بداية صعبة لكن اجتهاد و صبر كبيرين.. مصباح، ولد هنا بالجزائر بمدينة زيغود يوسف بولاية قسنطينة في التاسع من أكتوبر 1984. هاجر إلى فرنسا صغيرا رفقة عائلته، أين بدأ تكوينه الكروي بنادي' أناسي لو فيو' الفرنسي في العاشرة من عمره. في سنة 2001 غادره ليواصل تكوينه بنادي ‘سيرفات' السويسري الذي أمضى معه على عقد احترافي لغاية سنة 2004 لكنّه لم يلعب معه سوى 11 مباراة سجّل خلالها ثلاثة أهداف.
بعدها انضّم مصباح لنادي العاصمة جنيف “أف سي بال ” لكنّ المدرب لم يمنحه فرصة أكبر للعب مثلما كان يتوقع، حيث شارك مع الفريق في 11 مباراة فقط سجّل خلالها هدفا واحدا، ليغادره متجها نحو نادي لوريون الفرنسي على سبيل الإعارة في جانفي 2006، لكن مصباح تعرّض لإصابة خطيرة حينها عرقلت مسيرته الكروية مع النادي الفرنسي حيث لم يشارك معه في أية مباراة طيلة ستة أشهر، هذه الإصابة كانت كفيلة بأن تقضي على طموحات جمال مصباح في عالم الكرة المستديرة خاصة بعد أن فضّل النادي الفرنسي التخلي عنه، فاختار مصباح العودة لسويسرا و الانضمام لنادي ‘أف سي آرو' في جوان 2006 و هو الفريق الذي أعاد له الأمل من جديد و منحه فرصة أكبر في اللّعب حيث شارك معه في 62 مباراة، سجلّ فيها مصباح 4 أهداف. و هنا قرّر نادي ‘لوسيرن ‘الاستفادة من خدماته فضمّه لصفوفه سنة 2008 لكنّه فضّل إعارته بعد بضعة أسابيع فقط من انضمامه لنادي ‘أفيلينو' الإيطالي الناشط في السيري B آنذاك. مصباح شارك مع النادي الإيطالي في 27 مباراة سجّل خلالها ثلاثة أهداف، أين لفت إليه انتباه مسؤولي نادي ‘ليتشي' الذين قرّروا شراء بطاقته نهائيا من نادي ‘لوسيرن' السويسري سنة 2009، لتكون هذه الإنطلاقة الحقيقة لجمال مصباح في عالم الإحتراف. حيث انتزع مصباح مكانة أساسية مع نادي السالنتينو في ظرف قياسي و ساهم بشكل كبير جدّا في صعود الفريق لدوري الأضواء في الكالتشيو أو السيري A سنة 2010 . تألّقُ مصباح لم يتوقف هنا، فتحكُّمُ مصباح الجيّد في الرواق الأيسر ساهم كثيرا في بقاء ليتشي في السيري A سنة 2011 بعد أن كان مهدّدا بالهبوط خاصة عندما تألق أمام عمالقة الكالتشيو كالأنتير و كذا هدفه الرائع و الحاسم ضد اليوفي الموسم الماضي. حب كبير للجزائر… مصباح عبّر عن حبه الكبير لموطنه الأصلي الجزائر، فأفصح عن رغبته الكبيرة في الانضمام للمنتخب الوطني الجزائري منذ البداية، الأمر الذي جعل الشيخ رابح سعدان لا يتوان في استدعائه للمنتخب الأول، فاختاره من بين الخمس و العشرين لاعبا الذين استدعاهم لتربص كرونس مونتانا الإستعدادي لمونديال جنوب إفريقيا 2010. مصباح أثبت قيمته الفنية الكبيرة في المباراة الودية التحضيرية للمنتخب الوطني ضد منتخب ايرلندا الشمالية بدبلن، ليؤكّدها أكثر في مباراته الرسمية الأولى ضد المنتخب الإنجليزي في المونديال عندما دخل بديلا في الشوط الثاني. مصباح ينسي الجزائريين بلحاج؟ ومع بدء التصفيات الإفريقية المؤهلة لكان 2012 بغينيا الإستوائية و الغابون افتكّ مصباح مكانته كقطعة أساسية في المنتخب الوطني الجزائري، خاصة مع تراجع مستوى الظهير الأيسر للمنتخب نذير بلحاج و هي الفرصة التي استغلها مصباح بامتياز خاصة عندما تألق في مباراة الذهاب للمنتخب الوطني الجزائري ضد شقيقه المغربي في عنابة أين كان أحسنَ لاعبٍ في المباراة. مصباح استطاع تغطية النقص الذي كان يتركه بلحاج في الدفاع عندما يصعد للهجوم، فهو يتميز بانضباط تكتيكي كبير، مهاجم خطير عند الصعود و مدافع عنيد عندما يهجم الخصوم، و قد أثبت هذا عندما أوقف العملاق البرازيلي مايكون في إحدى مباريات ليتشي ضد الانتير الموسم الماضي. هل سيكون مصباح باولو مالديني جديد ! هذا التألّق لم يخفَ على مدرب الروسونيري ماسيميليانو أليغري، الذي لم يتردّد في ضمّه لصفوف النادي اللّمباردي أي سي ميلان خلال هذا الميركاتو الشتوي و لمدة أربع سنوات و نصف. مصباح لن يكون باولو مالديني جديد بالتأكيد، فلحدّ الآن لم يفلح أحد في فعل ذلك مع الروسونيري ، لكنه لاعب منضبط و موهوب و مع قليل من الاحتكاك و الصبر سيصل لمستويات كبيرة خاصة أن لديه متّسعٌ من الوقت لفعل ذلك. الكثير من المتتبعين في إيطاليا لا ينتظرون معجزاتٍ من جمال مصباح لتغطية النقص الذي يعاني منه الميلان في الجهة اليسرى، لكنهم لا ينكرون إمكانية تطور اللاعب داخل أسوار السان سيرو. مصباح يجيد الدّفاع و سيقتفي آثار نوتشيرنو و فان بوميل بالتأكيد يساند الهجوم وقت الحاجة، و يستطيع التسديد من بعيد و كذا تقديم عرضيات في الوقت المناسب لمهاجمين لا يضيعون أنصاف الفرص مثل روبينيو، باتو و ابراهيموفيتش. مصباح أكّد بكل تواضع أنه جاء لميلان ليتطّور و يتعلّم كما عبّر عن سعادته الكبيرة بالتواجد في الروسونيري فبالتوفيق لهذا اللاعب الذي يستحق كل التشجيع و الإحترام.