بخلاف الثورتين التونسية و المصرية اللتين لم يرافقهما تدخل عسكري أجنبي مباشر،لعب حلف شمال الأطلسي دورا محوريا في التعجيل بإسقاط نظام الزعيم اللليبي العقيد معمر القذافي من خلال حملته العسكرية التي تواصلت على مدى ستة أشهر،و من خلال تأطيره و دعمه اللوجيستي متعدد الأشكال للمعارضة الليبية المسلحة، لاسيما فيما يتعلق بالأسلحة المتطورة، و كان هذا الدور الحاسم الذي لعبه الناتو عاملا أساسيا في السقوط السريع للعاصمة طرابلس. و خلال الأيام الأخيرة، ضاعفت طائرات الناتو من غاراتها ضد التحصينات و المعاقل الأخيرة المتبقية للقوات الموالية للزعيم الليبي. و قامت الولاياتالمتحدة باستعمال طائرات بدون طيار محملة بالصواريخ و القنابل، الأمر الذي ساهم إلى حد كبير في ترجيح الكفة لصالح مقاتلي المعارضة. كما فرضت مراقبة مستمرة فوق و حول المناطق التي تسيطر عليها القوات الموالية للقذافي. و في نفس الوقت نفسه أرسلت بريطانيا و فرنسا و دول أخرى قوات عسكرية خاصة ليس لتدريب مقاتلي المعارضة فحسب مثلما يقول الرسميون، و إنما لتنفيذ هجومات عسكرية على الأرض أيضا. و عملت الدول المشاركة في التحالف الدولي الذي شاركت فيه قطر على تفنيد بصورة قاطعة أي تواجد لقوات خاصة على أرض المعركة. و يقول المتحدث باسم الناتو العقيد الكندي رولان لافوا أن الحلف الذي بدأ في قيادة العمليات في ليبيا منذ نهاية مارس الماضي، "التزم بحماية المدنيين و فرض الحصار على الأسلحة لا أكثر و لا أقل". غير أن الناتو الذي نفذ أكثر من7500 غارة جوية قصف العديد من الأهداف اتضح فيما بعد أنها لمدنيين. قوات الناتو التي كانت إلى وقت قريب تجد صعوبة كبيرة في الخروج مما كان يسميه بعض قادتها "المأزق اللليبي" لم تتردد بداية من جوان الماضي في استخدام مروحيات حربية قادرة على توجيه ضربات دقيقة لقوات القذافي و بطاريات الصواريخ التي تتوفر عليها و كذا مستودعات الذخيرة لاسيما داخل المدن،و مع ذلك ظل الناتو يرتكب الأخطاء بإصابة المدنيين، على غرار مقتل 85 مدنيا مطلع أوت في الزليتن شرق طرابلس . و قد اعترف المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي أمس بأن قوات الناتو إضافة إلى الغارات شاركت كذلك في الهجوم الذي أطلقه مقاتلو المعارضة لإسقاط طرابلس، و الذي نفذوه تحت تسمية "عروس البحر". و مثل سقوط طرابلس مصدر ارتياح لمسؤولي الناتو الذين كانوا يعتقدون أن النزاع في ليبيا بتواجدهم العسكري سيستغرق وقتا أطول من المتوقع.