من المرتقب أن يشرع المخرج ياسين بوجملين في عملية تصوير فيلمه الجديد (هجرة الأدمغة) في غضون شهر نوفمبر أو ديسمبر القادم على أقصى تقدير في محاولة لمعالجة الظاهرة من زوايا متعددة بعد الشرخ الكبير الذي أحدثته الهجرة وسط المجتمع الجزائري خلال السنوات الماضية. وتفيد تقارير وإحصائيات الباحثين والخبراء حول أوضاع الهجرة بالبلاد وتأثيراتها من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وحتى النفسية على العائلات والأسر أرقاما مذهلة، حيث فقدت البلاد وفق إحدى الدراسات الجامعية منذ سنة 1992 على سبيل المثال لا الحصر أزيد من 71 ألف جامعي في مختلف التخصصات، وتعد سنوات الجمر من بين الحقب الأكثر معدلات وقد تسببت الهجرة للكفاءات في خسائر مادية كبيرة تمثل حجم التكاليف التي صرفت على كل طالب سواء بالداخل أو استفادتهم من منح للدراسة بالخارج دون استغلالهم في بلدهم الأم، ومن المرجح أن تدور أحداث الفيلم بين ضفتي المتوسط بين الجزائر وفرنسا باعتبارها الوجهة المفضلة لمختلف الفئات والشرائح بغية تقديم صور ونماذج واقعية حول أسباب هجرة الكفاءات الجزائرية إلى الخارج واستنزافها من طرف المؤسسات الأجنبية في مختلف بقاع العالم رغم التكاليف الباهضة التي تصرفها الدولة في تعليمها وتلقينها شتى العلوم في سبيل إشعار الجهات الوصية حول الظاهرة وتنبيه في المقابل الفئات المهاجرة بغية تمكينها وتحفيزها على العودة وخدمة الوطن الذي يتمتع اليوم بالهدوء، ويسير بخطى ثابتة نحو الرقي والاستقرار المادي والمعيشي والانفتاح القائم في مختلف المجالات على ضوء الإمكانيات التي باتت تتمتع بها الجزائر عما كانت عليه في السابق. واستنادا إلى مصادرنا فإن السيناريست والمخرج رسم آمالا مشرقة لهاته الفئة من المجتمع ودعوته الصريحة لها بالعودة خدمة للوطن ويسعى المخرج جاهدا إلى وضع بصمة فنية من شأنها أن تهز مشاعر المشاهدين خاصة المقيمين في ديار الغربة من أجل العودة إلى أحضان الديار لأن نهاية كل شخص مسقط رأسه وهو الوتر الذي سيعمل عليه المخرج في انتظار اختيار أحسن الوجوه لأداء الأدوار الرئيسية مثلما تمكن ذات المخرج في أعماله السابقة والذي مثل الدور الرئيسي في تحقيق نجاح باهر في فيلم (الانحراف) الذي تم تصويره بثلاث مناطق مستغانم، وهرانوالجزائر العاصمة يتناول قصة اجتماعية أقرب منها إلى الواقع، حيث تتعرض سيدة إلى مرض خطير فيعجز ابنها على توفير المال اللازم للعلاج غير أن مساعيه تصطدم بواقع مر رفض أقرب المقربين إليه على مساعدته ليتغير أسلوب الشاب المهذب واللطيف إلى شخص يبحث عن الثراء وتحصيل المال بمختلف الطرق والأساليب ليجد نفسه محل متابعات قضائية لكن القدر ودعوة الوالدين تكون في آخر المطاف عونا له، كما وضع ذات المخرج من خلال تناوله للظواهر الاجتماعية بصمته الخاصة من خلال سلسلة أفلامه التي تمتد على مدار ساعة ونصف جوانب مهمة في حياة الإنسان على غرار سلسلة الأفلام التي أنتجها منها الانحراف والحنين واللعبة.