قال الرئيس السوداني عمر حسن البشير، أمس، أن منطقة أبيي المتنازع عليها يمكن أن تصبح سببا لصراع مع دولة جنوب السودان التي استقلت حديثا إذا لم تحترم الاتفاقات. وقال البشير في تصريحات إذاعية: "إنه يريد من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أن تغادر بلاده، لكنه رحب بقرار طرحته الولاياتالمتحدة ووافق عليه الشهر الماضي بالإجماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بنشر 4200 جندي أثيوبي في أبيي لمدة ستة أشهر". وقال البشير من خلال مترجم أن الإثيوبيين مفوضون بحفظ السلام في المنطقة، ولذلك ترحب بهم الخرطوم. واستطرد أن الجانبين يرحبان بقوات حفظ السلام الإثيوبية لأنها قادرة على القيام بمهمتها على عكس القوات الحالية التي فشلت في الحفاظ على السلام في المنطقة. وقال البشير أن الخرطوم ستسحب قواتها إلى خارج أبيي فور وصول القوات الإثيوبية. وسئل البشير عما إذا كانت قضية أبيي يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب بين البلدين فقال "قسمنا السودان" من أجل السلام والخرطوم حريصة على الحفاظ على السلام. هذا ولا تزال الخرطوم تسيطر على أبيي منذ 21 ماي الماضي، بعد أن أرسلت دباباتها وقواتها إلى هناك مما أدى إلى فرار عشرات الآلاف من السكان وقوبل ذلك باستياء دولي. ويتفق المراقبون على أن انفصال الجنوب عن الشمال السوداني جاء نتيجة تراكمات تاريخية أفرزتها الحرب الأهلية بكافة نتائجها، لكن ما جعل الانفصال أمرا مستعجلا هو الوعود الاقتصادية المبشرة لحقول النفط في الجنوب. وتتباين الصورة بين طرفيها الشمالي والجنوبي في سمتين عامتين: الأولى أن الشمال سيخسر عائدات نفطية ضخمة بسبب وجود القسم الأكبر من الحقول النفطية في الجنوب. والثانية أن الجنوب كان ولا يزال يعاني من صراعات داخلية مسلحة ستعرقل جهوده لبناء دولة من الصفر. صحيح أن إعلان انفصال السودان يوم السبت الماضي استنادا إلى استفتاء حق المصير المنصوص عليه في اتفاقية السلام في نيفاشا 2005 تم بهدوء، إلا أن تحت هذا القناع الهادئ توجد عواصف مرشحة للهبوب في أي لحظة والسبب ببساطة النفط. الواقع العملي ومن هذا التصور، يقول جون بندرغاست، مدير ومؤسس مشروع "كفى"، وهي منظمة أمريكية معنية بالشؤون الإفريقية وتحديدا في شرق القارة، إن مراسم إعلان الانفصال في جوبا مجرد رمز بروتوكولي لا يشكل واقعا عمليا طالما أن الإعلان ولد ناقصا بسبب غياب أي اتفاق بين الشمال والجنوب على مسألة ترسيم الحدود التي تعني بشكل غير مباشر العوائد النفطية. لأن ترسيم الحدود، كما يقول المراقبون، هو الخط الذي سيمنح أيا من الطرفين السيادة على حقول النفط، وبالتالي الحق القانوني في استثمار هذه العوائد والاستفادة منها عبر التعاقد مع الشركات الكبرى التي تقف منتظرة هذا الحدث بفارغ الصبر.ية ومحاكمتهم أمام قاضيهم الطبيعي.