وسط حضور مكثف للشخصيات الثقافية والفنية الجزائرية، كرم المجلس الأعلى للغة العربية، الأستاذ والدبلوماسي والموسيقي الأمين بشيشي، أول أمس، بفندق الأوراسي، وهو الفندق الذي كلّف بمتابعة أشغال بنائه عام 1965 حيث اقترح الأمين بشيشي أربعين اسماً انتقى من بينها الرئيس بن بلة اسم الأوراسي، وبذلك كانت ذاكرة المكان طاغية على التكريم، الذي كان مبرمجا شهر أكتوبر الفارط لولا المرض المفاجئ الذي أصاب الأمين بشيشي بالشقيقة تونس. في البداية، نطمئن قراء ”الفجر” على صحة الأمين ونؤكد لهم أنه لا يزال بشوشاً، وكأن البشاشة اشتقت من اسمه كما علّق على ذلك أصدقاؤه ورفاق دربه، الذين تتابعوا على المنصة بدءًا من الدكتور ولد خليفة رئيس المجلس، وعبد الحميد مهري، عمار طالبي، عبد الله عثامنية، عثمان سعدي ومحمد الصغير بلعلام، حيث أجمع جميعهم على مواقف الرجل النضالية ومساهماته التربوية الخالدة، بالإضافة إلى دوره المقتدر في صناعة الإعلام والثقافة الجزائريين على طول عقود من الزمن. أما كلمة الأمين بشيشي فجاءت لتكشف بعض النقاط الخفية في حياته، وتخص مرحلة الطفولة التي قال إنه مدين بها لوالده الشيخ بلقاسم لوجاني، أحد رواد الحركة التربوية وأحد مؤسسي جمعية العلماء الجزائريين، بل ورفع التكريم كاملاً لروحه الطاهرة، كما عرج على بعض المواقف الطريفة التي انتابت والدته، وهي تلاحظ شغفه بالموسيقى وخافت عليه أن يصبح من المدّاحين وقوالين الطريق، وختم الأمين حديثه بقول: ”عندما كنت طريح الفراش كنت أحس أن الكثير من رفاق الدرب، الذين شاركتهم مسرات هذا الوطن وويلاته، يدعون لي ويطلبون لي الشفاء من الشافي العلي الكريم”. ليخلص هذا التكريم إلى وصلة غنائية قدمها الفنان فؤاد ومان، أعاد من خلالها الجمهور إلى نوستالجيا الزمن الجميل والأغاني الهادفة التي لحنها الأمين بشيشي للناشئة الجزائرية، فغنى الحضور أغاني الحديقة الساحرة وهو مفتون بوقع الألحان الصادقة. للذكر، فإن الأمين بشيشي من مواليد 19 ديسمبر 1927 بسدراتة، اشتغل بالتربية والتعليم والثقافة والإعلام، وهو صاحب الباع الكبير في النضال السياسي والدبلوماسي. ترك الموسيقى بتونس، اشتغل ببرنامج صوت الجزائر قبل الاستقلال وشارك في تأسيس عدد من الجرائد الوطنية. ترأس المديرية العامة للإذاعة والتلفزيون سنوات 1991 - 1995 ثم عين وزيراً للاتصال في حكومة اليامين زروال. قدم مجموعة لا يستهان بها من الأناشيد التربوية وكذا موسيقى أفلام أشهرها الموسيقى التصورية لمسلسل الحريق.