يحل اليوم بالجزائر وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو في زيارة رسمية بدعوة من وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي تتناول ملفات عديدة أبرزها التعاون الثنائي والحوار السياسي بين البلدين، فضلا عن بعض الملفات الإقليمية الراهنة المطروحة على الساحة أبرزها الملف السوري. أكّد الناطق الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية عمار بلاني في تصريح له أمس زيارة وزير الخارجية التركي لبلادنا بداية من اليوم، وقال أن هذه الزيارة تعكس نوعية العلاقة بين الجزائر وتركيا اللتين تجمعها معاهدة صداقة وتعاون وحسن الجوار وقعت في شهر ماي من العام 2006 بالجزائر.وأضاف بلاني في تصريح نقلته وكالة الأنباء الجزائرية أمس أن زيارة أحمد داوود أوغلو لبلادنا اليوم ستمكّن البلدين من التطرق لآفاق تعميق التعاون الثنائي، والتطرق لأهم المسائل الراهنة على الصعيدين الإقليمي والدولي في إطار التشاور السياسي الذي أقيم بين البلدين بعد الزيارة التي قام بها مراد مدلسي إلى أنقرة في نوفمبر من سنة 2008. وجدير بالإشارة أن العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وتركيا عرفت انتعاشا وتطورا تصاعديا منذ عدة سنوات، وهو ما يعكسه حجم المبادلات التجارية، ومدى وجود المؤسسات التركية العاملة في بلادنا خاصة في مجالات البناء والأشغال العمومية والكهرباء و الموارد المائية، فضلا عن تفضيل عدد كبير من التجار الأتراك الوجهة الجزائرية خاصة العاملين في مجال النسيج وتجارة الأقمشة. لكن عكس الجانب الاقتصادي فإن العلاقات السياسية بين البلدين التي تطورت خلال سنة 2006 إلى حد التوقيع على معاهدة صداقة بين الطرفين انكمشت نوعا ما مع بداية ما يسمى "الربيع العربي" بسبب تباين وجهات نظر كل دولة للحراك الذي عرفته بلدان عربية عديدة، ففي الوقت الذي تريثت فيه الجزائر اندفعت تركيا بقوة لدعم ما سمي "بالثورات العربية"، ووصل الخلاف بين الطرفين إلى مداه الأقصى خلال الأزمة الليبية بسبب الدعم القوي الذي مدت به تركيا المعارضة المسلحة في هذا البلد، وانخراطها في دعم الإخوانيين في كامل البلدان العربية على حساب البقية من التيارات الأخرى.كما تأثرت العلاقات السياسية بين البلدين أيضا خلال النقاش الذي دار في فرنسا حول ملف ما سمي بإبادة الأرمن، ففي محاولة منها للدفاع عن نفسها قامت تركيا بالزج بالحرب التحريرية على طاولة النقاش بينها وبين فرنسا عندما ذكرتها بالجرائم التي ارتكبتها في حق الجزائريين خلال الثورة وخلال الفترة الاستعمارية، الشيء الذي لم تستسغه أطراف سياسية في الجزائر وذكّرت هي الأخرى تركيا بأنها كانت عضو في حلف شمال الأطلسي عندما كان هذا الأخير يساعد فرنسا خلال الثورة التحريرية. أما آخر ملف يبدو أن الخلاف بين الطرفين حوله واضح فهو الملف السوري الذي سيتناول خلال زيارة اوغلو اليوم للجزائر، فعلى عكس الجزائر التي عملت داخل الجامعة العربية وفي كل هيئات ومنظمات إقليمية ودولية من اجل إيجاد حل سياسي للازمة السورية انخرطت تركيا أيضا بقوة في دعم المعارضة السورية بالمال والسلاح وغير ذلك. إذن فعلى عكس الجانب الاقتصادي المتميز بالحيوية وزيادة حجم التعاون فإن الجانب السياسي تأثر كثيرا بفعل الأزمات التي عرفتها المنطقة العربية في السنتين الأخيرتين، وعليه فإن زيارة أوغلو قد تكون فرصة لبعث الروح في هذا الجانب، خاصة وأنها تأتي بعد إنزال دبلوماسي خارجي تقيل ببلادنا في الأسابيع الأخيرة.