الدخول المدرسي.. رهان وطني    إطلاق بوابة رقمية جديدة    سنعمل على عصرنة المرافق العمومية    وزير الصحة يقف بأم البواقي على الحالة الصحية للمواطنين الذين أصيبوا بعضات كلب    زرّوقي يتفقّد المدرسة العليا للتكنولوجيات    إقبال واسع على جناح الجزائر    الصالونات الجهوية للتشغيل:    كناب-بنك: فتح وكالة جديدة بتيبازة    إشادة دولية بدور الجزائر    الجزائر لن تدخّر جهداً في دعم الشعب الفلسطيني    64 عاماً على معركة جبل بوكحيل بالجلفة    بمناسبة اليوم العالمي للسلام : الاتحاد البرلماني العربي يؤكد ضرورة تكريس ثقافة السلام و الحوار في حل النزاعات    الرابطة الثانية هواة لكرة القدم/الجولة الثانية : فرصة لبعض الأندية للتأكيد ولأخرى للتدارك    ألعاب القوى مونديال- 2025 (الوثب الثلاثي) : تأهل الجزائري ياسر تريكي إلى النهائي    خدمات جديدة لاقتناء التذاكر إلكترونياً    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    تعليم عالي : 4112 منصب مالي لتوظيف الاساتذة بعنوان السنة المالية 2025    المعرض العالمي بأوساكا: الجزائر تنظم ندوة علمية حول الاستراتيجية الوطنية لتطوير الطاقة المتجددة والهيدروجين    وزير الصحة يستقبل سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الجزائر    الدخول المدرسي: الحماية المدنية تنظم حملة تحسيسية حول الوقاية من أخطار حوادث المرور    المهرجان الثقافي الدولي للسينما إمدغاسن: فيلم "نية" من الجزائر ينال جائزة أحسن فيلم روائي قصير    الأمم المتحدة تسجل نزوح قرابة 48 ألف شخص في يومين بسبب الهجوم البري الصهيوني على مدينة غزة    جيجل : اصطدام قطار بسيارة يخلف مصابين اثنين    وفاة 46 شخصا وإصابة 1936 آخرين    لوكسمبورغ تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين    المغير: حجز أكثر من 11 ألف قرص مهلوس    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    استحداث قطب تكنولوجي لتجسيد استراتيجية التحوّل الرقمي    مخطط عمل لضبط الأولويات وتسريع المشاريع الاستراتيجية    تعميق الممارسة الديمقراطية وتقوية المؤسّسات    جائزة الابتكار المدرسي للاكتشاف المبكر للموهوبين    إعلاء العقيدة الأممية في مجال تصفية الاستعمار    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    هزة أرضية بشدة 3 بولاية المدية    الجزائر العاصمة: اختتام المخيم التكويني للوسيط الشبابي للوقاية من المخدرات    انطلاق الحفريات العاشرة بموقع "رجل تيغنيف القديم"    وزارة التجارة الخارجية توظّف في عدة رتب    حضور جزائري في سفينة النيل    سعداوي يجتمع مع إطارات الوزارة ومديري التربية..تعليمات للتواجد الميداني وضمان دخول مدرسي ناجح    المجلس الأعلى للغة العربية: اجتماع لتنصيب لجنة مشروع "الأطلس اللساني الجزائري"    ضرورة تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    الجزائر العاصمة : تنظيم معرض جهوي للمستلزمات المدرسية بقصرالمعارض    منصب جديد لصادي    ألعاب القوى مونديال- 2025: تأهل الجزائريان جمال سجاتي و سليمان مولى الى نصف نهائي سباق ال800 متر    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    وزير الشؤون الدينية يعطي إشارة انطلاق الطبعة 27 للأسبوع الوطني للقرآن الكريم    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تقديم كتاب سفينة المالوف    دعوة إلى تكثيف الأبحاث والحفريات بالأوراس    إطلاق الأسماء على الأولاد ذكورا وإناثا ..    قرابة 29 ألف تدخل خلال السداسي الأول    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    تيطراوي يطرق أبواب "الخضر" ويحرج بيتكوفيتش    مشواري لم يكن سهلا ورُفضت بسبب قصر قامتي    بن طالب يتألق مع ليل الفرنسي ويحدد أهدافه    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما لنا وللانتخابات الأمريكيّة ونتائجها؟!
نشر في الفجر يوم 19 - 11 - 2010

لو كنّا أمّة تأكل ممّا تزرع وتلبس ممّا تصنع، لكان اهتمامنا بالانتخابات الأمريكيّة النصفيّة من باب الثقافة العامة عند بعضنا وعند الآخر تماما كما اهتمام الأمريكان بانتخابات مجلس بلدة عْبلّين أو انتخابات الطلاب الجامعيين في الجامعة اليسوعيّة اللبنانيّة، الجارية هذه الأيام، مع الاعتذار المسبق لأهالي عْبلّين وطلاب الجامعة اليسوعيّة.
لكننا وقدرنا، وحتى لا أشذّ عن القاعدة في إلقاء كل مسؤوليّة عليه! قد قرر ومنذ زمن أن يطعمنا من قمح كاليفورنيا ويلبسنا من صناعات الغرب المنتجة في الصين، ستبقى الانتخابات الأمريكيّة ”حبيبتنا” بنصفيّتها وتماميّتها لا نخلد إلى نوم قبل أن نأخذها معنا إلى أحلامنا.
ينشغل هذه الأيام حكامنا وسياسيونا وأكاديميونا وصحافيّونا ومستغربونا مالئين الفضائيات والمواقع والصحف والمجلّات، بتحليل نتائج الانتخابات النصفيّىة الأميركيّة لمجلس شيوخها ونوابها، وبعدُ لم ننه تحليل انتخاب باراك حسين أوباما النصف أسود والنصف مسلم رئيسا، وكل ذلك في محاولة منّا الإجابة على السؤال المزمن:
من السيّد والعبد هنا، أرباب المصالح الأمريكيّة وربيبتها الإدارة، أو الصهيونيّة وربيبتها إسرائيل؟!
هذا السؤال الذي كان من المفروض ألاّ يشغلنا بهذا القدر، كي لا أبالغ وأقول لا من قريب ولا من بعيد، لو أننا أسياد مصائرنا، صار هاجسنا الأول والأخير ظنّا منّا أن في الإجابة عليه في هذا الاتجاه أو ذاك تقوم الدولة الفلسطينيّة حُلمنا مع اختلاف رؤانا حولها، أو لا تقوم، وكونها لبّ قضايانا ينتهي مع قيامها جوعنا وأميتنا واحترابنا.
قبل أن أدلو بدلوي في الإجابة، ففي النهاية أنا سياسيّ وأكاديميّ ولن أقبل على نفسيّ الوقوف جانب المتفرّج! أود كمدخل أن أتناول بعض الأدبيّات الغربيّة أو ”الاستغرابيّة” على صيغة ”الاستشراقيّة” حول الموضوع.
فيقول مستغربّ لبناني أستاذ في القانون الدوليّ بجامعة جورج تاون في واشنطن، وعلى ضوء إدراك قادة المشروع الصهيونيّ أن بقاء دولتهم نتاج هذا المشروع غير الأخلاقيّ وغير القانونيّ معتمد على القوّة وبالتالي على الدعم المعنوي والماديّ من أهمّ مراكز القوّة في العالم وأولها الولايات المتحدة، يقول: ”إن الجهود التي تبذلها المؤسسات الصهيونيّة في الولايات المتحدة للسيطرة على صناعة القرار السياسي والتحكم في أدوات تنفيذه جديرة بكل اهتمام. فالهيمنة على السلطة التشريعيّة شبه تامّة حتى قال عنها الإعلاميّ البارز والمرشح السابق لرئاسة الجمهوريّة بات بيوكانون: أن الكونغرس الأمريكي هو أرض محتلّة. وأمّا السيطرة الصهيونيّة على الإعلام وصنّاع الرأي العام الأمريكي عامة، كما على القطاع الماليّ وسائر مراكز النفوذ فلا تقلّ فعاليّة عنها في السلطة التشريعيّة”.
الأستاذ اللبناني يتبنى الرأي ”الجازم” حسب اصطلاحه، بأن النفوذ الصهيوني هو المسيطر على القرار السياسي الأمريكي يوجهه لما فيه مصلحةٌ إسرائيليّة ليس بالضرورة تتلاءم مع المصلحة الأمريكيّة، دون أن يغيب عن باله الرأي ”القائل” أن إسرائيل هي صناعة أمريكيّة تحركها الولايات المتحدة لما فيه مصلحةٌ أمريكيّة استعماريّة في الشرق الأوسط.
ومن الناحيّة الأخرى كتب المحرر الاستشاري لل-The Christian Science Monitor واعتمادا على المستشار الاقتصادي الأمريكي توماس ستوافر الموصوف بالشوكة الدائمة في حلق اللوبي الصهيوني، كتب: أن تكلفة إسرائيل المباشرة على الولايات المتحدة خلال 30 سنة 1,6 (واحد فارزة 6) ترليون دولار أي 5.700 دولار لكل أمريكي من الكبير ل”المقمط” في السرير، وللمقارنة فالفاتورة الأمريكيّة لإسرائيل منذ ال1973 إلى ال2002 بلغت ضعفيّ تكلفة الحرب على فيتنام.
هذا عدا عن التكلفة غير المباشرة وعلى سبيل المثال وفي باب واحد فقط، فإن الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة على تصدير الأسلحة لبعض الدول كُرمى لإسرائيل يكلفها 5 بليون دولار ما يساوي 70.000 مكان عمل، وعدم إلزامها بشراء البضائع الأمريكيّة بالمساعدات الأمريكيّة تساوي 125.000 وظيفة أخرى.
الأرقام الأخرى التي يجيء عليها هذا البحث هي مذهلة في كلّ قياس، يعني بكلمات أخرى فشريان حياة إسرائيل هو في يد الخزانة الأمريكيّة، فهل كل هذا بسبب سيطرة اللوبي الصهيوني كما جاء جزما أو بسبب مصالح أمريكا كما جاء قولا؟!
يكفي أن نذكر أن الحظر الذي فرضه العرب على البترول إبّان حرب أكتوبر 1973 كلّف الخزانة الأمريكيّة طبقا للبحث 420 بليون دولار وفي باب زيادة الأسعار 450 بليون دولار. فهل هذا التحمّل جزما هو فقط كرمى لعيون إسرائيل ولوبيّها؟!
بغضّ النظر عن القوّة الكامنة في قوتنا الثرواتيّة وغير المستعملة في الوجه الصحيح، الدراسة أعلاه تثير على الأقل إن لم تثبت أن هذا الإغداق الأمريكي لا يمكن أن يكون مرده ”جزما” استيلاء اللوبي الصهيوني على القرار الأمريكي ومرده ”قولا” أن المصالح الأمريكيّة هي الأساس في السياسة الأمريكيّة، وبغض النظر إن كان الرئيس اسمه ”باراك حسين أوباما” أو ”توماس موشي بركوفيتش”، أو الكونغرس ديموقراطيا أو جمهوريّا.
يبدو فعلا أن هنالك فوارق بين نظرة الديمقراطيين ونظرة الجمهوريين للعرب والمسلمين، فحسب استطلاع أجراه مؤخرا ”المعهد العربي الأمريكي- واشنطون” تبيّن أنّ 57٪ من الديمقراطيين ينظرون بإيجابيّة للعرب بينما 27٪ ينظرون هكذا عند الجمهوريين. ومع هذا فدستوريّا أمريكيّا مجلس النواب هو صاحب صلاحيّات ماليّة بالأساس في حين أن مجلس الشيوخ والذي بقي في يد الديمقراطيين هو صاحب الصلاحيّات في السياسة الخارجيّة إضافة للصلاحيات الواسعة للرئيس. ورغم ذلك مرّت على قضيتنا إدارات أمريكيّة بمختلف التركيبات الجمهوريّة والديمقراطيّة والمختلطة، فهل أتانا الفرج ؟!
يقول ”مستغرب” آخر:
”لا نستطيع أن نتوقع تجرّؤ الإدارة الأمريكيّة في المرحلة القادمة على تلبية الحد الأدنى من تأمين الحقوق الفلسطينيّة ما يستوجب بالتالي من العرب إيجاد وقائع جديدة تدفع الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في سياستها تجاه القضيّة الفلسطينيّة”.
نستطيع أن نتصالح في هذا الباب ونرسو على رأي جزما وقولا أن هنالك تلاق وتكافل وتكامل بين المصلحتين الأمريكيّة والإسرائيليّة، مقابل تباعد وتنافر وتباين فيما بيننا حول مصالحنا، وحتما الغلبة ستبقى للتجمع الأول والوضع كذلك، ولن تقوم فلسطين وإن قامت ستقوم بما يخدم التجمع الأول بغض النظر إن كان الكونغرس الأمريكي جمهوريا أو ديمقراطيا، ما دمنا ننتظر الفرج من أمريكا ونسخّر قوانا لإيجاد وقائع ترضيها.
ولذلك لن يأتينا الفرج لا إن جزمنا أن تسلّط اللوبي الصهيوني هو سيّد الموقف ولا إن جزمنا أن المصالح الأمريكيّة هي السيّدة فالنتيجة واحدة، فرفقا بأنفسنا من إشغالها بهذا الكم الهائل من قراءات نتائج الانتخابات الأمريكيّة.
فالفرج الذي نسعى إليه ومن ثمّ الظفر يأتيانا عندما نكون نحن أسياد قرارنا وهذا سيحصل في التخلّص من عجزنا النابع بالأساس من تخلّفنا المفضي إلى إراقة دماء بعضنا حتى على عتبات المساجد، وسيحصل في استثمار اللوبي البشري واللوبي الثرواتي الذي بين أيدينا ليس ضدّ بعضنا وإنما ضدّ أعدائنا.
وحينها ستصير تعنينا الانتخابات الأمريكيّة من باب الثقافة العامة أو تماما كما تعني الأمريكان انتخابات مجلس بلدي عْبلّين أو حتى لا أبالغ انتخابات مجلس بلدي القدس أو حتى لا أسيء الظن بالأمريكان كما انتخابات مجالس الشعب في دولنا العربيّة...وستقوم فلسطين!
سعيد نفّاع
النائب المحامي سعيد نفاع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.