزرة فورًا وذلك بمجرد وقف شحنات السلاح المرسلة إلى الكيان الصهيوني استنادًا إلى قانون المساعدات الخارجية الصادر عام 1961 الذي يحظر تقديم الدعم لأي جهة أجنبية ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. كلما سمعتُ تصريحًا من قبيل: ندين أو صبرنا ينفد أو رسمنا خطوطًا حمراء لنتن ياهو انتابتني حالة من الاشمئزاز. فهذه عبارات جوفاء بلا قيمة ولا مضمون سمعناها بالأمس ونسمعها اليوم. لا فرق بين رئيس وآخر فجميعهم يرددون ذات التصريحات الكاذبة الممجوجة التي لم يعد هدفها خافيًا على أحد.