الجزائر-سلوفينيا..تعاون بنظرة جديدة    المحكمة الدستورية تتمتع بصلاحيات واسعة وغير مسبوقة    نحو إنتاج 200 مليار متر مكعب من الغاز الطّبيعي    تأسيس مجلس ثلاثي لرجال الأعمال بين الجزائر وتونس وليبيا    تسريع رفع الإنتاج المحلي من الألياف البصرية    دور بارز وأصيل للجزائر بقيادة الرئيس تبون لنصرة "أم القضايا"    الجزائر عنوان للدعم الثابت للقضايا العادلة    هذه مهام الملاحظين في امتحاني "البيام" و"الباك"    جعل الجزائر قطبا هاما للتصدير    دراسة مشاريع لتحويل الحبوب مع خواص    لا اعتماد إلا لمن لا يملك إرادة حقيقية في تصنيع السيارات    عقوبات صارمة ضد المتلاعبين بنزاهة الامتحانات الوطنية    قائمة مفتوحة للممتلكات التاريخية المنهوبة    "حماس" تحمّل الرئيس الأمريكي مسؤولية مجزرة رفح    القصف الصهيوني لمخيم النازحين برفح : حصيلة الضحايا في ارتفاع و ردود فعل دولية مستنكرة للمجزرة البشعة    ميناء وهران : استقبال مساعدات موجهة للشعب الصحراوي    جماهير سانت جيلواز تودع عمورة والوجهة "إنجليزية"    مدرب الأهلي المصري يرضخ لعودة قندوسي    منصوري يطالب مناصري "الخضر" بالصبر على المرحلة الجديدة    "شولوس" تتزين لزوارها    مساع لتثمين وتطوير الشجرة والاستفادة من    تيزي وزو: الاحتفال بالذكرى ال 83 للكشافة الإسلامية الجزائرية    العاصمة.. الإطاحة بجمعية أشرار تسطو على المنازل    الجزائر الأولى إفريقيا في سوق الدواء    ملف التاريخ والذاكرة: الجزائر تُقدم قائمة مفتوحة لممتلكاتها التاريخية لإسترجاعها من فرنسا    حلمي الاحتراف في أحد الأندية الأوروبية    الحمراوة يتنفسون    لقاءات واعدة في المرحلة الثانية    امرأة ضمن عصابة بقسنطينة    انتشار واسع لمرض الصدفية في الجزائر    الشلف: حجز ما يفوق 10 قناطير من اللحوم الحمراء غير صالحة للاستهلاك    تبسة تختتم ملتقاها الوطني للفكر الإصلاحي    "لاناب" تؤكد على المشاركة النوعية للطبعة السابعة    24 لوحة تحاكي الطبيعة والروحانيات    24 رواية في القائمة الطويلة..    أم البواقي : اكتشاف فسيفساء ذات قيمة تاريخية بمنطقة الرحية    تيسمسيلت تستحضر معركة "باب البكوش"    رئيس الاتحاد الإفريقي يدعو إلى توحيد القوى والمواهب    انتشال جثة طفل من بركة مائية    الاحتلال يتحدّى "العدل الدّولية" ب"محرقة الخيام" في رفح    "وردة الصحراء" يفوز ب"الخلخال الذهبي"    التشكيلي أعمر بريكي يعرض برواق "سين آرت"    المشاركون في المؤتمر ال 36 للاتحاد البرلماني العربي يوجهون رسالة شكر إلى رئيس الجمهورية نظير جهوده في الدفاع عن القضية الفلسطينية    ملاكمة/أولمبياد 2024 : الجزائري يوسف اسلام ياعيش يتأهل للدور ال16    بيب غوارديولا يحدد موعد رحيله عن مانشستر سيتي    وهران: ضرورة تجسيد مخرجات الجلسات الوطنية لإطارات الشباب    تمويلات دولية: افتتاح أشغال الجمعيات السنوية للبنك الافريقي للتنمية بنيروبي تحت شعار الاصلاح    لجنة الفتوى للبعثة الجزائرية للحج تعقد اجتماعا تنسيقيا    طلبة جزائريون يُتوّجون في مسابقة هواوي    مُخرجات اللقاء الخامس تُقدّم اليوم    وزير الصحة يشارك في لقاء عربي بجنيف    مقترح جزائري لإنشاء مركز دولي للتلقيح بتمنراست    ضبط آخر الترتيبات لاستقبال الحجاج الجزائريين بمكة    جبر الخواطر.. خلق الكرماء    ليشهدوا منافع لهم    رسالة إلى الحجّاج..    هذه صفة حجة النبي الكريم    الإخلاص لله والصدق مع الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الظلام الإعلامي في العراق وسوريا
نشر في الفجر يوم 04 - 11 - 2014

صاحب سيطرة تنظيم ”داعش” الوحشية على مساحات واسعة من العراق وسوريا عمليات اختطاف وقطع رؤوس للصحافيين. وعليه، أصبح دخول أي صحافي غربي للمناطق الخاضعة لسيطرة ”داعش” اليوم ينطوي على مخاطرة بحياته في كل ثانية. وبذلك نجد الآن أن الولايات المتحدة تشارك في أول حرب طويلة الأمد داخل الشرق الأوسط في العصر الحديث، من دون أن يتمكن المراسلون والمصورون الأميركيون من تغطية الأحداث بصورة مباشرة ويومية. هذا بالتأكيد ليس بالأمر الجيد.
بيد أن الوضع يزداد سوءا، حيث أشارت صحيفة ”التايمز” البريطانية، الأسبوع الماضي، إلى أن ”داعش” أجبر أحد رهائنه البريطانيين على العمل مراسلا من ميدان القتال، خلال شريط دعائي مصوَّر من داخل مدينة كوباني السورية، حيث ”توقع السقوط الوشيك للمدينة في أيدي المسلحين، رغم موجات الضربات الجوية الأميركية”. ويكشف هذا الأمر أن ”داعش” أصبح أكثر ذكاء في جهوده للترويج لقضيته، عبر اتباعه أساليب التغطية المستمرة للأحداث المميزة للقنوات الإخبارية.
وخلال المقطع المصور، يظهر الصحافي الرهينة وهو يقول: ”مرحبا، أنا جون كانتلي، ونحن اليوم داخل مدينة كوباني على الحدود السورية - التركية. في الواقع، هذه تركيا تظهر خلفي مباشرة”.
الواضح أن الوضع في طريقه نحو مزيد من السوء، حيث كتب ديلان بايرز، المراسل الإعلامي لدى صحيفة ”بوليتيكو” في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) بعث بمذكرة إلى مؤسسات إعلامية إخبارية يحذرها خلالها من أن تنظيم ”داعش” أقر مراسلين وشخصيات إعلامية ”أهدافا مشروعة لهجماته الانتقامية” ردا على الضربات الجوية التي تقودها واشنطن.
والتساؤل الآن: ما الذي نخسره في ظل غياب المراسلين عن المناطق التي يسيطر عليها ”داعش”؟ الكثير. مثلا، يتعذر علينا الإجابة لأنفسنا عن تساؤلات مهمة، منها: كيف يجري النظر إلى حملة الضربات الجوية التي نشنها؟ هل تدفع هذه الحملة مقاتلي ”داعش” والعراقيين من السنة المحليين نحو التقارب أكثر بعضهم من بعض أم تزيد الفجوة بينهم؟ كيف يحكم ”داعش” ويدير المدارس ونظام العدالة؟ وكيف ينظر العراقيون والسوريون تحت سيطرتهم إلى أسلوب حكمهم؟ ما الذي يدفع هذا العدد الكبير من الفاشلين والمتخبطين نحو الانضمام لهذه الحركة المتشددة؟ هل نوجه إليهم الرسالة الصحيحة؟ وغير هذا الكثير من الأسئلة.
أخيرا، نشر بيل (ويليام) بيرنز نائب وزير الخارجية الأميركي، مقالا بمجلة ”فورين بوليسي” يحوي نصيحته الأخيرة قبل تقاعده، للدبلوماسيين الأميركيين. وفي إطار ذلك، استشهد بمقولة إدوارد آر. مورو، عملاق ”سي بي إس نيوز”، الذي نصح الدبلوماسيين الجدد بأن ”الوصلة الجوهرية في سلسلة الاتصالات الدولية هي الوصلة الأخيرة، التي يتمثل السبيل الأمثل لتجاوزها في التواصل الشخصي؛ الحديث مباشرة من شخص لآخر”.
وينطبق القول ذاته على المراسلين والمصورين، فرغم الأهمية المؤكدة لاستطلاعات الرأي والرسوم البيانية ورسائل ”تويتر”، فإنها تبقى مجرد صورة من صور البيانات. وتُعد مسألة عقد مقابلات مع بشر آخرين للاستفسار عن آمالهم وأحلامهم ومخاوفهم وما يكرهونه، صورة أخرى من صور جمع البيانات والتحليلات - وهو النمط الذي يعتمد عليه أفضل عناصر الدبلوماسيين والصحافيين والمؤرخين، فكيف يمكنك أن تشير بالأرقام إلى حاجب مرفوع لأعلى تعبيرا عن الدهشة، أو ابتسامة تقطر ألما وسخرية، أو خوف تنضح به عينا لاجئ، أو ندم يتدفق من صوت أحد أفراد ميليشيا. أحيانا مجرد الإنصات لصمت شخص يحوي معاني تكفي مجلدات.
أخيرا، استعانت ”فايس نيوز” بالمصور الصحافي الحربي مدين ديريه، الذي يعمل لدى قناة ”الجزيرة”، لإنتاج فيلم وثائقي من داخل سوريا، بعنوان ”الدولة الإسلامية”. إلا أن جيسون مويكا، رئيس تحرير ”فايس نيوز”، أوضح أمام لجنة من جامعة نيويورك، أن الفيلم تم إنتاجه ”تبعا لشروط تضمن دخول المصور وخروجه ناجيا بحياته”، حسبما أفادت به ”هفنغتون بوست”.
من جانبي، سألت مينا العريبي، مساعدة رئيس التحرير في صحيفة ”الشرق الأوسط” اللندنية، كيف تتمكن هذه الصحيفة العربية اليومية من تغطية أخبار تنظيم ”داعش”..؟ وأجابتني: ”لدينا مراسلونا المدعومون بقليل من المراسلين المحليين الذين يجازفون بحياتهم بتواصلهم معنا من داخل العراق. ومع ذلك، نعاني غيابا تاما للأخبار من المناطق الخاضعة لسيطرة (داعش) في سوريا، خاصة الرقة. في العراق، استخدامنا للهواتف والبريد الإلكتروني للحصول على المعلومات يخلق داخلنا قلقا على سلامة مراسلينا، الذين غالبا ما يعملون من دون أن يدروا كيف سيحصلون على أجرهم نهاية الأمر.. ورغم ذلك، فإن تغطيتنا ثرية بشبكة من العراقيين والسوريين الذين يتواصلون معنا لإطلاعنا على قصصهم، بجانب علاقاتنا مع سوريين وعراقيين وعرب آخرين تفاعلوا مع مسلحين تابعين ل(داعش)، أو كانوا على صلة بهم عندما كانوا تحت لوائهم”.
واستطردت قائلة إن الحقيقة تبقى أن ”الكثير مما نعلمه يأتينا إما من مسلحي (داعش) أو من قصص يسردها مراقبون أو أشخاص لهم عائلات تعيش في أماكن خاضعة لسيطرة (داعش) ”. بالفعل، من الواضح أن ”داعش” يخبرنا ما يريدنا أن نعرفه عبر ”تويتر” و”فيسبوك”، بينما يخفي عنا كل ما لا يريد منا معرفته. لذا علينا الحذر حيال ما يخبرنا به أي شخص عن هذه الحرب، سواء كان أمرا سارا أو سيئا أو محايدا. من دون المراسلة الصحافية الحرة من على الأرض، علينا الاستعداد لمواجهة بعض المفاجآت. ومثلما توضح المقولة الشهيرة، فإنه ”إذا لم تذهب، فأنت لا تعلم”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.