إن ملحمة الصمود والتحدي والمقاومة الرائعة التي تخوضها المناضلة الصحراوية الكبيرة، أمينتو حيدار، هي في واقع الأمر مفخرة لكل الصحراويين وقفزة نوعية في مسيرة المقاومة السلمية المتمثلة في انتفاضة الاستقلال المباركة، كما أنها تمثل صفعة موجعة لجبروت المحتلين، وأكدت من جديد كذب وخداع الحكومة المغربية وعدم وفائها بتعهداتها، وبالمقابل أظهرت عجز وارتباك حكومة ثباتيرو وضعفها أمام مساومة وابتزاز المخزن المعهود• هذه الحركة البطولية والشجاعة فتحت آفاقا جديدة للتضامن مع القضية الصحراوية، ومنحت الطرف الصحراوي ورقة قوية يضغط بها في اتجاه ضروروة إقرار آلية أممية لمراقبة وتأطير ملف حقوق الإنسان في الجزء المحتل من وطننا بل والذهاب أبعد من ذلك، هذا إلى جانب كونها منحت القضية زخما إعلاميا كبيرا ووضعت كل من حكومة الرباط ومدريد في مأزق حقيقي، كما و ضعت علاقتهما على المحك و تسببت لهما في الكثير من الحرج داخليا وخارجيا الشيء الذي لربما لم يحسبا حسابه لحظة إقدام الأولى على إبعاد الناشطة الحقوقية الصحراوية من وطنها وعن أبنائها وعائلتها بتقاضي، إن لم يكن تواطؤ من طرف الثانية• إن ردود الأفعال الدولية الواسعة المنددة بفعلة المغرب هاته، والمتضامنة مع قضية حيدار ورفاقها السبعة المعتقلين، والمطالبة بعودتها الفورية واللا مشروطة لوطنها ولأبنائها وكذا إطلاق سراح رفاقها، والأثر العميق الذي تركته الأزمة على علاقات الحكومتين المغربية والإسبانية، والذي بدأت بعض ملامحه تظهر للعيان، من قبيل تلك التصريحات الصادرة عن بعض المسؤولين المغاربة والتي تحمل تهديدا مبطنا للحكومة الإسبانية، كل هذا يشكل فرصة سانحة للطرف الصحراوي للتحرك والضغط بأقصى ما يمكن قبل اجتماع مجلس الأمن القادم لمناقشة الملف ، من أجل المطالبة ب : أولا: إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين والحقوقيين الصحراويين ووقف كل المضايقات والمتابعات التي يتعرضون لها من طرف المخزن وأجهزته المخابراتية• ثانيا: ضرورة أن يتضمن قرار مجلس الأمن القادم فقرة واضحة وصريحة تخول لبعثة المينورسو حماية وتأطير ملف حقوق الإنسان في الإقليم والتقرير عنها، وفتح المنطقة أمام الصحافة والمراقبين المستقلين• ثالثا: وضع حد عبر آليات الأممالمتحدة والقانون الدولي لعمليات النهب اللا شرعية للثروات الطبيعية الصحراوية، وإجبار المحتل وكل من يتعامل معه في هذا المجال على وقف كل الاتفاقيات والعقود المرتبطة بالموضوع ما لم يحل النزاع• رابعا: اتخاذ التدابير اللازمة لإجراء مفاوضات جادة وبناءة من أجل التوصل إلى حل عاجل للنزاع ضمن مقتضيات الشرعية الدولية، وبسقف زمن محدد، وإجبار الطرف الآخر على الأنخراط فيها دون شروط مسبقة وبلا مماطلة• خامسا: التأكيد على أنه في حال تعرض سلامة السيدة حيدار أو أي من رفاقها السبعة لأي خطر، فإن المغرب والمجتمع الدولي يتحملان المسؤولية المباشرة، وعندها فالطرف الصحراوي سيعتبر نفسه في حل من كل التزاماته السابقة بما فيها وقف إطلاق النار• نحن ندرك جيدا أن تحقيق المطالب السالفة الذكر ليس سهلا، ولكن ليس مستحيلا، خاصة إذا كنا نحن في مستوى رفع التحدي وترافق الأمر، مع اتخاذ خطوات ملموسة وجادة تشعر الأطراف ذات المصالح المرتبطة بالمنطقة والأطراف المهتمة بالنزاع بجدية موقفنا وخطورة التقاضي عن مطالبنا أو تجاهلها وترك تصرفات المخزن ومواقفه تمر دون عقاب ولا حساب• ولكي نسترد مصداقيتنا داخليا وخارجيا، والتي فقدنا الكثير منها وتضررت بشكل ملموس خلال السنوات الماضية بسبب حالة اللا حرب واللا سلم، وما انجر عنها من قرارات وأساليب تسيير أثبتت عدم جدواها، بل وفشلها أحيانا في التعامل مع الوضعية التي نجمت عن وقف القتال، وفي وضع حد لتصعيد الطرف الآخر وتعنته، وعدم القدرة على التعاطي بشكل مناسب مع عجز الاممالمتحدة وتواطئها في بعض الأحيان، الشيء الذي أبان عن سوء تقدير للأمور وبالتالي الافتقار إلى استراتيجية واضحة المعالم للتعامل مع المعطيات الميدانية بشكل دقيق ومحسوب. ومن أجل الخروج من هذه الدوامة فإننا، وحتى حلول موعد اجتماع مجلس الأمن القادم، مطالبون ب: أولا: القيام بحملة دبلوماسية واسعة لشرح موقفنا والتأكيد على أنه في حالة عدم الاستجابة للنقاط السالفة الذكر، فذلك سيعني انتفاء التزامنا بوقف اطلاق النار، لأنه ليس بوسعنا إضاعة مزيد من الوقت في انتظار المجهول، في حين يستمر الطرف الآخر في سياسته التصعيدية ويتمادى في تحدي إرادة المجتمع الدولي دون أدنى عقاب• ثانيا: إرسال إشارات واضحة للأمم المتحدة تؤكد جدية تحركنا وإصرارنا على المضي قدما في قرارنا ما لم يظهر مجلس الأمن الصرامة والحزم اللازمين لوضع حد لمماطلات الطرف الآخر، وإعطاء ملف النزاع الاهمية التي يستحقها على جدول أعماله• ثالثا: تحضير وتعبئة الجبهة الداخلية على خلفية التحرر من الالتزام بوقف إطلاق النار إذا لم يتخذ مجلس الأمن في اجتماعه القادم خطوات إيجابية وواضحة لإجبار الطرف الآخر على الرضوخ للشرعية الدولية، ووضع حد لسياسة المماطلات والهروب إلى الأمام • رابعا: تحضير الجيش وتجهيزه ماديا وبشريا، بحيث يدرك مراقبوا الأممالمتحدة وغيرهم جدية موقفنا والتعامل معه من منطلق كونه البديل الوحيد في حال إن خذلنا مجلس الأمن من جديد• ليس الأمر هنا متعلق بالدعوة لخوض مغامرة غير محسوبة العواقب والنتائج ولكن هي دعوة لاستغلال الظرف والتخلص من عقدة الانتظار والتعامل مع الوضع القائم وكأنه قدر محتوم، وإظهار استعدادنا للدفاع عن مواطنينا بأي ثمن ومهما كلف الامر، و المثل يقول '' ما هو صديق اللي ما جابو ارقاها''• مولود احريطن باحث صحراوي• إشبيلية إسبانيا