الرئيس الإيطالي يندد بالوضع الإنساني في غزة ويدين جرائم الكيان الصهيوني في القطاع    البطولة الإفريقية للمحليين-2024 (المؤجلة الى 2025) /تحضيرات: المنتخب الوطني ينهزم أمام شبيبة الساورة (0-1)    ناصري يبرز جهود الجزائر لتكريس نظام دولي عادل    افتتاح صالون دعم الاستثمار    زيتوني يشدد على ضرورة تعزيز آليات التوزيع    ارتفاع رقم الأعمال إلى 50 مليار دينار    خطوة قويّة لتعزيز العلاقات الأخوية    الموانئ المغربية في خدمة آلة الإبادة الصهيونية    زعلاني يرافع لقانون مكافحة الاتجار بالبشر    الجزائر لن تتراجع عن دعم فلسطين    بوجمعة يُنصّب الرئيس الجديد لمجلس قضاء الجزائر    استذكار مواقف أيقونة النضال والتحرر    رئيس لجنة تنسيق اللجان يشيد بالتنظيم المحكم    بللو يؤكّد الدور الاستراتيجي لمركزي البحث    يجدد التزام الجزائر الثابت للتضامن مع الشعب اللبناني الشقيق "    رافد استراتيجي لصون التراث الثقافي الجزائري والإفريقي    البليدة : وضع حد لنشاط عصابة أشرار    وفاة 6 أشخاص وإصابة 225 آخرين    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني    إرتفاع أسعار النفط بأكثر من ثلاثة بالمئة    هولندا تسعى لفرض عقوبات أوروبية على الكيان الصهيوني    ممارسة حقّ تقرير المصير الحل العادل والتوافقي    مليون مسجّل في "عدل 3" اطّلعوا على نتائج دراسة ملفّاتهم    فتح باب التسجيل للانخراط في سلك الدرك الوطني    إحباط تمرير 5 قناطير من الكيف المعالج عبر الحدود مع المغرب    النخبة الوطنية في مهمة الحفاظ على ريادة الترتيب    آيت نوري يعود للتدريبات مع مانشستر سيتي    بن ناصر يغير وكيل أعماله    القضية الفلسطينية أخذت حصة الأسد من النّقاش مع الرئيس    9 مراكز لتجميع الحبوب عبر البلديات    5 جرحى في انحراف وانقلاب سيارة    السيطرة على حريق شب بمتوسطة    "نصف دلاعة" لا يزال يغري المستهلك الجزائري    تحسين شروط الاستقبال والتواصل مع المواطن    أسوأ سيناريو للمجاعة يحدث في غزّة    إيقاعات بلا حدود في قلب الجزائر    بين عبق التراث ورهانات المعاصرة    تساؤلات وفرضيات حول خفايا موقعين أثريين    بطولة العالم للسباحة 2025:جواد صيود ينهي سباق 200 متر متنوع في المركز 24    أمام المؤتمر العالمي السادس لرؤساء البرلمانات بجنيف:ناصري يدعو البرلمانيين إلى التمسك بمطلب إصلاح الأمم المتحدة    وزارة الداخلية : ورشة حول التخطيط التشغيلي لمشروع "الحوكمة المحلية الرقمية والشاملة"    موجة حر    حملة تحسيسية لتفادي التسمّمات الغذائية    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    الطبعة الثامنة للمهرجان الثقافي الدولي "الصيف الموسيقي" من 7 إلى 14 أغسطس بالعاصمة    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر - 2025) تنس الطاولة: الجزائرية هنا صادي تنال البرونزية في الفردي    والي بجاية يتفقد مشاريع ويستعجل استلامها    بوجدرة يفتح النار على مُمجّدي الاستعمار    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    تيسير المعاني باختيار الألفاظ ليس إهانة لها بل وفاء لجوهرها    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    تنصيب نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمّع "صيدال"    تمنراست: سيشرع في الأيام القادمة في الإجراءات المتعلقة بفتح مصالح المستشفى الجديد بسعة 240 سرير    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الناحية "اليمينية" والناحية "اليسارية"
رأي حر
نشر في الفجر يوم 19 - 09 - 2012

في لبنان، كل شيء ممكن. المبادئ لا يتمسك بها ويدافع عنها إلا قلة. المواقف تُحول وتُبدل وتُزين بحسب العرض والطلب. المجتمع الوطني مقسوم سياسيا على قاعدة تباين المعتقدات والقراءات والتأويلات في المجال الديني. لا يعاقب المجرم وتاجر المخدرات والسارق والجاسوس وزعيم الميليشيا التي عاونت الغزاة والمحتلين، إذا استجاروا بسلطة الطائفة أو المذهب وأجارهم. هنا يتوجب التوضيح. ليس جميع اللبنانيين طائفيين أو مذهبيين، لا بالمفهوم الديني ولا على الصعيد السياسي. أما السلطة الطائفية والمذهبية، فهي متواجدة وتستمد إمكانياتها من النظام السياسي اللبناني الذي يضع بتصرفها حصة الطائفة أو المذهب، ويوكل إليها أمر مراقبة أتباعه، الحقيقيين أو المفترضين، وقمع حركات المعارضة ضده، وتحديدا تلك التي تحاول تجاوز حدود التقسيم والفرز بين الطوائف والمذاهب. بكلام أكثر صراحة، إن أول وأكثر ضحايا السلطة الطائفية أو المذهبية عددا، هم الذين يرفضون الانتماء إلى الطائفة أو المذهب. هؤلاء يُنبذون عادة، كما كان يُنبذ المتشككون في صلاح زعماء القبيلة وفي جدّية معتقداتها.
ما أود قوله هو أن التربة أو البيئة في لبنان مثلت، من وجهة نظري، المشتل الملائم وحقل التجارب، لمعظم الأحداث التي تتالت في بلاد العرب، منذ الهزيمة الكبيرة التي منيت بها نظم الحكم الوطنية العربية في حزيران 1967، على يد تحالف الأعداء، المستعمرين الغربيين، الحركة الصهيونية صاحبة مشروع الاستعمار الاستيطاني في فلسطين وأدواتهم أمراء آل سعود. المعروف أن غاية هؤلاء الأعداء هي بسط هيمنتهم في هذه البلاد والاستئثار بثرواتها والتحكم بموقعها الجغرافي. ولا أعتقد أن ذلك تغيّر أو تبدّل.
وجملة القول أن مداورة ”الثورات العربية” في الذهن، على ضوء المعطيات التي تبدت بعد هزيمة حزيران 1967، واستنادا إلى سيرورة ”الحروب والثورات والاحتلالات والمقاومات” التي تعصف منذ ذلك التاريخ، من آونة إلى أخرى، بسكان لبنان وضيوفهم الفلسطينيين والسوريين، تقود إلى خلاصة مفادها أن هذه ”الثورات”، إنما تُلْبس هذا النعت اعتباطا للثورة وخداعا للمنطق. إذ أنها، في جوهرها، امتداد واستكمال لهزيمة 1967. بمعنى آخر إنها نتيجة، أو انهيار في سلسلة الانهيارات التي تتابع في البنية التي تصدَعت بفعل تلك الهزيمة. تجدر الإشارة هنا، إلى الفارق أو بالأحرى التناقض الجذري، بين الحراك الذي تشهده منذ استهلال 2011، بعض البلاد العربية تحت عنوان ”الثورة” من جهة، ونهوض المقاومة العربية، غداة هزيمة حزيران 1967، وانتفاضة الحجارة على ارض فلسطين بعد أن افتضح أمر الفصائل الفلسطينية في لبنان، أثناء الغزو الإسرائيلي في 1982 من جهة ثانية. ولكن للأسف، لم تتحول المقاومة والانتفاضة إلى ثورة. فالأولى أسرها نظام الحكم العربي بعد أن وجّه لها ضربات قوية في الأردن 1970، ثم في لبنان بعد حرب 1973 وصلح الرئيس المصري الأسبق مع المستعمرين الإسرائيليين. والثانية، أي انتفاضة الحجارة، أجهضت كما هو معروف بواسطة منظمة التحرير الفلسطينية، نفسها، التي أخرجت لهذه الغاية، من الغيبوبة التي وقعت فيها بفعل صدمة الاحتلال الإسرائيلي لبيروت فضلا عن توهّنها بسبب الرحلة البحرية إلى المنفى التونسي.
ليس تطاولا على الحقيقة، القول بأن ”الثورة” في مصر وتونس وليبيا، أوصلت إلى سدة الحكم، جماعات من المحتمل أن تكون قد أبرمت مسبقا، إتفاقيات بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية. اللافت للنظر أن هذه ”الثورة” قررت احترام ”معاهدة الصلح مع الإسرائيليين”، التي وقعها الرئيس المصري الأسبق. رغم أن فعلته هذه استمطرت عليه في حينه اللعنات. ولم يغتّمْ أكثرُ الناس عند سماع نبأ اغتياله. هذا من ناحية، أما من ناحية ثانية فلا مفر من الملاحظة بأن دعاة ”التطبيع” مع دولة الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، تقدموا صفوف المؤيدين والداعمين لهذه ”الثورة”، فكانوا شديدي الحماسة لها. مثلهم كمثل حلفاء هذه الدولة الاستعمارية العنصرية، في الغرب.
في هذا السياق، يحسن التذكير بأن النفوذ السعودي والأمريكي والإسرائيلي، تصاعد في سبعينيات القرن الماضي، بالتوازي مع تراجع الطابع السياسي الوطني للنزاع في لبنان وتحوله إلى صراع بين الطوائف. والرأي عندي أن هذا الأخير توقف (بصلح الطائف) عندما تحققت الأهداف المرجوة. لا أعتقد أن أحدا يعترض في لبنان اليوم، أو ينكر أن تلك الأهداف تجسدت بطرد الفصائل الفلسطينية من لبنان وافتراق اللبنانيين على قاعدة تصنيفهم في طوائف ومذاهب، وليس كمواطنين يجمعهم مشترك مصلحي، سياسي وثقافي، وطني وقومي. فالضبابية تعتري، منذ اندلاع الحروب سنة 1975، هوية اللبناني. فهو بالقطع ليس لبنانيا عروبيا، كما كان في ستينيات القرن الماضي. أو لنقل أن الوضع في لبنان هو كمثيله، مع اختلاف الدرجة والمظاهر، في البلاد التي دخلتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون، باسم الديمقراطية أو بذريعة محاربة الإرهاب، أو نزع سلاح الدمار الشامل.
وبالعودة إلى سورية، لا أظن أن محاولة ”لبننة أو عرقنة أو صوملة” الوضع فيها تحتاج إلى برهنة لإقناع أصحاب النوايا الحسنة بأننا حيال عدوان تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. الالتباس في رأيي ناتج عن عهر فكري وسياسي يخلع عن هذا العدوان عباءة الثورة.
وأخيرا من المرجح، أن ”طاعة الأب” والتذلّل لمشايخ النفط، والجهالة والجبن والانحطاط الأخلاقي والكسل، أدّت جميعها إلى غموض واختلاط المعنى. فصارت الولايات المتحدة الأمريكية تحرر الأوطان، وصار أمراء آل سعود يبشرون بنظام عادل وديمقراطي، وصار ارتباك صحافية في المدينة السورية المنكوبة ”داريا” دليلا كافيا، بنظر بعض ”كتاب الثورة” على هوية القاتل. أما في مدينة حلب فإن زميلها يستجلب لك الدوار عندما يُخلّط السياسة بالجغرافيا. لا فرق عنده بين اليُمنى واليمينية، واليسرى واليسارية فإذ للطريق في روايته المرتجلة، جهة ”يمينية” وأخرى ”يسارية”. لم يكن السوريون مستعدين لصد العدوان، فهل يصلحون حالهم في ساحات المواجهة وينتصرون. فينقذون بلادهم وبلاد العرب من شرور المستعمرين ومشايخ الخليج.
خليل قانصو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.