ضمائر مع وقف التنفيذ يشتكي أغلب المرضى من الأسعار الملتهبة للكشف عند الأطباء الخاصين التي علت إلى مستويات غير معقولة ووصلت إلى 1500 دينار فما فوق، بعد أن كانت لا تتجاوز في السابق مبلغ 400 دينار بحيث ألهبت أسعار الحصص العلاجية جيوب المرضى الذين يضطرون إلى مداواة عللهم لدى أطباء خاصين، ولم تمكنهم بيروقراطية بعض المستشفيات من العلاج على مستواها الأمر الذي أجبرهم على مداومة العلاج لدى أطباء تابعين إلى القطاع الخاص. نسيمة خباجة بالأمس كان الطبيب لا غاية له إلا في جلب الشفاء للمريض الذي يطأ عيادته، لكن في الوقت الحاضر هناك بعض الأطباء من يعيبون على تلك المهنة الأخلاقية والواجب الإنساني، بحيث حوّلوا اهتمامهم إلى ملء الجيوب بالبزنسة في علل الناس وآلامهم، بدليل الفواتير المفروضة على المرضى خلال المواعيد الطبية مما أنهك قواهم وأضاف معاناة أخرى على أمراضهم وآلامهم، بحيث واجهوا الصد بأبواب المستشفيات ليكون مآلهم الحتمي العيادات الخاصة التي تستقبلهم بصدر رحب للانقضاض على جيوبهم والسمسرة في آلامهم، فالوضعية هي مزرية للغاية عبر العيادات الخاصة التي أعلنت الربح السريع على حساب آلام الناس ومحنهم وابتلاءاتهم. أطباء أم بائعو وصفات؟! يتداول عبر ألسنة الكل أن بعض الأطباء تحوّلوا إلى تجار مهمتهم الأولى المتاجرة في أمراض الناس ويكون هدفهم الأول الحصول على ثمن الكشف الذي يتم في لمح البصر وحتى في بعض الأحيان من دون فحص المريض الذي تكون أعراضه معلومة كالروماتيزم والضغط وغيرها من الأمراض، بحيث تحوّلوا إلى باعة للوصفات المعلومة والمعروفة ولا حاجة لهم في إنهاك أنفسهم من أجل كشف المريض، فما أن يتقدم المريض إلى إحدى العيادات حتى يهم الطبيب بمساءلته عن بعض أعراضه ويقوم بتدوين وصفة يجرد فيها أنواعا من الأدوية. ما وضحته لنا سيدة تعاني من الروماتيزم الحاد الذي نخر عظامها، إذ قالت إنها تداوم لدى إحدى الطبيبات بصفة دورية ما أدى بالطبيبة إلى تدوين الدواء في الوصفة من غير إخضاعها إلى الكشف، وهو الأسلوب الذي لم يرق المريضة، بحيث تجبر على دفع 1400 دينار جزائري على الوصفة من دون الاستفادة من فحص الأمر الذي أدى بها إلى الامتناع عن زيارة تلك الطبيبة واستبدال الوجهة بعد أن تيقنت أن هدف تلك الطبيبة لا يخرج عن المال. سيد آخر قال إنه يعاني من مرض جلدي حاد ألزمه الخضوع إلى مداومة طبية لدى طبيب خاص ويجد نفسه يدفع ثمن 1000 دينار في كل مرة حتى ولو لم يمض بين الحصتين وقت طويل، مما أنهكه من الناحية المادية وهو يفكر باستبدال الوجهة إلى طبيب بالقطاع العمومي إن لم يجد عوائق بيروقراطية على حد قوله، بحيث لا يستطيع الاستمرار لدى طبيبه المختص بعد أن تحوّلت غايته إلى الربح السريع. وصفات ممنوحة بمقابل ومن غير كشف! ما يعيب أيضا مجال الطب الخاص منح وصفات للعطل المرضية وكذا الوصفات الملحقة بالملفات الإدارية حتى من غير كشف في أغلب الأحيان، فالمهم والأهم هو الدفع الذي أضحى يسبق كافة أخلاقيات مهنة الطب التي تحوّلت إلى بزنسة معلنة في علل الناس واستغلال الظروف الضيقة للمريض من أجل فرض غرامات عليه، ما نجده في ملفات رخص السياقة التي يوشك فيها الأطباء على البصم أن كل الجزائريين يبصرون بنقطة 10 على عشرة، ويختمون على تلك الاستمارات الممنوحة من مدارس السياقة ويمضونها مقابل ثمن يتراوح ما بين 300 و500 دينار، وكأن الشخص اشترى إمضاء أو ختما بذلك المبلغ من غير النظر في الإفرازات السلبية لتلك الشهادات المزورة خاصة مع المجازر المرورية الرهيبة التي نراها، مما يفرض اتخاذ قرارات بملء تلك الاستمارات من طرف طبيب عيون مختص وليس عام غرضه المتاجرة في الوصفات والربح. من دون أن ننسى العطل المرضية التي باتت مجالا فسيحا لبعض التلاعبات، بحيث تمنح لأسبوع ولشهر بعد التواطؤ المعلن من طرف الأطباء وفي غالب الأحيان لا يكون الشخص مريضا بل احتاج إلى إجازة ادعى أنها مرضية بعد تزييف الحقيقة من طرف الطبيب مقابل دفع مبلغ الفاتورة، أو عفوا الوصفة المرضية. مرضى يتم تقاذفهم هنا وهناك صار هناك تواطؤ كبير بين أصحاب العيادات الخاصة ومخابر التحاليل، إذ وبمجرد منح المريض وصفة للتحاليل يبعث به ويوجه إلى مخبر معين من أجل إجرائها بمبالغ باهظة، ويجبر المريض على ذلك بعد إلحاح من طرف الأطباء بإجرائها عند مخبر ما، ومن المرضى ما يؤكدون ذلك منهم أحد المرضى الذي يعاني من مرض السرطان عفانا الله بحيث أخبره الطبيب الذي يعالجه بضرورة إجراء بعض التحاليل بالمخبر الذي أرسله إليه فأعلمه أنه سيقوم بها على مستوى عيادة عمومية، وما كان على الطبيب إلا التشكيك في نتائج التحاليل التي يتم إجراؤها على مستوى العيادات العمومية، وعندما زار المريض المخبر وجد أن التحاليل والأشعة لا تنزل عن 8000 دينار، فما كان عليه إلا الفرار باتجاه مخبر عمومي. وتلك الأساليب تستعمل كثيرا فيما بين بعض الأطباء، بحيث يتقاذفون المرضى هنا وهناك ويبيعون ويشترون في أمراض الناس من دون احترام المعاني السامية للمهنة النبيلة التي يمارسونها. مشقة سفر للاستفادة من حقن ب 3 مليون سنتيم يجمع الكل على أن ثمن العلاج بالعيادات والمشافي الخاصة هو باهظ جدا وباتت حكرا على الطبقة الميسورة أو على من أغلقت عليه أبواب العلاج على مستوى المشافي العامة لأسباب بيروقراطية، فالاستفادة من العلاج هناك لا يكون إلا عن طريق وساطات ومعارف، أما عوام الناس فلا يعالجون هناك على الرغم من أحقية علاج كل مواطن جزائري بالمستشفيات العامة، وليس هناك ما يجبره على دفع أمواله للعيادات الخاصة، إلا أن تفادي الضغوط أو تكسار الراس والصول والجول في حلقات فارغة كان الدافع الأكبر الذي دفع بالكثيرين إلى إفراغ ما في جيوبهم من أجل البحث عن العلاج، ولا ننفي أن بعض العيادات الخاصة استغلت الظروف التي يمر بها المرضى في القطاع العام من أجل الانقضاض على جيوبهم، بحيث باتت تمنح العلاج بمبالغ خيالية تقدر بالملايين بعد أن فضل البعض دفع أموال بدل البهدلة التي يتعرضون إليها في المشافي العمومية التي تقدم العلاج بالمجان لكن المقابل يكون باهظا بإهانة المرضى والمساس بكرامتهم. وما اشتكى منه المرضى هو إجبارهم على دفع أموال وفي آن واحد قطع مسافات طويلة لغرض الحصول على حقن نادرة بمبالغ خيالية ما وضحته لنا مريضة تعاني من الضغط على مستوى العينين إلى جانب السكري الذي أثر على بصرها، إذ قالت إنها لا تعرف طريقا إلى المشافي العمومية، والمشافي الخاصة وكذا العيادات الطبية الخاصة أنهكت قواها وزادت من أعبائها المادية وفرضت عليها حتى قطع مسافات إذ أخبرها الطبيب مؤخرا بضرورة الانتقال إلى ولاية وهران لأجل الاستفادة من حقنة ضرورية على مستوى العينين بمبلغ 3 ملايين سنتيم وأرعبها من نتائج تفويتها وهي الآن تفكر في مشقة السفر وهي في ذلك الوضع الصحي إلى جانب غلاء الحقنة. مما يفسر أن هناك مرضى يعانون من أمراض مزمنة متنوعة تائهون والسبب الأول والأخير هو عدم ظفرهم بمكان للعلاج على مستوى المشافي العمومية واصطدامهم بعراقيل مما فتح الباب واسعا لبعض الانتهازيين من أجل البيع والشراء في عللهم، ولسنا هنا بصدد التعميم كون أن هناك من الأطباء الخاصين من يعطون الأولوية لواجباتهم ورسالتهم المهنية في علاج المرضى وجعل الثمن كهدف أخير.