المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الإعلامي والفنان خالد لومة    انطلاق التسجيلات للالتحاق بالمدرسة العليا للسياحة    تكوين القضاة حول مكافحة الإرهاب بالأسلحة الخطرة    دعم ثقافة التبليغ والتعامل مع مدمني المخدرات    بسكرة مر كز إشعاع حضاري واقتصادي    إنجاز 130 كلم من الألياف البصرية    عرض جديد لمضاعفة سرعة الأنترنيت    محافظات جنوب غزة غير قادرة على استيعاب 1.3 مليون مهجر قسريا    المغرب والكيان الصهيوني.. احتلالان بنفس الاستراتيجية    فرنسا في مواجهة غضب الشارع    آيت نوري يصاب ويضيّع مباراتي بوتسوانا وغينيا    الشلفاوة يعودون بنقطة مهمة من الدار البيضاء    بداية متعثرة لنادي بارادو واتحاد خنشلة    درة السياحة في قلب "بونة"    برامج توعوية مخصّصة للمعتمرين    11 معيارا لانتقاء الوكالات السياحية لتنظيم حج 2026    العيد ربيقة:أطروحات كولونيالية تحاول المساس بالتاريخ الوطني ورموزه    وزير الداخلية يستقبل السفير الصيني : عرض آفاق التعاون المشترك بين الجزائر وبكين    حركة النهضة:ذويبي يطالب بالإسراع في تمرير قانون تجريم الاستعمار    مصادرة 75 قنطارا من أوراق التبغ    المكتبة المتنقلة بعنابة جسر لتعزيز المطالعة في المناطق الريفية    إتمام المرحلة الأولى من مبادرة "أطفال يقرؤون- أطفال يكتبون"    17 غريقا منذ انطلاق موسم الاصطياف    حجز 80 قنطارا من القمح اللين الفاسد    كرة القدم/"شان 2024" /مؤجلة إلى 2025/ الدور ربع النهائي: "نشعر بتحسر كبير بعد الخروج من المنافسة"    البطولة العربية لإلعاب القوى لأقل من 18 سنة: ميدالية ذهبية للجزائري عبد القادر محرز في سباق 10000 م/مشي    سطيف : الدرك الوطني يطلق حملة توعية حول السلامة المرورية لفائدة سائقي الحافلات    ادراج مدينة مليانة القديمة في سجل الألكسو للتراث المعماري والعمراني في البلدان العربية    باتنة : الشروع في تهيئة المحيط الخارجي للضريح النوميدي الملكي مدغاسن    الرابطة الأولى "موبيليس" (الجولة الثانية): برمجة لقاء اتحاد الجزائر/مولودية الجزائر, يوم الأحد المقبل    السوق المالية : إطلاق استشارة وطنية لتنشيط المجال    معرض التجارة البينية الافريقية: مكاسب هامة منتظرة من طبعة الجزائر    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 62686 شهيدا و157951 جريحا    الوحدة النقابية الافريقية: الدعوة إلى ملاحقة الشركات المتورطة في نهب ثروات الشعب الصحراوي    بحث سبل تعزيز التعاون وتبادل الخبرات    مؤسّسات جزائرية تستلهم من التجارب العالمية    الجزائر في معرض أغرا 2025 بسلوفينيا    ميناء تيڤزيرت.. قبلة العائلات صيفاً    حيوية غير مسبوقة للمشهد الثقافي    موجة حر ورعود مرتقبة على عدد من ولايات الوطن    ترتيبات خاصة بمسابقة التوظيف    4 مدن جزائرية في قائمة الأشد حراً    براهيمي يتألق    هل اعتزلت خليف؟    الجزائر توظف ثقلها الإقتصادي في خدمة الشعوب الإفريقية    عبر إدخال مساعدات إنسانية واسعة النطاق فورا في غزة    الناشئة الجزائرية تبدع في المنتدى الثقافي الدولي للطفل بموسكو    الجزائر: على العالم إنهاء هذه الكارثة الإنسانية غير المسبوقة    دعوة لتكوين إلزاميٍّ قبل فتح المطاعم    وهران تختتم الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي وسط أجواء فنية احتفالية    غزوة أحد .. من رحم الهزيمة عبر ودروس    " صيدال" يكرّم أحد أبطال الإنقاذ في كارثة وادي الحراش    وهران: تدعيم المؤسسات الصحية ب 134 منصبا جديدا لسنة 2025    حج 2026: تنصيب لجنة دراسة العروض المقدمة للمشاركة في تقديم خدمات المشاعر    هذه الحكمة من جعل الصلوات خمسا في اليوم    خالد بن الوليد..سيف الله المسنون    قتلة الأنبياء وورَثتُهم قتلة المراسلين الشهود    فتاوى : هل تبقى بَرَكة ماء زمزم وإن خلط بغيره؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى سادتي الشهداء
نشر في صوت الأحرار يوم 18 - 04 - 2018

في كل يوم، منذ كارثة الطائرة المنكوبة، تودع الجزائر شهداءها الكرام وتذرف الدمع السخي على فلذات أكبادها، وكيف لها لا تحزن، وقد فقدت أبناء لها في عمر الورد.
كان يجب أن تبكي الأفئدة بحرقة وقد حق لها البكاء، وها هو الحزن قد اجتمع على قلب وطن واحد، حيث اتفقنا جميعا على دمعة واحدة.
أكان عليكم، أيها الشهداء، أن تبوحوا بخفايا المحبة، فإذا أنتم تسكنون حنايا العيون والقلوب، وإذا الوطن ينحني إجلالا لأرواح شهدائه.
أكان عليكم أن تظهروا بكل ذاك الوهج، إنكم البدور الساطعة، لن تغيب يوما عن سماء الوطن.
أكان قدر عليكم أن تبدوا نجمة هدى وعنوان الشموخ، فأنتم رمز الإيثار ومبعث الفخر والاعتزاز.
نعم، سادتي الشهداء، إن "الشوق بعد الموت لا يطاق"، فالرزء فادح، تنفطر له القلوب وتدمع له الأعين.
يقف ذلك الأب، كطود شامخ، يتحدى الألم، وهو ينعي ابنه الشهيد: "الشهداء لا يبكي عليهم أحد.. إن أشرف موت هو موت الشهداء".
تقف تلك الصبية، يلفها الحزن والسكون، تنظر إلى السماء، كأنما تنتظر حبيبا رحل وقد تحجر الدمع في المآقي، تقول في عنفوان الصبر: "لقد رحل خطيبي إلى الجنة، كانت آخر كلماته وهو يودعني: اتهلاي في روحك.." ، وكتبت له في ذلك الصباح الباكر وهو يركب الطائرة: »تبقى أنت وحدك حبا في قلبي"، فهل يعلم حبيبي أن صورته محفورة في عيوني، إن شوقي إليه يقتلني وان هواه لن يموت.
تقف تلك الأم المكلومة، يسخن الدمع على وجهها، تبتعد قليلا عن المعزين، تنزوي أمام الباب تنتظر اللقاء، وهي تدري أن لا لقاء، تهمس في صمت : إني أرى طيف فلذة كبدي ولا أراه، ومن هناك يأتيها صوت الشهيد: أماه لا تحزني، إن جاءك الخبر، قري ونامي، لا ذرفي دمعك الغالي، إني بدار الخلد أنتظر..
تقف تلك الزوجة المفجوعة، إنها ليست وحدها، فالدمع السخين صار ندى للجزائر كلها، تلوذ بالصمت، لأن الكلام يكف عن الكلام من هول الفاجعة، تنطق عيناها بحرقة الأسى ولوعة الفراق، إلا أن صبرها فاق الصبر، فلله ما أخذ ولله ما أعطى.
كيف لا تبكي الجزائر شهداءها وكيف لا ينهمر دمعها السخي على أبناء لها في عمر الورد..
في كل يوم، منذ الحادث الأليم، تنتظر الأسر شهداءها، شهداء الواجب الوطني، الذين وهبوا حياتهم لخدمة الوطن، تحت راية جيشنا الوطني الشعبي، جدار الأمة وحصنها المنيع.
في كل يوم، تزف قرية أو بلدة أو مدينة شهيدا إلى جنة الخلد، تتلقى العائلة ابنها مسجى براية الوطن، رمز الوطن وعنوان الإباء والشموخ.
يتوحد الوطن، وهو الواحد، يتلاحم الشعب وهو المتلاحم، لكنها لحظات تتجلى فيها الوحدة ويتألق فيها الشعب، وكأنه يعلن عن نفسه بهذا التجلي، فإذا هو يقف في عزاء واحد.
هكذا هي الصورة، في وضوح معانيها، كل مواطن يشعر بالحزن العميق، تضامنا مع عائلات هؤلاء الضباط والجنود وتقديرا وعرفانا للجيش الوطني الشعبي، الذي يوطد كل يوم مكانته السامية في قلوب الجزائريين.
هذا الشعور، يتجاوز لحظة العاطفة ورد الفعل على الحادث الأليم، إلى موقف وطني، يمليه واجب التضامن والتآزر، فإذا كل مواطن في شرق البلاد وغربها، في جنوبها وشمالها، يشعر بأنه معني بهذه الفاجعة، لأنه يتقاسم هذا الوطن مع إخوانه ويتلاحم معهم في السراء والضراء.
لم يكن هذا التعاطف، الذي تجلى في أكثر من صورة ومشهد، تعبيرا عن لحظة تأثر عابرة، يفرضها الإحساس بالحزن على رحيل هؤلاء الشهداء، بل هو ترجمة صادقة، لما يكنه كل مواطن ومواطنة من تقدير خاص للجيش الوطني الشعبي، الذي بفضل تضحيات خيرة كفاءاته وإطاراته وجنوده، تنعم بلادنا بالسلم والاطمئنان.
لقد مست تلك المحنة العصيبة كل العائلات الجزائرية، بحيث كانت على قلب واحد، حزنا وألما، إيمانا واقتناعا بأن الذين استشهدوا هم أبناؤنا وفلذات أكبادنا، أسود الحدود، حراس الوطن وحماته والمدافعين عن أمنه وأمانه.
إن الهبة التضامنية الرائعة، التي عبر من خلالها المواطنون، بجميع فئاتهم وعبر كافة جهات البلاد، عن تآزرهم وتعاطفهم مع عائلات الشهداء هي، علامة واضحة وناصعة عن المكانة المرموقة التي يحتلها الجيش الوطني الشعبي في قلوب الجزائريين، حيث يحظى أفراده باحترامهم وتقديرهم، مما يؤكد بأن جيشنا- وهو القوي بوطنيته وعقيدته وكفاءته- يتوفر على دعم الشعب كله.
اسماعيل، جمال، رمزي، محرز، فاروق، محمد، توفيق، مهدي، بشير، كمال، علي، صالح، زهير، رضوان، رشيد وغيرهم، هم أبناء الجزائر كلها، والحزن على رحيلهم رسالة وفاء وعرفان لكل ضابط ولكل جندي، لكل هؤلاء الذين يقدمون التضحيات الجليلة وقرابين الدم الطاهر في سبيل الوطن المفدى.
إن مشاعر التعاطف مع عائلات شهداء الواجب الوطني، دليل على وحدة الشعب والتفافه حول جيشه العتيد، وإن صورة البطولة والتضحية، التي يتصف بها الجيش الوطني الشعبي، هي التي توطد مكانته السامية في قلوب الجزائريين، وها هي أرواح شهداء الواجب، تؤكد علينا مجددا واجب احترام الأمة لجيشها الباسل الذي يؤدي مهمته بروح وطنية عالية وشجاعة فائقة.
نعم، حق للجزائر أن تبكي أبناءها، الذين نذروا حياتهم فداء للوطن.
فسلاما أشبالنا وأبطالنا،أبناء الشعب وحماته، الذين رحلوا في عمر الزهور.
سلاما وتحية مفعمة بالمحبة والفخر.
أكان كثيرا علينا أن يتجمد الدمع في المآقي حزنا على فراقكم وأن ندعوكم: سادتي الشهداء.
هنيئا لكم شرف الشهادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.