قد لا يتجاوز الفرق بين كلمة صفقة وصفعة حرفا واحدا في الإملاء، إلاّ أن المعنى يملك من الفوارق ما يمكن أن نفصل به الشرق عن الغرب. وبما أننا الآن نعيش فترة ساخنة تتمثّل في موسم الانتقالات والتعاقدات الصيفية نجد الشارع الرياضي الجزائري يلهث إلى درجة الغليان خلف الفوز بالأفضل لترميم صفوف الفرق التي أرهقها السباق المثير لدوري المحترفين وتدعيم وتقوية صفوف أخرى تبحث عن الإنجاز. وبكلّ تأكيد فإن كلّ ناد يدخل في سباق مع الزمن وصراع مع الآخرين لاقتناص الأنسب لفريقه، واضعا في حساباته أمورا كثيرة، من بينها المادة التي أصبحت تشكّل أمرا ثانويا في ظلّ النقلة التي تشهدها الأندية في عالم الاحتراف بعد اقتحام الاستثمار للمجال الرياضي وتوقيع عقود تدرّ على الأندية الملايير. ولعلّ المنظر العام لما يحدث في الساحة الرياضية يكاد يكون نسخة كربونية لما سبق من مواسم تعاقدات، حيث تجد الجميع يطالبون بضمّ اللاّعب الفلاني أو قيادة المدير الفنّي (العلاني) لدفّة الأمور التدريبية في ناديهم وسط احتفائية إعلامية أشبه ما تكون بالزفّة المؤقّتة التي تتحوّل إلى حالة من العداء العارم والانتقاد اللاّذع مع أوّل اختبار حقيقي دون منح الضيف الجديد فرصة لإثبات الوجود والتأقلم مع الأجواء في الفريق. وربما تكون الفترة الحالية فرصة لجمع أكبر (غلّة) من المال بالنّسبة للأندية التي تملك لاعبين جيّدين، وكذلك اللاّعبون أنفسهم، في الوقت الذي يقع فيه أصحاب الأموال الطائلة أمام خيارين: إمّا النّجاح أو الفشل، حتى إن تعدّت دراساتهم لوضع نجمهم الذي يطالبون به وقتا أطول من الأشهر الأربعة التي يرغبون في الاستفادة من خدماته فيها. هنا يجب أن نقف جميعا لنضع هدفا أساسيا في عملية التعاقد مع اللاّعب أو المدرّب الذي نحتاج إليه فعلا وليس التعاقد من أجل الوجاهة، وفي النّهاية يكون مصير الملايين التي صرفت على الصفقة (التجميد) على دكّة الاحتياط. كما أن الوضع الرّاهن فتح بابا واسعا للسماسرة، خصوصا الخارجيين منهم، للّعب على أوتار التنافس الجزائري بين الأندية على اللاعبين والمدربين. كل الأمنيات للأندية الجزائرية بالتوفيق في صفقاتها التي تبرمها الآن، والتي إذا كانت ناجحة فإنها ستفيد رياضتنا بكلّ تأكيد ولا تكون كما يقال في المثل الدارج (جا يسعى ودر تسعة)، بمعنى أننا ننتظر أن تكون وداعية أيّ لاعب أو مدرّب يحضر إلينا في نفس درجة حرارة الاستقبال التي يحظى بها عند وصوله على المستويين الجماهيري والإداري لكي تكون الصفقات صفقات بالمعنى الحقيقي وليست صفعات.