استحوذت موضوعات التاريخ والآخر والحب على أغلب إصدارات الصالون الدولي للكتاب سيلا 2018، حيث راهن الكتاب على فتح ملفات من التاريخ والبحث في العلاقة مع الآخر أو ترصد حالات حب مختلفة. وتصنع رواية أنا وحاييم الصادرة عن ميم للحبيب السايح الحدث، حيث يستعيد لحظة تاريخية مهمة هي حرب التحرير ليقدم قيم التعايش التي لجأت إليها الثورة وحقبتها، ومن خلال بطليه العربي أرسلان بن حنفي واليهودي حاييم بن ميمون، يقترح حكاية تتداخل فيها الأدوار، بين اليهودي الذي يساهم في دعم الثوار عبر صيدليته، والقائد (والد أرسلان) الذي يهادن الفرنسيين ويتلاعب بهم لينال أهل بلدته بعض الميزات أو ليمنع عنهم البطش. وفي ذات سياق، يتقاطع مع مسعى الحبيب السايح لجأ أمين الزاوي، إلى معادلة الاختلاف والآخر مجددا في آخر رواياته الخلان عن منشورات الاختلاف، وهو نص يحكي علاقة ثلاثة من أبناء الوطن الواحد من ثلاث ديانات مختلفة، ويقرأ الزاوي نقاط الاختلاف بين الديانات ورؤى حامليها نحو الوطن الواحد ونحو الآخر، الذي يكون صديقا حميما وفي لحظة ما يتحول إلى طرف مناقض لا يمكن التواصل معه، رواية وفية لطروحات الزاوي الداعية إلى قبول الآخر والانتصار للاختلاف. ويعود الروائي عبد الوهاب عيساوي، بآخر أعماله الديوان الاسبرطي عن منشورات ميم، في الوقت ذاته الذي تصدر فيه روايته سفر أعمال المنسيين المتوّجة بجائزة كاتارا، ليبقى وفيّا لإعادة نسج التاريخ، بعد سينما جاكوب و سييرا دي مويرتي، حيث يدخل القارئ إلى الزمن العثماني ليدفعه إلى التساؤل عن الوضع آنذاك، رواية تاريخيّة بامتياز تعد بحكايات متعددة تخدم البناء السردي لها، وتترجم تحكم الكاتب بأدواته السردية. ويبحث سعيد خطيبي، في روايته حطب سراييفو الصادرة عن الاختلاف عن قصة جديدة بعد أن غامر في حكاية أربعون عاما بعد ايزابيل ، حيث يضع القارئ الجزائري أمام تاريخ جزائري مشترك مع البوسنة والهرسك، مسترجعا آثار حرب البلقان، التي شارك فيها الجزائريّون ليراهن على تيمة جديدة. ومن جهته الصحافيّ والكاتب صلاح شكيرو، يستعيد سيرة الشهيد زيعوت يوسف ليقدّم سردية تاريخيّة خالصة عبر رواية من جزئين أجراس الفناء و الانكشاري ، ويحوز الجزء الأول على الحجم والأهمية الأكبر وهو يخصّ فترة ما قبل الاستقلال، لكن انطلاقا من اللحظة الراهنة نحو استرجاع الثورة وما قبلها بتفاصيل كثيرة حقيقيّة، في حين خص الجزء الثاني الحاضر ومر نحو استشراف المستقبل ليسرد حكاية تصل إلى سنة 2022. ويعود بشير مفتي، برواية اختلاط المواسم وفيا لمراجعاته الدائمة للواقع وأسئلة الذات الجزائريّة بينما تختار أمال بوشارب في روايتها ثابت الظلمة تجريب الكتابة في فضاء مغاير، حيث تنتقل إلى الصحراء الجزائري في ثالث أعمالها الأدبية الصادرة عن منشورات الشهاب. وتبقى عايدة خلدون، مخلصة لمسارها السردي الذي بدأته منذ وحده يعلم و رائحة الحب ، حيث تقدّم في روايتها الجديدة شيواوا حبيبتي اقترابا جديدا من العوالم الحسية بالجرعة ذاتها من الجرأة والعمق. أما ربيعة جلطي، فتدعو قراءها إلى نص تخيلي ينتصر للمرأة في روايتها قواريري شارع جميلة بوحيرد ، حيث تقود بطلة روايتها حلفا من النساء إلى تغيير الواقع من خلال إعادة ترتيب الظروف الحياتية واحتلال الفضاءات، لتتحول الشوارع بأسماء من رمزو الثقافة والنضال الجزائريّات، كلّ ذلك في تركيب حكائيّ. روايات أولى لأسماء مكرّسة ويختار عبد اللّطيف ولد عبد الله، أن يلج غرفة ثلاثة مرضى مصابين بالسرطان في رواية التبرّج ليقدّم حكاية مؤثّرة عن ألم المرض ومكابداته بين سوابق الشخوص ولواحقها، كاشفا حكايات ومسارات أبطاله الثلاثة وما تحمل من أحلام وأفراح وخيبات، ليكشف أنّ المرضى ايضا، يحلمون ويأملون بقدر ما يتألمون. وفي روايته هايدغر في المشفى يسعى محمد بن جبار، إلى طرح واقع جزائري برمزية عالية، معتمدا تبسيط الصراعات الفكرية وتداولها في فضاء روائيّ هو مستشفى يشهد صراعات أطراف متناقضة، وخلال ذلك يكتشف القارئ كاتبا هو بطل أحد شخوص الرواية وقد يكون الروائي ذاته. وسيعرف الصالون، إصدارات جديدة لكتاب وأسماء لها حضورها في المشهد الثقافي عبر مؤلفات في الفكر والنقد والشعر، على غرار الشاعر علي مغازي والناقد لونيس بن علي والأكاديمي إسماعيل مهنانة. ويقدم علي مغازي، روايته الأولى 16 من عشرين بعد تجربة شعرية، حيث يقترح عملا يسرد سيرة الفتاة سونيا، التي تتقاذفها أسئلة وجودية وأخرى تكاد تكون ساذجة، إلى أن تلتقي كاتبا وتغريه بكتابة سيرتها، أين تنشأ علاقة مضطربة بين الطرفين تظهر فيها سيطرة سونيا، الرواية تقترح للحب والحياة صورا متناقضة. وفي أول تجربة روائيّة له يقدّم أستاذ الفلسفة إسماعيل مهنانة، نصّه هالوسين مجرّبا وعيه المعرفيّ في عالم السرد، راكبا خيار التخييل لانتقاد المقدسات، ومن جهته، أستاذ الأدب المقارن بجامعة بجاية لونيس بن علي، يقتحم عالم الرواية بنص عزلة الأشياء الضائعة ليضع أدواته النقدية أمام امتحان الكتابة.