وزير الشؤون الخارجية يستقبل رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا    السيد دربال يتباحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون والشراكة    الشمول المالي: الجزائر حققت "نتائج مشجعة" في مجال الخدمات المالية والتغطية البنكية    سكك حديدية : برنامج شامل لعصرنة وتطوير الشبكات    أشغال عمومية : تكليف المفتشية العامة للقطاع بمراقبة كل مشاريع الطرقات    "الأمير عبد القادر...العالم العارف" موضوع ملتقى وطني    كمال الأجسام واللياقة البدنية والحمل بالقوة (البطولة الوطنية): مدينة قسنطينة تحتضن المنافسة    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    رابطة قسنطينة: «لوناب» و «الصاص» بنفس الريتم    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    تجديد 209 كلم من شبكة المياه بالأحياء    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    وسط اهتمام جماهيري بالتظاهرة: افتتاح مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    قراءة حداثية للقرآن وتكييف زماني للتفاسير: هكذا وظفت جمعية العلماء التعليم المسجدي لتهذيب المجتمع    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    سوريا: اجتماع لمجلس الأمن حول الوضع في سوريا    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    معالجة 40 ألف شكوى من طرف هيئة وسيط الجمهورية    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفا و305 شهيدا    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    بطولة وطنية لنصف الماراطون    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية.. احترافية ودقة عالية    إنجاز ملجأ لخياطة وتركيب شباك الصيادين    ارتفاع رأسمال بورصة الجزائر إلى حدود 4 مليار دولار    تفعيل التعاون الجزائري الموريتاني في مجال العمل والعلاقات المهنية    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    إجراءات استباقية لإنجاح موسم اصطياف 2024    عائلة زروال بسدراتة تطالب بالتحقيق ومحاسبة المتسبب    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الجزائر تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبناء فرنسا رَهَنُوا تحقيق نهضة شاملة خلال خمسينية..ولا ننتظر الكثير من الاشتراكيين
السعيد عبادو أمين عام منظمة المجاهدين يتحدث ل »صوت الأحرار« في ذكرى الخمسينية:
نشر في صوت الأحرار يوم 04 - 07 - 2012

اعترف السعيد عبادو الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، أن الأسرة الثورة كان طموحها أكبر في بناء دولة جزائرية قوية لا تتأثر بزوال الرجال، مؤكدا أن الدول الغربية بالضفة الأخرى على المتوسط بزعامة فرنسا لن تقبل بتاتا ببروز دولة قوية منافسة وهو ما كان في صلب أولوية من أسماهم »أبناء فرنسا« للاستثمار في مشاكل الجزائريين واختلاق لهم أزمات، لكن الوزير السابق يرفض تخطي المكاسب والإنجازات خلال خمسينية كاملة من عمر الاستقلال، ودعا إلى ضرورة تحصين جبهة الجزائر الداخلية، كما لم يظهر عبادو تحمسا كبيرا لعودة الاشتراكيين للحكم بزعامة هولاند لكن أبقى على بعض الأمل بالقول »لا ننتظر الكثير من تقلد الاشتراكيين الحكم لكن تصريحاتهم حول المصالحة التاريخية مثلما جمعهم مع ألمانيا ربما هو تحضير لأجواء حقيقية«.

بداية، 50 سنة تمر على استقلال الجزائر، ماذا يمثل لكم ذلك؟.

إذا ما استقرءنا تاريخ الحضارات فإن فترة 50 سنة قصيرة جدا في حياة الأمم والشعوب، لكن بما أن الجزائر أحد الدول التي تملك بُعدا استراتيجيا في العالم، فإن هذا يجعلنا أمام حتمية تقييم هادئ ورزين لفترة 50 سنة من استرجاع السيادة الوطنية بجوانبها الإيجابية منها والسلبية، وضرورة التركيز بتأني كيف كانت الجزائر سنة 1962 وكيف هي اليوم في سنة 2012 في جميع مجالات الحياة، خاصة وأننا مازلنا أمام حقيقة مُؤسفة تستدعي الحذر والوعي بالأخطار المحدقة بنا، فالجزائر مازالت محل أطماع من طرف مستعمر الأمس وأصحاب الذهنيات الإستدمارية. علما أن الدولة الفرنسية وقعت على اتفاقيات إيفيان، وحملت نصوصها بشكل واضح مساعدة دولة الجزائر الناشئة والالتزام بنقل العلوم والتقنيات التكنولوجيا لها، وهو ما تنصلت منه فرنسا لغاية اليوم، في محاولة لإفشال المخططات التنموية، لكنها خسرت الرهان.

كما لا يجب أن نغفل أن الإرادة الجزائرية قطعت أشواطا معتبرة في مسيرة البناء والتشييد بسواعد الجزائريين الذين أظهروا حسا عاليا ومسؤولية تجاه الوطن، خاصة في التصدي لمخلفات الاستعمار الفرنسي الذي لا طالما حرص على زرع اللاستقرار في الجزائر، ومثاله ما عرفته الجزائر في أحداث التسعينيات التي كان يراد منها تحطيم مؤسسات الدولة والهياكل القاعدية لكن إرادة الجزائريين كانت أكبر في التصالح مع بعضهم، ورسم أفق أبعد في مسار النهضة. فأزمة التسعينيات كانت الحافز الأّول في نشر الوعي وتحصين جبهة الجزائر الداخلية والتصدي لكل المؤامرات.

كل هذه الأسباب جعلت الإنسان الجزائري لا يبحث إلا عن الاستقرار، لاسيما أنه انخرط بقوة في معركة تنموية شاملة ستجعل من الجزائر دولة قائدة رائدة، لكن من المفيد الإعتراف بأن طموحنا كان أبعد بعد نيل الاستقلال، خاصة أنه كان باستطاعتنا إحداث النقلة النوعية والإلتحاق بقوة إلى مصاف الدولة المتقدمة، وهو ما يقودنا إلى طرح هذا السؤال : في ظل هذه الظروف والمستجدات والأحداث المتسارعة التي يعرفها العالم هل يمكن القيام بأكثر مما قمنا به طيلة خمسينية كاملة ؟.

هل تَرون أن جزائر اليوم هي التي كانت حلم الشهداء بالأمس؟.


(سَكَتَ للحظات..) بالنظر لثورتنا العظيمة والتضحيات الكبيرة من أجل انتزاع استقلالنا، نُسلّم بأن طموحنا كان أكبر في بناء دولة قوية، لها مكانة أساسية في دائرة صنع القرار بالعالم، قوية في اقتصادها، في ترشيد استغلال طاقاتها البشرية والمادية، لكن ضروري جدا التفريق ما بين الطموح الحلم والواقع المحفوف بالعراقيل، فكيف تقبل الدول في الضفة الأخرى من المتوسط، خاصة فرنسا بروز دولة قوية منافسة لها تأثر ضمن حقل الكبار في العالم، وهو ما جعلنا نعاني توالي الضربات والتصدي للأزمات التي كان يُراد من خلالها كبح مسار تقدم الجزائر وجعلها تتأرجح في مكانها.

الطموح مشروع لكن ليس سهلا ترجمة ما تم رسمه في عالم مليء بالتناقضات، وبالرغم من هذه المناورات والمؤامرات الغربية بزعامة فرنسا، إلا أن التحديات التي يرفعها الجزائريون أكبر من هذه الدسائس، فالجزائر اليوم تعيش نهضة تنموية شاملة غير مسبوقة، بعد أن استتب الأمن وتَحقّق الاستقرار في كل ربوع الوطن. فمسيرة 50 سنة من الاستقلال يجب أن تخضع للتقييم مع ضرورة التركيز على الأسباب التي أحكمت جوانب الإخفاق والانطلاق بقوة في إرساء التنمية الشاملة، من خلال توظيف كل الطاقات البشرية والمادية.

وبالإضافة إلى وجود عوامل مختلفة عرقلت مسار التنمية في الجزائر وجابهت إرادة النهضة الوطنية، لعبت جبهة أبناء فرنسا في الجزائر دورا كبيرا في عرقلت التنمية وإحداث النقلة النوعية، هذا بالإضافة إلى أن ساسة فرنسا اليوم لا تزال نظرتهم للجزائر كمستعمرة، دائما في حاجة للوصاية، وهو ما سيرهن العلاقات أكثر بين البلدين في المرحلة المقبلة، لو استمرت هذه النظرة الدونية الاستعلائية.

كما أن التردّد الذي يطبع قرار ساسة فرنسا يُظهر مدى التخبّط الذي يعيشونه، فالعجز عن اتخاذ قرارات جريئة تسبق التعاون سيرهن أكثر مسار تقدم العلاقات، وسيضر بالشعب الفرنسي الذي يعاني ويلات أزمة اقتصادية حالكة، فكيف يمكن التعامل في ظل ذهنيات بالية يغلب عليها الفكر الاستعماري الإستدماري المتحجر، فنحن اليوم أمام مرحلة فارقة، فإما أن الساسة الفرنسيين خاصة الحاليين ( الاشتراكيين) أن يفقهوا واقع التعامل ويغيروا مواقفهم من خلال اتخاذ إجراءات حقيقية تُمهّد لتعاون استراتيجي، يسهل فتح صفحة جديدة في مسار العلاقات بين البلدين، فالإصرار على محاولات جعل الجزائر دولة متخلفة، لن ينفع في ظل تهافت عديد الدول المتقدمة للتعامل مع الجزائر وتوطيد علاقاتها الاقتصادية والسياسة وفي كل المجالات.

أبرزتم حذرا في أكثر من مناسبة مع صعود التيار الاشتراكي في فرنسا، ألا تنتظرون تحولا سيطبع العلاقات بين الجزائر وفرنسا في ظل حكم فرانسوا هولاند؟.

في حقيقة الأمر لدينا عقدة تاريخية من الاشتراكيين نظرا للرواسب والتراكمات التي طبعت التعامل في المراحل الماضية، فدروس الحرب التحريرية جعلتنا لا نؤمن بالتصريحات، ولا نؤمن بأن تغيير الحكام يعني تغير في السياسة بالضرورة، بالنظر إلى أن خمسين سنة من استقلال الجزائر ورغم تغيّر عدة مسؤولين وحكام في فرنسا إلا أننا لمسنا نفس السياسة طيلة تلك الفترة، لكن يبقى أنه لدينا أمل ضئيل في الساسة الحاليين في إحداث تغير في مستقبل العلاقات بالنظر للمستجدات التي يعرفها العالم.

فمن منطلق حسن نية، يمكن لهذه التصريحات الأخيرة لبعض المسؤولين أن تبعث نوعا من الأمل في اتخاذ قرارات جريئة، وتبقى التصريحات تحتاج لأفعال وليس أقوال، فنحن نحتاج إلى إجراءات ملموسة تساهم في جعل منطق التعامل بين البلدين الند للند، ولا مجال فيه لتغليب كفة واحد عن آخر.

ما هي قراءتكم لتصريحات دومنيك دوفيلبان الداعية إلى مصالحة تاريخية مع الجزائر تُشْبِهُ المصالحة مع ألمانيا؟.

تصريحات دومنيك دوفيلبان هي نفس التصريحات التي قال بها الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية »الكيدورسي« والتي تضمنت إمكانية معالجة قضايا التاريخ بين الجزائر وفرنسا بمثل ما تم معالجته مع ألمانيا، ومن خلال معرفتنا الطويلة بمستعمر الأمس، يمكن أن تكون تصريحات المسؤولين الفرنسيين حول الجزائر فيما تعلق بالمصالحة التاريخية هو تحضير لأجواء حقيقية، أو تمهيد لخلق جو هادئ يسبق قرارات مهمة، باعتبار أن المرحلة الماضية عرفت تعكرا غير مسبوقا في مسار العلاقات، ومن شأن هذه التصريحات أن تعطي الأمل، كما نتمنى أن لا تبقى التصريحات في إطار الأقوال، وضرورة الدخول في معالجة جريئة لكل الملفات على طاولة واحدة تجمع ساسة البلدين وفق الاتجاه الصحيح.

ومن هذا المنطلق، سبق لنا أن صرحنا بأن الشعب الفرنسي الذي أخذ حقوقه كاملة من اعتراف واعتذار ثم تعويض من ألمانيا، ليس أحسن من الشعب الجزائري، فأقول بشكل صريح »نحن نؤيد نفس التسوية التي حدثت ما بين ألمانيا وفرنسا في إحدى المراحل المهمة في علاقاتهما«، حيث أصبحا القلب النابض في الإتحاد الأوروبي بعد تحقيق مصالحة تاريخية، فيمكننا أن نقطع نفس المسار في مصالحة تاريخية تثمر بتحول الجزائر وفرنسا القلب النابض في إطار ما يسمى ب »الإتحاد من أجل المتوسط«، تتضمن وحدة في الرؤية وفي التحرك.

هل يعني أنكم تدعمون إحياء توقيع معاهدة صداقة بين الجزائر وفرنسا في المستقبل القريب؟.

موقفنا مبدئي وواضح بشأن توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين، بحيث بينا في أكثر من مناسبة رفضنا المطلق توقيع معاهدة الصداقة وتعاون حقيقية إذا لم تعترف فرنسا بجرائمها المرتكبة خلال 132 سنة من الاحتلال وتعتذر للدولة الجزائرية، ثم تمنح التعويض لكل الضحايا والمتأثرين بجرائمها طيلة فترة الإستعمار، بالإضافة إلى تسليم الأرشيف الذي يرهن كتابة تاريخنا، وهو ما سيسهل طي صفحة الماضي والتوجه إلى بناء المستقبل في إطار المصلحة المزدوجة. فالتوقيع على معاهدة صداقة يأتي كمحصلة بعد معالجة كل الملفات العالقة، ولا يمكنها أن تسبق ذلك.

يعني ثالوث الإعتراف والاعتذار والتعويض يبقى حجر الزاوية في مسار العلاقات بين البلدين بعد الخمسينية؟.

رسالتنا واضحة لساسة الضفة الأخرى، لن نَؤْمَن تخليكم عن الأفكار الاستعمارية والذهنيات الإستدمارية الوحشية، إلا باتخاذكم إجراءات جريئة تضمن ثالوث الإعتراف والاعتذار والتعويض للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، فالجزائر اليوم دولة مستقلة ذات سيادة حرة في اتخاذ قراراتها، فعلى الساسة الفرنسيين التعامل معها في هذا المستوى، ونحن رفضنا أي منطق يسيء إلى سيادتنا إبان الكفاح المسلح، فكيف بنا اليوم، بحيث أن الفرنسيين أمام مفترق في المرحلة المقبلة إما أن يكونوا فاعلين في الحقل الدولي بمساعدة الجزائر، أو سيكونوا أمام مرحلة التراجع على كل المستويات، ونتيجته فاتورة غالية يتحملها الشعب الفرنسي.

وماذا عن قانون تجريم الاستعمار، هل تتوفر الإرادة السياسية لتمريره حاليا؟.

المجلس الشعبي الوطني الحالي يتوفر على كل ركائز القوة، سواء من حيث الإرادة الشعبية أو التمثيل، بما منحه مزيدا من المصداقية التي تستوجب على نوابه أن يعبروا عن هذه الإرادة الشعبية الوطنية بتمرير قانون تجريم الاستعمار الفرنسي الذي جاء كرد على قانون تمجيد الاستعمار، بحيث أننا لم نتعود على طأطأة الرأس على مر تاريخ الجزائر، فكيف بنا نقبل بالمذلة في هذه المرحلة، أو محاولة كسر إرادة البرلمانيين في الذهاب بمشروع القانون بعيدا، فحصول نواب الشعب على ثقة غير مسبوقة في صناديق الاقتراع في موعد 10 ماي الفارط، أهلهم لتحمل مسؤولياتهم كاملة غير منقوصة وإعادة طرح المشروع.

ثم أن توجه المنظمة الوطنية للمجاهدين واضح ولا غبار عليه، ونحن على اتصال مباشر مع عدد من البرلمانيين حاليا ونتبادل طرق التنسيق للسير بمشروع القانون وفق إطاره الطبيعي في المؤسسة التشريعية، لكن يبقى أن أي خطوة يمكن أن تؤثر في طبيعة تحركنا مرتبطة بسحب قانون تمجيد الاستعمار، وحينها لكل حدث حديث.

قضايا الأرشيف وتعويض ضحايا التجارب النووية؟

في زمن حقوق الإنسان والتشدق بالحضارة، مازلنا نشهد تنصلا فرنسيا من تسليم الأرشيف الجزائري وكل الممتلكات المنهوبة إبان الفترة الاستعمارية، بحيث أن »التلكؤ« هو الذي يطبع الإرادة الفرنسية، نتمنى أن تعالج كل هذه الملفات في إطار شامل.

وزير المجاهدين اعترف بأن دائرته الوزارية تعاني في كتابة التاريخ، ما هو واقع الذاكرة بعد 50 سنة؟

مهم جدا أن نطرح سؤال: من هو جدير بكتابة التاريخ ؟، هل هي وزارة المجاهدين؟، هل هي وزارة الثقافة ؟، هل هي منظمة المجاهدين؟، رأينا واضح فيما تعلق بكتابة التاريخ، حيث أن المجاهدين والمجاهدات صُناع البطولات والتاريخ بدماءهم وأرواحهم لا يكتبون التاريخ، بل يُدلون بشهادات حية ويرون الأحداث كما عاشوها، أما من يتولى كتابة تاريخ الجزائر والذاكرة، هم المؤرخون والأكاديميون والباحثين في الحرم الجامعي، تمحيصا للتناقضات في الروايات ومعالجة بموضوعية بعيدا عن كل المغالطات.

فبالرغم من وجود بعض المبادرات هنا وهناك من طرف بعض الباحثين والمهتمين بالتاريخ، إلا أن ذلك يبقى دون مستوى ثورة أول نوفمبر، أقل من البطولات والمقاومات التي جابهت أعتى قوة استعمارية آنذاك فرنسا الإستدمارية، نحن اليوم أمام ضرورة تستدعي توحيد جهود كل المختصين والمؤرخين والمهتمين بالتاريخ وصناع البطولات من المجاهدين والهيئات الرسمية، من أجل النهوض بها وحماية ذاكرتنا من التشويه، من خلال الإطلاع على كل الوثائق والحقائق التاريخية بدراسات مقارنة، والخروج بما يوحد الوطن وليس بما يفرقه في الدخول في الجزئيات التي لا نفع منها، ضمانا لمستقبل الأجيال الصاعدة.

لا يمكن تجاهل بأن الثورة تضمنت أخطاء جسيمة، لكنها لا يمكن أن تؤثر على عظمة ثورة نوفمبر، فالحقيقة أن هذه الأخطاء والإخفاقات لم تنقص قيد أنملة من عظمة الثورة الجزائرية بل ساهمت بقوة في رص الصف الجزائري، فنحن لا نخاف مما عايشناه، كما لا ينبغي على أحد أن يدعي أنه هو كل التاريخ، ثم أنه طبيعي جدا أن تكون هناك بعض الجزئيات في التاريخ تتضمن تناقضات بسبب أن الثورة شعبية قادها، شعب فقير مُضطهد يُنظم نفسه ويُقاوم قوة استعمارية إلى آخر قطرة من دمه، أشخاص بسطاء ضد جحافل المستعمر الفرنسي الذي يملك قوة وتجربة كبيرة في القتال والحروب، فالعبرة بالنتائج في الميدان وكيف تغلب شعب أعزل على أعتى قوة استعمارية استدمارية.

أقول أن تاريخ التضحيات والنضال والاستشهاد يتطلب من الناقلين تدوينه بأمانة، فالجزائر أمانة في يد أعناق الأجيال الصاعدة، حُررت لكي تكون دولة قائدة رائدة تتمتع بالمكانة اللائقة بين الدول وتبدي رأيها في كل القضايا الدولية، يحتل فيها الشباب المرتكز الأساسي.

هل يعني أن الخمسينية هي موعد لتسليم المشعل للشباب بعد تصريح رئيس الجمهورية بأنهم »طاب جنانهم«؟

(يَضْحَك للحظات..) لن أعلق عن تصريح أي شخص، لكن موقفي واضح، وهو أن الشهداء أدوا واجبهم، بشكل غير منقوص، أما المجاهدين فلحكمة أرادها الله يواصلون إتمام مهمتهم في الحياة، فواجب الأسرة الثورية يبقى مستمر مهما كانت الوضعية الصحية، فضروري نقل رسالة الشهداء بأمانة وتفان للأجيال الصاعدة في سبيل أن تبقى الجزائر واقفة، صامدة، لهذا أي مجاهد مهما كان سنه أو مستواه لا يجب أن يعتبر نفسه قد انتهى وعليه مواصلة رسالة الشهداء.

كما أود التنويه إلى حقيقة مفادها أن الشباب هم من يحكمون اليوم، بحيث لا ينكر إلا جاحد أن المشعل هو بين يد الشباب حاليا، فمن يتحكم في زمام المسؤوليات في كل أنحاء الوطن هم شباب، حيث أن عديد المسؤوليات الحساسة هي بين يد الشباب، فالقيام بعملية جرد على منطق سليم لكل المؤسسات الحساسة للدولة، تكون النتيجة طبيعية، أن الشباب هم من يتحكمون في البلاد، فلا مجال للحديث عن الشرعية الثورية بعدما كنا قد دخلنا الشرعية الدستورية مع أول انتخابات بلدية وبرلمانية سنة 1967. فضروري جدا أن يتحلى الشباب بالمسؤولية في مواصلة المسيرة والانخراط بقوة في مسيرة البناء والتشييد.

يقال أن المنظمة الوطنية للمجاهدين هي البيت الواسع للأسرة الثورية، ما هي طبيعة البرامج التي تُرافعون لها في المرحلة المقبلة؟

توصيات المؤتمر الحادي عشر للمجاهدين حملت الكثير من التعديلات في القانون الأساسي، لعل أبرزها تمكين أبناء الأسرة الثورية من الوجود بقوة داخل هياكل المنظمة الوطنية للمجاهدين، كدرع حصين، يضمن استمرار الرسالة بقوة وتناقلها عبر الأجيال الصاعدة، كما نحمل هَم كتابة التاريخ الذي سوف يبقى سيبقى متواصلا لغاية تحقيق هدف تدوين الذاكرة، وهو ما وفرناه في إطار أوسع يحتضنه فضاء المنظمة الوطنية للمجاهدين.

كما تتضمن لائحة الجانب الإجتماعي المنبثقة عن المؤتمر الإهتمام أكثر بالجانب الصحي لفئة المجاهدين وذوي الحقوق في المرحلة المقبلة، حيث نستشعر قيمة التقصير في التكفل بفئة المجاهدين وهو ما سيكون في صلب أولوياتنا مستقبلا. وتوج ذلك مؤخرا بتعليمة حكومية تقضي بأحقية المجاهدين وذوي الحقوق الاستفادة من بطاقة »الشفاء« من أجل الحصول على الأدوية، كما أننا نحضر لإعادة تجديد الاتفاقيات مع وزارة الصحة فيما تعلق بالعلاج في المستشفيات وتوسيع ذلك للقطاع الحي الخاص.

كما أؤكد بأننا في اتصالات مكثفة مع وزارة السكن من أجل إيجاد صيغة واضحة تستفيد منها فئة المجاهدين وذوي الحقوق من السكنات، بالإضافة إلى أن الوضع الاجتماعي يتطلب تحسين المنح خاصة منها منحة التقاعد، والاهتمام أكثر بمراكز الراحة والعلاج خاصة بالنسبة للمعطوبين وأصحاب العاهات، وهي إجراءات كلها من أجل التكفل التام بفئة المجاهدين.

ولعل أكثر ما يحسب للمنظمة الوطنية للمجاهدين هو تأسيسها لقانوني المجاهد والشهيد، وهو مكسب لفئة المجاهدين وذويهم، حيث قررنا في الأسابيع القادمة عقد سلسلة ندوات من أجل مراجعة نصوص قانوني المجاهد والشهيد وتعديل بعض المواد التي تستدعي مواكبتها للمستجدات على الساحة الوطنية.

ما هي نظرتك للحركى بعد 50 سنة من الاستقلال، وهل تُؤَيد الصفح؟

موقفنا واضح بالنسبة لفئة »الحركى« هم خونة بإمتياز، والخيانة تبقى وصمة عار إلى الأبد...فلا خمسين سنة من الاستقلال قادرة على اندمال الجراح التي ما فتئت فئة الحركى تعميقها بخطوات استفزازية، فهم اختاروا طريقهم وحملوا السلاح ضد أبناء وطنهم وباعوا ضمائرهم، ولو لم تكن الخيانات المتكررة لاستقلّت الجزائر قبل تاريخ 1962 بكثير.

هل يمكن المقارنة بين الثورة الجزائرية ضد فرنسا وما يُعرف ب »الثورات الربيع العربي«؟.

(يصمت...) الثورة الجزائرية ثورة عارمة عريقة بإنجازاتها وببطولاتها، ضد استعمار استيطاني أجنبي، عرفت استشهاد ملايين من الشهداء منذ احتلال الجزائر سنة 1830، بحيث أن مجرد التفكير في إجراء مقارنة فقط يجعل صاحبها »مخبول«، فالثورة الجزائرية هي ملهمة لكل المستضعفين في العالم، فكيف بها أن تتساوى مع انتفاضات شعبية، لهذا لا يمكن تصنيف ما يعرف ب »ثورات الربيع العربي« عن حركات أو انتفاضات ضد أنظمة معينة، ونحن لا يمكن لنا أن نتدخل في إرادة أي شعب، الذي اختار سيادته بالطريقة التي يراها سليمة، كما أنه لا يمكن أن نحط من قيمة شعب عن آخر، ونتمنى لهم الاستقرار، وتحقيق التعاون في كل الميادين بما ينعكس إيجابا على الشعوب بالمنطقة. لكن لدي إضافة...

تفضل...

الساسة الجزائريين أظهروا مستوى متقدم من الرزانة والحكمة في التعامل مع المستجدات التي عرفتها الساحة العربية أو ما يعرف ب »الربيع العربي«، وأثبتت الجزائر أنها القلب النابض في المنطقة وفي دائرة صناعة القرار العالمي.

رسالتك للشباب في خمسينية الاستقلال؟

رسالتنا واضحة، نحن نثق في شبابنا ولا يهمنا القيل والقال، والحملة ضد الشباب بأن وطنيتهم ناقصة، ونرى أن شبابنا سيكون أقصى من المجاهدين في الدفاع عن الوطن وبناء الجزائر، ونرى فيهم خير خلف لخير سلف، فشباب اليوم يتوفر على الكفاءة والقدرة الكاملة في التعاطي مع المستجدات الوطنية والدولية. فطموح شبابنا اليوم نحو الأفضل لا يقل أهمية عن البلدان الغربية وهو ما ينبغي أن يتجسد من خلال العمل على التأسيس لدولة قوية، لا تقل أهمية ووزنا وحضارة عن الدول الكبرى.

نحن حررنا الجزائر بالأمس وسواعد الشباب ستبنيها، فقط حذار من لغة الفشل والتفشيل التي تريد إيجاد مواطنين محبطين للقضاء على الشهامة الجزائرية، كما انه من الضروري عدم شكر أنفسنا كثير ولا قاسيين وبمقارنة موضوعية وتقييم حقيقي يمكننا معرفة مكامن الأخطاء في ذكرى الخمسينية للخروج بأرضية عمل مهمة، فعبئ البناء والتشييد يتحمله الشباب من المهندس، الأستاذ، المؤرخ، الطبيب، الإعلامي...فالشباب هم كل شيئ وثقتنا فيهم كبيرة.

هل من إضافة؟

أريد أن أوجه رسالة للمشرفين على قطاع السمعي البصري، بأن التأسيس لقناة تاريخية أصبح أكثر من ضرورة باعتبارها تتكفل بنقل كل الحقائق التاريخية والإنجازات من الأفلام الوثائقية والتسجيلات التاريخية، وتحافظ على ذاكرة الجزائريين وتضمن نقل الحقائق بصورتها الأصلية من طرف المجاهدين وصانعي البطولات للأجيال الصاعدة. كما أن تسليط الضوء على كل الأحداث التاريخية عبر الوسائل السمعية البصرية ّأهم وسيلة في العصر الحاضر، فالقنوات الحالية الموجودة أثبتت أنها غير كافية ولا تؤدي الدور المنوط بها، مما يستوجب التفكير بجدية في التأسيس لقناة تاريخية تعطي الدفع القوي والمجال الحقيقي للمجاهدين للحديث والمؤرخين للتحاور وحتى الطلبة والتطرق لكل الأحداث التاريخية من أجل تبليغ التاريخ وحفظ الذاكرة وترسيخ الفكر الوطني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.